تقرير الأمين العام للأمم المتحدة يثير نمط الانتقامات في البحرين

12 سبتمبر 2018 – قامت الأمم المتحدة اليوم بإصدار التقرير السنوي التاسع للأمين العام الذي يتناول قضيّة التعاون مع الأمم المتحدة وممثليها وآلياتها في مجال حقوق الإنسان. يعرض التقرير عمل مساعد الأمين العام المساعد (ASG) لحقوق الإنسان آندرو غيلمور، الذي يقوم بمعالجة قضيتي الترهيب والانتقام ضد مَن يتعاون مع الأمم المتحدة. بعد عرض تقرير العام الماضي، الذي قام فيه مساعد الأمين العام غيلمور بوصف البحرين على أنها مرتكبة “فظيعة للجرائم”. يعيد التقرير الجديد طرح أنماط عدّة من ممارسات الحكومة البحرينية للانتقام من الأفراد العاملين مع الأمم المتحدة، وذلك من خلال حظر السفر والمضايقة والتعذيب والتهديدات بالعنف واستهداف عائلاتهم للإساءة إليهم. كما يسلط التقرير الضوء بشكل خاص على قضايا المدافعين عن حقوق الإنسان: سيد أحمد الوداعي وابتسام الصائغ ونبيل رجب ونضال السّلمان. ترحب منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) بتقرير الأمين العام وتثني على جهود مساعد الأمين العام، غيلمور المستمرة لمعالجة مسألة الانتقامات في البحرين.

البحرين هي واحدة من 38 حالة محددة تم ذكرها في ملخص الحالات الجديدة للتقرير. إذ أشار مساعد الأمين العام “إلى أن العديد من الجهات الفاعلة في الأمم المتحدة قد أعربت عن قلقها الشديد إزاء الإنتشار الشّديد والمستمر لحالات المضايقة والترهيب ضد ممثلي المجتمع المدني البحريني الذين يسعون للتعاون مع الأمم المتحدة. يشدد التقرير على “الفرض الشامل” لحظر السفر يضر بما لا يقل عن 20 من النشطاء البحرينيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وهم محمد التاجر وإيناس عون وأحمد الصفّار وفاطمة المطوع ورولا الصفّار وجليلة السّلمان ونضال السّلمان ورضي الموسوي وفاطمة الحلواشي وابراهيم شريف وأحمد راضي ومحمد جواد ود. طه الدُرازي وفيصل حياة ومنثور الخور ومعصومة السّيد وريحانا الموسوي وسيّد طلال الموسوي وعلي الغدير وآخرون. بالإضافة إلى ذلك، يدق التقرير ناقوس الخطر إزاء “الاعتقال والاحتجاز والاعتداء الجنسي والتعذيب وغيرها من أشكال سوء معاملة الأفراد المستهدفين” وإزاء “التهديدات بالعنف والترهيب النفسي المبلغ عنها بسبب مشاركتة المعتقلين السابقة في المجلس. تتضمن هذه التهديدات العنف الجسدي، والتشهير العام والاغتصاب، بغية منعهم من إيصال اصواتهم مرة أخرى. “

يشدد التقرير على قضيّة سيد أحمد الوداعي، مدير الدفاع في معهد البحرين للحقوق والديمقراطية (BIRD). استُهدف عدد من أفراد عائلة الوداعي انتقاما من عمله مع الأمم المتحدة. فاستُهدفت حماته هاجر منصور حسن، وصهره محمود مرزوق منصور، وابن عمه سيد نزار الوداعي و أدين ثلاثتهم بتهم إرهابية ملفقة وذلك بعد اعتقالات تعسفية ومحاكمات جائرة. كما حُكم، في آذار\ مارس من عام 2018، على زوجته دعاء الوداعي، غيابياً بالسجن لمدة شهرين بتهمة “إهانة ضابط شرطة”. وذلك بعد اعتقالها وإساءة معاملتها من قبل مسؤولي الأمن في المطار رداً على نشاط زوجها. عندما تمت معالجة هذه الأعمال الانتقامية في خلال الدورة الثامنة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان واستعراض لجنة حقوق الإنسان لالتزامات البحرين بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في تموز\ يوليو من عام 2018، أخضعت السلطات البحرينية حماة الوداعي، هاجر منصور حسن، في سجن مدينة عيسى للنساء لمزيد من الاعتداء والقيود.

كما يسترعي التقرير الانتباه إلى ابتسام الصايغ، المدافعة البارزة عن حقوق الإنسان في منظمة السّلام من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، التي أُدرجت في التقرير السنوي السابق والتي لا تزال تواجه أعمالاً انتقاميَة. اعتقل عملاء جهاز الأمن الوطني البحريني  (NSA)الصايغ في المطار عقب حضورها جلسة من جلسات مجلس حقوق الإنسان في مارس من عام 2017، واستُجوبت مطولاً عن عملها مع الأمم المتحدة. تعرضت  خلال التحقيق اللاحق في مايو من عام 2017، لسبع ساعات من التعذيب الجسدي والنفسي والجنسي من قبل عملاء جهاز الأمن الوطني. أُلقي القبض على الصائغ في يوليو من عام 2017 بصورة تعسفية وذلك بموجب قانون مكافحة الإرهاب وأطلق سراحها فيما بعد من دون إسقاط التهم عنها. وقد استخدمت هذه التهم لمنعها من السفر إلى دورات لاحقة في مجلس حقوق الإنسان. واصلت الصّايغ في الدورة الثامنة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان في يونيو 2018 ، تسليط الضوء على مسألة حقوق الإنسان في البحرين عبر الإنترنت من خلال حسابها على تويتر. واجهت، نتيجة لذلك، مزيداً من  المضايقات من قبل حساب يدعى @godkingcountry الذي يشير إلى الاعتداء الجنسي عليها وتعذيبها ويهددها بمزيد من الاغتصاب إذا لم تقم بإنهاء أنشطتها المتعلقة بحقوق الإنسان على الإنترنت. كما أرسل حساب آخر  يدعى @turkialmajed7، رسائل تهديدية إلى الصائغ على موقع إنستغرام، مدعياً مسؤوليته عن وفاة جارتها قائلاً إنّها ستكون التالية. كما هددها في رسائله بنشر مقاطع الفيديو التي التقطت لها في أيار 2017 عندما قامت السلطات بتصويرها أثناء استجوابها، والاعتداء الجنسي عليها، وتعذيبها.

ثمة حالة أخرى متكررة وهي حالة المدافع البارز عن حقوق الإنسان نبيل رجب. يستشهد تقرير هذا العام بحظر السفر على رجب منذ فترة طويلة وكذلك سجنه الحالي بسبب”نشره أخباراً كاذبة” و “نشر شائعات كاذبة في خلال الحرب”. نشر، الشّهر الماضي، فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاعتقال التعسفي رأياً بأن السجن مقابل هذه الجرائم هو إجراء تعسفي وغير قانوني. كما أشار التقرير إلى وجود مخاوف من أن “هذه الإجراءات اللاحقة ضد السيد رجب كانت مرتبطة بمشاركته مع مجلس حقوق الإنسان”. كما أثار تقرير هذا العام مخاوف بشأن رعاية رجب الصحيّة وعلاجه في سجن جو.

بالإضافة إلى ذلك، يستشهد التقرير بحالة نضال السّلمان في مركز البحرين لحقوق الإنسان (BCHR)، التي خضعت لحظر السفر رداً على عملها في مجال حقوق الإنسان. مُنعت السلمان في أغسطس من عام 2016، من السفر إلى جنيف للمشاركة في الدورة الثالثة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان. كما اتُهمت، وفي سبتمبر من عام 2017، “بالتجمعات غير القانونية” ووُضعت تحت حظر رسمي على السفر. أفادت حكومة البحرين بأن حظر السفر كان بسبب مشاركتها في مظاهرة غير مرخص بها.

عُرضت الأنماط التي تظهر من خلال هذه الحالات الفردية في خطاب للأمين العام للأمم المتحدة المدرج في خاتمة التقرير:

هناك اتجاه مقلق في استخدام الحجج المتعلقة بالأمن الوطني واستراتيجيات مكافحة الإرهاب من قبل الدول كمبرر لعرقلة وصول المجتمعات ومنظمات المجتمع المدني إلى الأمم المتحدة. في العام الماضي ، صُنف عدد من المنظمات غير الحكومية والمدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء والخبراء بأنهم “إرهابيون”. تشمل الحالات المبلغ عنها أفراداً أو منظمات متهمة رسمياً بالإرهاب أو مُلامة لتعاونها مع كيانات أجنبية، أو متهمة بتشويه سمعة أو أمن الدولة “.

 

يقول حسين عبد الله، المدير التنفيذي لِ  ADHRB: “يوضح تقرير الأمم المتحدة الجديد أنّ البحرين ما زالت واحدة من أكثر مرتكبي أفظع الجرائم في العالم من الأعمال الانتقامية ضد الجهات الفاعلة في المجتمع المدني الذين يحاولون الإنخراط في المجتمع الدولي. ويستمر هذا الإتجاه المسيء من دون هوادة. بالتالي، يضطر مساعد الأمين العام إلى معالجة حالات عديدة ومتكررة كحالتي نبيل رجب وابتسام الصايغ. يعمل هؤلاء المدافعون عن حقوق الإنسان بلا كلل على لفت انتباه الأمم المتحدة إلى الانتهاكات.لذا، يواجهون هم وعائلاتهم حظر السفر والتهديدات وسوء المعاملة. لن توقف البحرين هذه الأعمال الانتقامية إلى أن يتخذ المجتمع الدولي إجراءات لإنهاء الانتهاكات الخطيرة الموثقة في هذا التقرير “.

ترحب ADHRB بتوثيق مساعد الأمين العام الشّامل لحالات الانتقام المحددة هذه وللنمط الأوسع للانتقام والإساءة في البحرين. إن الحالات المتكررة والأعمال الانتقامية الجديدة الواردة في تقرير هذا العام هي دليل على “الاتجاه المستمر للمضايقة والتخويف ضد المدافعين عن حقوق الإنسان” الذي تم تحديده في تقرير عام 2017. نحث حكومة البحرين على وقف جميع الأعمال الانتقامية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، ورفع جميع محظورات السفر عن الأفراد الذين يرغبون في المشاركة مع الأمم المتحدة. وأخيراً، نكرر رأي التقرير أن “علينا أن نكون جميعا بصدمة عميقة وغضب بقدر معاناة الجهات الفاعلة في المجتمع المدني من الانتقام والترهيب والاعتداء بسبب عملهم، حتّى عندما ينخرطون في منظومة الأمم المتحدة.”

لمزيد من المعلومات حول الأعمال الانتقامية في البحرين ، راجع تقرير ADHRB لعام 2017: سحق المجتمع المدني: انتقامات الحكومة البحرينية من الانخراط الدّولي.