منظمة ADHRB من الجامعة الأمريكية: نحو تقييم انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين والخليج العربي

في 13 فبراير 2019، أقامت منظمة أمركيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) فعالية للطلاب في الجامعة الأمريكية في كلية الخدمة الدولية (SIS) حول وضع حقوق الإنسان في البحرين، تحت عنوان “تقييم انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين والخليج العربي”. فيما قدم الباحث في الجامعة الأمريكية جيف باكمان، كلمته الإفتتاحية للحضور إلى جانب الأستاذة في الجامعة الأمريكية ومهتم في حقوق الإنسان والسياسة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا شادي مختاري، وقد انضم إليهما جوستين شيلاد، وهو باحث مشارك في لجنة حماية الصحفيين (CPJ)، بالإضافة إلى مونيكا زوراو، مسؤولة المناصرة لدى المنظمة وبريجيت كويتر، المستشارة القانونية لدى منظمة ADHRB.

سلّطت الفعالية الضوء على قضايا حقوق الإنسان الرئيسية في البحرين والسعودية ومنطقة الخليج بشكل عام. وأثار المشاركون قلقهم إزاء سياسة الإفلات من العقاب، والقيود المفروضة على حرية التعبير، واستهداف الصحافيين، ودور الولايات المتحدة في دعم حكومات دول الخليج رغم عدد لا يحصى من انتهاكات حقوق الإنسان. وقد أبرزت المناقشة الأحداث الأخيرة مثل الانتخابات البرلمانية في البحرين، وتأييد الأحكام الصادرة بحق المدافعين البارزين عن حقوق الإنسان، والقتل الوحشي للصحافي السعودي جمال خاشقجي.

افتتحت شادي مختاري الفعالية بلمحة عامة حول الطرق التي يستخدمها قادة الخليج في الحملات الدعائية وتبييض الإنتهاكات على المستوى الدولي. وأشارت إلى أن قادة دول الخليج يميلون إلى الاهتمام أكثر برؤية المجتمع الدولي لهم بدلاً من الآراء المحلية، بحيث تستخدم الحكومات في المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة حملات العلاقات العامة لبيع أنفسهم “ملكيات خيرة وإصلاح اجتماعي”. تستخدم هذه الحكومات الجوائز، التي تمنحها لنفسها، المتعلقة بحقوق المرأة، والرياضة الدولية، وأكثر من ذلك كوسيلة لتغطية المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان المشؤومة. حتى الأن، لم تنجح الولايات المتحدة في وقف الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان وحالات سوء المعاملة البارزة في المنطقة – لم تكتسب قضية جمال خاشقجي مؤخراً اهتماماً كافياً في المجتمع الدولي، بالإضافة إلى احتجاجات الربيع العربي والمدافعين عن حقوق الإنسان. فإن قضية جمال قد أتاحت المجال للمناقشات، والانتقادات والإثارة الدبلوماسية بين المجتمع الدولي فيما يتعلق بهذه الانتهاكات.

قدمت مونيكا زوراو للطلاب نظرة عامة عن حالة البحرين، مؤكدة أنه، على الرغم من صغر حجمها، فهي تسيء لحقوق الإنسان بشكل كبير. تحتفظ عائلة آل خليفة الحاكمة بأطول مدة حكم لرئيس الوزراء غير المنتخب في العالم- وقد شغل هذا المنصب لمدة 50 عاماً تقريباً – وهي دولة ذات أعلى نسبة للسجن الجماعي في الشرق الأوسط. إن سجن المملكة وعدد السجناء السياسيين كبير نظراً لصغر حجم البلد نسبياً. شهدت المملكة حراكاً سلمياً مؤيداً للديمقراطية بدأ في 14 فبراير 2011، بحيث خرج ثلثا المواطنين إلى الشوارع للاحتجاج على انتهاكات حقوق الإنسان والإصلاح الديمقراطي. قامت الحكومة بقمع هذا الحراك بعنف، وألقت القبض على الآلاف، وأصابت المئات بجروح، وقتلت العشرات. ولا يزال الناشطون مسجونين حتى يومنا هذا بسبب تورطهم فيه، وهم يقضون عقوبات بالسجن لمدة طويلة، بما في ذلك المدافعين عن حقوق الإنسان عبد الهادي الخواجة والدكتور عبد الجليل السنكيس، كلاهما يقضيان عقوبة بالسجن المؤبد، وقد تعرضا لسوء معاملة جسيمة وللتعذيب، وحرمانهم من الحصول على الرعاية الطبية.

وأشارت زوراو أنّ الحكومة قامت بهدم دوار اللؤلؤة – النقطة المحورية في البحرين ورمز الحراك المؤيد للديمقراطية – بعد عام 2011 وذلك في محاولة منها لإسكات المحتجين. واستهدفت الحكومة كذلك الأماكن والجمعيات السياسية والمدنية للمجتمع، حيث قدمت زوراو الشيخ علي سلمان، الأمين العام لـ”الوفاق”، كمثال رئيسي لمحاولات الحكومة للقمع الكامل للمجتمع البحريني. قبل الإفراج عنه من السجن، وجهت له تهمة “التجسس لصالح قطر” يعود تاريخها إلى عام 2011. وحُكم عليه بالسجن المؤبد قبل إجراء الانتخابات بأسبوع واحد بعد أن ألغت المحكمة براءته الأولية خلال الطعون. وفي الوقت الذي أثارت فيه وزارة الخارجية الأمريكية القلق علناً على تويتر بشأن الحكم الصادر ضده، فقد أثنت لاحقاً على انتخابات 2018 التي جرت في نوفمبر، والتي عقدت في ظروف لم تكن حرة أو عادلة أو تمثل جميع البحرينيين. كما فشل وزير الخارجية مايك بومبيو في إشراك البحرين بشكل علني في انتهاكات حقوق الإنسان خلال زياراته الأخيرة إلى المملكة، مما يشير إلى افتقار الولايات المتحدة في نهاية المطاف إلى التزامها بصد انتهاكات حقوق الإنسان.

واختتمت زوراو بمطالبة الطلاب باتخاذ إجراءات، يمكن للطلاب أن يقوموا بإنشاء حملة أو بمخاطبة الجامعة ودعوتها إلى إزالة اسم ولي العهد من قاعة جامعة SIS أو إثارة المخاوف حول علاقة الجامعة الوثيقة بالعائلة المالكة. كما توفر الجامعة في ولاية واشنطن لطلاب الجامعة أيضاً فرصة المشاركة بشكل حاسم مع ممثليهم وأعضاء مجلس الشيوخ حول انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين وتشجيعهم على تبني ومناصرة السجناء البحرينيين من قائمة سجناء الرأي المعتمدين التي أعدّتها لجنة توم لانتوس لحقوق الانسان.

قدمت بريدجيت كويتر السياق الخاص بعمل منظمة ADHRB في التوثيق والإبلاغ عن الانتهاكات في الخليج والبحرين بشكل محدد. وأشارت أن المنظمة تأسست في عام 2002، وتوسعت إلى العاصمة في عام 2012 بعد الربيع العربي عام 2011. وكجزء من دعوتنا، فقد شاركنا مع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (HRC) منذ عام 2013؛ المشاركة على أساس برنامج شكاوى الأمم المتحدة الذي يتواصل فيه السجناء أو عائلاتهم مع المنظمة، وقمنا بإرسل قضاياهم إلى مكاتب الإجراءات الخاصة التابعة للأمم المتحدة. ومنذ عام 2014، قدمت منظمة ADHRB معلومات عمّا يقرب 1000 شخص، تم استهداف بعضهم لمرات متعددة. وأبرزت كويتر أن الانتهاكات الأكثر شيوعاً هي الاعتقال التعسفي والتعذيب، ومؤخراً الحرمان من الرعاية الصحية الأساسية.

وعلقت كويتر على حملة الحكومة المكثفة منذ عام 2015. في عام 2017، عدلت الحكومة البحرينية الدستور للسماح للمحاكم العسكرية لمحاكمة المدنيين. كما ارتفع عدد المحاكمات الجماعية، لا سيما في القضايا المتعلقة بالإرهاب. ومن أهمها، شهدت قضية “ذو الفقار” محاكمة 132 شخصاً بشكل جماعي. ومن هؤلاء، أدين 115، ولكن نظراً لنظام البحرين في محاكمة المتهمين غيابياً، كان هناك متهم واحد فقط موجود بالفعل في المحكمة. علاوة على ذلك، أشارت إلى زيادة حالات نزع الجنسية، مشيرة إلى أنه منذ عام 2012، قامت الحكومة بتجريد 824 بحرينياً من جنسيتهم، وهو رقم كبير بالنظر إلى أن عدد سكان البحرين الذي يبلغ حوالي 500000 نسمة.

كما علقت كويتر على القوانين البحرينية الغامضة التي تقيّد حرية التعبير وتمكّن المسؤولين بالحكم على الناشطين بالسجن. على سبيل المثال، لفتت الانتباه إلى الحكم على المدافع البارز عن حقوق الإنسان نبيل رجب. حُكم على رجب بالسجن لمدة عامين لمشاركته في المقابلات الإخبارية، والسجن لمدة خمس سنوات بتهمة التغريد عن قضية اليمن وعن التعذيب في السجون البحرينية. وكانت إدانته تستند إلى “نشر أخبار كاذبة في الخارج تسيء المصلحة الوطنية” و”نشر شائعات كاذبة في زمن الحرب وإهانة السلطات الحاكمة وإهانة دولة أجنبية”. وعلى الرغم من دعوة الأمم المتحدة للإفراج عنه، فإن محكمة التمييز أكدت إدانته في 31 ديسمبر.

كما أشارت كويتر إلى الانتخابات البرلمانية الأخيرة في البحرين في نوفمبر 2018، مسلطة الضوء على أن الحكومة قامت بحل الأحزاب السياسية المعارضة مثل جمعية أمل عام 2012، وجمعية وعد في عام 2016، وجمعية الوفاق في عام 2017. كما أصدر المسؤولون تشريعاً يحظر على الأفراد الترشح للمناصب إذا كانوا مُدانين في السابق بالسجن لمدة ستة أشهر أو أكثر، أو بحال كانوا قادة أو أعضاء في المنظمات السياسية المنحلة، أو إذا “عطلوا” الحياة البرلمانية.

واختتمت كويتر كلمتها بالتحدث عن الإفلات من العقاب وعدم المساءلة. إن عدم التحقق في قضايا التعذيب، ورفض البحرين للإصلاح يغطّيان انتهاكات حقوق الإنسان. وناقشت “قانون المساءلة العالمي لحقوق الإنسان ماجنتسكي” لعام 2016، الذي يحاسب منتهكي حقوق الإنسان على أعمالهم الوحشية من خلال العقوبات. وإلى أن فرضت العقوبات على انتهاكات حقوق الإنسان التي أحاطت بقضية جمال خاشقجي، لم تحاسب أي دولة عربية على انتهاكاتها من خلال استخدام العقوبات من قبل.

وفي كلمته لفت جوستين شيلاد من لجنة حماية الصحافيين (CPJ)، إلى أنه منذ عام 1981، دعت لجنة حماية الصحافيين إلى حرية الصحافة، إلى جانب إجراء البحوث والبيانات حول عمليات القتل والحبس والهجمات على الصحفيين. ولفت الانتباه إلى أنه منذ عام 2011، لاحظت لجنة حماية الصحفيين مخالقات كثيرة لحرية التعبير في الخليج. وتوصلت لجنة حماية الصحفيين إلى أن مصر تحتل المرتبة الثالثة في العالم فيما يتعلق بسجن أكبر عدد من الصحفيين في أعمالها، تليها المملكة العربية السعودية. احتجزت المملكة 16 صحفياً في السجن العام الماضي لممارستهم حقهم في حرية الصحافة، كما أن القتل الوحشي لخاشقجي أظهر أيضاً القمع القاسي للمنطقة على حرية الصحافة. وقال شيلاد أنه منذ تولي محمد بن سلمان العهد، فرض قيوداً أكثر شدة على المجتمع المدني، مبيناً أنه “بغض النظر عن أيديولجيتك، فأنت لست بأمان”. في عهد سلمان، تم اعتقال العديد من الصحافيين مثل إيمان النفجان، التي كانت مدونة بارزة وكانت مشاركة في حملة رفع الحظر عن قيادة النساء للسيارة؛ ونوف عبد العزيز، الذي كتب عن قضايا حقوق المرأة والمعتقلين السعوديين، وصحافي غير سياسي، ومروان المريسي، وهو محتجز في مكان مجهول.

واصل شيلاد حديثه بالإشارة إلى أنه ومنذ التدخل العسكري بقيادة السعودييين في اليمن في عام 2015، قتل ما لا يقل عن سبعة صحفيين. في بداية هذا النزاع، قام أحمد العسيري، الناطق باسم التحالف الذي تقوده السعودية، بالذكر أن وسائل الإعلام هي هدف لهم. وقد تأكّد هذا الخبر بعد مقتل الصحافي المقداد مجلي في 17 يناير 2016، خلال غارة جوية قادتها السعودية – كانت بالتأكيد مسلّحة ومدعومة لوجستياً من الجيش الأمريكي. وفي عام 2018، وثقت لجنة حماية الصحافيين قضية 11 صحفياً محتجزاًفي اليمن. إضافةً إلى أنه هناك صحافيين في بلدان الجنوب يستهدفون من المسلحين من قبل الإمارات العربية المتحدة، وأكد أن التعدي على حرية الصحافة لا يقتصر على الحدود، بل يتجاوز حدود المنطقة.

ومع تسليط الضوء على معاملة البحرين للصحافيين، ذكر شيلاد أن البحرين هي خير مثال على “الحملة الناجحة ضد حرية الصحافة”. وقد أحصت لجنة حماية الصحفيين ما لا يقل عن ستة صحافيين مسجونين في البحرين وعن مقتل ثلاثة صحافيين منذ عام 2011. ومن بين هؤلاء الثلاثة كريم فخراوي، مؤسس الجريدة المستقلة الوحيدة في البحرين “الوسط”، لم يخرج أبداً من مركز الشرطة البحرينية بعد أن اشتكى من أن منزله سيهدم من قبل الحكومة، وقد عثر عليه مقتولاً بعد أيام قليلة، تم إغلاق جريدة الوسط بعد ذلك بسنوات.

وأعرب شيلاد عن أن مقتل خاشقجي قد يكون نقطة تحوّل في قضايا الإفلات من العقاب في منطقة الخليج مشيراً إلى أن الإدارة الأمريكية الحالية فرضت عقوبات على 17 شخصاً متورطاً في مقتل خاشقجي. ولكن، أعلنت إدارة ترامب أنها لن ترد بمزيد من العقوبات ولن تصدر تقريراً رسمياً. أحدثت قضية خاشقجي ردة فعل لم نشهدها من قبل في الكونغرس الأمريكي، ونتج عنها اتجاه من التشكيك في العلاقة الأمريكية السعودية. وأتاحت هذه القضية الفرصة إلى تنفيذ العقوبات المنصوصة عليها في قانون ماجنتسكي، والتي تم إهمالها في الماضي، وإلى دعوة الدول الأخرى إلى إجراء قوانينها الخاصة كقانون ماجنتسكي.

واختتم جيف باكمان النقاش بإعادة ذكر النقاط التي طرحها أعضاء الفعالية، مؤكداً أنه “عندما لا يكون هناك محاسبة لعدم الإمتثال وتحمل مسؤولية الإنتهاكات، لن يكون هناك حافز للحكومات للتغيير”. وقد أعطت اللغة والتعريفات الغامضة لمكافحة الإرهاب مساحة للاحتجاز التعسفي على أساس حرية التعبير والنقد السياسي. وأشار إلى أن دولاً مثل البحرين والمملكة العربية السعودية تقدم دائماً تبريرات لانتهاكات حقوق الإنسان، مشيرين إلى أنها ليست انتهاكات لحقوق الإنسان، ولكن انتهاكات متعلقة بالسياسة. تزعم هذه الدول أنها لا تواجه مشاكل ضد حقوق الإنسان، وهي تدعم ادعاءاتها بعدم مساءلتها.