تقرير منظمة ADHRB وغيرها من المنظمات غير الحكومية حول سجلّ حقوق الإنسان قبيل الدورة الثالثة للاستعراض الدوري الشامل للسعودية

في نوفمبر عام 2018 ستخضع المملكة العربية السعودية لمراجعتها الثالثة ضمن الإستعراض الدوري الشامل للأمم المتحدة، لذا قامت الدول غير الأعضاء بتقديم تقييم لسجل حقوق الإنسان في السعودية إذ أصدر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في 24 أغسطس عام 2018، ملخصاً لتقارير الدول المعنية من غير الأعضاء المتعلقة بالمراجعة الدورية الشاملة الثالثة للمملكة العربية السعودية.

بدورها قدمت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) ستة تقارير. وذلك بالتعاون مع تسع منظمات شريكة، وهي: المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان (ESOHR)، مركز الخليج لحقوق الإنسان (GCHR) والاتحاد الدولي لرابطات حقوق الإنسان ضمن إطار عمل المرصد الخاص بحماية المدافعين عن حقوق الإنسان، والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب  ضمن إطار عمل المرصد الخاص بحماية المدافعين عن حقوق الإنسان، والتحالف العالمي لحقوق الإنسان (CIVICUS)، ومنظمة بن إنترناشونال، ولجنة حماية الصحافيين (CPJ) ، والخدمة الدولية لحقوق الإنسان (ISHR) ، ومنظمة ريبريف.

تتناول التقارير المصنفة كالتالي: JS1  و JS2 و JS6 و JS9 و JS10 و JS11 مجموعة واسعة من القضايا المواضيعية، من ضمنها العنف خارج نطاق القضاء والتمييز الديني وعقوبة الإعدام ونظام المملكة لمكافحة الإرهاب وإطار العمل القانوني التقييدي، والمدافعين عن حقوق الإنسان والقوانين المستخدمة لاستهدافهم والناشطين والمعارضين، والتعذيب، وحقوق المرأة، ومساحة المجتمع المدني، وحرية التجمع وتكوين الجمعيات، وحرية التعبير والرأي، واعتقال الصحافيين والمدونين ومنتقدي الحكومة.

منذ الاستعراض الدوري الثاني للمملكة العربية السعودية في أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2013، تدهور وضع حقوق الإنسان في المملكة بشكل حاد، مع زيادة ملحوظة في القمع منذ أن رفع الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ابنه محمد بن سلمان إلى منصب ولي العهد في يونيو عام 2017. لذا، عمل بن سلمان، منذ تولّيه ولاية العهد، على قمع المنافسين في العائلة المالكة والقضاء عليهم، ووحد الفروع المختلفة لقوات الأمن ووضعها تحت أمره. كما أشرف على حملة واسعة من القمع، واعتقال المعارضين والنقاد وأي شخص يتحدث ضد الحكومة أو النظام الديني أو العائلة المالكة. كما أنشأ بن سلمان ووالده، في يوليو من عام 2017، رئاسة أمن الدولة (PPS)، وهي هيئة تستجيب لأوامر رئيس الوزراء والملك وابنه بن سلمان لا غير. تم تمكينها للقيام بجمع المعلومات الاستخبارية المحلية والتعامل مع الأمن الداخلي. فقامت رئاسة أمن الدولة، منذ يوليو عام 2017،  بثلاث حملات جماعية لاعتقال المعارضين والنقاد ، نفذتها في سبتمبر ونوفمبر وديسمبر من عام 2017  وأواخر مايو من عام 2018. ذلك بالإضافة إلى الاعتقالات الفردية للمدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين والناشطين.

يتناول تجميع الأمم المتحدة لتقارير المنظمات غير الحكومية عددًا من المجالات المواضيعية المهمة التي تناولناها في تقاريرنا مع شركائنا. من بينها إطار العمل الوطني لحقوق الإنسان في المملكة، من جهة تنفيذه لالتزاماته بموجب معاهدات حقوق الإنسان الدولية والحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحقوق أشخاص محددين أو مجموعات محددة – من ضمنها النساء.

إنّ الإطار الوطني لحقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية غير حاضر. أما الأهم من ذلك هو أنه “ليس لديه دستور ينشئ إطارًا مؤسسًا لحقوق الإنسان”. بالمقابل، يقيد إطاره القانوني، بما في ذلك قانونه الأساسي – الدستور الفعلي – وقوانين أخرى من ضمنها قانون الصحافة والمطبوعات وقانون الجرائم الإلكترونية وقانون الجمعيات، وقوانين مكافحة الإرهاب الخاصة بعامي 2014 و2017 حقوق الإنسان المعترف بها دولياً. تنتهك قوات الأمن، بموجب هذا الإطار القانوني، حقوق الإنسان لمواطني المملكة والمقيمين من غير المواطنين بشكل مستمر، ذلك من خلال الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري والتعذيب والإعدام والقيود المفروضة على حقوق المرأة والتمييز الديني والحرمان من الحق في حرية التعبير والرأي والتجمع وتكوين الجمعيات. رغم العديد من انتهاكات حقوق الإنسان، يبقى المواطنون السعوديون وغير المواطنين غير قادرين إلى حد كبير على تأمين العدالة من خلال نظام العدالة الجنائية في المملكة. كما لم تحرز المملكة العربية السعودية اي تقدم في هذا الشأن رغم “التزامها بجعل نظام العدالة الجنائية الخاص بها يتماشى مع المعايير الدولية” في خلال الدورة الثانية  للاستعراض الدوري الشامل.

أثارت منظمات غير حكومية عديدة، من بينها ADHRB وشركاؤها، مخاوف جدية بشأن إطار عمل مكافحة الإرهاب في المملكة واستخدامه لاعتقال ومحاكمة المنتقدين والمعارضين السلميين. تعد المحكمة الجنائية المتخصصة  (SCC)التي أنشئت في عام 2008 لمحاكمة أعضاء إرهابيين من تنظيم القاعدة ولاحقاً من الدولة الإسلامية، والتي استُخدمت منذ عام 2014 لمحاكمة النشطاء والمعارضين السلميين بتهم تتعلق بأمن الدولة جزءاً مهم من هذا الإطار. من بين أولئك الذين واجهوا محاكمات في المحكمة الجنائية المتخصصة أعضاء الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية (ACPRA)  والعديد من المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين الآخرين. منهم محمد العتيبي وعبد الله العطاوي وإسراء الغمغام والشيخ نمر النمر ونذير المجيد وعصام الزامل.

يوضح تجميع تقارير المعنيين من غير الدول الأعضاء تفاصيل الانتهاكات المتكررة للحقوق المدنية والسياسية بما فيها الحق في الحياة والحرية. لاحظت ADHRB وشركاؤها: ” ESOHR” و”ريبريف” أنّ المملكة تستخدم عقوبة الإعدام ضد المعارضين، بمن فيهم الرجال الذين كانوا قاصرين وقت ارتكابهم للجريمة المزعومة. لقد لفتنا الانتباه إلى حقيقة أنّه ثمة 42 رجلاً على الأقل في انتظار تنفيذ حكم الإعدام، معظمهم من الشيعة وسبعة منهم كانوا قاصرين في السن عندما ارتكبوا جرائمهم المزعومة بتهمة “الإرهاب الناجم عن المشاركة في التجمعات السلمية والاحتجاجات”. أشرنا أيضاً إلى الجانب الديني لاستخدام عقوبة الإعدام من خلال تسليط الضوء على جو العنف الواسع النطاق ضد المسلمين الشيعة. كما أشرنا إلى العملية الأمنية ضد العوامية، التي هي بلدة ذات أغلبية شيعية تقع في المنطقة الشرقية، والتي أسفرت العملية المنفذة ضدها عن مقتل ما لا يقل عن 24 شخصًا والاستخدام الواسع للقوة الخارجة عن حدها ضد السكان الشيعة.

بالإضافة إلى التمييز ضد سكانها الشيعة، تقيد المملكة العربية السعودية الحريات الأساسية الأخرى مثل الحق في التجمع بحرية وتشكيل الجمعيات. لذا، سلطنا الضوء في تعاوننا مع CIVICUS  و ESOHR على قانون الجمعيات لعام 2015 الذي، بدلاً من حماية وتعزيز المجتمع المدني، يقيد تشكيل وعمل منظمات المجتمع المدني المستقلة. وبالفعل، أغلقت حكومة المملكة العربية السعودية، بالاتصال مع قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية لعام 2007، جميع مساحات الجمعيات المستقلة وحرية التعبير والرأي. كما ألقت قوات الأمن، في ظل هذا الأطار التقييدي، القبض على العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء والصحافيين والمدونين بموجب الإدّعاء بأن خطاباتهم وجمعياتهم تشكلان تهديدًا لأمن الدولة.

تواجه المرأة في المملكة العربية السعودية تمييزاً متزايداً بسبب نظام المملكة الفريد لوصاية الذكور على النساء وافتقارهن إلى الحماية القانونية. يشير تقرير الأمم المتحدة إلى أنّ “النساء والفتيات يواجهن التمييز في القانون بما في ذلك قانون الأحوال المدنية  وقانون العمل وقانون الجنسية”. فشلت المملكة، رغم إحرازها بعض التقدم في مجال النهوض بحقوق المرأة، في تنفيذ توصيات الإستعراض الدوري الشامل المقبولة لإنهاء نظام الوصاية. في الواقع، اعتقل مسؤولو الأمن ما يقارب 12 مدافعة عن حقوق الإنسان عقب منح الحكومة النساء الحق في القيادة في يونيو عام 2018، قبل أسابيع قليلة من دخول المرسوم حيز التنفيذ. تضمن الاعتقال العديد من النساء والناشطات اللواتي قُمنَ بحملات من أجل إلغاء قانون الحظرعلى قيادة السيارة. من بين المعتقلات: لجين الهذلول وإيمان النفجان وهتون الفاسي وسمر بدوي ونسيمه السادة. يدل هذا على التراجع الملحوظ من بعد التقدم.

فشلت المملكة العربية السعودية، منذ الاستعراض الدوري الشامل الأخير في عام 2013، في تنفيذ الغالبية العظمى من التوصيات المقدمة رغم قبول العديد منها. بالمقابل، زادت من القمع، واعتقلت المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء والصحافيين والمدونين باتهامات تتعلق بأمن الدولة ومكافحة الإرهاب. كما شاركت المملكة في تعذيب واسع النطاق في السجون وحكمت على المدعى عليهم بالسجن لمدة طويلة أو حتى الموت بناء على اعترافات بالإكراه. رغم أنّ المملكة العربية السعودية معروفة منذ فترة طويلة بانتهاكها لحقوق الإنسان على نطاق واسع وإفلاتها من العقاب، زادت هذه الانتهاكات في الحجم والنطاق منذ ترفيع بن سلمان من التدابير لهذا القمع المتزايد والشعور بالإفلات من العقاب، الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والقتل خارج نطاق القضاء للصحافي المعارض والمغترب جمال خاشقجي في قنصلية المملكة في اسطنبول. لذا، بات من المهم في ضوء ذلك، أن تحمّل الدول المسؤولية للمملكة العربية السعودية على انتهاكاتها لحقوق الإنسان.