لماذا يجب على المملكة العربية السعودية إعادة العمل بوقف تنفيذ أحكام الإعدام في قضايا المخدرات؟

وصل عدد أحكام الإعدام في قضايا المخدرات في المملكة العربية السعودية إلى أرقامٍ صادمة. منذ بداية عام 2025، حُكم على ما لا يقل عن 111 شخصًا بالإعدام في المملكة، من بينهم 68 أُعدموا بسبب جرائم متعلقة بالمخدرات. وإلى جانب إثارة القلق، تُظهر هذه التطورات الأخيرة كيف تواصل السعودية التراجع عن وعدها بالحد من أحكام الإعدام في هذه الأنواع من الجرائم.

في إطار برنامجه الإصلاحي، أعلن ولي العهد محمد بن سلمان عام 2020 عن وقف مؤقت لتعليق أحكام الإعدام في القضايا المتعلقة بالمخدرات. وقد كان لهذا الإصلاح أثرٌ كبير على عدد أحكام الإعدام في المملكة، حيث انخفض إلى 85%  في العام نفسه. وقد بعث هذا التغيير الآمال في تعليق المملكة لهذا النوع من العقوبات بشكل دائم على الجرائم التي لا ترقى إلى مستوى يستوجب الإعدام. إلا أن هذا الإعلان لم يُصاحبه تغييرٌ حقيقي في السياسات، مما أتاح استئناف تنفيذ هذه الأحكام في أي وقت.

في نوفمبر 2022، استأنفت السعودية تطبيق عقوبة الإعدام في قضايا المخدرات. منهيةً بذلك فترةً دامت قرابة ثلاث سنواتٍ بعثت آمالًا بتغييرٍ حقيقيٍ في مسار البلاد. في نوفمبر من ذلك العام، حُكم على 20 شخصًا بالإعدام بتهم تتعلق بالمخدرات. ليصل إجمالي عدد أحكام الإعدام هذه إلى 148 حكم.

واليوم، تستمر هذه الأعداد في الارتفاع، ويواجه العديد من الأشخاص خطر عقوبة الإعدام بسبب هذا النوع من الجرائم. علاوة على ذلك، فإنّ الأجانب هم الأكثر عرضة للخطر، إذ يحتاجون إلى حماية قانونية أكبر. من بين أوائل المحكوم عليهم في عام 2022، كان ثمانية مواطنين سعوديين فقط، بينما كان الآخرون أجانب من سوريا والأردن ونيجيريا وباكستان. ومن بين القضايا التي أثارت جدلًا واسعًا، قضية حسين أبو الخير، المسجون منذ عام 2014 بتهمة تهريب المخدرات أثناء عبوره الحدود إلى الأردن. وخلال الفترة التي سبقت محاكمته، تعرض حسين للتعذيب وأُجبر على توقيع اعتراف كاذب. إلا أن حكم الإعدام الصادر بحقه بتهمة المخدرات لم يُنفذ إلا في عام 2022، حيث اقتيد إلى زنزانة الإعدام بتاريخ 18 نوفمبر.  وأُعدم لاحقا في مارس 2023.

هناك العديد من الحالات الأخرى لأجانب عانوا المصير نفسه. ومن بينهم عصام الشاذلي أحمد محمد، وهو صياد مصري أُلقي القبض عليه عام 2022 على الحدود البحرية السعودية. وكانت التهمة الموجهة إليه هي محاولة تهريب كمية كبيرة من المخدرات. وبعد اعتقاله، حكمت عليه محكمة جنايات تبوك بالإعدام، لكن تاريخ تنفيذ الحكم لا يزال مجهولاً.

هناك أيضًا أمثلة لأشخاص اعتُقلوا منذ سنوات بتهم مماثلة، لكنهم ما زالوا ينتظرون موعد تنفيذ حكم إعدامهم. من بينهم محمد كامل صلاح كامل، وهو مواطن مصري أيضًا، أُلقي القبض عليه عام 2017 في فندق بمدينة ضباء. زُعم أنه عُثر بحوزته على كمية من المخدرات، ونُقل على الفور إلى سجن تبوك العام. في عام 2017، حُكم عليه بالإعدام بتهم تتعلق بالمخدرات، لكنه لا يزال حتى اليوم ينتظر تنفيذ الحكم فيه.

تُظهر هذه الحوادث ليس فقط الوضع غير المنصف الذي يواجهه الأجانب المُعتقلين في المملكة، بل تُظهر أيضًا ضرورة توخي الحذر في التعامل مع الوعود التي قطعتها الحكومة. كان وقف تنفيذ أحكام الإعدام في جرائم المخدرات عام 2020 مجرد استراتيجية من الحكومة السعودية لإظهار تقدمٍ غير موجود على أرض الواقع. هذا لا يقتصر على أحكام الإعدامات فحسب، بل يمكن تعميمه على مجالات أخرى أيضًا، كحقوق المرأة التي روّجت الحكومة السعودية لإصلاحها بشكل كبير، والتي في النهاية لم تُحدث اي تغييرًا يُذكر.

لا تزال السعودية تسعى إلى إظهار نفسها كدولة في طور التجديد، وتتعهد بإصلاحات لا تنعكس على أرض الواقع. الوعود المستمرة التي قطعها ولي العهد محمد بن سلمان بتقليص استخدام عقوبة الإعدام في قضايا المخدرات لم تُنفذ عمليًا بعد، والأعداد في ازدياد مستمر. لهذا السبب، يجب على السعودية إعادة اعتماد وقف تنفيذ عقوبة الإعدام لعام 2020. ولكن هذه المرة، يجب أن يكون ذلك مصحوبًا بإصلاحات ملموسة وواقعية. هذا هو السبيل الوحيد لوضع حد لعمليات الإعدام في هذه الجرائم التي لا تستحق هذا النوع من العقوبات.