منظمة ADHRB تثير القلق بشأن تقرير وزارة الخارجية الأمريكية الذي أغفل العديد من الإنتهاكات في البحرين والسعودية

في 13 مارس 2019، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية  تقاريرها الدولية حول ممارسات حقوق الإنسان لعام 2018. تشعر منظمة أميركيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين(ADHRB)  بقلق عميق، ففي حين أن التقرير يفنّد مجموعة من مخاوف الولايات المتحدة في مجال حقوق الإنسان في البحرين والمملكة العربية السعودية، رفضت وزارة الخارجية تنفيذ سياسات جديدة أو اتخاذ إجراءات ملموسة للتصدي لهذه الانتهاكات الخطيرة ومساءلة الأطراف المسؤولة. لذا لا نزال نشعر بالقلق من تقرير وزارة الخارجية الذي يغفل العديد من الأحداث وانتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت في المملكة العربية السعودية والبحرين في عام 2018.

البحرين

يوثق التقرير الدولي لوزارة الخارجية الأمريكية حول ممارسات حقوق الإنسان في البحرين مجموعة واسعة من الانتهاكات الخطيرة بما في ذلك “مزاعم التعذيب؛ الاعتقال التعسفي؛ السجناء السياسيين؛ التدخل التعسفي أو غير القانوني في الخصوصية، القيود المفروضة على حرية التعبير والصحافة والإنترنت، بما في ذلك الرقابة وحجب المواقع والتشهير الجنائي؛ التدخل الكبير في حقوق التجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات، بما في ذلك القيود المفروضة على عمل المنظمات غير الحكومية المستقلة بحرية في البلاد؛ قيود كبيرة على حرية التنقل، بما في ذلك حظر السفر الدولي وإسقاط الجنسية؛ والقيود المفروضة على المشاركة السياسية، بما في ذلك حظر أعضاء سابقين في جمعية الوفاق وجمعية وعد من الترشح  للانتخابات. رغم اعترافها بانتهاكات حقوق الإنسان هذه في تقريرها، فشلت وزارة الخارجية إلى حد كبير في اتخاذ تدابير لمعالجة هذه المخاوف في علاقتها مع الحكومة البحرينية. على وجه الخصوص، في يناير 2019، سافر وزير الخارجية مايكل بومبيو إلى البحرين والتقى بالعديد من القادة والمسؤولين رفيعي المستوى، لكنه فشل في ذكر أي مخاوف بشأن حقوق الإنسان بشكل علني. بدلاً من ذلك، أشاد وزير الخارجية بومبيو بشكل غير مستحق بالحكومة البحرينية لدعمها للتعايش الديني والحرية الدينية.

أثناء زيارة الوزير بومبيو للمملكة، أشاد أيضاً باختتام الانتخابات البرلمانية في البحرين، التي جرت في نوفمبر 2018 والتي تم الترحيب بها من قبل وزارة الخارجية – مشيراً إلى “التزام البحرين بعملية سياسية، شاملة، سلمية وديمقراطية.” بينما يروي التقرير الدولي لوزارة الخارجية الأمريكية قصة مغايرة للواقع- تصف بيئة بعيدة عن الواقع لإجراء انتخابات حرة ونزيهة. كما يبرز التقرير كيف “لم يشارك حزبان معارضان بارزان سابقان، الوفاق ووعد، في الانتخابات بسبب حلهما من قبل المحاكم في عامي 2016 و 2017، على التوالي” وكذلك الحكومة “لم تسمح بمراقبين دوليين للانتخابات.” وذكر التقرير أيضاً كيف اعترفت الحكومة البحرينية “باحتجاز عشرات الأشخاص البارزين، بمن فيهم قادة أو أعضاء بارزون  من جمعيات ومنظمات سياسية كانت سابقاً قاونية وأصبحت الآن محظورة، وغيرهم ممن انتقدوا علناً المؤسسات الحكومية أو الإجراءات الحكومية قبل اعتقالهم. وأشار التقرير إلى قضية الشيخ علي سلمان، الأمين العام لإحدى جمعيات المعارضة المنحلة، الذي حكم عليه بالسجن مدى الحياة قبل أسابيع من الانتخابات. بالإضافة إلى ذلك، تم تجريم مقاطعة انتخابات 2018، حيث أشار التقرير إلى قضية علي راشد العشيري، وهو عضو سابق في البرلمان البحريني، الذي تم احتجازه بسبب تغريدة حول نيته مقاطعة الانتخابات.

على الرغم من أن تقرير وزارة الخارجية تناول بعض أشد الانتهاكات في البحرين، لكنه أغفل قضايا أخرى، بما في ذلك الإدّعاء بعدم وجود حالات اختفاء قسري تم الإبلاغ عنها خلال العام. وثقت منظمة ADHRB)) ما لا يقل عن أربع حالات اختفاء قسري خلال عام 2018: اختفى محمد أحمد محسن لمدة يوم في فبراير، وفاطمة داوود جمعة وزكية عيسى البربوري اختفتا لمدة 36 يوماً تقريباً بين مايو ويونيو، وشخص آخر اختفى لمدة تسعة أيام في يوليو.

على الرغم من أن التقرير الدولي لوزارة الخارجية عن البحرين ردد إلى حد كبير العديد من مخاوفنا المحيطة بحالة حقوق الإنسان في البلاد، لكن هذا لا يعني شيئاً إذا رفضت وزارة الخارجية إثارة هذه المخاوف بشكل مباشر وعلني مع مسؤولين بحرينيين رفيعي المستوى ولم تتخذ خطوات تجاه تنفيذ سياسات لاستئصال الانتهاكات المستمرة بدلاً من تصعيدها.

المملكة العربية السعودية

تناول تقرير وزارة الخارجية لعام 2018 الانتهاكات والمخاوف المستمرة حول حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، بما في ذلك “القتل غير المشروع؛ عمليات الإعدام بسبب جرائم غير عنيفة؛ عمليات الترحيل القسري؛ حالات الاختفاء القسري؛ وتعذيب السجناء والمحتجزين على أيدي عملاء الحكومة”. جدّد التقرير المخاوف السابقة بشأن استخدام الاعتقال والاحتجاز التعسفي، بما في ذلك الاحتجاز السياسي، وكذلك التداعيات المستمرة التي تواجه منتقدي الحكومة والناشطين بموجب قوانين مكافحة الإرهاب ومكافحة جرائم الإنترنت التقييدية. كما أبرز التقرير التمييز المستمر ضد المرأة في العديد من جوانب المجتمع المدني والسياسي السعودي وعدم وجود هيئات مستقلة لمراقبة حقوق الإنسان. على الرغم من  الاستعراض العام لأبرز قضايا حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، إلا أن منظمة ((ADHRB تشعر بقلق عميق إزاء عدم الاعتراف الصارخ من قبل وزارة الخارجية بالانتهاكات التي يتعرض لها أفراد من العائلة المالكة السعودية وكذلك الاهتمام الطفيف الذي تم إيلاؤه لمقتل الكاتب في واشنطن بوست جمال خاشقجي.

ركزت وزارة الخارجية بصورة حاسمة على مسألة التمييز بين الجنسين في المملكة العربية السعودية، مشيرة إلى أن نظام الوصاية الذكوري في المملكة لا يزال في مكانه. سلطت وزارة الخارجية الضوء مرة أخرى على زيادة المشاركة السياسية للمرأة في انتخابات عام 2015، وأشارت إلى قوانين الأسرة القمعية والقوانين المتعلقة بالعنف ضد المرأة والتي لا تزال تمييزية. في حين تم رفع الحظر عن قيادة النساء للسيارة في يونيو 2018، استهدفت موجة من الاعتقالات في مايو 2018 الناشطات في مجال حقوق المرأة بمن فيهن لجين الهذلول وسمر بدوي وأخريات. كما أوضح التقرير تعذيب بعض الناشطات المحتجزات على أيدي مسؤولين سعوديين. ومع ذلك، فشل التقرير في معالجة مسألة السجن الانفرادي لبعض تلك النساء، على الرغم من وصفه بأنه مشكلة. أهمل التقرير كذلك الإشارة إلى أن التعذيب غالباً ما يتزامن مع فترات الاحتجاز في السجن الانفرادي، كما فعل في تقريرعام 2017، وبحسب ما أثبتته (ADHRB).

أشار التقرير إلى وقوع إصابات بين المدنيين في هجمات التحالف بقيادة السعودية في اليمن ووكذلك أشار إلى نقد المراقبين الدوليين، الذين يصفون الغارات الجوية بأنها تسبب “أضراراً جانبية غير متناسبة”، لكن التقرير الدولي أشار إلى حد كبير إلى الهجمات التي قادها الحوثيون بدلاً من تفاصيل الهجمات والانتهاكات التي ارتكبها التحالف بقيادة السعودية. كما أغفل التقرير الضربات الهجومية البرية التي شنها التحالف الذي تقوده السعودية على مدينة الحديدة الساحلية في يونيو 2018 في التقرير الدولي للمملكة العربية السعودية – هذه الهجمات مذكورة في التقرير الدولي لليمن. ومع كثرة الانتهاكات المرتكبة من قبل قوات التحالف في التقرير الدولي للمملكة العربية السعودية، إلا أن التقرير فشل في معالجة بعض الانتهاكات الجسيمة للتحالف، بما في ذلك الغارات الجوية التي دمرت مركز علاج الكوليرا التابع لأطباء بلا حدود في يونيو 2018، وهنا قام التقرير بإعادة التوجيه إلى التقرير الدولي لليمن لمزيد من المعلومات حول الانتهاكات التي ارتكبها التحالف الذي تقوده السعودية. فشل التقرير كذلك في معالجة استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان العاملين في اليمن من قبل مسؤولي التحالف بقيادة السعودية.

بالإضافة إلى الانتهاكات المستمرة المرتكبة في الحرب في اليمن، ظلت الاعتقالات التعسفية والاحتجاز والإعدامات مشكلة واسعة النطاق وممنهجة في المملكة خلال عام 2018. ظلت المحاكمات الجائرة مشكلة، واستمرت المحكمة الجنائية المتخصصة في استخدام الاعترافات التي تم الحصول عليها من خلال التعذيب كدليل على الإدانة في المحاكمة. كما استمرت الانتهاكات للحق في محاكمة عادلة، بما في ذلك في القضايا التي تنطوي على عقوبة الإعدام. يستبعد التقرير ملاحظة قرار خبراء الأمم المتحدة الصادر خلال الدورة العشرين للجنة الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة(CRPD)  بشأن قضية منير آدام، والتي دعت إلى التحقيق في مزاعم تعذيب. ظل استخدام عقوبة الإعدام متفشياً، وأشار التقرير إلى إحالة قضية عباس الحسن إلى رئاسة أمن الدولة في عام 2018 وتعرضه لخطر الإعدام. لم يذكر التقرير قضية إسراء الغمغام، التي كانت تواجه عقوبة الإعدام في السابق بتهم تتعلق بالنشاط السلمي – ذكرت التقارير منذ ذلك الحين أنها لم تعد تواجه عقوبة الإعدام، لكن قضيتها شهدت دعماً دولياً واسع النطاق ضد عقوبة الإعدام طيلة العام 2018. استمرت الحكومة في استهداف واعتقال المدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين والمعارضين وغيرهم من خلال قانون مكافحة الإرهاب لعام 2014 (المعدل في عام 2017)، والتشريعات الغامضة بموجب هذا القانون، وكذلك قانون مكافحة جرائم الإنترنت.

في حين تناول تقرير وزارة الخارجية مجموعة واسعة من الانتهاكات الممنهجة في المملكة العربية السعودية، تجاهل معلومات مهمة حول ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – لم يتم ذكر ولي العهد سوى مرتين في التقرير الدولي المكون من 59 صفحة حول سجل حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية في عام 2018، ولكن كان إلى حد كبير في بؤرة انتهاكات حقوق الإنسان المتعددة المذكورة في هذا التقرير. جريمة قتل جمال خاشقجي الوحشية في القنصلية السعودية في تركيا – المحصورة في فقرة واحدة – وضعت تفاصيلها بصورة مختصرة، بما في ذلك استهدافه الذي كان بسبب انتقاده الحكومة، والتقدم المحرز في التحقيق في وفاته. بينما يشير التقرير إلى أن مكتب المدعي العام قد وجّه الاتهام إلى 11 من الأشخاص المشتبه بهم في 15 نوفمبر، وطلب عقوبة الإعدام ضد خمسة منهم بتهمة القتل، وأن الحكومة أقالت كبار المسؤولين الحكوميين المتورطين في القتل من مناصبهم، يغفل التقرير أي معلومات إضافية بشأن التحقيق أو الملاحقة القضائية لهؤلاء المسؤولين رفيعي المستوى، والذين يرتبط بعضهم بعلاقات وثيقة مع ولي العهد. فشل تقرير وزارة الخارجية كذلك في تضمين أي ذكر لتقييم وكالة الاستخبارات المركزية حول احتمال تورط محمد بن سلمان في مقتل خاشقجي، مما يديم نهج الإدارة الأمريكية الهزيل في المساءلة عن مقتل خاشقجي ودور العائلة المالكة في انتهاكات حقوق الإنسان.

تم استبعاد ذكر محمد بن سلمان بالكامل تقريباً من التقرير، بما في ذلك احتجاز الأمراء السعوديين ورجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين في فندق ريتز كارلتون بالرياض في نوفمبر 2017، مما أدى إلى دخول سبعة عشر معتقلاً إلى المستشفى ووفاة أحدهم نتيجة الإيذاء الجسدي، وذلك بحسب تقارير مارس 2018. كما فشل التقرير في ذكر تنفيذ  مثل هذه الحملة بعد أشهر فقط من تعيينه ولياً للعهد  وبدئه بقيادة حملة لمكافحة الفساد في المملكة. الإشارة الوحيدة إلى تورط ولي العهد تتعلق باقتباس حول عدد الأفراد الذين لا يزالون قيد الاستجواب. فشل التقرير كذلك في الإشارة إلى العلاقة بين موجة الاعتقالات الجماعية لنشطاء حق المرأة في قيادة السيارة وتوقيتها قبيل رفع حظر القيادة عن النساء، وهو مشروع آخر من مشاريع إصلاح محمد بن سلمان.

بالنظر إلى التطورات في سجل حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية في عام 2018، فإن تقرير وزارة الخارجية لا يعالج بشكل كاف التدهور الكبير في أوضاع حقوق الإنسان في المملكة. فشل التقرير في نهاية المطاف في اتخاذ موقف حاسم ويستمر في اتباع نهج واسع وهو تفادي وزارة الخارجية انتقاد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. يغيّب التقرير بالكامل أي إشارة إلى أن الأحداث الكبرى التي تدل على تدهور حقوق الإنسان التي قد وقعت تحت إشراف ولي العهد، مما يشير إلى أن الفرع الدبلوماسي الأمريكي يواصل إعطاء الأولوية للعلاقات الأمريكية السعودية على حساب حقوق الإنسان. تدعو منظمة ADHRB)) وزارة الخارجية الأمريكية إلى اتخاذ موقف أكثر حزماً تجاه المملكة العربية السعودية وكذلك تقييم العلاقات الدبلوماسية مع المملكة.