مكتب الإنتربول الجديد في المملكة العربية السعودية: توسع خطير للقمع العابر للحدود

في 30 يناير 2025، أعلنت المملكة العربية السعودية والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول) عن اتفاقية لافتتاح مكتب إقليمي في المملكة لدعم جهود تطبيق القانون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وشمل ذلك خططًا للتعاون بين المكتب الجديد وهيئات إقليمية مثل مجلس وزراء الداخلية العرب. ورغم أن هذا القرار يُعد خطوةً نحو تعزيز الأمن الإقليمي، إلا أنه يثير مخاوف جدية بشأن حقوق الإنسان في منطقة تتبع فيها دول مجلس التعاون الخليجي ومؤسسات مثل مجلس وزراء الداخلية العرب أطرًا قانونية معيبة تقمع حرية التعبير، وتُسلم المعارضين، وتُصدر أحكامًا بالسجن لفترات طويلة قد تنطوي على معاملة غير إنسانية. وفي ظل هذه البيئة، يُهدد إنشاء مكتب للإنتربول بتسييس أنشطة إنفاذ القانون، وتسهيل إساءة استخدام موارد المنظمة لأغراض القمع.

يُسهّل الإنتربول، بصفته أكبر هيئة شرطية دولية في العالم، التعاون عبر الحدود بين 196 دولة عضوًا من خلال تبادل البيانات المتعلقة بالجرائم والمجرمين وإتاحة الوصول إليها. ومع ذلك، ورغم إمكاناته الأمنية، لطالما واجه الإنتربول انتقاداتٍ لتسخيره آلياته لانتهاكات حقوق الإنسان، لا سيما النشرات الحمراء والتعاميم. وقد ازدادت هذه المخاوف في ظل قيادة رئيسه الحالي، الفريق أول أحمد ناصر الريسي، الذي يواجه اتهاماتٍ بالإشراف على التعذيب والقمع السياسي في الإمارات. وأثار انتخابه، إلى جانب تزايد المساهمات المالية من دول الخليج، مخاوف من خضوع الإنتربول لتأثير سياسي متزايد.

صُممت النشرات الحمراء والتعاميم الصادرة عن الانتربول للمساعدة في تحديد مكان المجرمين الخطيرين والقبض عليهم. النشرات الحمراء هي تنبيهات رسمية يصدرها المكتب المركزي الوطني (NCB) في بلد ما لتسهيل اعتقال أو تقييد حركة شخص مطلوب، مما يؤدي في النهاية إلى تسليمه إلى البلد الطالب. أما التعاميم فهي تنبيهات أقل رسمية تُعمم مباشرة بين المكاتب المركزية الوطنية دون إشراف من الأمانة العامة للإنتربول، مما يسهل إساءة استخدامها. يواجه كلا النظامين انتهاكات للإجراءات القانونية الواجبة من قبل دول مجلس التعاون الخليجي، التي غالبًا ما تمتنع عن الكشف عن المعلومات المتعلقة بطلبات النشرات الحمراء، مما يترك الأفراد غير مدركين حتى يتم احتجازهم في الخارج. التعاميم أكثر سرية؛ فقد لا يعلم الأفراد أبدًا أنهم مدرجون في القائمة إلا إذا واجهوا الاحتجاز، مما يجعل الطعن في قضاياهم شبه مستحيل. كشفت التحقيقات التي أجرتها منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) عن ملفات سرية لأفراد، كان من السهل حذف العديد منها بمجرد الطعن فيها، مما يشير إلى أنها تفتقر إلى أساس قانوني قوي. وعلى الرغم من ذلك، فقد وصف التعاون مع الإنتربول بأنه مرهق وبطيء، مما يؤدي إلى إطالة أمد حالة عدم اليقين بالنسبة للمتضررين.

توضح حالات ملموسة التداعيات الوخيمة لإساءة استخدام آليات الإنتربول. في عام 2021 ، احتُجز أسامة الحسني، السعودي الأسترالي، في المغرب بموجب نشرة حمراء صادرة عن السعودية، وسُلِّم إلى السعودية، رغم تبرئته من التهم المتعلقة بسرقة سيارة. وبالمثل، سُلِّم المعارض السياسي البحريني أحمد جعفر محمد من صربيا إلى البحرين في عام 2022  بموجب نشرة حمراء، لقضاء عقوبة بالسجن المؤبد صدرت غيابيًا، رغم خطر التعذيب الذي تعرض له سابقًا على يد السلطات البحرينية. تُبرز هذه الحالات كيف تُسخَّر أنظمة الإنتربول بشكل متزايد لتسهيل الاضطهاد السياسي وانتهاك مبدأ عدم الإعادة القسرية المنصوص عليه في القانون الدولي لحقوق الإنسان.

يُبرز قرار إنشاء مكتب الإنتربول في المملكة العربية السعودية كيف أن آليات الشرطة الدولية معرضة لخطر التلاعب بها لخدمة مصالح الأنظمة الاستبدادية، بدلًا من الأمن والعدالة العالميين. فبدون إصلاحات جوهرية لتعزيز الشفافية وحماية حقوق الإنسان والرقابة، قد يُسهم توسع الإنتربول في الخليج في زيادة القمع العابر للحدود، مما يُقوّض مصداقية المنظمة ويُسهم في تآكل المعايير الدولية لحقوق الإنسان.