سلمان بن ابراهيم آل خليفة وناصر بن حمد آل خليفة وجهان لعملة واحدة في انتهاك حقوق الرياضيين

  لا تزال خيوط قضية لاعب كرة القدم البحريني حكيم العريبي متشابكة ومبهمة بعد مضي شهر على احتجازه في تايلاند، ولا يزال في دائرة الخطر من ترحيله الى البحرين ومواجهته اشد أنواع التعذيب هناك، فمن هو المتورط الرئيسي في قضية حكيم العريبي؟

إنّ هذا السؤال يفتح لنا آفاقاً عدة ويرجعنا بالذاكرة الى الوراء لناحية انتهاك حقوق الرياضيين في البحرين واتخاذ إجراءات تعسفية بحقّهم، فنستذكر أوّلاً مَن عُرف على المستوى الدولي بالمسؤول عن تعذيب المعارضين الرياضيين في البحرين منذ العام 2011 وهو نجل ملك البحرين “ناصر بن حمد آل خليفة”، بات سجل ناصر بن حمد الحافل بالإنتهاكات الحقوقية لا يخفى على أحد وفيه ما يكفي لإدانته في المحافل الدولية واتخاذ الإجراءات اللازمة بحقه، فكان الفرد الأول من عائلة آل خليفة الذي سارع للانتقام من جميع المعارضين وخاصة الرياضيين منهم، معلناً أنّ جميع المشاركين في الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية سيُحاسَبون، وأنّ البحرين جزيرة صغيرة ولا مكان للهرب. حينها قامت السلطات بتنفيذ رغباته فأوقفت الأندية الرياضية واعتقلت الرياضيين المشاركين في الاحتجاجات وعرّضتهم للتعذيب وسوء المعاملة وحكمت عليهم بالسجن لسنوات.

واليوم يتكرر المشهد ذاته في قضية اللاعب البحريني اللاجئ الى أستراليا حكيم العريبي، ولكن على يد أحد أعضاء الأسرة الحاكمة في البحرين الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة الذي يشغل منصب رئيس الإتحاد الآسيوي لكرة القدم ونائب رئيس الإتحاد الدولي لكرة القدم، والتي تتجه أصابع الإتهام نحوه وتجزم بتورطه في قضية حكيم العريبي ونية ترحيله الى البحرين، وهنا لا يسعنا القول إلّا أنّ سلمان بن إبراهيم آل خليفة وناصر بن حمد آل خليفة وجهان لعملة واحدة في تورطهم بتعذيب الرياضيين المعارضين.

وبالعودة إلى آخر الأحداث المتعلقة في قضية حكيم العريبي هو خروج الإتحاد الآسيوي لكرة القدم عن صمته معلّقاً على قضية اللاعب حكيم العريبي بلسان المتحدث باسم الاتحاد الآسيوي الذي قال أنّ الإتحاد يعمل بشكل وثيق مع الفيفا والاتحاد التايلندي لكرة القدم بشأن القضية  دون تقديم أي تعليق إضافي، بحسب ما ذكرته صحيفة الغاردين.

وقالت الصحيفة أنّ الاتحاد الآسيوي لكرة القدم رفض الرد على الأسئلة التي طرحتها عليه صحيفة الغارديان بأستراليا حول الإجراء الذي اتخذه الإتحاد لدعم العريبي وما إذا كان رئيسه الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة متورّطاً في القضية.

وأكدت صحيفة الغارديان البريطانية أن الاتحاد الآسيوي أجبر على التعليق على القضية عقب اتهامات عديدة وجهها متضامنون مع العريبي للاتحاد بالتواطؤ في القضية، وحمّلوه المسؤولية في حال تعرضَ لمكروه.

حصل العريبي على اللجوء في أستراليا بعد أن حكم عليه غيابيا بالسجن لمدة 10 سنوات. وسبق أن انتقد العريبي آل خليفة، الذي يشغل أيضاً منصب نائب رئيس الفيفا عن قارة آسيا، وأحد أعضاء العائلة المالكة في البحرين، في مقابلات إعلامية عام 2016 بسبب عدم تقديمه أي دعم للرياضيين البحرينيين الذين تم استهدافهم من قبل السلطات في عمليات القمع التي استهدفت معارضي البحرين إبان الحراك الديمقراطي عام 2011 .

وتنقل صحيفة الغاردين موقف قائد منتخب أستراليا السابق لكرة القدم كريغ فوستر الذي هاجم  سلمان آل خليفة قائلاً: “إنّ حكومته تطلب تسليم اللاعب وهو من العائلة المالكة ومن الواضح أن له نفوذاً كبيراً.. لم يقم بشيء على الإطلاق للدفاع عن حقوق حكيم”، وأردف “يجب ألا ينتمي مثله للعبة كرة القدم”.

فوستر، محللٌ لقناة SBS الأسترالية ومعروف بدفاعه عن الإصلاح في كرة القدم، وصفَ موقف الاتحاد الآسيوي من القضية بالضعيف، معتبراً ردوده واتحادات كرة القدم الأخرى (الفيفا والاتحاد الأسترالي والتايلندي) هزيلة وخافتة في أحسن الأحوال.

وبتاريخ 19 ديسمبر، وتحت ضغط وسط كرة القدم الآسيوي والعالمي المهتمين بقضية العريبي، أرسل الاتحاد الآسيوي إلى رابطة اللاعبين العالميين FIFPro رسالةً قال فيها: “يرجى العلم أن الاتحاد الآسيوي يراقب الوضع عن كثب وهو على اتصال مع الاتحاد الدولي والاتحادات المحلية المعنية، يرجى التأكد من أن الاتحاد الآسيوي لكرة القدم يأخذ هذه المسألة على محمل الجد”.

ومنذ اعتقاله، قام نادي “العريبي” في ملبورن “باسكو فالي” بحملات مكثفة لإطلاق سراحه. وانضمت إليه شخصيات وأندية كرة القدم بارزة في أستراليا دعمت جهودها جميعاً منظمة العفو الدولية والمنظمات غير الحكومية الدولية والتحقت بها مفوضية حقوق الإنسان الأسترالية.

وشدد فوستر على أنه “في الوقت الراهن، كل ما ينبغي على جميع أعضاء مجتمع كرة القدم فعله هو الاستمرار في الضغط ليعي المسؤولون وأصحاب المناصب في الاتحادات الكروية أنه إذا حدث أي مكروه لحكيم العريبي، فإننا سنحاسب الجميع بما في ذلك الاتحاد الأسترالي لكرة القدم”.

وختم بالقول: “إذا تم ترحيل حكيم إلى البحرين في نهاية المطاف، يجب أن تتم مساءلة جميع الجهات المعنية بكرة القدم عن دورها في هذه العملية برمتها”.

ولفتت صحيفة الغاردين إلى أن وضع العريبي يُعتبر معقداً على عدة مستويات، ويكشف الوجه القبيح لسياسات كرة القدم الدولية والدبلوماسية الدولية وصعوبات تنفيذ القانون الدولي. ورغم مطالبة الحكومة الأسترالية، التي منحته حق اللجوء عام 2017، بعودته فوراً، وتحذيرات منظمات حقوق الإنسان لتايلند بمخالفتها القانون الدولي إذا وافقت على تسليمه للبحرين، إلا أن الكثير من التساؤلات تطرح حول كيفية علم البحرين بتوجه العريبي إلى تايلند، وكيفية حصولها على مذكرة التوقيف الحمراء المخالفة لبروتوكولات الإنتربول التي تمنع استخدامها ضد اللاجئين وغيرها من الأسئلة تشغل الكثيرين.

وكشفت الصحيفة أنّ الإنتربول رفض مراراً الإجابة عن هذه الأسئلة كما رفضت الشرطة الفيدرالية في أستراليا توضيح ما حدث بشأن العريبي.

وكانت صحيفة الغاردين قد نشرت  مقالاً في 15 ديسمبر 2018 أعلنت فيه عن موقف منظمتين حقوقيتين من تسليم لاعب كرة القدم حكيم العريبي إلى البحرين إذ قالت المنظمتان بأن تسليمه سيشكل “إبعادًا غير قانوني“

المناشدات والنداء العاجل جُمعت من قبل منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين ADHRB ومعهد البحرين للحقوق والديمقراطية BIRD ووجّهت إلى مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان وإلى عدد من كبار ممثلي الأمم المتحدة بمن فيهم المقرر الخاص المعني بالتعذيب، والفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي.

وقال البيان: “إن منظمة ADHRB ومعهد BIRD تقضيان بأن تسليم السيد العريبي إلى البحرين سيشكل طردًا غير قانوني، وانتهاكًا لالتزامات تايلاند القانونية الدولية، وإن العريبي تعرض للتعذيب من قبل، ومن المحتمل أن يتعرض لذلك مرة أخرى إذا سُلّم إلى البحرين”.

واستكملت الصحيفة نقل ما جاء في بيان منظمتي ADHRB  و BIRD الذي أكد أنّ الملاحظات الختامية للجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب عاينت انتشار التعذيب وسوء المعاملة في البحرين، ولاحظت أن “مناخ الإفلات من العقاب” موجود في البحرين فيما يتعلق بالتعذيب”.

وأوردت الصحيفة أن العريبي أدين غيابياً في عام 2014 من قبل محكمة بحرينية، استناداً إلى إجباره على الإعتراف مع شريكه في القضية وشقيقه عماد علي محمد العريبي، بقيام اثنين منهم و 150 آخرين بتخريب مركز للشرطة عند الساعة 6.30 مساء إلّا أنّ المحكمة خلصت إلى أن وقت الحادثة كان عند الساعة الثامنة مساء.

وقد أظهرت الأدلة الأساسية المفصلة براءة العريبي، بما في ذلك لقطات فيديو للمباراة التي كان يشارك فيها ليلة الجريمة المزعومة، وأنه كان من المستحيل تواجده جسديا هناك وحتى أثناء التوقيت الذي ذكرته المحكمة. وعلى الرغم من تقديم تلك الذريعة إلى المحكمة فإنها تجاهلت هذه الأدلة وأدانت السيد العريبي غيابياً، وبالإضافة إلى تجاهل الأدلة، تجاهلت المحكمة أيضاً الادعاءات بأن اعتراف السيد عماد العريبي حصل عليه من خلال الإكراه البدني والنفسي.

وكشفت الصحيفة عن ترجمة حكم المحكمة الذي أعدته صحيفة الغاردين الأسترالية والذي يفيد بـ”عدم وجود أدلة كافية على العنف الجسدي أو النفسي بسبب عدم وجود أي علامات للإصابة، وأن المتهمين قالوا إنهم لم يتعرضوا لسوء المعاملة وأنّ المحكمة لا تحتاج إلى الرد على الأدلة التي قدمها الدفاع ويكفي أن نأخذ الأدلة التي كانت حاسمة في إظهار أنها ارتكبت الجريمة”.

ختاماً، نقول لعلّ كل المعطيات والدلائل التي ذُكرت والمناشادات الدولية والحقوقية والرياضية المطالبة بإطلاق سراح حكيم العريبي كلها تشير الى تورّط الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة في الإنتهاكات التي تعرض لها حكيم العريبي وأنّه سيسعى لترحيله الى البحرين ليواجه اشد أصناف التعذيب كما الرياضيين المعارضين الذي عُذّبوا على يد نجل الملك ناصر بن حمد آل خليفة.