مثال آخر على تدهور أوضاع حقوق الإنسان في الإمارات

 في 24 فبراير 2018، فرّت الأميرة الإماراتية الشيخة لطيفة بنت محمد آل مكتوم، 32 عاماً، من مقر إقامتها إلى الهند في محاولة للهروب من المعاملة السيئة على يد والدها، حاكم دبي ودولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. على الرغم من التخطيط لهروبها لمدة سبع سنوات، تم أسرها وترحيلها إلى الإمارات في أوائل مارس، بعد أيام فقط من رحيلها الأولي. وسرعان ما أعقب اعتقالها اختفاءها عن أعين الناس حتى ديسمبر 2018، عندما ظهرت عناوين الأخبار وصور لمفوضة الأمم المتحدة السامية السابقة لحقوق الإنسان، والرئيسة الإيرلندية السابقة ماري روبنسون مع العائلة المالكة في دبي، والتي تظهر الأميرة فيها إلى جانبها. ولكن، فإن ظروف عودة الشيخة لطيفة أثارت استياء شديد حول روبنسون وأثارت مخاوف في المجتمع الدولي من أنها قد تكون متواطئة.

الشيخة لطيفة ليست ابنة الشيخ محمد الوحيدة التي تحاول الهروب – ففي عام 2000، حاولت شقيقتها شمسة الهروب من العائلة في سوري (Surrey)، ولكن تم القبض عليها في كامبريدج واختفت من أعين الناس. حاولت الشيخة لطيفة أولاً الهرب من الإمارات عندما كانت في السادسة عشرة من عمرها، ولكن تم القبض عليها في نهاية المطاف وإعادتها إلى دبي، حيث تزعم أنها سُجنت وتعرضت للتعذيب لمدة ثلاث سنوات نتيجة لمحاولة الهروب من والدها. وقد قالت الشيخة لطيفة في تسجيل لها: “والدي هو أكثر شخص شرير قابلته في حياتي. إنه شر خالص. لا يوجد شيء جيد فيه.” والآن، بعد تسعة أشهر من آخر محاولة هروب لها واختفائها، كانت زيارة روبنسون بناء على طلب الأميرة هيا – إحدى زوجات الشيخ محمد – أول ظهور للأميرة في العلن منذ أن تم القبض عليها وإعادتها الى الإمارات.

في حين أن القبض على الشيخة لطيفة واختفاءها يدلان على قدرة دولة الإمارات العربية المتحدة على إخفاء الأفراد قسراً، إلا أنه للأسف أصبح أمراً عادياً. أبرزت منظمات حقوق الإنسان مثل هيومن رايتس ووتش (HRW) أن اختفاء الشيخة لطيفة هو جزء من اتجاه أكبر لاستخدام حالات الاختفاء القسري ضد المنشقين في الإمارات. بدءاً من عام 2014، قامت منظمة هيومان رايتس ووتش بتوثيق متزايد لحالات الاختفاء القسري، حيث اختفى ستة أشخاص قسراً من منتصف عام 2014 حتى أوائل عام 2015. وثقت هيومان رايتس ووتش ثمانية حالات اختفاء قسري على الأقل بعد احتجازهم من قبل سلطات الدولة، واثني عشر حالة أخرى من حالات السجن الانفرادي.

كما أخفت المملكة العربية السعودية أمراء وأعضاء من العائلة المالكة – لا سيما سلطان بن تركي بن عبد العزيز في عام 2003 وأعضاء آخرين من العائلة المالكة الذين انتقدوا مقتل خاشقجي – ولكن في حين أن المنطقة غالباً ما تشهد حالة من الإفلات من العقاب بسبب الأعمال التي يقوم بها قادة الخليج ، لا يزال ظهور حالات الاعتداء على أفراد العائلات الملكية والقبول بها من قبل الجهات الفاعلة الدولية أقل شيوعاً.

 في حين أن رغبة حكومات دول الخليج في إخفاء أفراد العائلة المالكة بالقوة أو إخفاءهم عن أعين الناس يجب أن تثير مخاوف المجتمع الدولي، فإن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو دور مفوضة الأمم المتحدة السابقة لحقوق الإنسان روبنسون في المساعدة على تغطية جزء من القضية بشكل عام في الإمارات العربية المتحدة.

وبالفعل، خلال زيارتها بناءً على طلب الأميرة هيا، بدلاً من السؤال عن اختفاء الشيخة لطيفة، بدا أن روبنسون قبلت تفسير الحكومة. وقد صرحت أن الشيخة لطيفة هي “امرأة شابة محبوبة للغاية ولكن من الواضح أنها مضطربة، ومن الواضح أنها بحاجة إلى الرعاية الطبية التي تتلقاها” ، وهو تفكير يتبع تأكيدات العائلة المالكة في دبي. وبينما أكدت العائلة المالكة أنها ترغب في إبقائها بعيدة عن الأنظار، فإن تأييد روبنسون بأن الشيخة لطيفة “مضطربة” أدى إلى رد فعل عنيف من منظمة هيومان رايتس ووتش، والمحامين، ونشطاء حقوق الإنسان الآخرين.

ومع تزايد حدة ردود الفعل، لابد من إثارة القلق حيال الموافقة التي يرسلها تأييد روبنسون إلى عائلة دبي وغيرها من قادة الخليج. كونها مفوضةً سابقةً للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، يبدو أن روبنسون تدعم ضمناً قصة الأسرة الحاكمة التي أسرت وأخفت أحد أفراد العائلة دون نقد أو شكوك. كما يجب أن يشعر المجتمع الدولي بالقلق من احتمال ارتفاع حالات الاختفاء القسري للمعارضين والمواطنين، خاصة في الإمارات العربية المتحدة. إن الإخفاق في التصرف أو تحذير الحكومة الإماراتية بأن هذه الأعمال غير مقبولة يرسل رسالة خطيرة إلى قادة الخليج مفادها أنه قد يكون هناك في الواقع قدر ضئيل من المساءلة عن حالات الاختفاء القسري الأخرى، مثل حالة المعارضين والمواطنين. ومع الاتجاه الحالي المتصاعد لحالات الاختفاء القسري، فإن هذه الرسالة تثير قلق قادة الإمارات. في الوقت الذي تتواصل فيه روبنسون مع المفوض الحالي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ميشيل باشيليت، حول القضية، من الضروري أن تُحمّل الجهات الفاعلة الحالية في الأمم المتحدة والمجتمع الدولي الإمارات مسؤولية الإجراءات المتخذة ضد الشيخة لطيفة، أو تتوجه بإرسال رسالة أكثر خطورة بقبول ﺟﻤﻴﻊ ﺣﺎﻻت اﻻﺧﺘﻔﺎء اﻟﻘﺴﺮي.