وسط هجوم واسع على الحرية الدينية في البحرين استهداف رجال الدين الشيعة في ذكرى عاشوراء

في 20 سبتمبر 2018

خلال الأيام التي سبقت مراسم عاشوراء هذا العام – وهو يوم حداد عام للمسلمين وخاصة للمجتمع الإسلامي الشيعي – واصلت السلطات البحرينية التدخل في المراسم التي لها الطابع السلمي البحت. رغم أن غالبية سكان البحرين من المواطنين الشيعة، إلا أن المجتمع يواجه تمييزًا مؤسسيًا، وتقوم العائلة الحاكمة السنية بشكل روتيني بقمع حقهم في حرية المعتقد. إن يوم عاشوراء هو هدف سنوي لقوات الأمن البحرينية – التي يمنع الشيعة فعلياً من التجنيد فيها – وفي هذا الشهر فقط، شنت السلطات حملة جديدة من المضايقات ضد رجال الدين الشيعة والرواديد قبيل وخلال هذا يوم العاشر من المحرم. وطوال هذا الأسبوع وحده، استدعت السلطات أو احتجزت أكثر من اثني عشر شخصية دينية شيعية، مما قيد بشكل أكبر مجال المجتمع المدني والحق في الحرية الدينية.

وقد تلقت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB)  تقارير تفيد بأن ما لا يقل عن 15 رجل دين وخطباء تعرضوا للمضايقات من قبل السلطات اعتبارًا من 14 سبتمبر 2018. في 16 سبتمبر 2018، على سبيل المثال، تم اعتقال كل من الشيخ هاني البنا والشيخ ياسين الجمري، وهما رجلا دين شيعيان، وتم احتجازهما لساعات من الاستجواب. ومنذ ذلك الحين، أشارت المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أنه في 18 سبتمبر، مثُل رجلي الدين أمام النيابة العامة وأُعيد حبسه لمدة 15 يومًا دون أي تهم أو تفسير. ويعتقد أن اثنين من رجال الدين الآخرين على الأقل ما زالوا معتقلين مع الشيخ البنا و الشيخ الجمري. وفي الوقت ذاته، يُقال أن قوات الأمن تقوم بإزالة شاشات العرض واليافطات المرتبطة بعاشوراء بشكل تعسفي، وذلك في نمط وثقته منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان (ADHRB) في السنوات الماضية.

إن الحملة التي شنت قبيل يوم عاشوراء هذا العام ليست سوى أحدث حلقة من اتجاه طويل الأمد من المضايقات القضائية التي تستهدف القادة الدينيين الشيعة. على مدار عدة أشهر فقط في العام 2017، استجوبت السلطات البحرينية أو اعتقلت أو لاحقت أكثر من 70 من رجال الدين الشيعة، أحدهم المرجع الديني آية الله الشيخ عيسى قاسم – أبرز زعيم ديني شيعي في المملكة. في عمر يناهز السبعين من العمر، واجه الشيخ قاسم الاستهداف المتكرر من قبل الحكومة، حيث قامت السلطات بسحب جنسيته بشكل تعسفي في العام 2016 وحاصرته تحت الحجز في المنزل بعد إدانته بتهم تتعلق بالممارسات الدينية الشيعية. عندما أعلن مئات من أنصاره اعتصاماً سلمياً خارج منزله في الدراز، هاجمتهم قوات الأمن بعنف، مما أسفر عن مقتل ستة متظاهرين في حملتين واسعتين.

وقد واجهت شخصيات سياسية ودينية بارزة أخرى، بما في ذلك زعماء المعارضة الشيخ علي سلمان وحسن مشيمع، انتهاكات مستمرة من الحكومة. واعتُقل الشيخ سلمان، الأمين العام لـ “الوفاق” تعسفياً في العام 2014 وسُجن في النهاية بسبب إلقائه لخطابات سياسية. وفي العام الماضي، وجهت السلطات اتهامات جديدة بالتجسس ضده تتعلق بأزمة قطر المستمرة، وعندما تمت تبرئته، استأنفت النيابة العامة الحكم واستمرت في طلب الحكم بالإعدام. في هذه الأثناء، كانت السلطات تخضع باستمرار الأستاذ حسن مشيمع، زعيم حركة حق المعارضة، لمعاملة غير إنسانية في السجن، حارمة إيّاه من الحصول على علاج طبي حاسم ومصادرة نصوصه الشخصية والدينية.

واجه الشيخ عبد الجليل المقداد والشيخ محمد المقداد والشيخ سعيد النوري والشيخ حسين نجاتي وعدد لا يحصى من رجال الدين معاملة مماثلة. وكان الشيخ حسين نجاتي قد تعرض للإبعاد التعسفي والترحيل القسري من قبل الحكومة في العام 2014، في حين أشار الشيخ محمد المقداد مباشرة إلى ابن الملك حمد، الشيخ ناصر ، في ادعاءات التعذيب.

على الرغم من التمييز الواضح والمضايقات ضد سكان البحرين الشيعة، تواصل الحكومة دفع صورة التسامح في المنتديات الدولية. في يوليو 2018، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية التابعة لوزير الدولة للنهوض بالحرية الدينية، عن تعيين سفير جديد لـ “التعايش السلمي والحرية الدينية”. أكد إعلان البحرين على سرد خاطئ تم إطلاقه في العام 2017 مع إعلان الملك حمد البحريني بشأن التسامح الديني وإنشاء مركز الملك حمد للتعايش السلمي. في هذه الأثناء، استهدفت الحكومة إحياء ذكرى عاشوراء منذ العام 2011، مما يحد من الوصول إلى المواكب واستجواب رجال الدين في مواعظهم وسط تاريخ طويل من التمييز الطائفي.

 إن استمرار انتهاكات الحكومة للحقوق الدينية يثبت أن الترويج الدولي للتسامح أمر مخادع. في حين تم إطلاق سراح بعض رجال الدين المعتقلين قبل مراسم عاشوراء هذا العام، لا يزال آخرون رهن الاعتقال، و استمرار استدعاء البعض الآخر ، إلى جانب آلاف السجناء السياسيين في البحرين. مع استمرار الحكومة في استهداف مراسم يوم عاشوراء والشخصيات الدينية في المجتمع الشيعي، من الواضح أن التمييز الديني ما زال راسخًا في مؤسسات البحرين. وإلى أن يتم إطلاق سراح جميع رجال الدين المعتقلين تعسفًا، وحماية أنشطة عاشوراء للمجتمع الشيعي، ووضع حدّ للتمييز المنظم، يجب أن تركز البحرين على مكافحة التعصّب وتعزيز التسامح في الداخل.