قادة سياسيون ومدافعون عن حقوق الإنسان يواجهون تدهور مستمر وعقوبات وقيود على الحصول على الرعاية الطبية

27 أكتوبر 2017 – نحن الموقعون أدناه نستنكر تصرفات البحرين المتمثلة بالإساءة المستمرة بحق قادة سياسي رفيعي المستوى ومدافعين عن حقوق الإنسان. هذه المجموعة، المعروفة ب “الرموز” في البحرين، معزولة في المبنى 7 في سجن جاو المركزي، وتضم: عبد الوهاب حسين، محمد علي إسماعيل، محمد حسن جواد، عبد الهادي الخواجة، الشيخ ميرزا المحروس، عبد الهادي المخضر، الشيخ عبد الجليل المقداد، محمد حبيب المقداد، حسن مشيمع، الشيخ علي سلمان، الشيخ سعيد النوري وعبد الجليل السنجاسي. وكلهم بارزون إما كمدافعين عن حقوق الإنسان أو كقادة للمعارضة السياسية في البحرين. الجدير بالذكر أنّ جميع القادة السياسيين عملوا في مجموعات سياسية مسجلة رسمياً في الدولة، إلى حين حدوث حملة القمع المتصاعدة في 2016-2017. ولم يتهم أي شخص على الإطلاق بأي شيء يتجاوز ما يمكن اعتباره نشاطا منتظما وتنظيم في الديمقراطيات.

وشغل الشيخ علي سلمان، آخر المنضمين إلى المجموعة (الذي تمّ اعتقاله في ديسمبر 2014 ورحّل بعدها إلى سجن جو بعد إدانته في مايو 2015)، منصب الأمين العام لجمعية الوفاق البحرينية إلى حين حلّها من قبل الحكومة عام 2016. أمّا بالنسبة للمعتقلين الآخرين، كعبد الهادي الخواجة، فلم يكن لهم أي موقف سياسي، وهم ليسوا غير مؤيدي لحقوق الإنسان في البحرين.

وفي 16 أكتوبر 2017، تعرّض الرموز المعتقلون إلى حملة تفتيش، مع العلم أنّ أحدا منهم لا يملك أي تاريخ من جرام العنف. ومنذ وصولهم إلى سجن جو المركزي، يقبع المعتقلون في عزلة عن باقي المسجنونين. ولا يسمح لهم بممارسة الرياضة وهم بالكاد يخرجون من زنزانتهم. ولم يتلق معظمهم زيارات من أسرهم منذ شهور، ويراقب حراس السجون كل هذه الزيارات عن كثب. وباختصار، تتحكم إدارة السجن بكل تحركات المعتقلين. ولا يوجد سبب مقنع لأي من هؤلاء قد يشتبه في كونهم مهربين، لا يوجد أي ذريعة امنية ولا سبب مقنع لمثل هذه التصرفات. ولا يتعدّى الأمر كونه محاولة إذلال والتحقير. وبعد يومين فقط، في 18 تشرين الأول / أكتوبر، أُجبر الشيخ ميرزا المحروس على إجراء تفتيش آخر في للسماح له برؤية أسرته.

وفي نفس الوقت الذي حصلت فيه عمليات التفتيش في 16 أكتوبر، عملت إدارة السجن على مصادرة مقتنيات المعتقلين وكتبهم. وتضمنت هذه المقتنيات نصوصا دينية ذات أهمية كبيرة للمساجين، بالإضافة إلى مواد دراسية للدكتور السنجاسي، الذي يتابع دراسة فلسفية في جذور اللهجة البحرينية المعاصرة. وبالرغم من أنّ هذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها إدارة السجن بمصارة الكتب، إلا أنّها المرة الأولى التي تتم فيها مصادرة نصوص دينية. وتمّت أيضاً مصادرة الهاتف المحمول لحسن مشيمع. ومنع جميع المعتقلين من إجراء أي مكالمات هاتفية لمدة يومين. ويأتي هذا عقب حادثة حصلت في الصيف (بين 13 و 19 يونيو-حزيران)، حيث قامت إدارة السجن بقطع جميع السبل إلى إجراء أي اتصالات هاتفية عن المعتقلين.

ويعاني معظم أفراد مجموعة “الرموز” كبار السن من أمراض كالسكري وأمراض القلب، فحسين مشيمع هو من الناجين من سرطان الغدد الليمفاوية ويخضع لأوامر الأطباء بإجراء فحوصات دورية للتأكد من عدم رجوع المرض مرة أخرى. أمّا عبد الوهاب حسين، فهو يعاني من فقر الدم المنجلي واعتلال الأعصاب المتعددة (وهو اضطراب في الجهاز العصبي المحيطي). ويعاني الدكتور السنجاسي، الناجي من شلل الأطفال، من فقر الدم المنجلي ويمشي باستخدام العكازين. ومنذ مارس-آذار 2017، يعاني عبد الهادي الخواجة من فقدان الرؤية في عينه اليمنى، مع احتمال إصابته بسكتة دماغية.

ولم يمنع هذا إدارة سجن جو المركزي من فرض شروط غير منطقية ومهينة على المعتقلين للحصول على الخدمات الصحية. ومنذ ربيع 2017، جعلت سلطات السجن إمكانية حصول المعتقلين على العلاجات الطبية أمراً مشروطاً بعدة مطالب. ولا يسمح لأي من الرموز بزيارة الأطباء إلا عند موافقتهم على لبس زي السجن وتقييد الذراعين والساقين خلال الزيارة، وهذا بالطبع ما يرفضه الرموز- باعتبارهم معتقلي رأي. كما خضعوا لعمليات التفتيش في بعض الأحيان. أما النقل إلى المعاينات الطبية، الذي كان على متن الحافلة أو الشاحنة (وما زال لباقي السجناء)، فهو متاح الآن في الجزء الخلفي من سيارة بدون نوافذ وبدون أي تهوية أو إضاءة. وكان توزيع الدواء متقطع منذ سبتمبر، حيث سعت إدارة جاو لجعل المجموعة تذهب إلى عيادة السجن في أغلال للحصول على وصفاتهم بدلا من تلقي التعبئة في زنازينهم. دفع ذلك السجناء إلى تقسيم الحصص ومشاركة جرعات الدواء بين أولئك الذين لديهم نفس الظروف.

وفي ضوء أوضاع المعتقلين الجسدية وعدم تواجد أي تاريخ عنيف لهم، لا تبدو مطالب إدارة السجن منطقية. وفي هذه القضية، لا يخدم أسلوب تكبيل المعتقلين أي أغراض أمنية منطقية. ومن الواضح أنّ هذه القيود ليست سوى شكلاً من أشكال العقاب المفروضة على المعتقلين الذين ينظر إليهم كمجموعة من المنشقين. وكنتيجة لرفض المعتقلين الخضوع للشروط المفروضة، وصلت إمكانية حصولهم على علاجات طبية إلى طريق مسدود، فلم يحصل السيد الخواجة بعد على تشخيص لحالة فقدان الرؤية التي يعاني منها. والسيد مشيمع لم يخضع لأي فحوص دورية الخاصة بالسرطان منذ سبتمبر 2016. ومنذ دخوله السجن، لم يعط الدكتور السنجاسي بحشوة مطاطية لعكازاته منذ دخوله السجن.

إضافة إلى ذلك، تمّ إغلاق مقصف السجن أمام المعتقلين في مبنى 7. ولا يحصل المعتقلون البحرينيون إلا على بعض المخصصات الرئيسية التي تتضمن لباس السجن (عدد 2)، صينية واحدة للطعام، كوب واحد، فراش نوم ووسادة. ولا يحصلوا على أي شيء آخر- لا لباس داخلي ولا ملابس شتوية. وهذا ما يدفع بالمعتقلين إلى شراء حاجياتهم الشخصية (كالصابون، ورق المرحاض، كريم حلاقة وما يحتاجونه من ملابس إضافية). وتباع الحاجيات في المقصف بأسعار مبالغ فيها، فيصبح تزويد أحد أفراد الأسرة المحتجزين بأموال لضروراته في السجن عبئا اقتصاديا كبيرا على الأسر الفقيرة. ويعد حرمان المعتقلين في مبنى رقم 7 من التوجه إلى مقصف السجن بمثابة حرمانهم من الحصول على حقوقهم في النظافة الأساسية، ممّا يشكّل إهانة كبيرة لكرامتهم، ناهيك عن الأثار السلبية على صحتهم.

وتتعارض جميع هذه الإجراءات مع قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، أو المعروفة ب  “قواعد نيلسون مانديلا” والتي من المفترض أن تكون المعايير المعترف بها عالمياً. واعتمدت هذه القواعد بشكلها الحالي بتوافق الآراء في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2015 (كانت القواعد موجودة في عدة نسخات منذ عام 1955). وجاء في القاعدة الأولى: “يعامل كل السجناء بالاحترام الواجب لكرامتهم وقيمهم المتأصلة كبشر”… ولا يجوز إخضاع أي سجين… للمعاملة المهينة”. وتنص القاعدة الثانية على أنّه لا يجوز أن يكون هناك أي تمييز في المعاملة على أساس “الرأي السياسي أو غير السياسي”، في حين تشير القاعدة 3 إلى أن معاقبة السجناء إلى ما هو أبعد من ذلك الملازم للسجن نفسه هدف غير مشروع.

ويسمح بفرض المزيد من التدابير القسرية فقط لغايات أمنية وللحفاظ على الانظباط داخل السجن، وليس “من أجل مضاعفة معاناة المعتقلين”. وتدخل الأحكام الأكثر دقة والتي تشكل الجزء الأكبر من القواعد، في شرح تفصيلي ضمن المبادئ والممارسات الفضلى المتعلقة بحماية الأشخاص المحرومين من حرِّيتهم. وتتعارض السلوكيات المتبعة في سجون البحرين مع هذه القواعد وهذا ما يتضح في نقاط عدة، من بينها العناية الشخصية (القاعدة 18.1: يجب توفير للسجناء … مع مواد التنظيف الضرورية للصحة والنظافة، أما التقييد الجسدي (“لا تستخدم أدوات التقييد إلا …كاحتياطات الوقائية ضد الهرب” أو “لمنع السجين من إيذاء نفسه … أو غيره”). هذا وناهيك عن أنّ معتقلي “الرموز” هم جميعهم معتقلو رأي وضمير، واحتجازهم هو في حد ذاته غير قانوني. وأثارت مكاتب حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة مخاوفا بشأن هذه الفئة من المعتقلين منذ العام 2011. وقد أصدر فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي رأياً رسمياً يخلص إلى أن “حرمان الشيخ علي السلمان من حريته هو مخالفة” لأحكام متعددة من القانون الدولي وهو “تعسفي”، أي أنه غير قانوني.

ندعو السلطات البحرينية إلى الاحترام الكامل للقواعد النموذجية الدنيا، التي وافقت عليها ضمنا عندما اعتمدت القواعد دون اعتراض من جانب الجمعية العامة، والتي تمثل رأي المجتمع الدولي بتوافق الآراء بشأن خط الأساس للمعاملة الإنسانية للسجناء. ويعكس تشديد القواعد الأساسي على التدابير المهينة بشكل لا مبرر له قاعدة أساسية بموجب قانون المعاهدات الملزم الذي تكون البحرين طرفا فيه (مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمادتين 7 و 10-1، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أو العقوبة، المادة 16-1). ولا يمكن تبرير الإجراءات التي تتخذها إدارة سجن جو بحق المعتقلين على أسس أمنية، والقصد منها العقاب والإذلال. ونظراً إلى مكانة المعتقلين في مبنى 7 في سجن جو، يمكن القول إنّ التدابير المتخذة تحظى بموافقة كبار المسؤولين في الحكومة لا بل وتمثل سياسة الحكومة في البحرين. ويتناقض الوضع السائد في سجن جو مع التزامات البحرين القانونية الدولية. ونحث السلطات البحرينية على جعل أفعالها ممتثلة مع هذه الالتزامات، وندعو المجتمع الدولي إلى ممارسة الضغط الدبلوماسي إلى حين استجابة البحرين لهذه المطالب. وأخيرا، نعود ونكرر دعوتنا للحكومة البحرينية بأن تفرج عن جميع سجناء الرأي، بمن فيهم المعتقلين في مبنى 7 في سجن جو، وأن تتخذ تدابير لبناء الثقة من أجل العودة للحوار الوطني والمصالحة.

الموقعون،

منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان (ADHRB)

معهد البحرين للحقوق والديمقراطية  (BIRD)

المركز الأوروبي للديمقراطية وحقوق الإنسان  (ECDHR)