تسارع المملكة العربية السعودية في استخدام عقوبة الإعدام بوتيرة مقلقة. ففي عام 2024 وحده، نُفذت 345 عملية إعدام، وهو أعلى رقم خلال الثلاثين عاماً الماضية، بمعدل إعدام واحد كل 25 ساعة. وهذه الوتيرة الوحشية لم تتباطأ، بل تسارعت. وحتى منتصف يونيو 2025، تأكد تنفيذ 154 عملية إعدام، في مؤشر على عام آخر يحطم الأرقام القياسية. من بين من يواجهون الخطر الفوري شابان، عبد الله الدرازي وجلال اللباد، كانا دون سن الثامنة عشرة عند توجيه بعض التهم إليهما. وقد استنفد الاثنان كل وسائل الطعن القانونية، ولم يتبق سوى توقيع من الملك سلمان.
قضيتهما ليست استثناءً، بل تجسيد لنظام قضائي يجرّم المعارضة، يستهدف الأطفال، ويجرد الفئات الأكثر ضعفاً من حقوقها الأساسية.
وفقاً للمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، اعتُقل عبد الله الدرازي في عام 2014 عندما كان عمره 16 عاماً، وتعرض للإخفاء القسري لعدة أشهر، والتعذيب، والحرمان من التمثيل القانوني. أما جلال اللباد، فكان أيضاً قاصراً عند اعتقاله خلال مداهمة لمنزله عام 2017، حيث احتُجز بمعزل عن العالم الخارجي، وتعرض للتعذيب، وصدر بحقه حكم بالإعدام في قضية تعزيرية، أي دون استناد إلى نص قانوني ملزم، ويترك تنفيذ الحكم بالكامل لتقدير الملك.
أُدرج اسماهما في رسالة أرسلها عدد من المقررين الخاصين التابعين للأمم المتحدة عام 2023 أعربوا فيها عن قلقهم من إعدام القاصرين، إلا أن الحكومة السعودية اعتبرت هذه المخاوف “غير دقيقة”. ورغم ذلك، أكد خبراء الأمم المتحدة في أبريل 2025 أن هذه الإعدامات تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، بما في ذلك اتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عليها السعودية.
في عام 2020، أعلنت السعودية أنها ألغت عقوبة الإعدام بحق القاصرين، لكن الوثائق الصادرة عن منظمة ADHRB تُظهر أن هذا الإصلاح لا يزال ناقصاً وخطيراً. فالمراسيم الملكية استثنت القضايا التي تندرج تحت القصاص والحدود والتعزير، حيث يتمتع القضاة بصلاحيات واسعة. ولم يُصدر أي قانون مُلزم لتطبيق هذا الإصلاح، ولا يزال القضاة يصدرون أحكاماً بالإعدام ضد القاصرين من خلال إعادة تصنيف التهم.
هذا الغموض القانوني يسمح بحدوث الانتهاكات ذاتها التي وُعد بإيقافها. على سبيل المثال، يوسف المناصف، الذي اعتُقل عندما كان عمره 14 عاماً، تعرض للتعذيب، وهو اليوم يواجه مجدداً حكماً بالإعدام بعد أن أُعيد تفعيله في 2024. أو عبد الله الحويطي، الذي أُدين بجريمة يُزعم أنه ارتكبها وهو في سن السابعة عشرة، رغم وجود ثغرات كبيرة في الأدلة، وادعاءات بانتزاع اعتراف منه تحت الإكراه. هذه القضايا، كما قضيتي الدرازي واللباد، تكشف كيف يقوم النظام القضائي السعودي بتحريف القانون الدولي لتبرير عقوبات لا رجعة فيها.
حتى عندما يُفرج عن المعتقلين السياسيين، فإن الاضطهاد يستمر بأشكال جديدة. وفقاً لتقارير منظمة ADHRB، فإن عشرات المعتقلين المُفرج عنهم مؤخراً، بمن فيهم ناشطون بارزون، فرضت عليهم قيود تعسفية مثل منع السفر، والمراقبة، وأوامر حظر النشر. البعض يواجه تهديداً بإعادة الاعتقال أو يُجبر على ارتداء أجهزة تتبع إلكترونية.
تحقيق صحفي حديث كشف أن هذه القيود ليست فقط تعسفية، بل غالباً ما تكون غير محددة زمنياً، في انتهاك للقانون المحلي والمعايير الدولية. وقضية لجين الهذلول، التي لا تزال ممنوعة من السفر رغم انتهاء محكوميتها منذ سنوات، تُظهر مدى تغلغل هذه الطبقة الثانية من القمع.
هذا ليس نظاماً للعدالة، بل نظام للسيطرة السياسية. المؤسسات التي تعذّب القاصرين وتحكم عليهم بالإعدام هي نفسها التي تفرض عقوبات بعد الإفراج عنهم لإسكاتهم. وفي الوقت ذاته، تنفق السعودية مليارات الدولارات على فعاليات دولية تهدف إلى إعادة تشكيل صورتها أمام العالم. من سباق الفورمولا 1 في جدة إلى كأس العالم لكرة القدم 2034، تحوّلت الرياضة العالمية إلى آلة دعائية تصرف الأنظار عن الانتهاكات اليومية لحقوق الإنسان.
تكشف قضية عبد الله الدرازي وجلال اللباد عن نظام يُمارَس فيه التعذيب والقمع والإعدام بدقة مدمّرة ضد الأطفال والمتظاهرين والمعارضين. وحتى الإفراج لا يعني النجاة. وبينما تلمّع السعودية صورتها على الساحة الدولية، فإنها تفعل ذلك فوق نظام قضائي بُني للعقاب لا للحماية.
على المجتمع الدولي أن يتجاوز التصريحات الرمزية ويطالب بمحاسبة حقيقية، تشمل وقفاً فورياً لتنفيذ الإعدامات، وإصلاحاً قانونياً يضمن منع الحكم بالإعدام على القاصرين، ورقابة فعّالة على القيود المفروضة بعد الإفراج. كل ما دون ذلك يُعدّ تواطؤاً.

