فعالية عن القضاء البحريني في HRC37 بمشاركة مركز الخليج وADHRB و CIVICUS برعاية عدد كبير من المنظمات والفعاليات الحقوقية

في يوم الثلاثاء 13 فبراير، شاركت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) في فعالية جانبية مشتركة نظمها مركز الخليج لحقوق الإنسان (GCHR) والتحالف العالمي من أجل مشاركة المواطنين (CIVICUS).  يرعى هذه الفعالية مركز البحرين لحقوق الإنسان، هيومن رايتس ووتش، الخدمة الدولية لحقوق الإنسان، لجنة حماية الصحفيين، الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان (FIDH)، المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب (OMCT)، نادي القلم الدولي (PEN International)، ومنظمة مراسلون بلا حدود. أدار الجلسة المدير التنفيذي لـ ADHRB حسين عبد الله، وشارك فيها خالد إبراهيم المدير التنفيذي للمركز الخليجي لحقوق الإنسان، وحنان صلاح، باحثة البحرين في هيومن رايتس ووتش، وجوستين شيلاد، باحث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المشارك مع لجنة حماية الصحفيين، وأنطوان مادلين، مدير المناصرة الدولية في الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، وشارك ميشيل فورست المقرر الخاص المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان برسالة قصيرة بالفيديو، بالإضافة إلى تصريحات الناشط البحريني عبر الأديان الشيخ ميثم السلمان.

افتتح حسين عبد الله، المدير التنفيذي لـ ADHRB النقاش بإثراء محتوى السياق، مشيرًا إلى استخدام حكومة البحرين لنظامها القضائي ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء. وقد فرض هذا النظام القضائي عقوبات قاسية على النشطاء بما في ذلك أحكام الإعدام ضد 14 شخصًا في عام 2017 فقط، مما يشير إلى زيادة كبيرة في عقوبات الإعدام. علاوة على أحكام الإعدام، في يناير / كانون الثاني 2017 أنهت الحكومة الوقف الفعلي لعقوبة الإعدام، حيث أعدمت ثلاثة من ضحايا التعذيب. بالإضافة إلى ذلك، أكثر نظام المحاكم البحريني من عمليات سحب الجنسية والمواطنة من النشطاء. أيضًا في عام 2017، بدأت الحكومة البحرينية أول محاكماتها ضد المدنيين في المحاكم العسكرية منذ عام 2011 عندما أنشأت الحكومة محاكم السلامة الوطنية، والتي كانت تستخدم لمحاكمة المتظاهرين السلميين. وأدانت محاكم السلامة الوطنية ما يقرب الـ 300 شخص خلال قمع الاحتجاجات السلمية الجماعية. لكن الملك ألغى سلطة محاكم السلامة الوطنية استجابةً للضغوط والتوصيات الدولية الصادرة عن اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق (BICI). وفي تقريرها الشامل خلصت اللجنة إلى أن أنظمة المحاكم البحرينية تنتهك بشكل منهجي مبادئ المحاكمة العادلة المعترف بها دوليا – حيث لا تسمح للمدعى عليهم بالاتصال بالمستشار القانوني، وتشريع اعترافات منتزعة تحت التعذيب. رغم سوء محاكم السلامة الوطنية في عام 2011، إعادة صلاحيتها حاليًا أسوأ: فالقانون الذي يعيد تمكين هذه المحاكم يمنحها السلطة لمحاكمة المدنيين، وعلى خلاف ما حدث في عام 2011، إن محاكم السلامة الوطنية الآن ليست تحت قيود زمنية مما جعل البعض يقول أن البحرين فعليًا في حالة الطوارئ. وحالة الطوارئ هذه تم دعمها من خلال إطار عمل مكافحة الإرهاب الواسع والذي يجرّم جميع المعارضين.

وأرسل ميشيل فورست رسالة فيديو قصيرة إلى الفريق حول المدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين. وأشاد بعمل المنظمات التي تركز على البحرين في مجلس حقوق الإنسان والتي رفعت مشكلة سوء حالة المدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين إلى الدول. أشار فورست أننا نشهد في الوقت الحالي الذكرى العشرين لقرار تاريخي بشأن المدافعين عن حقوق الإنسان. وقال أن الدول ملزمة بدعم هذا القرار وتحسينه. فعلًا، قد حان الوقت كي تتابع الدول التزاماتها بتنفيذ هذا القرار. وعلى وجه الخصوص، أشار إلى أن لجنته كانت نشطة في قضية المدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين. واختتم ملاحظاته بدعوة السلطات البحرينية إلى الإفراج فوراً عن جميع المعتقلين من المدافعين عن حقوق الإنسان الموجودين حالياً في البحرين.

وبدأ خالد إبراهيم مدير مركز الخليج لحقوق الإنسان ملاحظاته بالإشارة إلى أن الحكومة في البحرين تستخدم نظامها القضائي بشكل ممنهج لاستهداف النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان. وفي ظل نظام قضائي قريب من الحكومة، يقوم القضاة بسجن المعارضين والناشطين لفترات طويلة بتهم زائفة منها اتهامات مكافحة الإرهاب المزعجة وأيضًا الحكم على المعارضين بالإعدام بسبب مشاركتهم في احتجاجات سلمية أو المطالبة بإصلاحات في البلاد.

ومن أهم الطرق التي تستخدم فيها الحكومة نظام المحاكم لتعزيز آلياتها القمعية منح المسؤولين الأمنيين القائمين على عمليات القتل خارج نطاق القضاء والتعذيب الحصانة للإفلات من العقاب. ومن خلال منح المسؤولين الأمنيين الحصانة فإن النظام الجنائي البحريني يخفق باستمرار في حماية وتحقيق العدالة للناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان عبر جهاز أمني متسلط. وبهذه الطريقة يدعم نظام المحاكم الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان. قد يكون هذا الموقف غير مفاجئ نظراً إلى رئاسة الملك لمجلس القضاء الأعلى، وبالتالي إشرافه على السلطة القضائية في البحرين.

وأشار إبراهيم إلى حالات عديدة تخص المدافعين عن حقوق الإنسان ممن حُكم عليهم بالسجن بسبب نشاطهم بعد محاكمات جائرة. وتحدث عن عبدالهادي الخواجة الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة بسبب أنشطته السلمية بعد أن اختفى وتعرض للاعتداء الجنسي والتعذيب. كما تحدث عن قضية نبيل رجب، مؤسس مركز الخليج لحقوق الإنسان ومركز البحرين لحقوق الإنسان الذي حكم بالسجن لتحدثه لوسائل الإعلام عن حقوق الإنسان والقضايا المتعلقة بالتعذيب.

لكن المدافعات عن حقوق الإنسان لسن معفيات عن التعذيب وسوء المعاملة في السجن. إن حقيقة أن سياسة التعذيب والإفلات من العقاب والمحاكمات الجائرة تجري بشكل واسع تدل على فشل السلطات في حماية جميع المواطنين وتنظيم القمع القضائي. واختتم إبراهيم بدعوته البحرين للإفراج عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان والمواطنين الذين يقبعون في السجن لمجرد ممارستهم لحقوقهم في حرية التجمع والتعبير والرأي والفكر، وضمان إجراء تحقيقات شاملة ونزيهة، ومواصلة التحقيق في عمليات القتل غير القانوني والملاحقة القضائية للمسؤولين. وأخيرًا، أن البحرين يجب عليها الوفاء بالتزاماتها الدولية.

ركّزت حنان صلاح، باحثة عن ليبيا والبحرين في هيومن رايتس ووتش، ملاحظاتها على المشاكل النظامية التي تواجه القضاء البحريني. إحدى المشاكل هي أن الحكومة تقوم بقمع المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء والصحفيين دون أي اهتمام للانتقاد الدولي. ما يسهم في تفاقم هذه المشكلة هو أنه لا توجد أية ردود دولية لجهود البحرين ضد الحريات منذ قبول اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق. يجب أن نسأل أنفسنا إن كان لدى الحكومة تفويض مطلق للقمع رغم التوصيات الجيدة الصادرة عن لجنة تقصي الحقائق. وتحديدًا، هل نحن في مرحلة يمكننا القول فيها أنه لا يوجد ثمن لمواصلة البحرين قمعها؟

لقد أصبح قمع المعارضة واسع الانتشار وشائعًا إلى حد كبير لأن العائلة الحاكمة في البحرين اتخذت موقف “معنا أو ضدنا”. عندما يُقصد بالمحاكم أن تكون حَكَماً محايداً وأن تمنح العدالة بصورة محايدة، فإنها أصبحت بالأحرى أداة سياسية على يد الحكومة التي استخدمت المحاكم للإفلات من العقاب في النظام القضائي. أصبحت المحاكم كأداة سياسية مكانًا للانتهاكات المنهجية ومخالفة المحاكمات العادلة. في الواقع، لاحظت هيومن رايتس ووتش وجود انتهاكات متزايدة لمعايير المحاكمة العادلة منذ مارس 2012، بما في ذلك الحبس الانفرادي، وادعاءات منهجية خطيرة بالتعذيب بما في ذلك الاعتداء الجنسي ضد الرجال والنساء. وقد خلصت هيومان رايتس ووتش إلى أن هذه الإساءات لا تعكس ممارسات الأفراد، وإنما هي مسألة منهجية لقمع الدولة.

كان عام 2017 عامًا خطيرًا: فقد شهد إعادة سلطة جهاز الأمن الوطني البحريني إلى القوى الأمنية ، فضلاً عن التشريع الذي يخول محاكمة المدنيين في المحاكم العسكرية. علاوة على ذلك، فإن هيئات مراقبة حقوق الإنسان التي تهدف إلى تقييد الانتهاكات ظهرت صورية وغير قادرة على اتخاذ إجراءات جادة مما ساعد على ضمان الإفلات من العقاب. وبالإضافة إلى ذلك، كان هناك تشديد في الأعمال الانتقامية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان وأقاربهم من أجل إسكاتهم بما في ذلك حظر السفر والترهيب والمضايقة.

لم يتمكن ميثم السلمان من المشاركة لأسباب صحية. وقرأ مانون كاراتاس من FIDH بياناً أعده الشيخ ميثم. وسلط الشيخ ميثم في بيانه الضوء على استخدام البحرين للقضاء لاستهداف النشطاء المدافعين عن حقوق الإنسان، قائلاً إن البحرين لا تحترم التزاماتها الدولية فيما يتعلق بالمحاكمات العادلة. وقد سجنت هذه المحاكم المئات من المعارضين، الأمر الذي يبرز المدى التي ستذهب إليه الحكومة لإسكات الانتقاد. تتعارض هذه الأحكام مع توصيات اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق بأن يخضع جميع الأشخاص المعتقلين بسبب ممارستهم لحرياتهم الأساسية لمراجعة أحكامهم وإلغائها. إن تمكين المحاكم العسكرية من محاكمة المدنيين وإداناتهم الأخيرة في المحاكم ضد المدنيين يوجه هجمات مباشرة على توصيات لجنة تقصي الحقائق، وإن  فرض أحكام الإعدام في هذه المحاكم ينتهك بوضوح الالتزامات والمبادئ الدولية لحقوق الإنسان.

استخدم أنطوان مادلين مدير الدعوة الدولية في الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان ملاحظاته للإشارة إلى كيف أن استهداف نبيل رجب من أجل تعبيره الحر يبرهن الشكل القمعي المتطور للبحرين. فقد ناقش الاحتجاجات التي جرت في عام 2011 والتي ساعدت على تحفيز الضغط الدولي وإنشاء لجنة تقصي الحقائق وتوصياتها. وحاولت السلطات البحرينية في البداية إظهار أنها تحترم هذه التوصيات، لكن مع انخفاض الضغط الدولي بدأت السلطات في مهاجمة أعضاء المجتمع المدني.

على سبيل المثال، خضع نبيل لعشرات الجلسات خلال محاكماته لجرائم تتعلق بحرية التعبير فيما يتعلق بانتقاد الحرب في اليمن والتعذيب في سجن جو. وقد عقدت أول محاكمة له لإجراء مقابلات تلفزيونية 15 جلسة استماع، في حين أن محاكمته لتغريدات تويتر احتوت على 20 جلسة مختلفة، وكانت السلطات تعلن أحيانًا عن جلسات الاستماع قبل بضعة أيام فقط من عقدها. وهو ليس الناشط الوحيد الذي يواجه جرائم متعلقة بالتعبير عن الرأي. على سبيل المثال، حكم على عبد الهادي الخواجة بالسجن مدى الحياة بسبب دوره في الاحتجاجات، حيث تم منع نضال السلمان من السفر، وتم التعدي على ابتسام الصائغ بسبب عملها في مجال حقوق الإنسان، وحكم ناجي فتيل رئيس البحرين أعطيت جمعية الشباب لحقوق الإنسان بالسجن لمدة 15 سنة.

قدم جستن شيلاد، باحث في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالتعاون مع لجنة حماية الصحفيين، قدّم لمحة عامة عن الطريقة التي استهدف بها القضاء البحريني الصحفيين. على سبيل المثال، أشار إلى أن الصحافي بجريدة الوسط ، محمود الجزيري ، قد ثبُتت عقوبته البالغة 15 سنة وجرد من جنسيته. وأُجبرت الوسط نفسها على الخروج من مكاتبها بعد أن أمرتها الحكومة بالكف عن النشر. ومع ذلك،  لم يقل المجتمع الدولي شيئًا.

لكن هذه الهجمات على الصحفيين كانت موجودة منذ عام 2011 عندما قُتل اثنان من صحافيي الوسط بما في ذلك كريم فخراوي في حجز قوات الأمن. كما قامت قوات الأمن بإطلاق النار وقتل الصحفي أحمد حسن أثناء قيامه بتغطية احتجاج سلمي. ورغم نجاح القضاء في معاقبة المعارضين، فقد رفض مقاضاة من لديهم حصانة. وتستخدم الحكومة على نحو متزايد لغة مكافحة الإرهاب ضد الصحفيين. على سبيل المثال، حُكم على أحمد حميدان بالسجن لمدة 10 سنوات أثناء قيامه بتغطية هجوم على مركز للشرطة لأنه “شارك في الهجوم”. كما حُرم من الزيارات العائلية، ورغم إصابته بالتهاب شديد في العين وحاجته إلى العلاج اللازم لإنقاذ بصره لا تسمح له السلطات بتلقي المساعدة. أدت الجهات الخارجية في بعض الأحيان إلى تفاقم أزمة الحقوق، حيث قام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بزيارة البحرين وذكر أنه لن يكون هناك مزيد من الضغط في العلاقات الثنائية. وقد استجابت البحرين بحملة منهجية ضد الصحفيين، ولا سيما خلال مراجعتها للاستعراض الدوري الشامل عندما لم تسمح لأي صحفي بالسفر. كما استخدمت الحكومة في الآونة الأخيرة الصراع ضد قطر كسبب لاتخاذ إجراءات صارمة ضد الصحفيين.