المدافع عن حقوق الإنسان ناجي فتيل يناشد المعنيين من داخل سجنه

وجه الناشط الحقوقي وعضو مجلس إدارة جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان المعتقل ناجي فتيل نداءً عاجلاً من داخل السجن إلى المعنيين بالشأن الحقوقي ينقل لهم المعاناة التي يتعرض لها في سجن جو والتعذيب الممارس بحقه.

خلال تسجيل صوتي يقول ناجي فتيل في رسالته: أنا أحد ضحايا التعذيب، وأقضي عقوبة سالبة للحرية لمدة 25 سنة، وأبلغ من العمر 44 عاما، وقد تم اعتقالي تعسفيا في 2 مايو 2013، ولُفقت لي تهم كيدية للنيل مني. ومنذ بداية اعتقالي لم أحصل على حقي في محاكمة عادلة، كما أن إجرءات الاعتقال لم تكن قانونية. وخلال مراحل التحقيق لم تُوفر لي الضمانات القانونية من حضور المحامي في مراحل التحقيق، وتعدى ذلك تعرضي للتعذيب الجسدي والنفسي الشديد لنزع الاعترافات لدى جهاز المخابرات.

في حين يكشف المعتقل ناجي فتيل عن عدم السماح لمحاميه بحضور جلسات التحقيق في النيابة العامة كما لم توفر له المعايير والضمانات الدولية في محاكمة عادلة، إذ لم يُحقّق معه بجدية في شكاوى التعذيب، علما بأنه تقدم بشكاوى متكررة للجهات المعنية ذات الصلة، وهي: وحدة التحقيق الخاصة، النيابة العامة، أمانة التظلمات، مفوضية السجناء، المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، قاضي تنفيذ العقاب، والنائب العام. ولم يلتمس ناجي فتيل أي نتيجة تُذكر من الشكاوى التي قدمها للجهات المعنية، وبقيت مجرد ملفات مركونة فوق الرفوف، مما يعطي الانطباع بأن هذه الجهات وظيفتها فقط تلميع صورة الحكومة، لا سيما وزارة الداخلية.

وحول معاناته بالسجن يؤكد المعتقل ناجي فتيل على استمرار معاناته الجسدية والنفسية في فترات مختلفة وبإشراف ضباط السجن بعد إيداعه في السجن المركزي، وقد تكررت شكاواه حول التعذيب إلى الجهات سالفة الذكر، والنتيجة هي نفسها، ولم يتم محاسبة أي من الجناة والمعذبين ومنتسبي وزارة الداخلية، مما يرسخ سياسة الإفلات من العقاب. وعلى الصعيد الصحي لم يوفّر له العلاج المناسب لإصاباته الناجمة عن التعذيب، وأولها: فقْدان السمع في الأذن اليمنى، إذ كان من المقرّر إجراء عمليتين بهذا الخصوص وللأسف الشديد ألغيت دون معرفة الأسباب. أمّا ثانيها، آلام حادة في ظهره نتيجة إصابته بالإنزلاق الغضروفي – الديسك، كذلك أُلغيت عملية نزع الأسياخ الحديدية من رجله اليسرى جراء إصابة سابقة..

وبناءً على تلك المعطيات سالفة الذكر، ناشد المعتقل ناجي فتيل الجهات الحقوقية في أعلى المستويات محلياً ودولياً بالعمل الجاد للضغط على السلطات الرسمية المعنية بالأمر في البحرين لتوفير الرعاية الصحية المناسبة التي تصبّ في صلب مسؤولياتها، وإيقاف عملية التعذيب الجسدي والنفسي الحاط بالكرامة الإنسانية، وجبر الضرر، ومحاسبة الجناة، وإعادة النظر في أصل القضية.

وكانت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين ADHRB قد وثّقت قضية المعتقل ناجي فتيل ومعانته، إذ اعتقلته السلطات البحرينية عام 2007، لمشاركته بما أسمته “تجمع عنيف”، وتعرض على إثر ذلك للضرب والتعذيب المبرح في محاولة لإجباره على تقديم اعتراف كاذب حول إشعال سيارة أمنية وسرقة سلاح. واستمرت فترة اعتقاله حتى نيسان 2009 ، وخلال تلك الفترة استمروا في تعذيبه. وفي وقت لاحق، كشف الأطباء في مكتب الادعاء العام آثار عن آثار لحروق في جسده.
وبعد تلقي شكاوى انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين ، بما في ذلك قضية فتيل، ذكرت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بوضع المدافعين عن حقوق الإنسان، مارغريت سيكاغيا ، أنها “تشعر بقلق عميق بشأن السلامة البدنية والنفسية للمدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين”.

وخلال مظاهرات الربيع العربي عام 2011 ، كان فتيل واحدًا من ثلاثة مدافعين عن حقوق الإنسان استُهدفوا بتهديدات متعددة بالقتل بعد نشر معلومات الاتصال بهم عبر الإنترنت ويرجح النشطاء أن تكون الحكومة وراء تلك التهديدات.

في 14 فبراير عام 2012، اعتقل رجال من الشرطة متخفين بلباس مدني ناجي فتيل أثناء مظاهرة ضد انتهاكات حقوق الإنسان وذلك بتهمة “التخطيط وإنشاء جمعية غير قانونية” و “القيام بأعمال شغب” خلال احتجاج في الشهر السابق. فاحتجزته السلطات في زنزانة مكتظة وأساءوا إليه لفظياً، وبعد الإفراج عنه بكفالة في شهر أبريل، استمر في الدفاع عن حقوق الإنسان.

وبعد حوالي عام ، في صباح الثاني من مايو 2013 ، اقتحمت مجموعة من رجال الشرطة منزل فتيل وألقت القبض عليه، وقام الضباط بتعذيبه واستجوابه وضربه لانتزاع أي اعتراف، واعتدوا عليه جنسياً ، وعلقوه في السقف وعرّضوه لصدمات كهربائية. وبعد ثلاثة أسابيع من إلقاء القبض عليه، حكمت المحكمة على فتيل بالسجن لمدة ستة أشهر بتهمة “التجمع غير القانوني”. وفي سبتمبر 2013 ، حكمت عليه المحكمة الجنائية الرابعة في البحرين بالسجن لمدة 15 عاماً بموجب المادة 6 من قانون الإرهاب لعام 2006 بتهمة ” إنشاء مجموعة لغرض تعطيل الدستور المتعلقة بحركة المعارضة الشبابية تحالف 14 فبراير”.
وأدانت منظمات حقوق الإنسان المحاكمة لعدم وفائها بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة إذ لم يتطرق القاضي إلى ادعاءات التعذيب، على الرغم من الصور المنتشرة على نطاق واسع لجسد فتيل الجريح.

وبعد صدور الحكم في سبتمبر 2013، نقله المسؤولون إلى سجن جو، المعروف بظروفه الصحية المزدحمة والضعيفة، وبالمعاملة السيئة للمعتقلين.
وفي 10 مارس 2015، ثار السجناء ضد المعاملة المسيئة لهم في سجن جو وبالرغم من مشاركة الأقلية في ذلك، إلا أن المسؤولين استخدموا العقاب الجماعي ، وأطلقوا الرصاص المطاطي، والغاز المسيل للدموع. وعلى الرغم من أن ناجي فتيل لم يكن سوى أحد المارة في تلك الثورة، فقد اختارته الشرطة مع حوالي 100 سجين آخرين ليتم نقلهم إلى “مبنى 10″، الذي يشار إليه أحيانًا باسم “مبنى التعذيب”. وعذبت السلطات فتيل وحرمته العلاج الطبي، والقدرة على التواصل مع أسرته وتجاهلوا مراراً شكاوى تعرضه للتعذيب والحبس الإنفرادي والإخفاء القسري.ت

تستمر الحكومة البحرينية في تجاهل الدعوات لتحسين الظروف داخل سجن جو. ويتنافى تعامل السلطات البحرينية مع فتيل مع معايير حقوق الإنسان الدولية، بما في ذلك اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب والاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسيةو ينبغي على حكومة البحرين إطلاق سراح ناجي فتيل وسائر المعتقلين فورًا بسبب ممارستهم لحقهم في حرية التعبير.