بيان ADHRB عن وكالة الأمن الوطني البحرينية إلى مجلس حقوق الإنسان

بمناسبة انعقاد الدورة السادسة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان، قدمت منظمة ADHRB بيانا مكتوبا إلى المجلس بشأن إخفاق البحرين في احترام حقوق الإنسان في مكافحة التطرف العنيف واستعادة قدرات تطبيق القانون لجهاز الاستخبارات الوطني.

انقر هنا لقراءة نسخة PDF من البيان.

 

وكالة الأمن الوطني والإنتهاكات المنهجية لمكافحة الإرهاب في البحرين

تودّ منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين أخذ هذه الفرصة في الدورة السادسة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لإثارة قلق بالغ إزاء إخفاق البحرين في احترام حقوق الإنسان خلال مكافحة التطرف العنيف. منذ بداية عام 2017، اتخذت حكومة البحرين عدة خطوات غير مسبوقة بعيدا عن إصلاحات مكافحة الإرهاب والعدالة الجنائية، بما في ذلك قرار الملك اعادة سلطة تطبيق القانون إلى جهاز الاستخبارات الرئيسي في البلاد، وكالة الأمن الوطني.

  1. قانون مكافحة الإرهاب

في عام 2006، أصدرت الحكومة قانون حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية، المعروف باسم قانون مكافحة الإرهاب، الذي يحظّر أي عمل من شأنه أن “يتعدى على الأمن العام أو يعرض سلامة المملكة وأمنها للخطر، أو يضر بالوحدة الوطنية … [عن طريق الإضرار] بالبيئة، الصحة العامة، الاقتصاد الوطني، أو الممتلكات العامة أو المؤسسات أو المرافق … أو يمنع أو يعوّق السلطات العامة، دور العبادة، أو معاهد التعليم من ممارسة وظائفها “. وهذا التعريف الواسع للإرهاب – التي لا يتطلب نية ارتكاب أعمال عنف – يجرّم الحريات الأساسية للتعبير والتجمع وتكوين الجمعيات. كما أن القانون يخوّل السلطات التحايل على إجراءات الحماية القانونية الواجبة. وتنص المادة 29 على أن النيابة العامة “تكتسب السلطة الإضافية كقاضي المحكمة المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية، والسلطة الاستشارية للمحكمة العليا … عند التحقيق” بجرائم الإرهاب. هذا يعني أنه عند متابعة قضية إرهابية، يمكن أن يخول مكتب النيابة العامة مباشرة الأنشطة التي تتطلب عادة موافقة قاضي، مثل الاستيلاء على الممتلكات الخاصة، وإصدار أوامر تفتيش إضافية، وفرض رقابة على الاتصالات الشخصية أو مراقبتها.

وفي عامي 2013 و 2014، أدخلت تعديلات على القانون تحظّر بشكل صريح التجمع السلمي في عاصمة البحرين المنامة، وعززت العقوبات المفروضة على جرائم الإرهاب، ومددت فترات احتجاز المتهمين بالإرهاب قبل القاء التهم وفترة ما قبل المحاكمة، من بين أحكام إشكالية أخرى. ويسمح تعديل عام 2013 للمحاكم على وجه التحديد بإلغاء جنسية الأفراد المدانين بارتكاب جرائم إرهابية، في حين قدم نظيره في عام 2014 مكتبا منفصلا لمقاضاة الإرهاب، مما أدى إلى خلق إجراء احتجاز يسمح باحتجاز المشتبه فيهم لمدة ستة أشهر دون محاكمة. وفي شكله الحالي، يعزز قانون مكافحة الإرهاب أيضا العقوبات المفروضة على الجرائم المدرجة في إطار “قوانين أخرى”؛ على سبيل المثال، فإن أي جريمة إرهابية كان يعاقَب عليها في السابق بالسجن المؤبد بموجب قانون العقوبات، يُعاقَب عليها الآن بعقوبة الإعدام. في كانون الثاني / يناير 2017، أنهت الحكومة وقف فعلي لمدة سبع سنوات لعقوبة الإعدام عندما قامت بإعدام ثلاثة سجناء بعد تعذيبهم للاعتراف بجرائم إرهاب.

  1. شرطة البحرين السرية

تم تأسيس وكالة الأمن الوطني بموجب المرسوم السلطاني رقم (14) لسنة 2002 بتفويض “ضبط وكشف جميع الأنشطة التي تقوّض الأمن الوطني للمملكة ومؤسساتها و]نظامها الحاكم[، أو التي تهدد أمن واستقرار الدولة أو مصالحها أو إنجازاتها “. باستبدال الإدارة العامة لأمن الدولة بوزارة الداخلية بصفتها جهاز الاستخبارات ورئيس جهاز مكافحة الإرهاب في البحرين، أصبحت وكالة الأمن الوطني مستقلة بشكل رسمي وتقدم تقاريرها مباشرة إلى رئيس الوزراء. وفي عام 2008، منح المرسوم رقم 117 سلطة إنفاذ القانون المحلية إلى وكالة الأمن الوطني، بما في ذلك سلطات الاعتقال، التفتيش، الاستيلاء، والاستجواب.

وبالتعاون الوثيق مع وزارة الداخلية، أساءت وكالة الأمن الوطني استخدام سلطتها لاستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء من أجل المراقبة، والملاحقة التعسفية، والانتقام خارج نطاق القضاء. خلال الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية عام 2011، عملت وكالة الأمن الوطني على نحو فعال كشرطة سرية، وأصبحت سيئة السمعة بسبب الاخفاء القسري للمنشقين في غارات منزلية مفاجئة. ووجدت لجنة التحقيق المستقلة البحرينية أنه خلال حالة السلامة الوطنية التي استمرت من مارس / آذار إلى يونيو / حزيران 2011، اعتقلت وكالة الأمن الوطني أكثر من 200 شخص وشاركت في تعذيب واسع النطاق. وتعرض شخص واحد على الأقل، كريم فخراوي – مؤسس شريك لصحيفة الوسط المغلقة الآن – للتعذيب حتى الموت في حجز وكالة الأمن الوطني. وبالاشتراك مع قوات الأمن الأخرى، أحالت وكالة الأمن الوطني مئات المحتجزين إلى محاكم السلامة الوطنية، وهي محاكم عسكرية أنشئت لمحاكمة الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم تتعلق بالانتفاضة. وحُكم على النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان مثل البحرين 13 بالسجن المؤبّد.

بعد صدور تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، أصدر الملك المرسومين الملكيين رقم 115 لعام 2011 ورقم 28 لعام 2012 لإلغاء صلاحيات وكالة الأمن الوطني بإنفاذ قانون، وإنشاء مكتب أمين مظالم مخصص لمعالجة ادعاءات إساءة المعاملة. وعلى الرغم من هذه الإصلاحات، احتفظت وكالة الأمن الوطني بسلطة “ضبط […] وكشف […] الأنشطة الضارة المتعلقة بالتجسس والاتصالات والإرهاب، لحماية الأمن الوطني في المملكة ومؤسساتها ومنظماتها” وإحالة القضايا إلى وزارة الداخلية للاعتقال والاستجواب. وفي الفترة ما بين تشرين الثاني / نوفمبر 2011 وكانون الثاني / يناير 2017، تلقت ADHRB تقارير متكررة تفيد بأن أفراد وكالة الأمن الوطني يواصلون المشاركة في استجواب المحتجزين وتعذيبهم.

عملت وكالة الأمن الوطني بموجب هذه القيود الاسمية حتى 5 يناير 2017، عندما أعاد المرسوم الأول السلطة ل “ضباط وأعضاء وكالة الأمن الوطني … بالأمر بالاحتجاز في جرائم الإرهاب”. قرار الملك عكس واحدة من توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق الوحيدة التي نفذتها الحكومة حتى الآن، وأعادت وكالة الأمن الوطني كالجهاز الرئيسي لمكافحة الإرهاب في البحرين.

3-  عودة وكالة الأمن الوطني والإنتهاكات الأخيرة في مجال مكافحة الإرهاب

عقب إعادة تمكينها مباشرة، تورطت وكالة الأمن الوطني في انتهاكاتٍ خطيرة لحقوق الإنسان. ففي 26 كانون الثاني/يناير سنة 2017، هاجم أفراد من قوات الأمن المقنّعين اعتصاماً سلمياً في قرية الدراز، وأطلقوا الرصاص الحي على الحشد مما أدى إلى مقتل مصطفى حمدان البالغ من العمر 18 عاماً. ورغم أنّ الحكومة لم تؤكد هوية المعتدين، إلا أنّ روايات شهود العيان تطابقت مع حملات مداهمة وكالة الأمن الوطني السابقة. بعد إطلاق النار، إعتقل أفراد وكالة الأمن الوطني مسعفاً بسبب معالجته حمدان في الموقع. وقد تمّ تشتيت الاعتصام بشكلٍ كلي في 23 أيار/مايو عندما داهمت القوات الأمنية الدراز ثانيةً، وفي هذه المرة اعتقلت المئات وقتلت خمسة أشخاص بما فيهم أخ حمدان الأكبر.

في 9 شباط/فبراير 2017، أعلنت وزارة الداخلية أنها قد أجرت عمليةً مشتركةً مع وكالة الأمن الوطني التي اعترضت مركباً يحمل على متنه عشرة “هاربين من سجن الجو”. وبحسب وزارة الداخلية، فقد قتلت القوات الأمنية ثلاثة مشتبه بهم في تبادل لإطلاق النار، غير أن هناك تضاربٌ كبير في رواية الحكومة. فبالرغم من امتناع السّلطات عن عرض صور القتلى أو إجراء عمليات تشريح مستقلة، فقد أظهرت الصور المسرّبة أنّ جثةً واحدةً على الأقل تفتقر لجروحٍ ناتجةٍ عن الرصاص، وتظهر علامات تدلّ على التعذيب. كان الدفن مقيّداً، وتُفيد التقارير بأن الحكومة منعت أفراد العائلة من الحضور. بالإضافة، و بعد العملية، ظهر على حساب إنستاغرام يُزعم أنه يعود لضابطٍ من وزارة الداخلية، أنّه قد تمت إساءة معاملة المتوفّى، وهدّد بأنه سيتم الإنتقام من الناشطين بسبب إبلاغهم عن انتهاكات حقوق الإنسان.

بالاضافة إلى إجراء مداهماتٍ عنيفة، قامت وكالة الأمن الوطني بتشديد حملةٍ من الأعمال الانتقامية تجاه الناشطين السلميين في المجتمع المدني. في غضون آخر بضعة أشهر فقط، قامت وكالة الأمن الوطني باعتقال وتعذيب المدافعة عن حقوق المرأة ابتسام الصايغ، والناشط المخفي قسراً، محمد خليل الشخوري، وقامت باستدعاء وتعذيب محمد حسن علي محمد جمعة سلطان بشكلٍ متكرر، وهو ابن عضو معارض سابق في البرلمان. وقال المسؤولون للصايغ بشكلٍ علنيّ أنهم يستهدفونها انتقاماً على عملها في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك عملها في مجلس حقوق الإنسان، كما حاولوا إرغام سلطان على التبليغ عن والده وعن شخصياتٍ سياسيةٍ أخرى. وفي 18 تموز/يوليو وبعد أسبوعين على اعتقالها، إتّهمت السلطات الصايغ بـ”استخدام العمل في مجال حقوق الإنسان كغطاء كي…[تنشر] أخباراً زائفةً عن الوضع في البحرين كي تُقوّض مركزها في الخارج” وذلك وفقاً لقانون مكافحة الإرهاب. وفي وقت كتابة هذه المقالة، تقوم الصايغ بالإضراب عن الطعام احتجاجاً عن سوء المعاملة المستمر، مثل الحجز الإفرادي المُطوّل والتّمييز الديني.

كما ضاعفت الحكومة البحرينية من آثار انتهاكات وكالة الأمن الوطني عبر إلغاء أوجه الحماية الدستورية التي تمنع القضاء العسكريّ من محاكمة المدنيين المُتهمين بجرائم إرهاب. وفي 3 نيسان/أبريل 2017، أقرّ الملك تعديلاً يُوسّع من صلاحية المحاكم العسكرية لمحاكمة المدنيين “المتهمين بتهديد أمن البلاد”. بامتلاكها صلاحية تطبيق قانون مكافحة الإرهاب، تمّ تمكين وكالة الأمن الوطني الآن لإحالة القضايا مباشرةً إلى الجيش، مما يُخضع المدنيين لنظامٍ يفتقر للشفافية، وهو أيضاً أكثر عرضةً لانتهاكات الأصول القانونية أكثر من القضاء العادي، كما يتّضح من مجلس الأمن الوطني في العام 2011.

4- الخاتمة

إنّ عودة وكالة الأمن الوطني للدور المركزي في حفظ الأمن على مستوى مكافحة الإرهاب هو أمرٌ يدعو للقلق الشديد ويُؤكّد على قلة احترام الحكومة لحقوق الإنسان في محاربة التطرّف العنيف. ومنذ أن أعاد الملك تمكين الوكالة، لم تكمل الوكالة نمط الإنتهاكات المُوثقة من قبل اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق في 2011 وحسب، لكنها قامت أيضاً باستغلال قانون مكافحة الإرهاب بشكلٍ كامل بُغية استهداف الناشطين السلميين للإنتقام. بالتالي، نحن نحث المجتمع الدولي لدعوة حكومة البحرين الى أن:

  • توقف العمل بقانون مكافحة الإرهاب للعام 2006 وأن تضمن بأن يؤمن أي تشريع جديد تعريفاً واضحاً ومحدداً للإرهاب يستوفي المعايير الدولية؛
  • تُعلّق سلطة وكالة الأمن الوطني لحفظ الأمن والرّقابة في انتظار تحقيق مستقل في الإدعاءات الماضية والحالية للإنتهاكات؛
  • تُطلق سراح جميع سجناء الرأي الذين يواجهون تهماً بالإرهاب انطلاقاً من عملهم السلمي في مجال حقوق الإنسان مثل ابتسام الصايغ؛
  • تعيد الحمايات الدستورية لمنع المحاكم العسكرية من محاكمة المدنيين؛
  • تعيد العمل بقرار وقف عقوبة الإعدام مع نيّة إلغائه.