اليمن:  ثلاث سنوات على الحرب !!

مرَّت ثلاث سنوات على انتقال السلطة من عبد الله صالح إلى عبد ربه منصورهادي، والحرب الأهلية في اليمن لا تظهر تراجعاً، وما زال الصراع متواصل بين قوات الحوثيين المدعومة من ايران وحكومة هادي المدعومة من السعودية.

تجاوزعدد القتلى في اليمن، مع عدم وجود نهاية تبشّر بانتهاء الحرب، الى 10آلاف شخص، أكثر من نُصف الضّحايا هُم  من المدنيّين. انَّ المملكة العربية السعودية وحلفاءها في الحرب،  مسؤولون عن أكثر من 5000 حالة وفاة في اليمن، وذلك من خلال حملة الضربات الجوية التي قاموا بها، كذلك بسبب آثار حصارها البحري المعطل. في عام 2015، عندما تدخلت السعودية لأول مرة في اليمن، فرضت حصارًا بحريًا عليها، علماً ان الأخيرة تعتمد بشكلٍ كبيرعلى الاستيراد الذي يمثل 90٪ من بضائعها. الأمرالذي ادَّى الى توقف استيراد الأغذية والمياه والوقود ، تاركًا البلاد على حافة المجاعة من صنع الإنسان. ومع النقص الحاد في الغذاء في المنطقة، يُقدر أن الأسعار قد تضخمت إلى 150 في المئة. تعتبر الكارثة الانسانية التي تواجهها اليمن هي الأكبر في العالم نتيجة لذلك، حيث يحتاج ثلثا سكّانها البالغ عددهم أكثر من 20 مليون نسمة إلى مساعدات إنسانية.

تتفاقم الأزمة الإنسانية بسبب الافتقار إلى المرافق والبنية التحتية الصحية. ووفقاً للأمم المتحدة، فإن نصف مستشفيات اليمن او أقل بقليل مغلقة أو بالكاد تعمل؛ تاركةً ما لا يقل عن 16 مليون شخص دون مياه نظيفة أو صرف صحي. ونتيجة لذلك، لا يواجه اليمنيون المجاعة فحسب، بل يواجهون أيضاً تفشّي الكوليرا والدفتيريا. منذ تفشي وباء الكوليرا في أبريل 2017، أصيب أكثر من مليون يمني اثر اصابته بالمرض وتوفي أكثر من 2000 شخص كما ستستمر الكوليرا في الانتشار من غير وجود مياه نظيفة. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، شهدت اليمن أيضًا تفشي الدفتريا في أكتوبر 2017 ، مما أثّر على أكثر من 1300 شخص، 80٪ منهم أطفال. وفي محاولة لمكافحة هذا الوباء أنجزت منظمة الصحة العالمية، في مارس 2018،  حملة تطعيم ضد مرض  الخناق التي استهدفت 2.7 مليون طفل بهدف إبطاء انتشار الدفتريا. ومع ذلك، كان هناك مخاوف متزايدة من انتشار بكتيريا المسَمّات ب” المكوّرة عنقودية ذهبيّة”- والأمراض المقاومة للمضادات الحيوية التي تعشّش في البلدان الفاقدة  للبنية التحتية الطبية الكافية.

تشكّل النساء والأطفال المتأثرين بالحرب الأهلية وهم من بين أشد المتاثّرين من اليمنيين النازحين، نسبة 76 بالمائة. في عام 2017 ، كانت نسبة  2.6 مليون امرأة وفتاة عرضة لخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي و 52000 امرأة معرضات لخطر العنف الجنسي ، مما أدى إلى زيادة بنسبة 36 في المائة في عدد النساء اللواتي يحتجن إلى خدمات متعلّقة بالعنف القائم على النوع الاجتماعي. يموت حوالي خمسة أطفال كل يوم، في حين يصل عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الى ارقام خياليّة. إضافة إلى ذلك، ارتفع عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس إلى أكثر من 2 مليون طفل حيث لم تعد هناك أكثر من 2500 مدرسة عاملة. فضلاّ عن انه تم تجنيد أكثر من 2000 قاصر للقتال. وتزوج ما يقارب الخمسين بالمائة من النساء تحت سن 16 سنة منذ شهر مارس 2015.

لكن ربما يكون الجانب الأكثر وضوحا في أعمال التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن هو حملتها الجوية. قام مشروع البيانات اليمنية بتصنيف 16,749 غارة جوية قام بها التحالف الذي تقوده السعودية من مارس 2015 إلى مارس 2018. 31٪ منها استهدفت مواقع غيرعسكرية. خلال هذه السنوات الثلاث، بلغ متوسط غارات التحالف 453 غارة جوية في الشهر و 15 غارة في اليوم. تم تسجيل 423 غارة جوية في مارس 2018. في حين أن مشروع اليمن للبيانات يمكن أن يحدد 203 غارات جوية فقط ، فقد تمكن من تحديد ما لا يقل عن 54 في المئة من تلك المواقع غير العسكرية.

الائتلاف الذي تقوده السعودية ليست الجهة الوحيدة  في الحرب. رداً على بعض الغارات الجوية للتحالف، هاجمت قوات الحوثية المدن اليمنية والسعودية المأهولة بالصواريخ. وفقاً لـ هيومن رايتس ووتش، فإن هذه الهجمات انتهكت قوانين الحرب .

 صوّت مجلس الشيوخ الأمريكي على مشروع قانون الحزبين ، في نفس اليوم كان من المقرر أن يلتقي الرئيس الأمريكي ترامب مع الأمير السعودي محمد بن سلمان في 20 مارس 2018، برعاية بيرني ساندرز، مايك لي، وكريس ميرفي لسحب الدعم الأمريكي للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن. على الرغم من ادعاءات الجدّية العديدة بارتكاب جرائم حرب من قِبَل التحالف وموقف المملكة العربية السعودية من مسودة القائمة السوداء للأمم المتحدة بشأن قتل الأطفال أثناء الحرب، قُتل مشروع قانون الحزبين الجمهوري والديمقراطي 55-44. على الرغم من أن هذا يدل على ارتفاع مستوى القلق بشأن سلوك المملكة العربية السعودية خلال الحرب، فإن الرئيس ترامب يبحث مع السعودية بيعها المزيد من الأسلحة الأمريكية الصنع. منذ قدوم ولي العهد إلى المدينة، أبلغت وزارة الخارجية الكونغرس بأربعة صفقات أسلحة مميزة إلى السعودية تتجاوز 2.3 مليار دولار. وشملت الصفقات 6600 صاروخ من طراز 2B، و 96 صاروخ من طراز TOW 2B إلى الشراء، واستمرار خدمات دعم الصيانة على أسطول طائرات الهليكوبتر في المملكة العربية السعودية. ولعل الأكثر إثارة للقلق هو صفقة 5 أبريل التي وافقت عليها وزارة الخارجية التي تقوم على بيع 1.36 مليار دولار من مدافع الهاوتزر إلى المملكة العربية السعودية.

زار ولي العهد الأمير محمد بن سلمان المملكة المتحدة قبل زيارته الولايات المتحدة، ، حيث تلقى 100 مليون جنيه استرليني كمساعدات، والتي وصفت بأنها “عار وطني”. كانت المملكة المتحدة موردًا مهمًا للأسلحة للمملكة العربية السعودية. في مايو 2016 ، وجدت منظمة العفو الدولية أن القنابل العنقودية المصنوعة في المملكة المتحدة استخدمت في اليمن، على الرغم من إنكار المملكة المتحدة ذلك. هذه النتيجة لم تفعل شيئا لوقف مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية، ولكن، في الواقع ومع بداية العام 2017 ارتفعت مبيعات الأسلحة إلى السعودية إلى 1.5 مليار دولار.

جّدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعمه للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، خلال زيارة ولي العهد لفرنسا. على الرغم من أن 75% من المواطنين الفرنسيين يريدون وقف “ماكرون” مبيعات الأسلحة للسعودية، فإن فرنسا تزيد مبيعاتها من الأسلحة إلى المملكة ؛ وهي حاليا رابع أكبر مصدر للأسلحة في العالم.

ليس هناك نهاية، في الحين القريب، للحرب في اليمن لسوء الحظ. ومع استمرارالصراع، سيبقى المدنيون يعانون من سوء التغذية والمجاعة والكوليرا والخناق بشكل كبير بسبب الغارات الجوية والحصار الذي تفرضه قوات التحالف. يجب على مؤيدي المملكة العربية السعودية الغربيين، ولا سيما الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، أن يأخذوا الوضع في اليمن على محمل الجد وأن يعملو على وقف بيع الأسلحة للسعودية على الفور. ستقوف السعودية هجماتها على المدنيين فقط من خلال الضغط الدولي المستم، كما يجب على الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وغيرهم من الجهات الدولية أن تطلب من السعودية إنهاء حملتها الجوية وحصارها على اليمن بشكل دائم والضغط على المملكة للتوصل بسرعة إلى حل سياسي للنزاع.