البحرين: تعيين الشيخ ناصر في منصب أمني رفيع المستوى رغم أدلّة تشير إلى قيامه بالتعذيب

في الثامن والعشرين من أيلول/سبتمبر من العام 2017، عيّن ملك البحرين ابنه، الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، ليشغل منصب عضو في مجلس الدّفاع الأعلى، على الرغم من وجود مزاعم موثوقة بأنّه قام بشكلٍ مباشر بتعذيب أشخاص كانوا رهن الحجز في العام 2011. تُدين منظمة ADHRB بأشد العبارات ترقية الشيخ ناصر لأحد مناصب المملكة رفيعة المستوى، وتُعيد التأكيد على الدّعوة لإجراء تحقيقٍ دولي مستقل في التقارير التي تعرضُ لانتهاكاتٍ شديدة لحقوق الإنسان تمّ ارتكابها من قِبل مسؤولين رسميين رفيعي المستوى في البحرين.

يجدر الذكر أن مجلس الدفاع الأعلى – المُكوّن بشكلٍ حصري من أفراد العائلة المالكة بما فيهم الملك، ووليّ العهد، ورئيس الوزراء – يُعتبر أعلى سُلطة للدفاع في البلاد، ويُشرف على قرارات وطنية هامة تتعلق بالأمن. وكما هو حال النظام الأمني الأكبر في البحرين، تبقى أغلبية السكان من المُسلمين الشيعة في المملكة مُستبعدين بشكل فعلي من المشاركة في مجلس الدّفاع الأعلى.

ويُعدّ تعيين الشيخ ناصر ترقيةً لمنصبه في المؤسسة الأمنية في البحرين بعد تولّيه قيادة الحرس الملكي في قوات الدفاع البحرينية في حزيران/يونيو من العام 2011. وقد قام الشيخ ناصر، المُتخرّج برتبة عميد من أكاديمية ساند هيرست (Sandhurst) العسكرية في المملكة المتحدة، بقيادة قوة عسكرية من القوات الخاصة في الحرس الملكي كجزء من تحالف المملكة العربية السعودية في اليمن، والتي تم اتهامها بارتكاب جرائم حربٍ زادت من تعميق الأزمة الإنسانية في ذلك البلد. وبالإضافة إلى مسيرته المهنية العسكرية، فالشيخ ناصر هو أيضاً شخصية بارزة في البيروقراطية الرياضية للبحرين بشغله منصب رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية، والاتحاد البحريني للفروسية والتحمل، والمجلس الأعلى للشباب والرياضة. أما الأمين العام الحاليّ لمجلس الدفاع الأعلى، الملازم-اللواء الشيخ دعيج بن سلمان آل خليفة، أشار إلى هذه “الإنجازات البارزة العديدة في المجال الإنساني، الخيري، العسكري، والرياضي” كدليل على “الدور الوطني الأساسي” الذي أدّاه الشيخ ناصر في البحرين، والأسس الأولية لمنصبه الجديد.

ورغم هذا، وفي كلٍ من هذه المجالات، فإن سِجلّ الشيخ ناصر مُلطّخ بانتهاكات فاضحة لحقوق الإنسان. فبعد قمع الحكومة بطريقة عنيفة للحركة الداعمة للديمقراطية في العام 2011، ظهر دليل موثوق بأن الشيخ ناصر قد أدار عمليات الحجز التعسّفي والتعذيب للمتظاهرين، وناشطي المعارضة، والرياضيين. وضمن صلاحياته كرئيسٍ للجنة الأولمبية، قام الشيخ ناصر بتشكيل مفوضية خاصة لتحديد ومعاقبة أكثر من 150 عضو في المجتمع الرياضي ممن تظاهروا بشكلٍ سلميّ. وأشار إلى أن اللجنة تهدف بالتحديد إلى القيام بأعمال انتقامية، ودعا علناً “لإسقاط جدارٍ على رؤوس [المتظاهرين]…حتى وإن كانوا رياضيين…فالبحرين هي جزيرة حيث لا مكان للهرب”، ونشر تغريدةً  بأنه “إن عاد الأمر إليّ لحكمت عليهم جميعاً بالسجن مدى الحياة”. كما ذكر اثنان من قادة المعارضة وأعضاء البحرين13  – وهي مجموعة من سُجناء الرأي البارزين الذين مثلوا أمام المحكمة العسكرية في العام 2011 – أن الشيخ ناصر قام بتعذيبهم شخصياً في عيادة القلعة التابعة لوزارة الداخلية. ويتّهم كلٌّ من محمد حسن جواد ومحمد حبيب المقداد، الأمير بجلدهم وضربهم على أجسادهم لما يقرب من 12 ساعة، بالاضافة اساءاتٍ أخرى. وفي العام 2014، قضت المحكمة العليا في لندن بنزع الحصانة الملكية للشيخ ناصر بعد أن رفع لاجئ بحريني تحت اسم “ف ف” قضيةً ضده في المملكة المتحدة. ويزعم “ف ف “، مثل جواد والمقداد، بأن الشيخ ناصر قد عذبه بشكل مباشر. وتواصل حكومة البحرين الاعتراض على هذه الادعاءات.

إنها ليست المرة الأولى التي تُعين الحكومة البحرينية فيها مسؤولاً متهماً بالتعذيب في مجلس الدفاع الأعلى. ففي تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2011، وبعد أن اكتشفت المفوضية البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق بأن وكالة الأمن الوطني – الهيئة الرئيسية للمخابرات في المملكة – كانت متورطة بشكل عميق في التعذيب وحالات القتل خارج نطاق القضاء، قام الملك بإزالة مديرها الشيخ خليفة بن عبدالله آل خليفة، ونزع عن المؤسسة سلطتها لفرض القانون. ورغم ذلك، بدلاً من فتح تحقيق رسمي بالجرائم، شرع الملك بتعيين الشيخ خليفة أميناً عاماً لمجلس الدفاع الأعلى ومستشاراً خاصاً للأمن الوطني برتبة وزير؛ وعلاوة على ذلك، في كانون الثاني / يناير 2017، أعاد الملك سلطات الاعتقال إلى وكالة الأمن الوطني دون إجراء أي تغييرات مؤسسية واضحة، مما عكس إحدى توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق التي يتعين تنفيذها بالكامل. وقد استأنفت وكالة الأمن الوطني على الفور تقريبا ممارساتها السابقة، مُستهدفةً ناشطي المجتمع المدني، مثل المدافعة عن حقوق الإنسان إبتسام الصايغ، عبر الحجز التعسفي والتعذيب.

وقال المدير التنفيذي لمنظمة  ADHRBحسين عبدالله، “قام الملك مرةً أخرى باختيار استخدام تعيين في المجلس الأعلى للدفاع كتضليل –وحتى كمكافئة – لأشد التجاوزات والانتهاكات التي ترتكبها الحكومة”. وأضاف أن “الشيخ ناصر، كما هو حال الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للدفاع، يجب أن يخضع للتحقيق على خلفية التعذيب. ولكن عوضاً عن ذلك، إنهما يديران أرفع الهيئات الأمنية في البلاد. هذا يخبرك بكل شيء بشأن ثقافة الحصانة والوضع الراهن للدولة العسكرية التي يزيد من ترسيخها في البحرين”.

إنه من غير المقبول أن يُعيّن مسؤول آخر متورط بشكل عميق في انتهاكات حقوق الإنسان على رأس المجلس الأعلى للدفاع مع السلطة كي يؤثر بشكل مباشر على جميع نواحي المؤسسة الأمنية في البحرين. بالتالي، نحن نعيد التأكيد على بياننا الصادر في الدورة السادسة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وندعو الحكومة البحرينية على السماح بإجراء تحقيق مستقل لمزاعم التعذيب التي ارتكبها الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة وجميع المسؤولين الآخرين رفيعي المستوى المتهمين بالانتهاكات. كما تدعو منظمة  ADHRB الى إقالة الشيخ ناصر من المناصب الأمنية الرفيعة ريثما يتم البت في تحقيقاتٍ كهذه، وتحث الحكومة البحرينية على السماح الفوري للخبراء المستقلين لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، مثل المُقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب، بزيارة المملكة.