ماذا تضمن تقرير الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان في البحرين لعام 2016 ؟!

أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية في 3مارس 2017 تقريرها السنوي حول ممارسات حقوق الإنسان لعدد من الدول خلال العام 2016. منظمة “أمريكيون من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان في البحرين” (ADHRB)، رحبت بالتقرير معتبرةً أنه شامل ويعكس مجموعة واسعة من مخاوف الولايات المتحدة المتعلقة بحقوق الإنسان في البحرين . كما وحثت المنظمة وزارة الخارجية أن تبقي على اهتمامها ومتابعتها لهذه القضايا في ظل التغيير الأخير في الإدارة الأمريكية .

بدأ التقرير الدولي حول البحرين بالتركيز على مشاكل حقوق الإنسان “الأكثر خطورة” ، والتي تشمل “القيود المفروضة على قدرة المواطنين في اختيار حكومتهم سلميًا “، التقرير يجعل الحكومة سببًا مباشرًا في ذلك كونها تستخدم قدرتها في إغلاق الجمعيات السياسية بشكل تعسفي أو وضع صعوبات على عملية تسجيل جمعيات أخرى . ومن المشاكل الأكثر خطورة ذكر التقرير”القيود المفروضة على حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات “، إضافة إلى”عدم مراعاة الأصول القانونية في النظام القانوني والذي يتجلى بتنفيذ الاعتقالات من دون مذكرة توقيف ، وإطالة مدة الإحتجاز السابق للمحاكمة وخاصة في القضايا المرفوعة ضد معارضين وناشطين سياسيين أو ناشطين في مجال حقوق الإنسان”.

وقالت الخارجية الأمريكية في تقريرها أن الحكومة قامت بزيادة حدة هذه الإنتهاكات منذ بداية شهر يونيو2016، عندما جرّدت رجل الدين الشيعي البارز الشيخ عيسى قاسم من جنسيته وعندما أعادت اعتقال المدافع عن حقوق الإنسان نبيل رجب ، كذلك بدأت بإجراءات حل أكبر جمعية معارضة (الوفاق ) وغير ذلك من الانتهاكات الأخرى . ولحظ التقرير مدى الانتهاكات في إجراءات التقاضي السليمة والمستوطنة في النظام القضائي البحريني والتي تلزم فريق الدفاع القانوني ، على سبيل المثال أن يسرد بشكل مفصّل العقبات التي لاداعي لها .

كرّر التقرير ما أكّدت عليه الخارجية الأميركية في السنوات الماضية حول قلقها بسبب غياب الشفافية والمساءلة القضائية، واكتظاظ السجون وانتهاكات الخصوصية والتمييز المنهجي ضد الطائفة الشيعية ، فضلاً عن غيرها من أشكال التمييز على أساس الجنس والدين والجنسية . كما انتقدت الخارجية فرض الحكومة حظر السفر على أعضاء المجتمع المدني خاصة عندما تستهدف السلطات “النشطاء السياسيين وتمنعهم من السفر للمشاركة في المحافل الدولية”. في المقابل ، لم يركز التقرير على الإنتهاك التي تقوم به الحكومة على نطاق واسع في البحرين ألا وهو إسقاط الجنسية أو الحرمان التعسفي منها ، إلا إنها علّقت على قضية المواطنين 103الذين أيّدت الحكومة سحب جنسيتهم في الماضي كما علّقت أيضاً على قضية الشيخ عيسى قاسم الجديدة .

وقال حسين عبدالله المدير التنفيذي لـ ADHRB ” نحن سعداء برؤية وزارة الخارجية مستمرة في انتقاد انتهاكات الحكومة البحرينية المنهجية لحقوق الإنسان في تقرير 2016″، آملاً في القوت نفسه أن يفضي ذلك بما فيه “الاستخدام المنهجي للتعذيب والاحتجاز التعسفي وعدم استقلال القضاء ، وإغلاق الفضاء المدني والسياسي ، إلى أن يلعب دورًا في التأثير على قرارات السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية”.

وعلى الرغم من تسليطها الضوء على العديد من الانتهاكات الأساسية لحقوق الإنسان في البحرين ، إلا أن الخارجية الأمريكية  فشلت في معالجة مجالات رئيسية أخرى بشكل كامل. فعلى سبيل المثال جاء في تقريرها  أنه ” لا وجود لتقارير عن حالات اختفاء ذات دوافع سياسية “خلال العام 2016، بيد أنه في قسمه المتعلق بـ” إجراءات الاعتقال ومعاملة المحتجزين ” أشار إلى حالة سيد علوي حسين ، وهو من سكان الدرّاز وقد تم احتجازه بمعزل عن العالم الخارجي من قبل السلطات منذ أكثر من شهر، وذكر بشكل واضح أن السيد علوي كان في عداد المفقودين ، وأن أسرته لا تعرف مكان وجوده. لكن التقرير أخفق من جهة أخرى أن يشير إلى أن علوي هو المساعد الإداري للشيخ عيسى القاسم وأنه كان مستهدفًا بسبب علاقته مع رجل الدين البارز وهو الأمر الذي يجعل من اختفائه  لدوافع سياسية وربما دينية .

وفي نفس السياق ، وجدت الخارجية الأمريكية في تقييمها  “أن القوات الأمنية حافظت على النظام على نحو فعّال وبشكل عام كان ردّها على الهجمات العنيفة بطريقة مدروسة “، وهو الأمر الذي اعتبرته ADHRB لا يعكس واقع استخدام السلطات البحرينية الثابت للقوة المفرطة ضد التجمعات والمظاهرات . فقد وثّق مركز البحرين لحقوق الإنسان (BCHR) 155 هجمة لشرطة مكافحة الشغب على المظاهرات طوال العام المنصرم ، وكثير منها تميزت بالعدوانية وجاءت مدججة بمختلف أنواع الأسلحة منها ذات الذخيرة الحية أو القنابل المسيلة للدموع ، مما تسبب في إصابات خطيرة . ولكن في يناير 2017 ، وبعد التوثيق الأخير لمركزالبحرين ، أطلقت قوات الأمن الرصاص الحي على المشاركين  في “الإعتصام السلمي الطويل الأجل ” في منطقة الدرّاز للاحتجاج على سحب جنسية الشيخ عيسى قاسم ، وأصابت الشاب مصطفى حمدان والبالغ من العمر 18 عامًا في رأسه من الخلف . وبينما كانت عائلته تتنقل به من مستشفى إلى آخرليتلقى العلاج بأقصى سرعة ممكنة ، لم يحصل ذلك بسبب النظام الطبي العسكري المفروض في البحرين مما أدى إلى موت الشاب سريريًا .

كما زعم التقريرأنه في أبريل2016 “أقر البرلمان البحريني مرسومًا ملكيًا رفع فيه جميع التحفظات على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) ، ووفقًا لموقع مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان (OHCHR) فإن حكومة البحرين تواصل الابقاء على عدد من التحفظات على اتفاقية سيداو، وبالإضافة إلى ذلك فإن موقع الأمم المتحدة الرسمي لاتفاقية سيداو على الانترنت يشير إلى أن حكومة البحرين تبقي تحفظاتها على بعض الفقرات من الاتفاقية أعلاه.

وقد أشار التقرير أن ” الحكومة البحرينية قامت بخطوات …لتنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق “، إلا أن ADHRB لاحظت بقلق أن الحكومة لم تخطُ سوى خطوات قليلة في تنفيذ هذه الإصلاحات ومن خلال تقرير لعام 2016 وجدت ADHRB كذلك أن الحكومة البحرينية لم تنفذ سوى اثنتين من توصيات اللجنة بشكل كامل من مجموع 26 توصية : الأولى هي لتخفيف حكم الإعدام بسبب ارتفاع عدد القتلى خلال شهري فبراير ومارس 2011، والثانية لإلغاء صلاحيات الاعتقال لوكالة الأمن القومي . لكن في يناير 2017 أعادت الحكومة سلطة الاعتقال إلى وكالة الأمن القومي وبالتالي أخلّت بالتنفيذ الكامل لإحدى توصيتي لجنة تقصي الحقائق . وفي تقريرها الصادرعام 2016 ، وجدت الخارجية الأمريكية أنه وبعد أربع سنوات على صدور توصيات لجنة تقصي الحقائق المستقلة ، إلا أن الحكومة فشلت في تنفيذ معظم التوصيات .

وذكر التقرير أيضًا أن “جماعات حقوق الإنسان شكّكت …موضوع الحياد ” في تأسيس هيئات حكومية  لحقوق الإنسان في البلاد . في العام 2016  فشلت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في بلوغ الإعتماد وفقًا لمبادئ باريس ، وهي عبارة عن مجموعة من المبادئ والمعايير الدولية التي تقوم وفقها مؤسسات حقوق الإنسان . لكن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في البحرين تواجه مشاكل كبيرة في أصل بنيتها ، والتي تعتبر انتهاكًا لواجب الحياد والإستقلال . إذ سمحت المؤسسة الوطنية لعدد من المسؤولين الحكوميين العمل عندها كأعضاء بشكل كامل ، بما في ذلك موظفين سابقين في وزارة الداخلية ومكتب النائب العام – كلتا المؤسستين متورطتين في انتهاكات الحكومة المنهجية لحقوق الإنسان .

وأخيرًا ، وفي الوقت الذي يقوم به تقرير وزارة الخارجية الأمريكية لعام 2016 حول ممارسات حقوق الإنسان ، من دور في زيادة الوعي حول الانتهاكات في حقوق الإنسان في مختلف البلدان ، إلا أنه بحسب الADHRB ليس سوى خطوة تأسيسية . فالإدارة الأميركية مع الكونغرس ومن خلال السابق ذكره عليها أن تتبع التقرير بقرارات سياسية تعالج مثل هذه الانتهاكات . كما يجب على الإدارة الأمريكية أن تتوقف فورًا عن بيع الأسلحة للبحرين ، وخاصة عن بيع طائرة مقاتلة أعلن عنها مؤخرًا. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي على الكونغرس أن يضغط لإعادة العمل بالقانون الصادر عن الكونغرس السابق حول وقف بيع الأسلحة الصغيرة والأسلحة التي تستعمل ضد المتظاهرين وذلك حتى تنفذ الحكومة جميع توصيات لجنة تقصي الحقائق ال26 كاملةً. في ديسمبر من العام الماضي تم تأجيل جلسة الكونغرس حول تقييم تنفيذ لجنة تقصي الحقائق وفقا للقانون H.R. 3445 / S. 2009 ، وهو قانون كان قد تقدم به السيناتور رون وايد  وينصّ على وقف قرار الحكومة استئناف مبيعات الأسلحة للبحرين إلى حين إقرار وزارة الخارجية الأميركية بأن البحرين طبقت التوصيات ال26 للجنة تقصي الحقائق ، وقد أعلن وايدن مؤخرًا أنه يعتزم استئناف جهوده . وهذا التقرير يوضح أن الإدارة الأمريكية تعترف أن حكومة البحرين ترتكب باستمرار انتهاكات منهجية لحقوق الإنسان . لذا تدعو ADHRB  الولايات المتحدة إلى تنفيذ الإجراءات في المبادرات التي أطلقتها سياستها الخارجية والتي تسعى إلى توجيه وتشجيع الإصلاح في مجال حقوق الإنسان في البحرين .