الفعالية الجانبية لمنظمتي ADHRB وGCHR في HRC38#  تناقش الأعمال وحقوق الإنسان

 

استضاف مركز الخليج لحقوق الإنسان يوم الخميس 28 يونيو ندوة على هامش الدورة الثامنة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (HRC)، بالتعاون مع “منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين” (ADHRB)، منظمة “CIVICUS”، منظمة العفو الدولية والاتحاد الدولي لرابطات حقوق الإنسان (FIDH). قام مايكل باين، مدير مكتب التحشيد في ADHRB بإدارة الندوة التي شارك فيها بيتر ميسك من منظمة (Access Now)  ولين ويندبلاند من مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان (OHCHR)، غيدو باتالجيا من مركز حقوق الإنسان والأعمال (IHRB)، وخالد إبراهيم مدير مركز الخليج لحقوق الإنسان (GCHR). ركزت المناقشة على جوانب مختلفة للتعاون في مجال الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، وفرص لإقامة شراكات بين الشركات والمجتمع المدني، والحاجة إلى إطار متعدد الأوجه خاص بالأعمال التجارية للتعامل مع حقوق الإنسان.

افتتح السيد باين الندوة بالإشارة إلى الفرص المتزايدة للشراكات بين قطاع الأعمال والمجتمع المدني والحكومات فيما يتعلق بنشاط حقوق الإنسان في منطقة الخليج. وسلط الضوء على إعلان منظمة العمل الدولية المعتمد سنة 1998 بشأن المبادئ والحقوق الأساسية أثناء العمل. كما سلط السيد باين الضوء على الفئات الأربع للحقوق العالمية التي تنطبق على جميع الناس في جميع الدول، أي حرية تكوين الجمعيات والحق في المفاوضة الجماعية، والقضاء على العمل القسري وإلغاء عمالة الأطفال والقضاء على التمييز فيما يتعلق بالعمالة والمهنة. وأشار إلى أن الإعلان بمثابة قانون ناعم، مما يعني أنه لا يحمل معه أية التزامات قانونية. لهذا السبب، يجب أن يكون التركيز على توفير حماية الدولة بدلاً من مسؤولية الشركات.

كما أثار السيد باين نقاطا حول مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية، والتي تُعرف أيضًا باسم مبادئ روغي، والتي أقرها مجلس حقوق الإنسان في القرار 17/4 في عام 2011. ووصف المجالات التي يركز عليها القرار، بما في ذلك واجب الدولة في الحماية والعناية الواجبة، مسؤولية الشركات، وتوافر سبل الوصول إلى العلاج، الأمر الذي يتطلب اتخاذ خطوات مناسبة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان المتعلقة بالأعمال التجارية وتصحيحها. كما أشار السيد باين إلى مشاركة ADHRB مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) فيما يتعلق بسباق “الجائزة الكبرى” للفورمولا 1 في البحرين – وهو حدث ضخم يساهم في انتهاكات حقوق الإنسان. تسمح منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بتقديم الشكاوى المتعلقة بانتهاك المبادئ التوجيهية إلى نقطة الاتصال الوطنية التابعة للدولة المعنية (NCP). يتم تحديد صلة الدولة بمعرفة ما إذا كانت الشركة المخالفة تدخل ضمن نطاق ولاية هذه الدولة. في حالة البحرين، قدمت منظمة ADHRB شكاوى بشأن الفورمولا 1، حملت هذه الشكاوى مزاعم أن الشركة المسؤولة عن هذا السباق متواطئة في حملة القمع التي تشنها قوات الأمن ضد النشطاء. نتج عن الشكوى صياغة الفورمولا 1 لسياسة خاصة بالعناية الواجبة فيما يتعلق بحقوق الإنسان.

بدأ السيد إبراهيم الحوار من خلال تحديد كيفية استخدام الإمارات العربية المتحدة والبحرين للتكنولوجيا المستوردة لإجراء عمليات استطلاع واستهداف وإدانة المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين، بمن فيهم أحمد منصور ونبيل رجب. ثم ناقش ثلاثة جوانب رئيسية تتعلق بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان في منطقة الخليج. الجانب الأول هو التعاون بين الشركات العالمية القائمة في الغرب والحكومات القمعية في الخليج، وتحديداً عبر تكنولوجيا المراقبة. وكمثال على ذلك، استشهد ببرنامج “Finfisher” التابع لشركة “Gamma International” ومقره المملكة المتحدة. كما أشار إلى حالة تعاونت فيها حكومة الإمارات مع شركة تكنولوجيا كندية لمنع آلاف المواقع، ومن بينها الخاص بمركز (GCHR). وتابع قائلاً أن الشركات التكنولوجية تدعم الحكومات بشكل متكرر من خلال اختراق حسابات النشطاء ومراقبة أنشطة المدافعين عن حقوق الإنسان على الإنترنت. بعد ملاحظة هذه الحالة الأخيرة، سلط الضوء على التدابير التي اتخذها مركز الخليج لحقوق الإنسان لمعالجة هذا الوضع، وتضمنت تقديم القضايا القانونية في المحكمة العليا بالمملكة المتحدة ضد رئيس وزراء بريطانيا ومجلس الوزراء.

دعا السيد إبراهيم بشدة الشركات الدولية التي لديها مصالح تجارية في الخليج لتطبيق أعلى معايير حقوق الإنسان عند المشاركة في الأعمال التجارية في الشرق الأوسط. بعد ذلك، سلط الضوء على توجيه الاتحاد الأوروبي الذي يسعى إلى منع الشركات الغربية من تزويد الحكومات القمعية بأدوات لمراقبة نشاط الإنترنت. ودعا على وجه الخصوص الفيسبوك إلى وقف إغلاق صفحات الويب التي تروج لأنشطة منظمات حقوق الإنسان السلمية. كما دعا جوجل إلى تعزيز الوعي بقضية أحمد منصور، الناشط الإماراتي المسجون والمدون الفائز بجائزة مارتن إينالز المرموقة. لكن ما هو مطلوب أكثر من دعم الشركات، هو الدعم الدولي. سلط السيد إبراهيم الضوء على محنة العمال المهاجرين الذين يحصل العديد منهم على أجور متدنية ويعملون في ظروف سيئة ويفتقرون إلى خيارات التنظيم النقابي. أنهى ملاحظاته بدعوة الشركات إلى دعم وترحيب منظمات المجتمع المدني التي تعمل على قضايا حقوق الإنسان في منطقة الخليج.

تناول المتحدث التالي، السيد ميسك، التهديدات والفرص أمام الشركات ومنظمات المجتمع المدني في منطقة الخليج. وكنقطة مرجعية، قام بتسليط الضوء على دول أوروبا الغربية التي تصدر برامج تجسس ذات طبيعة عسكرية، بالإضافة لتعاملها مع الحكومات القمعية. وأشار إلى أن العلاقة بين الشركات والحكومات في المنطقة أدت إلى قيام الدول بغزو خصوصية سكانها، وهو عمل يمكن أن يؤدي إلى السجن والحرمان من الحرية حيث استخدم قضية أحمد منصور كمثال. استهدفت الحكومة الإماراتية منصور لأنه مدافع عن حقوق الإنسان وناشط على الإنترنت. باستخدام برامج التجسس المتطورة، قام المسؤولون بمتابعة ورصد حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي. لاحظ ميسك أن حالة منصور توضح العلاقة بين غزو الخصوصية واستخدام الحكومات لبرامج التجسس المتطورة لتقييد حرية التعبير.

كما لاحظ ميسك أن تقنيات المراقبة غالباً ما تفلت من القوانين في دول مثل تونس ومصر. وشدد على الحاجة الملحة لضمان شركات تكنولوجيا المراقبة وضع حالات حقوق الإنسان كجزء من نماذج أعمالها ومبيعاتها. وأشار إلى تقرير حكومي تم تسريبه يوثق الضغط الممارس من قبل تسع دول بما في ذلك أيرلندا وبولندا والمملكة المتحدة وجمهورية التشيك – ربما كرد فعل على توجيهات الاتحاد الأوروبي التي استشهد بها خالد – لإضعاف أنظمة حقوق الإنسان في الشركات. بدون هذه التوصية الحكومية، أشار ميسك إلى أنه أصبح من المهم بشكل متزايد للشركات أن تأخذ بعين الاعتبار أيّ من تكنولوجياتها مناسبة للتصدير. ودعا إلى إجراء إصلاحات ضخمة لصالح الشفافية والمساءلة. وفي هذا السياق، شدد على الحاجة إلى تنظيم ممارسات الشراء مع التأكيد في الوقت نفسه على أن الأطراف المصدرة والمستوردة تتحمل مسؤولية ضمان التزام عملية الشراء بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان. وأشار أيضا إلى وجود توجها لشركات الاتصالات السلكية واللاسلكية لغلق شبكاتها وخدماتها في مناطق معينة، مما يحرم السكان من حقهم في الحرية والتعبير بحيث أن قطع الإنترنت في دراز بالبحرين هو واحد من هذه الحالات.

واختتم حديثه بالإشارة إلى أن استطلاع قامت به “Digital Rights Corporate X” يسعى إلى دراسة أداء الشركات في منطقة الخليج. وكشف أن الشركات العاملة في قطر على وجه الخصوص تفشل في الكشف عن المعلومات الضرورية على الرغم من وجود قانون حماية البيانات الشامل إلى حد ما. وسلط الضوء على أنه وفقا للمبدا الرابع للأمم المتحدة، “الأعمال المملوكة للدولة لها مسؤولية كبيرة لاحترام حقوق الإنسان وحمايتها”.

ناقش المتحدث التالي، السيد باتالجيا، توصيات تقرير IHRB لعام 2015 المعنون “المدافعين عن حقوق الإنسان والأعمال: البحث عن أرضية مشتركة”. وتشمل التوصيات المشاركة في حوار فعال مع المجتمع، والامتناع عن العمل مع قوات الأمن التي لها سجل من انتهاكات حقوق الإنسان، وتشكيل جمعيات للعمال، والتحقيق في الشكاوى المتعلقة بسوء سلوك الشركاء، وإنشاء آليات التظلم للإبلاغ عن انتهاكات حقوق الإنسان، وتقديم شكاوي مكتوبة عن الانتهاكات إلى الحكومة المعنية. كما أشار السيد باتاليا إلى أن جميع الشركات تتحمل مسؤولية احترام حقوق الإنسان وحمايتها، والاعتراف بأن أفعالها، إذا تم الاضطلاع بها دون إجراء العناية الواجبة بشأن حقوق الإنسان للعمال، يمكن أن تؤثر سلباً على هؤلاء العمال.

كما سلط السيد باتالجيا الضوء على المركز الدولي لحقوق الإنسان في جنيف الذي يركز على الرياضة وحقوق الإنسان، وبدأ في مناقشة العلاقة بين الشركات الرياضية وحقوق الإنسان. وأشار إلى أمثلة على التقدم المحرز في الأعمال الرياضية التي تعزز حقوق الإنسان ، مثل اتفاقية نوفمبر 2017 الموقعة بين الشركة القطرية “QDVC”، والاتحاد الدولي لعمال الخشب والبناء، وشركة “VINCI”، وهي شركة بناء مقرها فرنسا. وتحمي الاتفاقية العمال المهاجرين من الاضطرار إلى دفع رسوم التوظيف ومن الاضطرار إلى تسليم جوازات سفرهم، مع إنشاء لجنة لمناقشة ظروف معيشة وعمل العمال. مثال آخر هو إطلاق الاتحادية الدولية لكرة القدم (FIFA) مؤخراً لآلية للتظلم. وعلى الرغم من هذه التطورات، أشار السيد باتالجيا إلى أن المقرر الخاص المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان ذكر أن المدافعين عن حقوق الإنسان ما زالوا يتعرضون للمضايقة والتهديد والاستهداف. على هذا النحو، كان هناك حاجة ملحة لأن تتعاون الشركات مع منظمات المجتمع المدني ونشطاء حقوق الإنسان.

وركزت السيدة ويندبلاند ملاحظاتها على كيفية استخدام فرص التحسين والتقدم لإحداث تغيير في مجالات الأعمال وحقوق الإنسان. مؤكدة على أهمية مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية، كما ناقشت خبراتها في العمل مع الحكومة القطرية. وأشارت إلى أن الحكومة القطرية أقرت المبادئ التوجيهية وتم استثمارها في استكشاف إمكانيات الدخول في حوار مفتوح.

وأشارت إلى منتدى الأمم المتحدة لعام 2017 بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، وعلقت على رغبة الشركات في استكشاف الكيفية التي يمكن من خلالها معالجة حقوق الإنسان وابقاء المخاطر التي تنطوي عليها المعالجة في الإطار السياسي بعين الاعتبار في ممارساتها التجارية. بصفتها عضوًا في مجلس FIFA الاستشاري، لاحظت الفرص التي تم إنشاؤها من خلال الأحداث الدولية. وسلطت الضوء على حالة عمليات التفتيش المشتركة فيما يتعلق بعمال البناء الذين يقومون ببناء الملعب لكأس العالم في قطر، والذي نتج عن الحملة المكثفة والدعوة من اتحاد PWI ومنظمات المجتمع المدني وشركاء الأعمال. وفي الختام، شددت على أهمية مواصلة جهود الدعوة لتحدي النظم القضائية والتقاليد الراسخة. في عصرنا اليوم، عندما تتعرض حقوق الإنسان للتهديد في جميع أنحاء العالم، أشارت إلى الحاجة إلى إيجاد فضاء مفتوح لنمو مشاركة المجتمع المدني.

ناقشت جلسة الأسئلة والأجوبة صعوبة معالجة الثغرات الموجودة بين مسؤوليات عدد كبير من البائعين والجهات الراعية والمقاولين الأمنيين ومستويات الحكومة المختلفة المشاركة في تنظيم الأحداث الرياضية الضخمة. وناقشت الردود تزايد قبول وإقرار مسؤوليات حقوق الإنسان من خلال الاستشهاد بالحوادث الأخيرة، مثل كأس العالم لكرة القدم لعام 2026، بما في ذلك متطلبات الحفاظ على معايير حقوق الإنسان، وكذلك الاجتماع بين رئيس اللجنة الأولمبية الدولية والمفوض السامي لحقوق الانسان. وعلى الرغم من هذه التطورات، فقد أعاد الفريق التأكيد على الحاجة إلى اتخاذ إجراءات جماعية لتحديد ومنع وتخفيف التحديات الشاملة في الأنشطة التجارية في الخليج التي تؤدي إلى انتهاكات حقوق الإنسان. كما تم التشديد على ضرورة المساءلة والشفافية فيما يتعلق بالإجراءات الحكومية وأنشطة الشركات وإمكانية قيام الحكومات باستخدام ذريعة المسائل المتعلقة بالأمن القومي من أجل فرض قيود على الحقوق الرقمية. وقد اختتم الحدث بمشاركة أعضاء الفريق الذين طالبوا الشركات باحترام المنظمات غير الحكومية العاملة في دول الخليج والتعاون معها من أجل السماح لجميع الناس بالتمتع بالحقوق المدنية والسياسية.