ملفات الاضطهاد: ضحية تعذيب مخفي الهوية!

تلقت ADHRB  مؤخرا رسالة مكتوبة بخط اليد من ضحية تعذيب في البحرين. وبسبب الخوف عليه من الأعمال الانتقامية وسوء المعاملة في السجن، قررت ADHRB اخفاء هوية الضحية والحفاظ على سريتها. ولهذا السبب، تم حجب بعض المعلومات التي يمكن أن تستخدم لتحديد الضحية.للاطلاع على الرسالة الأصلية وقراءتها، انقر هنا.

لقد تعرض الضحية للاخفاء القسري لمدة 25 يوماً، واجه خلالها شتى أشكال التعذيب على يد السلطات البحرينية إلى أن قدم بيان “اعتراف” تمليه عليه الحكومة. وقد أخضع الى محاكمة غير عادلة حيث تمت ادانته وأسقطت جنسيته بسبب عضويته المزعومة في منظمة ارهابية.

داهم ضباط بالملابس المدنية وشرطة مكافحة الشغب شقة الضحية وفتشوها وألقوا القبض عليه من دون مذكرة. وعندما سُئل عن سبب اعتقاله ذكر الضباط أنه مجرد تحقيق واجراء روتيني وأنه سيُفرج عنه. تم اقتياده إلى سيارة الشرطة حيث تعرض للضرب واللعن والشتم. كان الضحية مكبل اليدين ومعصوب العينين طوال فترة احتجازه لمدة 25 يوما نقل بعدها إلى سجن الحوض الجاف. كان يتم إزالة عصابة العينين فقط في الليل حين النوم ولكن بقي الضحية مكبل اليدين طوال الـ 25 يومًا.

تم نقل الضحية بشكل يومي بين إدارة البحث الجنائي وبناء 15 من سجن جو، وهو مبنى يشير إليه بـ “الأكاديميا” [1] حيث تم استجوابه وتعذيبه لمدة 25 يومًا. مُنع الضحية من الاتصال بمحاميه طوال فترة التحقيق وتعرض لأشد التعذيب الجسدي والنفسي  بينما كان معصوب العينين ومكبل اليدين. ولم يتمكن الضحية من التعرف على القوات التي مارست التعذيب بسبب عصبة العينين والشيء الوحيد الذي تمكن من معرفته هو أنهم كانوا يرتدون ملابس عادية.

تعرض الضحية للضرب المبرح، جرد من ملابسه، أرغم على الوقوف الاجباري والحرمان من النوم، كما وعُلق من أصفاد يديه على عامود حديدي. تركّز الضرب على أعضائه التناسلية وعلى رأسه وتعرض الى صدمات كهربائية متكررة على أعضائه التناسلية. وهُدد الضحية أيضاً باعتقال واغتصاب أمه وزوجته، فضلاً عن اعتقال أفراد عائلته. أجبره معذبو       ه على شرب كميات كبيرة من المياه ومنعوه من استخدام الحمام كما وأجبروه على تدخين السجائر بسرعة حتى أصيب بالإغماء. مُنع عن الصلاة ، ولم يسمح له بالاغتسال أو الاستحمام لمدة أسبوعين رغم البصق والتبول عليه. تم إجباره على الاعتراف بالاكراه بجميع التهم المنسوبة إليه من قبل الحكومة، رغم أنه لا يزال يؤكد أن محتويات “اعترافه” ليست بصحيحة ، فكتب “جراء خوفي… أخبرتهم أنني سأعترف بأي شيء يريدونه مني. لقد حددوا ما يريدون مني من اعترافات فاعترفت ب [تم الحجب] ليتم الافراج عنهم “.

في حالة من حالات التعذيب، كان الضحية معلق بأصفاد اليدين إلى قضبان حديدية مثبتة على الحائط وهو عار بالكامل، وكانت هذه الطريقة تسمح لأصابع الرجلين فقط بلمس الأرض. تم تعليقه في هذا الوضع لعدة ساعات بينما تعرض للضرب والصعق بالكهرباء والتهديد والإهانة. كان الضباط يدورون حوله ويباشرون في ضربه وركله على أجزاء مختلفة من جسده. تعرض للضرب على رأسه بأشياء صلبة وملساء مما تسبب له بأورام كبيرة. كان الضباط يوسعونه ضربًا على رأسه حتى ينهار فاقداً للوعي. وفي أحيانٍ أخرى، كان يأتي أحد الضباط ليمسك به ويجبره على الوقوف بينما يضربه في الوجه والخصيتين وأجزاء أخرى من جسده. كان الضباط يستخدمون أيديهم وغيرها من الأشياء التي لم يتمكن الضحية من التعرف عليها، لكنهم كانوا يعلمون أنها تسبب التورم. وبعد الضرب، كان الضباط يسخرون من الضحية ويضحكون عليه ويتركونه عاريا لساعات طويلة. كما كان يخضع الى الحرمان من النوم الذي يستمر لمدة يومين إلى ثلاثة أيام في الفترة عينها. كما منع من الجلوس لفترات طويلة من الزمن وأجبر على الوقوف على قدم واحدة مع رفع احدى الذراعين.

ووصف الضحية تعذيبه بأنه “من أشنع التعذيب وحشية” وشعر بأنه “كما لو أن روحي كانت تخرج من جسدي من شدة الالم .”

عانى الضحية جراء التعذيب من مشاكل في المجاري البولية مثل الانتفاخ، الألم المستمر، البول الدموي، وكذلك من الألم في كليتيه وظهره. تلقى العلاج في قسم جراحة المسالك البولية في مستشفى السلمانية ويتطلب مواعيد متابعة والتي يتم تجاهلها من قبل سلطات السجن. أثناء التعذيب وفي عيادة سجن جو، تلقى الضحية في عدة مناسبات حقنا عن طريق الوريد لمحاولة تخفيف الدم في بوله. وبالرغم من ذلك لم يأتي هذا العلاج  كوسيلة للتخفيف من معاناته، بل لإعادته إلى معذبيه والتأكد من أن استجوابهم الوحشي يمكن أن يستمر.

وبالإضافة إلى اعترافه الزائف الذي نتج بالاكراه، أخضع الضحية أيضاً لمحاكمة جماعية غير عادلة لـ 138 متهماً. وقد أُدين وأسقطت جنسيته الى جانب 114 متهماً آخر. عبّر الضحية وغيره من المتهمين عن الانتهاكات المتعددة للمحاكمة العادلة، بما في ذلك عدم الوصول إلى ممثل قانوني، عدم القدرة على إعداد دفاع مناسب، المنع من تقديم أدلة تبرئة، والمحاكمة غيابيا رغم احتجازهم من قبل السلطات البحرينية.

إن أعمال البحرين ضد الضحية تنتهك التزاماتها الدولية بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية   (ICCPR)  واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (CAT) . إن البحرين طرف في كل من هذه المعاهدات. الاعتقال التعسفي للضحية من دون وجود مذكرة قضائية أو اسس اخرى يعد انتهاكًا للقانون البحريني كما وينتهك حرية الفرد ضد الاعتقال التعسفي بموجبICCPR  (المادة 9). التعذيب الذي تعرض له الضحية ينتهك أيضا كلا ICCPR  (المادة 7) و CAT. كما ويُجرّم تعذيبه في قانون البحرين المحلي بموجب دستور الدولة (المادة 19) والقانون الجنائي (المواد 208 و 232 و 416)، ولكن لم يجر أي تحقيق واضح أو اعتقال أو ملاحقة لهذه الجرائم منذ تعرض الضحية للإساءة.

تدين ADHRB بشدة استهتار البحرين الفاضح بحقوق الإنسان الأساسية لمواطنيها. كما ندين فشل السلطات البحرينية في التحقيق مع مرتكبي التعذيب ومقاضاتهم وإدانتهم مما يؤدي إلى ثقافة الإفلات من العقاب. ندعو البحرين إلى التمسك بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان من خلال إلغاء الإدانات وإعادة الجنسية الى الأشخاص المدانين في هذه المحاكمة الجائرة الغير عادلة. كما ندعو القضاء البحريني إلى رفض جميع “الاعترافات” المستخلصة بواسطة التعذيب، والى ضمان أن تكون أي محاكمات لاحقة متوافقة مع المعايير الدولية لإجراءات المحاكمة العادلة. وأخيراً، نحث السلطات على التحقيق في ادعاءات التعذيب والمعاملة السيئة من قبل المسؤولين ومحاسبتهم على جميع المستويات.

 [1] تم تحديدها لاحقًا باسم الأكاديمية الملكية للشرطة الواقعة بجوار سجن جو.