بيان ADHRB لمجلس حقوق الانسان HRC38 حول انتهاكات السعودية وحلفائها للقانون الإنساني الدولي في اليمن  

 

قدَّمَت منظمة اميريكيون من اجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) قبيل انعقاد الدورة الثامنة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (HRC)  في 11 يونيو 2018،  بيانًا خطيًا  يثير القلق حول انتهاكات القانون الإنساني الدولي من قِبَل المملكة العربية السعودية وحلفائها في اليمن.

تُرَحب المنظمة بهذه الفرصة في الدورة الثامنة والثلاثين لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من اجل إثارة القلق الجدّي حيال الانتهاكات لقانون الدولي الإنساني التي تقوم بها المملكة العربية السعودية وحلفائها في الصراع في اليمن. منذ دخول الحرب، شنَّت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها آلاف من الضربات الجوية على اليمن، التي استهدف العديد من المناطق المأهولة بالمدنيين، كما فرضت أيضا حصارًا بحريا وجوّيا عليها. استهدفت الغارات الجوّية وعمليات الحصار المدنيين الغير منخرطين في القتال العشوائي، ما ينتهك مبادئ القانون الدولي الإنساني مباشرةً.

مبرر لتدخل السعودية

دخلت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها الحرب في اليمن في مارس 2015 في اجل دعم الحكومة الشرعية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي مشيرين إلى ان قراري مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (UNSC) 2140 و 2216 اللذان يُعتَبَران السبب في تدخلهم. يُعَبّر قرار 2140 عن دعم لحكومة هادي ودعوة لجميع الأطراف لنبذ العنف والعمل بشكل بنَّاء للمساعدة في عملية انتقال سياسي سلمي [1]. يطالب مجلس الأمن بقرار 2216 أن تنسحب القوات الحوثيَّة من “جميع المناطق التي تم الاستيلاء عليها خلال النزاع الأخير، والتخلي عن الأسلحة التي تم الاستيلاء عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية، وأن تكف عن جميع الأعمال التي تقع حصراً ضمن سلطة الحكومة الشرعية في اليمن، وأن تنفذ قرارات المجلس السابقة بالكامل” [2]. القرار رقم 2216 يستند جزئياً على طلب رسمي مُقَدَّم إلى مجلس الأمن في 24 مارس 2015 من قبل الممثل الدائم لليمن لدى الأمم المتحدة، حيث يقوم هادي بإبلاغ رئيس مجلس الأمن بأنه “طلب من مجلس التعاون للدول العربية على كل من الخليج وجامعة الدول العربية توفير الدعم الفوري بكل الوسائل والتدابير الضرورية، بما في ذلك التدخل العسكري من اجل حماية اليمن وشعبها من العدوان المستمر من قبل الحوثيين.”

وبينما تشير المملكة العربية السعودية وحلفاؤها إلى قراري مجلس الأمن 2140 و 2216 كأساس لتدخلهم المسلح، فإن كلا القرارين لا يخولان التحالف الدخول في هجمات عشوائية على المناطق المدنية، أو إنشاء حصار خانق على اليمن الذي يؤثر بشكل غير متناسب على الغير منخرطين في القتال.

الغارات الجوية

قامت المملكة العربيَّة السعوديَّة، منذ دخولها وحلفائها اليمن، بأكثر من 16000 غارة جوية وفقا لمشروع بيانات اليمن [3]. على الرغم من ان العديد من تلك الغارات كانت ذات اهداف عسكريَّة – القصف على معسكرات تدريب الحوثيين، مواقع المقاتلين الموالين للحوثيين، قوافل عسكريَّة ومخابئ الأسلحة – اصاب عدد كبير منها مواقع مدنيّة. ومن بين الأهداف المدنية التي ضربتها الغارات الجوية، مخيمات اللاجئين [4] والمدارس بما في ذلك مدرسة للمكفوفين [5] والأسواق وحفلات الزفاف [6] وقاعة الجنازة [7]. كما هاجمت قوات التحالف المستشفيات في جميع أنحاء شمال اليمن، بما في ذلك المستشفيات المدعومة من منظمة أطباء بلا حدود (MSF). نتيجة للهجمات، وبعد تفجير مستشفى عبس في محافظة حجة اليمنية في 15 أغسطس 2016، قامت منظمة أطباء بلا حدود بسحب موظفيها من مستشفيات حيدان ورازة والقموري وياسمين في محافظة صعدة ومستشفيي عبس والقموري في محافظة حجة. وبحسب منظمة أطباء بلا حدود، فإن الغارة الجوية التي شُنَّت في 15 آب / أغسطس على مستشفى عبس كانت “الهجوم الرابع والأكثر فتكاً على المرافق الطبية المدعومة من منظمة أطباء بلا حدود أثناء الحرب”. [8]

تضمَّنت آلاف الغارات الجوية التي أطلقت من قِبَل التحالف بقيادة السعوديَّة، 19 غارة جوية، موثَّقة ومحدَّدة من قِبَل منظمات حقوق الإنسان الدولية ومنظمة العفو الدولية و هيومن رايتس ووتش استخدم فيها المقاتلات الحربية ذخائر عنقودية من طراز BL755 بريطانية وبرازيليَّة الصّنع المحظور استخدامها دوليًا [9] . ووجدت منظمة العفو الدولية أدلة على استخدام الذخائر العنقودية في الأراضي الزراعية بالقرب من الحدود السعودية المكان الذي عَثَرَ فيه شقيقان على ذخائر غير منفجرة في أبريل  2016 واعادوهم إلى قريتهما حيث انفجرت واحدة لاحقاً [10] . وثقت هيومن رايتس ووتش غارة جوية في ديسمبر  2016 أسقطت فيها طائرات التحالف قنابل عنقودية بالقرب من “مدرستين محليتين في شمال اليمن، مما أسفر عن مقتل مدنيين وإصابة ستة، بما في ذلك طفل”، فضلاً عن أدلة على هجوم شباط 2017 على مزرعة. [11]

الحصار

إضافة إلى الغارات الجوية العديدة، فَرَضَ التَّحالف حصار بحري وجوّي مُعَطّل على اليمن. اثَّر الحصار على حياة الملايين من اليمنيين، حيث ان اليمن تستورد 90٪ من بضائعها. فرض الحصار البحري قيوداً صارمة على استيراد الغذاء والماء والوقود، في حين أن الحصار الجوي على مطار صنعاء قد قيَّد بشدّة استيراد الإمدادات الطبّية والمساعدات الانسانيّة. ونتيجة لذلك، أصبحت اليمن واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية التي صنعها الإنسان في العالم حيث حذَّر مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من أن 22.2 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات بينما يوجد 2 مليون شخص نازحين داخليًا [12]، مع نزوح أكثر من 100,000 شخص خلال الأشهر الستة الماضية فحسب. [13]

تفاقمت الأزمة الإنسانية بسبب الافتقار للمرافق والبنية التحتيَّة الصحيَّة الكافية. ووفقًا لما ذكره مسؤولو منظمة الصحَّة العالميَّة وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، فإن “أقل من نصف المرافق الصحية في اليمن تعمل بكامل طاقتها” [14]. ونتيجة لذلك، لا يواجه اليمنيون نقصًا في الغذاء فحسب بل انهم يواجهون ايضاً تفشّي الأمراض كالكوليرا والدفتيريا والملاريا. أصيب أكثر من مليون يمني منذ أبريل / نيسان 2017 بالكوليرا وتوفي أكثر من 2000 [15]، في حين تقول منظمة الصحة العالمية أنه منذ أكتوبر 2017، أثر تفشّي الدفتريا على أكثر من 1300 شخص، 80 في المائة منهم من الأطفال. [16]

انتهاكات القانون الإنساني الدولي (IHL)

يسعى القانون الدولي الإنساني إلى “الحد من آثار النزاع المسلح” وحماية الأشخاص “الذين ليسوا أو لم يعودوا مشاركين في الأعمال العدائية” [17] . وبالتالي، يسعى القانون لحماية المدنيين من آثار النزاع ويدعو جميع أطراف النزاع لحماية غير المقاتلين، بما في ذلك العاملين في المجال الطبي واللوازم والمستشفيات وسيارات الإسعاف. ولعل الأهم من ذلك هو أن القانون الإنساني الدولي:

“يحظر جميع وسائل وأساليب الحرب التي:

  • لا تُمَيّز بين المشاركين في القتال وأولئك، مثل المدنيين، الذين ليسوا كذلك، والغرض من ذلك هو حماية السكان المدنيين والأفراد المدنيين والممتلكات المدنية ؛ [و]
  • تسبب إصابات زائدة أو معاناة غير ضرورية.”

المملكة العربية السعودية وسلوك حلفائها في نزاع اليمن لا يميز بشكل فعال بين المقاتلين والمدنيين. ضربت الغارات الجوية مناطق مدنية بشكل متكرر، مما أسفر عن مقتل المئات من غير المقاتلين، فضلاً عن ضرب المستشفيات والمرافق الطبية. في الواقع، رأت منظمة أطباء بلا حدود الخطر على طاقمها الطبي من الضربات الجوية للتحالف أن تكون كبيرة للغاية حيث سحبت موظفيها من ستة مستشفيات شمالية في خطوة لم يسبق لها مثيل. كما أن حصار التحالف لا يميز بين المقاتلين وغير المقاتلين. إن القيود المفروضة على استيراد الغذاء والدواء والوقود والماء هي شكل من أشكال العقاب الجماعي الذي يؤثر على ملايين من المدنيين في محاولة لإعاقة القدرات القتالية للمتمردين الحوثيين.

الاستنتاج و التوصيات

أدت الأعمال السعودية وحلفاء التحالف في اليمن إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم من صنع الإنسان. أدَّت آلاف من الغارات الجوية التي كان لها أهداف مدنية والحصار البحري والجوي إلى وصول البلاد إلى حافة المجاعة، حيث يحتاج ملايين من المدنيين للمساعدات والأدوية والطعام. إن أساليب التحالف العشوائية تقف في انتهاك واضح لقواعد القانون الإنساني الدولي.

على المملكة العربيَّة وحلفائها ان:

  • تخفيف الحصار للسماح بتدفق المساعدات بحرية إلى جميع مناطق البلد؛
  • اعادة فتح مطار صنعاء؛
  • التعاون بشكل كامل وشفاف مع فريق الخبراء البارزين الذي عينته الأمم المتحدة؛
  • وقف جميع الغارات الجوية حتى تتمكن لجنة دولية مستقلة وحيادية من التحقيق في جميع مزاعم الهجمات على المدنيين؛
  • يجب وقف جميع المعارك فوراً للعمل على التوصل إلى تسوية سياسية لإنهاء النزاع.

[1] United Nations Press, “Security Council Adopts Resolution 2140 (2014), Welcoming Yemen’s Peaceful Transition towards New Constitution, General Elections,” United Nations Security Council, SC/11296, 26 February 2014, https://www.un.org/press/en/2014/sc11296.doc.htm.

[2] United Nations Press, “Security Council Demands End to Yemen Violence, Adopting Resolution 2216 (2015), with Russian Federation Abstaining,” United Nations Security Council, SC/11859, 14 April 2015, https://www.un.org/press/en/2015/sc11859.doc.htm.

[3] Yemen Data Project dataset, last updated 12 March 2018, available at http://yemendataproject.org/data/.

[4] Kareem Shaheen, “Witness to air strike on Yemen refugee camp: women and children burned beyond recognition,” The Guardian, 31 March 2015, https://www.theguardian.com/world/2015/mar/31/yemen-in-crisis-air-strike-leaves-40-civilians-dead-at-camp.

[5] Alex MacDonald, “Yemen centre for blind ‘hit in Saudi coalition air raid,’” Middle East Eye, 5 January 2016, http://www.middleeasteye.net/news/saudi-led-coalition-airstrikes-reportedly-hit-centre-blind-yemen-capital-128298478.

[6] Ben Norton, “We must pay attention to Yemen: Weddings bombed, civilians killed – with U.S. help,” Salon, 9 October 2015, https://www.salon.com/2015/10/09/we_must_pay_attention_to_yemen_eddings_bombed_civilians_killed_with_u_s_help/.

[7] “Yemen’s rebel funeral hall attack ‘kills scores,’” BBC News, 9 October 2015, http://www.bbc.com/news/world-middle-east-37598413.

[8] Ibid.

[9] “Why the UK must stop arms sales to Saudi Arabia,” Amnesty International, 20 January 2017, https://www.amnesty.org.uk/why-uk-must-stop-arms-sales-saudi-arabia; “Yemen: Events of 2017,” Human Rights Watch, 2018, https://www.hrw.org/world-report/2018/country-chapters/yemen.

[10] Ibid Amnesty.

[11] Ibid Human Rights Watch.

[12] “Yemen Operational Update,” UNHRC, 15 – 30 April 2018, https://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/Yemen%20Update%2015-30%20April%202018%20%28Final%29.pdf.

[13] “Yemen Humanitarian Update Covering 1 – 7 May 2018, ReliefWeb, 7 May 2018, https://reliefweb.int/report/yemen/yemen-humanitarian-update-covering-1-7-may-2018-issue-14-enar.

[14] “After 1,000 days of conflict, Yemen sliding into ‘deepening catastrophe,’ UN agencies warn,” UN News, 30 December 2017, https://news.un.org/en/story/2017/12/640802-after-1000-days-conflict-yemen-sliding-deepening-catastrophe-un-agencies-warn.

[15] Glen Cary and Sarah Algethami, “Your Questions About Yemen’s Humanitarian Crisis, Answered,” Bloomberg, updated 20 March 2018, https://www.bloomberg.com/news/articles/2018-02-22/who-s-to-blame-for-pestilence-near-famine-in-yemen-quicktake.

[16] “Diphtheria vaccination campaign for 2.7 million children concludes in Yemen,” World Health Organization, 16 March 2018, http://www.emro.who.int/yem/yemen-news/diphtheria-vaccination-campaign-for-27-million-children-concludes-in-yemen.html?format=html.

“[17]What is International Humanitarian Law?” International Committee of the Red Cross, July 2004, https://www.icrc.org/eng/assets/files/other/what_is_ihl.pdf.