مُطالبات دولية وحقوقية تدق ناقوس الخطر بشأن الحالة الحقوقية في البحرين مع اقتراب موعد الإستحقاق الإنتخابي

 مع اقتراب موعد الإستحقاق الإنتخابي في البحرين المزمع إجراؤه في 24 نوفمبر 2018 تجتمع الإدانات الدولية تحت سقف واحد من المطالب وهو ضمان انتخابات حرّة ونزيهة يسبقها إنهاء القمع المتزايد لحقوق الإنسان هناك، مما يظهر جليّاً فشل السلطات البحرينية في تبييض انتهاكاتها لحقوق الإنسان أمام المحافل الدولية.

الكونغرس الأمريكي فالبرلمان البريطاني والإتحاد الأوروبي وصولاً إلى أعضاء البرلمانيين الإيرلندي والإيطالي، حملت رسائلهم الموجهة الى السلطات البحرينية المطالب ذاتها بدءاً بإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين، بمن فيهم زعماء المعارضة واستعادة جمعيات المعارضة والسماح بمشاركتها الكاملة في الانتخابات، مروراً بالسماح للهيئات الدولية بدخول البحرين من أجل مراقبة الانتخابات وحماية حرية الصحافة وإعادة الصحف المستقلة الى عملها وصولاً الى إلغاء تجريم المعارضة السلمية عن طريق تعديل قانون العقوبات، ومكافحة الإرهاب.

بداية الإدانات الدولية للحالة الحقوقية في البحرين قبيل موعد الانتخابات القادم كانت عبر الكونغرس الأمريكي، إذ عقدت “لجنة توم لانتوس لحقوق الإنسان التابعة للكونغرس جلسة في 10 يوليو 2018 بمشاركة منظمات حقوقية خلصت من خلالها إلى أنّ نزاهة الانتخابات المقبلة في البحرين هي محل شك بسبب حملة الحكومة البحرينية لقمع النشاط السياسي للمعارضة، ورداً على ذلك عرضت اللجنة آنذاك عدداً من الاقتراحات لتحسين الوضع قبيل انتخابات 2018. وعادت في 29 من أكتوبر لتلوّح باتخاذ إجراءات عقابية إذا لم تطابق الانتخابات المقبلة في البحرين المعايير الدولية، حيث وجّه عضوا الكونغرس جيمس ب. ماكغوفرن وراندي هولتغرين، رسالة الى ملك البحرين يطالبان فيها اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لضمان تطابق الانتخابات المقبلة لمجلس النواب في البحرين مع المعايير الدولية لتكون انتخابات حرة ونزيهة. وذكّر الطرفان بقيام الحكومة البحرينية بحل جمعيتين سياسيتن معارضتين رئيسيتن، ومنع جميع أعضاء الجمعيات من الترشح للمناصب، وسجن عدد من الشخصيات الرئيسية والكتّاب وقادة المجتمع المدني، وأضافا أنّ البنية التحتية الانتخابية في البحرين ترفض المعارضة السياسية، ولا توجد لجنة انتخابية مستقلة وحتى الآن لم يكن هناك التزام من قبل الحكومة للسماح للمراقبين المحليين أو الدوليين.

وإلى المشهد البريطاني، حيث وجّه أعضاء من البرلمان  في الفترة الواقعة بين شهر سبتمبر ونوفمبر مجموعة أسئلة لوزارة الخارجية البريطانية حول أعمال وسياسيات وأنشطة الدوائر الحكومية فيما يخص العلاقة مع البحرين وحالة حقوق الإنسان هناك قبل الإنتخابات. وتظهر تلك الأسئلة المطروحة حتى الآن أنّ هناك اهتمام كبير من أعضاء بارزين في البرلمان البريطاني في انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين وعدم وجود إصلاحات سياسية حقيقية، وأن كل هذه الأسئلة تطرح في وقت لم يبق على الانتخابات البرلمانية في البحرين سوى أسبوعين. تلك الأسئلة الموجهة الى وزارة الخارجية اندرجت تحت عناوين عدة فيما يخص الوضع في البحرين، فحملت الأسئلة المرسلة في شهر أكتوبر عناوين عدة منها: البحرين، المعتقلون، السجناء السياسيون، السجون، علي حاجي، الياس فيصل الملا، حسن مشيمع، ماهر الخباز، المساعدة الفنية، إقامة العدل، وغيرها من العناوين.

أما في 16 نوفمبر، أعرب 38 عضواً في البرلمان الأوروبي عن قلقهم الشديد بشأن شرعية الانتخابات المقبلة لمجلس النواب في المجلس الوطني البحريني وذلك خلال رسالة موجهة إلى ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة سلّطوا فيها الضوء على الحكم المؤبد الذي صدر في 4 نوفمبر 2018 ضد الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان بتهم مزيفة، وأضافوا أن عقوبته تثير المزيد من المخاوف وتدل على أنّ نتائج الانتخابات ستكون غير حرة وغير عادلة وغير شرعية. وقالت عضوة البرلمان الأوروبي جولي وارد: “بصفتي مؤيدة سابقة لحقوق الإنسان في البحرين والمنطقة، أشعر بالقلق الشديد إزاء البيئة المتدهورة قبيل الانتخابات”. آمل أن يأخذ ملك البحرين مخاوفنا في عين الاعتبار، ويعزز التدابير الرامية إلى تحسين حالة حقوق الإنسان ابتداءً بالإفراج عن السجناء السياسيين”.

ومن مطالبات البرلمان الأوروبي إلى الضغوط التي مارسها أعضاء من البرلمان الإيرلندي على الحكومة البحرينية بشأن نزاهة الانتخابات المقبلة، ففي 19 نوفمبر 2018 أعرب أكثر من 70  عضواً من البرلمان الإيرلندي عن قلقهم الشديد إزاء قمع المجتمع المدني والسياسي في البحرين قبل الانتخابات البرلمانية، وذلك خلال رسالة وجهوها الى وزير خارجيتهم سايمون كوفيني وعلى وجه الخصوص، أثارت الرسالة قضية الشيخ علي سلمان، داعية وزير الخارجية الى توجيه مطالبة علنية بالإفراج عنه، بالإضافة الى الضغط على البحرين للوفاء بمعايير محددة قبل الانتخابات في كإطلاق سراح السجناء السياسيين، واستعادة جمعيات المعارضة، والسماح للهيئات الدولية بمراقبة الانتخابات، وحماية حرية الصحافة، وإلغاء تجريم المعارضة السلمية.

وآخر النداءات الدولية التي وُجّهت حتى الآن كانت عبر عضو البرلمان الإيطالي أندريا ديلماسترو ديلي فيدوف، الذي أعرب عن قلقه بشأن البيئة السياسية المقيدة في البحرين قبيل الانتخابات المقبلة في المجلس الوطني البحريني، وذلك في خطاب موجه إلى ملك البحرين داعياً إلى جعل الانتخابات المقبلة فرصة للبحرين لتخفيف حدة التوتر وإتاحة المجال للحوار المفتوح، عكس الواقع الحالي الذي شهدنا فيه أخيراً إجراءات قمعية متزايدة.

 في الجانب الحقوقي، قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في 19 نوفمبر إنّ الانتخابات البرلمانية المُقبلة في البحرين، ستجري في بيئة سياسية قمعية لن تُفضي إلى انتخابات حُرّة. داعيةً حلفاء البحرين إلى تشجيع الحكومة البحرينية على اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لإصلاح القوانين التي تُقيد حرية التعبير والتجمع، والإفراج عن رموز المعارضة المعتقلين. فيما أثارت هيومن رايتس ووتش القلق ملحوظة فيما يتعلق بسلوك البحرين على صعيد حقوق الإنسان إن كان على المستوى المحلي أو على صعيد مُشاركتها في التحالف الذي تقوده السعودية في الحرب على اليمن، إذ لم يحقق التحالف بمصداقية في جرائم الحرب المُحتملة، ولم يُقدم أعضاء التحالف، بما في ذلك البحرين، أي معلومات حول دورهم في الهجمات غير القانونية.

وتضمّ منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين صوتها الى منظمة هيومن رايتس ووتش وتؤكّد أنه لا يمكن اعتبار الانتخابات البرلمانية القادمة في البحرين بأي حال من الأحوال حرة ونزيهة مرحبةً بقوة بالقلق الدولي المتزايد، الذي يدعو الحكومة البحرينية إلى اتخاذ تدابير ملموسة لتحسين الأوضاع ورفع القيود قبل الانتخابات.

وسط تلك الإدانات الدولية المجتمعة على جعل الانتخابات المقبلة في البحرين عادلة وحرّة ونزيهة، ومع اقتراب موعد الانتخابات لم تحرك السلطات البحرينية ساكناً إزاء المطالبات الدولية وحتى الآن لم تستجب لأي مطلب ذُكر في الرسائل الموجهة للحاكم على صعيد انتهاكات حقوق الإنسان، فكيف ستكون الحالة الحقوقية في المرحلة المقبلة وكيف سيكون موقف الجهات الدولية المتحالفة مع البحرين اذا لم تلتزم السلطات بأي من المطالب ولم تسمح حتى بالرقابة الدولية للعملية الانتخابية؟