إنتهاكات حقوق الطفل في البحرين تُثار على طاولة لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل

ليس بالأمر الغريب على سلطات البحرين المنتهكة لحقوق الإنسان أن لا تفرّق بين الصغير والكبير، وليس بالأمر الجديد أن تنتهك تلك السلطات حقوق الأطفال البحرينيين على مختلف الصعد بدءاً من حالات إعتقال الأطفال في سن مبكرة بسبب مشاركتهم في التظاهرات والمسيرات والتمييز ضد الأطفال ذوي الإحتياجات الخاصة والحرمان من الجنسية وكذلك تحديد سن المسؤولية الجنائية المحددة من عمر سبع سنوات.

ونظراً للإنتهاكات السالفة الذكر، كانت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين قد قدمت تقريراً إلى لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل بالتعاون مع معهد عديمي الجنسية في مارس 2018، سلطت فيه الضوء على انتهاكات حقوق الطفل في البحرين.

وفي 21 يناير 2019، استجابت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل وأجرت دراسة حول التزام البحرين بموجب اتفاقية حقوق الطفل، والتي تعتبر البحرين عضواً فيها، وكذلك في 7 فبراير، نشرت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل (CRC) ملاحظاتها الختامية حول المراجعة الأخيرة للبحرين أمام اللجنة. والجدير ذكره أنّ تلك المراجعة للبحرين أمام اتفاقية حقوق الطفل هي الأولى منذ عام 2011.

ما هي التوصيات التي قدمتها لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل ؟
قدمت اللجنة عدداً من التوصيات المتعلقة بحقوق الطفل في البحرين، بما في ذلك الاختلاف في الحد الأدنى لسن الزواج عند الأولاد والبنات، التمييز ضد الأطفال ذوي الإحتياجات الخاصة؛ اعتقال الأطفال بسبب مشاركتهم في المظاهرات والمسيرات؛ الرقابة على الصحافة والإنترنت؛ الاستغلال الجنسي والاعتداء على الأطفال؛ وسن المسؤولية الجنائية المحددة من عمر سبع سنوات، فابتداءً من سن 15 عاماً يتم محاكمة الأطفال كبالغين.

كما سلطت اللجنة الضوء على بعض القضايا الملحة التي أثيرت في التقرير المشترك لـ ADHRB  مع معهد عديمي الجنسية، وعلى وجه التحديد، التمييز المستمر ضد الأطفال البحارنة والأطفال العجم المولودين لآباء أجانب. وعبّرت عن قلقها إزاء العدد الكبير من الأطفال المعرضين لخطر كونهم عديمي الجنسية، بمن فيهم الأطفال المولودون لأولياء الأمور الذين سحبت جنسيتهم. وأوصت اتفاقية حقوق الطفل البحرين بتعديل قانون المواطنة لضمان حق الجنسية للأطفال المولودين من نساء بحرينيات ومن آباء غير بحرينيين، وضمان عدم التمييز في حق الأطفال بالحصول على الجنسية البحرينية. وهذا مهم بشكل خاص، حيث يقوم النظام القضائي البحريني حالياً بتهميش البحرينيين بمعدل لم يسبق له مثيل – منذ عام 2012 ، تم حرمان 824 بحرينياً على الأقل من جنسيتهم من خلال المحاكم الجنائية، مع 304 شخص تم تهميشهم في عام 2018 وحده.

ولاحظت اللجنة أيضاً المخاوف المتعلقة بالقيود المفروضة على المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين ، حيث قالت إنها “تشعر بالقلق إزاء التقارير المتعلقة بالقيود المفروضة على عمل منظمات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان ، بمن في ذلك أولئك الذين يدافعون عن حقوق الأطفال؛ العدد المتزايد للتقارير الخاصة بالترهيب والمضايقة والاحتجاز التعسفي للمدافعين عن حقوق الإنسان.

وتذكِّر اللجنة سلطات البحرين بالدور الهام الذي تضطلع به منظمات المجتمع المدني المستقلة والمدافعون عن حقوق الإنسان في تعزيز حقوق الإنسان للأطفال، كما أوصت اللجنة البحرين بإجراء تحقيقات دقيقة وشاملة في جميع حالات العنف المرتكبة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، بما في ذلك المدافعون عن حقوق الأطفال، وضمان حصولهم على العدالة الكافية والحماية من المضايقات والتهديدات في المستقبل، الانتقام والعنف .

اللجنة عبّرت عن قلقها إزاء سوء معاملة الأطفال وتعذيبهم ، وقالت إنها “لا تزال تشعر بقلق بالغ إزاء الاحتجاز التعسفي للأطفال، والتقارير عن سوء معاملة الأطفال على أيدي الشرطة ومراكز الاحتجاز، بما في ذلك طريقة استخدام الغاز المسيل للدموع أثناء أعمال الشغب في سجن جو عام 2015 ، والاستخدام المزعوم للتعذيب من جانب الموظفين المكلفين بتطبيق القانون للحصول على اعترافات من الأطفال المحتجزين”. وكررت اللجنة هذا الأمر عند مناقشة نظام قضاء الأحداث، مشيرة إلى أنها لا تزال تشعر بقلق بالغ إزاءه إلى جانب حالات الاعتقال خارج نطاق القضاء والاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي للأطفال، والتعذيب وسوء معاملة الأطفال المحتجزين، في مرافق الاحتجاز مع البالغين. كما لاحظت اللجنة إعدام علي السنكيس في يناير 2017، الذي كان قاصراً وقت ارتكاب الجريمة المزعومة، والذي ادعى أن إدانته كانت نتيجة اعترافات انتزعت بالإكراه من خلال التعذيب والمحاكمة جائرة.

يقول حسين عبد الله ، المدير التنفيذي لـ : ADHRB”إن تعليق اللجنة وملاحظاتها الختامية سلط الضوء على مدى انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين، مما أثر حتى على أضعف أعضاء المجتمع – أطفال البحرين وتابع عبد الله: إن اهتمام اللجنة بشأن انعدام جنسية الأطفال، والفاعلين في المجتمع المدني الذين يدافعون عن حقوق الأطفال، وتعذيب الأطفال وسوء معاملتهم له أساس جيد، وينبغي أن يقوم المجتمع الدولي بذات الاهتمام في ظل استمرار البحرين في إخضاع الأطفال للتمييز والإيذاء ويجب أن يتشدّد أعضاء المجتمع الدولي في لهجتهم للتأكيد على أن تلك الأعمال غير مقبولةً، بل تمثّل إهمالاً فاضحاً لحقوق أضعف فئة سكانية في العالم وهم الأطفال، وإنّ مثل هذه الإساءات يجب ألا ولن يتم التسامح معها.

على ماذا ركز التقرير المشترك بين منظمتي ADHRB ومعهد عديمي الجنسية؟

  •  أولاً: حق الطفل في اكتساب الجنسية والمحافظة على هويته
  • ثانياً: الممارسات المتعلقة بالحرمان التعسفي من الحصول على الجنسية في البحرين، فضلاً عن انعدام الجنسية الناتجة، وتقويض تمتع العديد من الأطفال بحقوق الإنسان.
  • ثالثاً: التركيز على ثلاث قضايا رئيسية هي: الطبيعة المشتركة بين الأجيال لعديمي الجنسية بين البدون والعجم في المجتمعات المحلية، والتمييز ضد المرأة ضمن تشريعات الجنسية، والممارسات التمييزية والتعسفية للسلطات البحرينية في الحرمان من الجنسية، إلى جانب التمييز ضد الأمهات والذي يؤدي إلى ولادة الأطفال دون جنسية.
  • رابعاً: إن الثغرات الموجودة في قانون المواطنة الحالي في البحرين الذي تم سنّه في عام 1963 وتعديله في عام 1981 ، تشكل انتهاكاً واضحاً للالتزامات الدولية للبحرين بموجب المادتين 7 و 8 من اتفاقية حقوق الطفل، والمادة 9 من اتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة (CEDAW) ، والمادة 24 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)، التي تلزم الدول بضمان حق كل طفل بالتمتع بجنسيته.
  • خامساً: حثت توصية الدورة الثالثة للاستعراض الدوري الشامل للأمم المتحدة في أوغندا عام 2017 البحرين على نطاق واسع على معالجة حالة انعدام الجنسية، وأصدرت المكسيك توصية تدعو فيها البحرين إلى التصديق على الاتفاقية المتعلقة بالأشخاص عديمي الجنسية، ولم تستجب البحرين لأي من تلك التوصيات.
  • سادساً: بعث المفوض السامي لحقوق الإنسان برسالة إلى وزير خارجية البحرين دعا فيها السلطات إلى معالجة التمييز بين الجنسين في قوانين الجنسية في البحرين، وبالتالي حماية حق الأطفال في الحصول على الجنسية والتعهد للنظر في تعديل قانون المواطنة البحريني لمنح الجنسية لأبناء المرأة البحرينية المتزوجة من رجال غير بحرينيين.
  • سابعاً: تجريد أكثر من 800 شخص من جنسيتهم منذ عام 2012 والكثير منهم تم ترحيلهم في وقت لاحق، في حين أن البعض الآخر جرّدوا من جنسيتهم بعد سفرهم إلى الخارج. بالنسبة لغالبية الذين لا يحملون جنسية أخرى في بلد أجنبي، فإن هذا يجعلهم عديمي الجنسية.

يذكر أنّ التقرير المشترك قدّم شواهد عن أطفال بحرينيين ولدوا بدون جنسية: كطفلة سيد أحمد الوداعي، الناشط في مجال حقوق الإنسان ومدير معهد البحرين للحقوق والديمقراطية (BIRD)، ولدت بدون جنسية في المملكة المتحدة بعد أن جُرّد الوداعي من جنسيته في المنفى انتقماً لعمله في مجال حقوق الإنسان.

إنّ منظمة ADHRB  ترحب بالملاحظات الختامية للجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل، وتدعو البحرين إلى قبول توصياتها، وتحث والمجتمع الدولي على مطالبة حكومة البحرين بالإلتزام بمعاهداتها في مجال حقوق الإنسان.

.