في أبريل 2025، شهدت البحرين تصعيدًا حادًا ومقلقًا في الاعتقالات التعسفية، مما يُمثل تحولًا في قمع الدولة لم تشهده البلاد منذ سنوات. ، فقد اعتُقل 22 شخصًا على مدار الشهر، بينهم عدد من النساء، في تطور نادر وملحوظ. وبينما أُطلق سراح خمسة منهم في نهاية المطاف، لا يزال 17 منهم رهن الاحتجاز. ويبدو أن موجة الاعتقالات المفاجئة، التي تزامنت مع سباق جائزة البحرين الكبرى للفورمولا 1، كانت محاولة استباقية لإسكات الأصوات المعارضة ومنع أي تعبئة جماهيرية في فترة تحظى فيها البلاد باهتمام دولي متزايد.
نفذت هذه الاعتقالات عبر استدعاءات ومداهمات مفاجئة. فاعتُقل عشرة أشخاص بناءً على استدعاءات أمنية، بينما اعتُقل آخرون خلال مداهمات لمنازلهم أو أماكن عملهم أو في أماكن عامة. وأُلقي القبض على بعضهم في قاعة محكمة أو على الحدود السعودية البحرينية. وفقا لما ورد ADHRB، لم تُصحب هذه العمليات بأوامر اعتقال أو تفتيش، ولم يُكشف عن دوافعها الرسمية. وكان من بين المعتقلين أحمد داود، الذي اعتُقلت زوجته إيمان شاكر الماهوزي، وأُفرج عنها لاحقًا بموجب إجراء أمني بديل. ولا يزال داود رهن الاحتجاز، ويُقال إنه يواجه اتهامات بالخابر مع دولة أجنبية.
ما يميز هذه الحملة الأخيرة ليس فقط عدد المعتقلين، بل أيضًا طبيعة الأشخاص المستهدفين. فقد شملت الحملة أفرادًا من عائلات المعتقلين، ونساءً، وأشخاصًا سبق أن نالوا عفوًا. ويُشير هذا النمط إلى استراتيجية ردع تهدف إلى المنع المسبق بدلاً من الرد اللاحق، أي إلى “شرطية وقائية” أكثر منها رد فعل على أفعال واقعة. وتشير تقارير إلى أن العديد من المعتقلين كانوا مرتبطين بنشاط سلمي أو يُشتبه في نيتهم تنظيم احتجاجات بالتزامن مع سباق الجائزة الكبرى. وتبعث هذه الموجة من الاعتقالات برسالة مقلقة: حتى الروابط غير المباشرة مع المعارضة قد تكون سببًا للانتقام من قبل الدولة.
يُشكل سباق جائزة البحرين الكبرى لعام 2025، الذي أقيم في 13 أبريل، الخلفية السياسية لهذا القمع. فعلى مدى أكثر من عقدين، استخدمت البحرين سباق الفورمولا 1 كمنصة لترويج صورة الحداثة والتقدم، مُخفيةً بذلك سيطرةً استبداديةً متجذرة. وكما تُوثّق منظمة “أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين” (ADHRB)، شنت الحكومة حملات قمعيةً متكررة على المجتمع المدني في الفترة التي سبقت السباق لقمع أي شكلٍ من أشكال الاحتجاج. في عام 2014، قُدّمت شكوى رسمية إلى نقطة الاتصال الوطنية في المملكة المتحدة بموجب إرشادات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، مُتّهمةً الفورمولا 1 بالمساهمة في انتهاكات حقوق الإنسان. ورغم الوعود بتبني سياساتٍ مُتعلّقة بحقوق الإنسان، لم تُتّخذ الفورمولا 1 أي إجراء فعّال يُذكر حتى الآن.
تتوافق هذه الحملة القمعية مع سجل البحرين القمعي الأوسع. ووفقًا لمنظمة العفو الدولية في تقريرها الأخير ، تواصل السلطات اعتقال المنتقدين تعسفيًا، وإخضاع المعتقلين لمحاكمات جائرة، واستخدام التعذيب والحبس الانفرادي. كما أفاد المركز الأوروبي للديمقراطية وحقوق الإنسان (ECDHR) عن كيفية استخدام القوانين التقييدية لحل الجمعيات السياسية وتقييد عمل منظمات المجتمع المدني، غالبًا تحت غطاء الأمن القومي أو الرقابة الإدارية. ولا يزال مدافعون عن حقوق الإنسان، مثل عبد الهادي الخواجة وعبد الجليل السنكيس، يقبعون في السجن في ظروف قاسية، حيث أعرب خبراء الأمم المتحدة مرارًا عن مخاوفهم بشأن الإهمال الطبي وسوء المعاملة.
لم يسلم القُصّر من الاعتقالات فوفقًا لما وثقته لمنظمة (ADHRB)، تنتهك السلطات البحرينية بشكل روتيني اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، التي تُعد البحرين طرفًا فيها. فقد اعتُقل أطفال، مثل علي حسين متروك عبدالله، دون مذكرة توقيف، وحُرموا من حقهم في الاستعانة بمحامٍ، وأُجبروا على الإدلاء باعترافات تحت وطأة التعنيف البدني والنفسي. هذه الممارسات لا تنتهك المعايير القانونية الدولية فحسب، بل تنتهك أيضًا التزامات البحرين بموجب المعاهدات التي صادقت عليها.
لا تُمثّل اعتقالات أبريل 2025 مجرد زيادة عددية، بل تعكس إعادة تفعيل الرقابة الداخلية الصارمة. وقد أوضحت الحكومة البحرينية أن أي تعبير عن المعارضة، حتى لو كان سلميًا أو محتملًا، سيُقابل برد انتقامي سريع. وبينما تواصل البحرين تقديم نفسها كمجتمع حديث ومنفتح من خلال الفعاليات الرياضية العالمية، يجب على المجتمع الدولي ألا يتواطأ في إضفاء الشرعية على هذه الانتهاكات. ويجب على الفورمولا 1 وأصحاب المصلحة فيها، على وجه الخصوص، أن يُدركوا التكلفة البشرية للصمت.