حكيم العريبي يكشف عن الجانب المظلم للبحرين

نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية مقالاً كتبه اللاعب البحريني حكيم العريبي تحت عنوان “الهروب من الجانب المظلم للبحرين”، فبعد التعبير عن شكره وامتنانه للمجتمع الدولي الذي ساهم بإطلاق سراحه من تايلاند وعودته الآمنة الى أستراليا وعدم ترحيله الى البحرين، سلّط الضوء على المعتقلين الرياضيين البحرينيين الذين ما زالوا معتقلين في السجون وتنتهك حقوقهم الأساسية، إلى جانب من اعتقلوا لسبب انتقادهم لسباق الفورمولا واحد في البحرين كنجاح أحمد يوسف، فيما لم يغفل العريبي عن الإشارة الى تقاعس الولايات المتحدة وبريطانيا عن دورهما في تقديم الدعم له والإهتمام بمصالحها بشكل أساسي للحفاظ على علاقتها مع البحرين.

وإليكم النص الكامل لمقال حكيم العريبي:

ملبورن، أستراليا

“لن أنسى أبداً الحب والدعم الذي تلقيته في اللحظة التي وصلت فيها إلى هنا يوم 12 فبراير بعد أن أمضيت 76 يوماً في الحجز في تايلاند. المشاركة الدولية المشتركة في قضيتي هي ما أعاد لي حريتي. أنا الآن في المنزل مع زوجتي، ولهذا نشكر بعمق كل من لعب دوراً في عودتي الآمنة.
ما الذي جعلني أستمر في هذه الأيام المظلمة؟ مع العلم أن العالم كله كان يشهد الظلم. رآني الملايين من الناس حافياً ومقيّد القدمين  في جلسة استماع في بانكوك، ليس لأنني ارتكبت أي جريمة – لم أكن قد فعلت ذلك – ولكن لأنني أعتقد أن العائلة الحاكمة في تايلاند وطّدت علاقاتها مع عائلة آل خليفة التي تحكم البحرين، حيث ولدت والتي كنت قد مثلتها في فريق كرة القدم الوطني.
كانت الأغلال مذلة. أنا لست مجرماً، على الرغم من أنني حوكمت غيابياً بشأن تهمٍ مزيفة بما في ذلك المشاركة في إحراق مركز للشرطة في وقت كنت ألعب فيه كرة القدم في مباراة متلفزة – وحكم عليّ بالسجن لمدة 10 سنوات. إنني أؤمن بقوة بأن “جريمتنا” الوحيدة كانت تزعج العائلة المالكة البحرينية هي لفت الانتباه إلى فشل الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة  رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، في حماية الرياضيين، وتورطه المزعوم في اعتقالهم وتعذيبهم بعد مظاهرات الحراك الديمقراطي في البلاد في عام 2011.
لقد هربت من البحرين في عام 2014 بعد أن علمت بالتهمة الموجهة إليّ، وأقمتُ في أستراليا، حيث مُنحت صفة لاجئ عام 2017. الشعور بالامان، غالباً ما دفعني لنسيان أن هناك اتهامات غير منصفة ضدي، وخططت أنا وزوجتي لشهر العسل.
وصلت إلى تايلاند ووجدت نفسي منفصلاً عن زوجتي وبقيت في مركز اعتقال.
يعتقد العديد من الناس أن عودتي إلى أستراليا كانت انتصاراً مجيداً، لكن بالنسبة لي لم يكن سوى نصف نصر. أنا في أمان وعدت الى زوجتي، لكني أيضاً أذكر أن حلمي بالعودة إلى البحرين لن يكون حقيقة في الوقت القريب.
البحرين ليس لديها سوى زنزانة سجن تقدمها لي، بينما أستراليا الآن بيتي وحكومتها وشعبها وقفوا إلى جانبي.
أثناء وجودي في السجن، كان لديّ وقت طويل للنظر في كيفية وصولي إلى هنا. ليس لدي شك في أن سجني في تايلاند كان عقاباً على انتقادي للشيخ سلمان، أحد أفراد العائلة المالكة البحرينية، أثناء حملته الانتخابية عام 2016 ليتم انتخابه رئيساً للاتحاد الدولي لكرة القدم. إن تسليط الضوء على انتهاكاته المزعومة لحقوق الإنسان عام 2011 ساهمت على الأرجح في فشله في الفوز في الانتخابات.
أنا رجل حر الآن، ولكن ماذا عن أكثر من 150 من الرياضيين البحرينيين والمسؤولين الرياضيين الذين تم اعتقالهم وتعرضهم للتعذيب عام 2011؟ البعض ما زال في السجن حتى يومنا هذا. لم يتم إجراء تحقيقات موثوقة في هذه الانتهاكات.

هناك جانب مظلم للرياضة في البحرين. تستخدم المملكة الثروة والرياضة لتبييض سجلّها المليء بالإساءات، وتسكت أولئك الذين يحاولون لفت الانتباه إلى هذا النمط.
تعرضت الناشطة نجاح أحمد يوسف للتعذيب والاعتداء الجنسي والسجن عام 2017 بسبب جرأتها على انتقاد سباق السيارات في سباق الجائزة الكبرى في البحرين، وقتل الصحافي أحمد إسماعيل حسن أثناء محاولته تغطية الاحتجاجات المحيطة بالسباق عام 2012. صلاح عباس حبيب موسى أحد ناشطي الحراك قُتل من قبل الشرطة خلال عطلة نهاية الأسبوع بعد السباق، ولم يُحاسب أي شخص على وفاته. من المقرر انطلاق سباقات الفورمولا واحد في البحرين الشهر المقبل. إذا فشلت إدارة الفورمولا واحد في إطلاق موقف حازم يطالب بإطلاق سراح السيدة يوسف، يجب عليها إلغاء السباق.
في البحرين، هناك عقوبة على الإدلاء بأي رأي، لكنني على استعداد لتحمل المخاطر الشخصية والدفاع عن حقوق الإنسان بغض النظر عما يفعله العديد من البحرينيين الشجعان. لا تكن مخطئاً، كما أخطأت عندما ذهبت لقضاء شهر العسل إلى تايلاند: قد أكون حراً الآن، لكني والعديد من المنتقدين السلميين الآخرين لا يزالون هدفاً للبحرين. إنّ أقارب صديقي سيد أحمد الوداعي معتقلون في البحرين بسبب عمله الحقوقي وحديثه ضد النظام البحريني من أمام منزله في لندن، وفي هذا الأسبوع، أيدت محكمة البحرين حكمها لمدة ثلاث سنوات على أقاربه في ما تعتبره الأمم المتحدة عملاً انتقامياً غير قانوني فيما يخصّ الروابط العائلية.
تشجعت البحرين بفضل الرئيس ترامب، الذي أوضح لها أنه “لن يكون هناك ضغوط مع هذه الإدارة”. كانت الولايات المتحدة في وضع قوي للمساعدة في إنهاء محنتي، ولكن بدلاً من ذلك، قررت أن تبقى صامتة. .

في الواقع، سافر وزير الخارجية مايك بومبيو إلى البحرين وأشاد بالشراكة الاستراتيجية بين البلدين، لكنه لم يتطرق إلى قضيتي. لم يقتصر الأمر على عدم ذكر قضيتي عندما كنت معتقلاً في تايلاند، ولكنه فشل في إثارة قضية حقوق الإنسان على الإطلاق. كان لدى الولايات المتحدة وسائل لاستخدام نفوذها، لأن البحرين حليف وثيق لها ومضيف للأسطول الخامس، لكنها فشلت في اتخاذ موقف. إنّ بريطانيا، تجنبت أيضاً تقديم الدعم لحالتي.
إذا تعلمت البحرين أي شيء من سعيها لتسلّمي، فهو أنّ الحكومة يمكن أن تعتقل وتعذب وتقمع شعبها ودول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا ستواصل النظر في الاتجاه الآخر. وتؤكد قضيتي قوة البحرين الهائلة في انتهاك المعايير الدولية، مثل إصدار “إشعار أحمر” غير شرعي من الإنتربول لتوقيف لاجئ أثناء سفره.
كما تُظهر البحرين أن الولايات المتحدة وبريطانيا تعتبران أن مصالحهما الخاصة أكثر أهمية من حياة الأفراد البحرينيين. تتخلى هذه الدول عن حقوق الإنسان في وقت تزداد الأمور سوءًا في البحرين وستستمر في التدهور.
أنا محظوظ لأنني تمكنت من العودة إلى أستراليا، لكن العديد من البحرينيين الآخرين ليسوا محظوظين، فإذا تلقوا نفس المستوى من الدعم الدولي الذي حصلت عليه، فقد يتمتعون بذات الحرية التي أعيشها الآن.”