قيود ما بعد الإفراج في السعودية: كيف تستمر الاضطهادات حتى بعد قضاء العقوبة

أفرجت السعودية عن نحو 44 سجينًا بين ديسمبر 2024 وفبراير 2025. العديد منهم ناشطون في مجال حقوق الإنسان أو أشخاص اعتُقلوا في أعقاب القيود المفروضة على حق التعبير في البلاد. ورغم أن هذا الحدث قد يبدو خطوةً للأمام بالنسبة للسعودية، إلا أنه يجب مراعاة جانب آخر، وهو أن المفرج عنهم لا يزالون في كثير من الأحيان يخضعون لقيود تُطيل مدة عقوبتهم خارج السجن.

تفرض الحكومة السعودية أنواعًا مختلفة من القيود على الأشخاص المفرج عنهم مؤخرًا. أكثر هذه القيود شيوعًا هو حظر السفر، والذي غالبًا ما يمتد ليشمل أفراد عائلاتهم. ويُعد استخدام هذا الإجراء مثيرًا للقلق بسبب طبيعته التعسفية. فحتى عندما تنتهي مدة حظر السفر قانونيًا، لا يتم رفعه، كما تُمنع أي محاولات للاستئناف أو الطعن في هذا القرار.

هذا ما حدث مع لجين الهذلول، ناشطة حقوق المرأة، التي فُرض عليها حظر سفر منذ إطلاق سراحها في فبراير 2021. وكان من المقرر أن ينتهي حظر سفرها في نوفمبر 2023، لكن لم يُرفع. وفي ديسمبر 2023، تقدمت بشكوى ضد رئاسة أمن الدولة، مطالبةً برفع قيود السفر عنها. وبعد تسعة أشهر، أُحيلت قضيتها إلى ديوان المظالم (وهو محكمة إدارية)، لكنه لم يتمكن من البتّ فيها. وعندما تم استجواب جهاز أمن الدولة حول الشكوى، أفاد بأنه لم يتلق المستندات المتعلقة بالقضية. ونتيجة لذلك، أعلن القاضي عدم اختصاصه وأسقط القضية. وحتى اليوم، لا تزال لجين تخضع لهذا الحظر.

استخدام السعودية لحظر السفر مثير للجدل من الناحية القانونية. فـ”الميثاق العربي لحقوق الإنسان”، الذي تُعد السعودية طرفًا فيه، ينص في المادة 27 على أن: “لا يجوز منع أحد من مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده، بصورة تعسفية أو غير قانونية.” علاوة على ذلك، ينصّ قانون وثائق السفر السعودي في المادة 6 على أنه لا يجوز فرض حظر السفر إلا لأسباب أمنية محددة ولفترة محدودة. لذا، فإن طريقة استخدام هذا النوع من القيود تُظهر مدى تعسف تطبيقه. في الواقع، يُستخدم كوسيلة للسيطرة على الأصوات الحكومية الناقدة وتقييد أنشطتها.

وليس حظر السفر هو الأداة الوحيدة التي تستخدمها الحكومة السعودية ضد المفرج عنهم حديثًا. فقد اضطر بعضهم إلى توقيع تعهدات تمنعهم من مناقشة الشؤون العامة، وخاصةً عبر الإنترنت. كما مُنع بعضهم من تلقي الزيارات المنزلية. وطُلب من العديد من السجناء السابقين ارتداء سوار إلكتروني لمراقبة تحركاتهم. وهُدد آخرون بإعادة اعتقالهم إذا تحدثوا عن ظروف سجنهم.

هذا النوع من الإجراءات التقييدية يضع المفرج عنهم حديثًا في وضع تقييدي جديد. وكما لو أن هذا لا يكفي، فإن هذه الإجراءات تؤثر بشكل غير مباشر، وأحيانًا بشكل مباشر، على عائلاتهم. وهذا قد يدفع العديد من العائلات إلى العيش في حالة من انعدام الأمن والخوف الشديدين. علاوة على ذلك، فإن استخدام بعض القيود لا يساعد على إعادة دمج هؤلاء الأفراد في المجتمع، بل تدفعهم إلى الابتعاد عنه.

السعودية دولة تسعى للظهور بمظهر أكثر انفتاحًا وتقدمًا. ولذلك، يُعدّ هذا الاستخدام التعسفي للتدابير التقييدية على الأشخاص المفرج عنهم مؤخرًا أمرًا مثيرًا للجدل. ينبغي على الدولة مساعدة هؤلاء الأشخاص على الاندماج مجددًا في المجتمع وحمايتهم، لا فرض المزيد من القيود عليهم. إن الطريقة التي تُكتم بها الحكومة السعودية المعارضين والناشطين حتى بعد انقضاء عقوبتهم أمرٌ مثير للقلق. لذلك، يجب تسليط الضوء على هذه الحالات، لأن هذه هي الطريقة الوحيدة لمحاسبة الحكومة السعودية. وهذا من شأنه أيضًا دعم جميع هؤلاء النشطاء والمعارضين الذين يجب أن يتمتعوا بحرية التعبير عن آرائهم دون خوف من أي أعمال انتقامية.