نظرة عامة على تقرير التركيبة الداخلية للدولة البوليسية: وزارة الداخلية في البحرين، قمعٌ ممنهج، ووحشيّة

المقدمة:

أطلقت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين تقريراً بعنوان التركيبة الداخلية للدولة البوليسية: وزارة الداخلية في البحرين، قمعٌ ممنهج، ووحشيّة في الثالث من إبريل عام 2019. يجسّد التقرير نظرة شاملة على أجهزة الأمن الأساسية التي تقود أزمة حقوق الإنسان في البحرين.  وهي تعد أوّل دراسة كاملة لدور قوة الشرطة في وزارة الداخلية المتكامل في قمع المعارضة في المملكة. بحيث تبين أن وزارة الداخلية هي التي قادت انتقال البحرين بشكل مفاجئ إلى دولة بوليسية. وبالعودة الى الوثائق التابعة لسنوات القديمة التي قدمتها المنظمة، والتي بينت أن هناك أكثر من 1000 حادث انتهاك منفصل، يضم أكثر من 3000 انتهاك حقوقي خاص تعود إلى اجهزة وزارة الداخلية من عام 2011 وحتى يومنا هذا، من الاحتجاز التعسفي والتعذيب إلى الاغتصاب والقتل خارج نطاق القضاء.

وهذا التقرير يعطي نمطًا واضحاًعن وحشية الشرطة وقمعها على كل مستوى من مستويات القيادة في وزارة الداخلية، بحيث أن  نفس أنواع الانتهاكات التي ترتكبها نفس الوحدات باستمرار مع مرور الوقت. إن هذه الوثائق تثبت أن الانتهاكات الخطيرة مثل التعذيب هي نتاج لسياسة الأمر الواقع التي تنتجها ليس فقط ثقافة الإفلات من العقاب، ولكن أيضًا من خلال نظام الحوافز الذي يهدف إلى مكافأة المجرمين. نظرًا لأن الحكومة كلفت تدريجياً وزارة الداخلية بتطبيق قيود جديدة أكثر صرامة على الحريات الأساسية، يتم تبييض سمعة الضباط الأكثر قسوة إلى ضباط أكثر فعالية بحيث يتم ترقيتهم، بدلاً من معاقبتهم. وعليه، بهدف وقف موجة الإساءة وإجراءات المساءلة الحقيقية فإننا ندعو المجتمع الدولي بشكل عاجل إلى فرض عقوبات على مرتكبي الجرائم الرئيسيين في جميع وكالات وزارة الداخلية ومديري القيادة، حتى وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة.

للأسف، بسبب الخوف من الانتقام، من المفترض أن العديد من حالات سوء المعاملة لا يتم الإبلاغ عنها أو هي غير موثقة. والبعض الآخر لن يظهر إلا بعد انقضاء مدة طويلة. لذلك عند الإمكان ، نواصل توثيق الحوادث التي وقعت في السنوات الماضية، من خلال المعلومات المقدمة من الشهود بعد إطلاق سراح الأفراد المعنيين من السجن، ومن خلال برنامج الشكاوى التابع للإجراءات الخاصة في الأمم المتحدة الخاص بنا، الذي يمكن دعمه من خلال الشهادات ووثائق المحكمة وسجلات المستشفى والأدلة الأولية الأخرى.  إن مجموعة البيانات ليست عينة عشوائية بل هي مجموعة من الحالات التي سجلها العاملون الميدانيون لدينا. وبالتالي، فهي محدودة بطبيعتها من خلال وصولهم إلى الوثائق وشهادات الشهود، وكذلك  قدرة هذه المنظمة على معالجة الشكاوى رسمياً.

وعليه، تساعد هذه الإجراءات على ضمان الدقة، لكنها تتطلب أيضاً تعاوناً مكثفاً ومحفوفاً بالمخاطر مع الأطراف المعنية. هذا ما يسهّل توثيق الحوادث مع العديد من الشهود الذين يتم إدخالهم رسمياً في نظام العدالة الجنائية البحريني، بينما يصعب توثيق الأعمال العفوية لوحشية الشرطة أو الاختفاء القسري.

إرهاب الدولة، انتهاكات حقوق الانسان الجسيمة، وأعمال الشرطة في البحرين

تجدر الاشارة الى أن البحرين هي واحدة من أكثر الدول  التي تضم عناصر شرطة في العالم، في حين أن الحكومة لا تقدم معلومات مفصلة عن وزارة الداخلية، تشير التقديرات إلى أن قوامها يبلغ 110001 من ضباط الشرطة، يكملهم 15000 إلى 20000 موظف مدني في أدوار الدعم. هذا ما يؤدي الى اعتبار البحرين من بين أكثر الأنظمة القمعية في التاريخ.

وبحسب تركيبة الدولة البوليسية، تكشف منظمة أميركيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين هي واحدة من الدول التي نجد فيها أن الشرطة هي الأكثر قسوة في العالم. عن طريق فحص الأداة الرئيسية للقمع، وزارة الداخلية. إذ تقع أكبر المؤسسات الأمنية وأكثرها نشاطًا، في مركز البنية التحتية الأمنية الواسعة والمتداخلة في المملكة، وتنسيق العمليات بين الجيش البحريني والحرس الوطني، فضلاً عن عدد كبير من التقسيمات المترابطة التابعة لوزارة الداخلية. وبوصفها السلطة الرئيسية للشرطة، تشارك وزارة الداخلية وموظفوها بشكل مباشر في كل حالات الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري والقوة المفرطة والقتل خارج نطاق القضاء في المملكة. من خلال الاطلاع على الوثائق والبحوث الاولية على السنوات، بما في ذلك الشكاوى الرسمية التي تمت معالجتها مع الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة.

هذه هي حقيقة التركيبة الداخلية للدولة البوليسية في البحرين.

خلفية الجريمة والإجرام في البحرين

منذ أن تولى ملك البحرين الحالي العرش عام 2001، وخاصة منذ حركة 2011 المؤيدة للديمقراطية، أصدرت الحكومة أو عدلت مجموعة من القوانين والسياسات الرامية للحد من الحريات الأساسية، وتم إعادة تصنيف أعمال لا تعد ولا تحصى من حرية التعبير السلمية  والتجمع والمعتقد والجمعيات باعتبارها جرائم للأمن الوطني وجرائم ضد الدولة.

كما لوحظ وجود الاحتجاز التعسفي من خلال تقرير تابع للأمم المتحدة، بحيث أن معظم القوانين البحرينية تعتبر غامضة ومفرطة تقوم بفرض العقوبات على الأشخاص الذين يمارسون حقوقهم. وتوسعت وزارة الداخلية لمواكبة شبكة القيود المتزايدة هذه بحيث انهم يفرضون حظراً خاصاً على أشكال ناشئة من النشاط أو المعارضة ضد سياسات الحكومة الجديدة. ويفرضون مجموعة من الجرائم التي ليس لها أساس في إطار القانون الدولي.

القيادة والسيطرة: الهيكل ، التسلسل الهرمي ، والتنظيم

تتألف وزارة الداخلية من العديد من الاجهزة والمديريات العامة على المستويين المحلي والوطني. يشرف عادة على هذه المؤسسات مسؤولو وزارة الداخلية الذين يحملون لقب وكيل مساعد أو مدير عام يقومون بعد ذلك بتقديم تقارير مباشرة إلى وزير الداخلية أو إلى مرؤوسيه، وكيل وزارة الداخلية ورئيس الأمن العام. تتمتع وزارة الداخلية أيضاً بالسلطة على المحافظات الأربع للمملكة ومديريات الشرطة الإقليمية التابعة لها، والتي تخضع لقيادة رئيس الأمن العام، فضلاً عن خدمات الطوارئ الوطنية مثل نظام الإسعاف ومكافحة الحرائق.

وفيما يلي أبرز الجوانب للتسلسل الهرمي لوزارة الداخلية – والأفراد والمؤسسات الأكثر مسؤولية عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من أعلى إلى أسفل سلسلة القيادة.

نبدأ أوّلاً بالقيادة العليا: التي تتألف من وزير الداخلية ووكيل وزارة الداخلية ووكيل شؤون الجنسية والجوازات والإقامة ورئيس الامن العام، المفتش العام والمنسق العام للمحافظات.

وزير الداخلية:

وهو الذي يرأس وزارة الداخلية، ويعين من قبل الملك. يتشاور مع هذا الاخير للقيام باختيار مرؤوسيه. وهو ما يعرف بالشيخ راشد عبد الله آل خليفة الذي شغل هذا المنصب منذ 2004. كما انه المسؤول المباشر عن تطوير قوة الشرطة البحرينية الحديثة تحت حكم الملك حمد.

وكيل وزارة الداخلية:

وكيل وزارة الداخلية، حالياً الشيخ ناصر بن عبد الرحمن آل خليفة، يشغل منصب نائب وزير الداخلية، حيث يساعد في الإدارة العامة ويشرف على مجموعة من أجهزة الوزارة المساعدين في مختلف العمليات الإضافية والتقسيمات الفرعية التابعة لهم. ويتمتع الوكيل بسلطة على فرقة شرطة البحرين والأمن العام ونادي ضباط الأمن العام.

وكيل شؤون الجنسية والجوازات والاقامة:

يشرف وكيل شؤون الجنسية والجوازات والاقامة، الشيخ راشد بن خليفة آل خليفة، على التقسيم المستقل لوزارة الداخلية الذي ينظم سياسات الجنسية والهجرة في البحرين. هذا التقسيم يشمل وكيل مساعد للجنسية والجوازات والإقامة بالإضافة إلى وكيل مساعد للمخارج والتحقيق والمتابع المكلف بمعالجة الجرائم المحتملة المتعلقة بهذا النطاق.

رئيس الأمن العام:

من بين أقوى مرؤوسي وزارة الداخلية وهو رئيس الأمن العام، الذي يشغل منصب القائد الرئيسي لأفراد الشرطة البحرينية، والذي يعرف الآن باللواء طارق الحسن.

يشرف رئيس الأمن العام على جميع الوحدات الميدانية لوزارة الداخلية المسؤولة عن الحفاظ على النظام والأمن في البحرين، ويدير رئيس الأمن العام أيضاً الأكاديمية الملكية للشرطة ومؤسسات التدريب المختلفة التابعة لها، ورابطة الأمن العام الرياضية، وهي هيئة ألعاب القوى الرسمية لضباط وزارة الداخلية.

ان للرئيس ثلاثة مرؤوسين فوريين: نائب رئيس الأمن العام؛ مساعد رئيس الأمن العام لشؤون العمليات والتدريب، الذي يشرف على مديريات التدريب والاتصالات والعمليات بالإضافة إلى مركز الإرهاب المشترك. ومساعد رئيس الأمن العام للشؤون الإجتماعية، الذي يساعد في الإشراف على عدد من المديريات المذكورة أعلاه، مثل قوات شرطة المحافظة وقوات شرطة خدمة المجتمع.

المفتش العام:

يشار الى المفتش العام أحياناً بأنه المفتش العام للشرطة، وهي المؤسسة التي تعنى بالتحقيقات الداخلية الرئيسية والسلطة التأدبية. تقع ثلاث مديريات تحت قيادة المفتش العام: مديرية الجودة والرقابة المالية والإدارية ومديرية الشكاوى وحقوق الإنسان ومديرية الانضباط والأمن الوقائي. إن المفتش ونائبه وكذلك المديريات مكلفون برصد وتشجيع سياسات وزارة الداخلية والقوانين البحرينية. وأخيراً، تجدر الإشارة الى أن المفتش يخدم الملك ويرفع تقاريره مباشرة إلى وزير الداخلية، ويقوض استقلاله عن الأسرة الحاكمة وبقية وزارة الداخلية.

المنسق العام للمحافظات:

 هو المكلف بالإشراف على إدارة المحافظات الأربع في البحرين: العاصمة والمحرق والشمال والجنوب. يتم تعيين حكام البحرين بدلاً من انتخابهم، ويتم دمجهم في جهاز الأمن التابع لوزارة الداخلية. بدلاً من الرد على الدوائر الانتخابية في محافظاتهم، فإن حكام البحرين يرفعون تقاريرهم في نهاية المطاف إلى وزير الداخلية، وهم يعملون بصورة وثيقة مع مديريات شرطة التابعة لمحافظاتهم برئاسة رئيس الأمن العام.

ثانيّاً وبعد تعداد الأقسام الرئيسية للقيادة العليا، يأتي من بعدها الأجهزة والإدارات الرائدة وتتعدد الى حد كبير بترتيب تنازلي للسلطة والحجم: المديرية العامة للتحقيق الجنائي وعلوم الطب الشرعي. الإدارة العامة للإصلاح والتأهيل، وقيادة قوات الأمن الخاصة مديريات شرطة المحافظات الاربعة.

  • تعتبر المديرية العامة للتحقيق الجنائي وعلوم الطب الشرعي (GDCIFS) أداة أساسية لوزارة الداخلية للكشف عن المعارضين . ولذلك فهي تعتبر من بين اكثر آليات القمع شهرة وفعالية في البحرين نظراً لارتباطها بوزارة الداخلية. وهي تقوم بدورها بتجميع المعلومات عن المشتبه بهم واعتقال الأشخاص عند استجوابهم. وهي تنقسم الى مديرية المعلومات الجنائية والى البحث الجنائي (مديرية التحقيقات الجنائية).

نبدأ بادارة المعلومات الجنائية أو ما يعرف باسم مديرية المعلومات الجنائية (FSCID) باعتبارها فرع التحليل للمديرية العامة للتحقيق الجنائي وعلوم الطب الشرعي، بحيث تكمن مهمتها في إجراء اختبارات الطب الشرعي أثناء التحقيقات وكذلك مراقبة وجمع المعلومات عن المجرمين المحتملين لتحديد أهداف الأقسام الأخرى في المديرية العامة ووزارة الداخلية. ثم يتم استخدام هذه المعلومات من قبل وكالات وزارة الداخلية الأخرى، لمتابعة الناشطين والمتظاهرين وغيرهم من المعارضين المتصورين.

أمّا إدارة التحقيقات الجنائية (CID)، والتي تقوم  بتتبع وحجز واستجواب المستهدفين في وزارة الداخلية. فهي تعتبر الاداة الرئيسية لارهاب الدولة ولذلك فهي من أكثر الأجهزة المسيئة في وزارة الداخلية.

تشرف إدارة البحث الجنائي على كل من الاعتقالات الأولية في المملكة أو مرافقة أو تلك التي توجه شرطة المحافظة أو قيادة قوات الأمن الخاصة على مداهمات منزل الهدف أو مكان العمل. كما أن موظفو إدارة البحث الجنائي يعذبون المحتجزين لانتزاع شهادات أو اعترافات. الكثير من هذه الشهادات ملفقة بشكل واضح، حيث يجبر موظفو إدارة البحث الجنائي المعتقلين على التوقيع على إفادات معدة يُمنعون من قراءتها. وبحسب تقرير المنظمة إن هذه الادارة تورطت بشكل مباشر بوجود حوالي 27% من انتهاكات وزارة الداخلية أي 385 حالة من انتهاكات حقوق الانسان الجسيمة، وتشمل هذه الحالات القاصرين الذين لا تتجاوز أعمارهم 14 عاماً وكذلك الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.

  • الإدارة العامة للاصلاح والتأهيل (GDRR): وهي التي تدير مرافق الاحتجاز طويلة الاجل في البحرين ومنها: مركز احتجاز حوض الجاف ومركز مدينة عيسى وسجن جو المركزي. بحيث أن بعد الاعتقال الأولي والاستجواب في مراكز شرطة المحافظات المحلية أو منشآت إدارة البحث الجنائي، يتم إطلاق سراح المحتجزين أو إعادة سجنهم لفترة طويلة قبل توجيه الاتهام إلى حين التحقيق أو توجيه التهم إليهم. وفي كلا الحالتين يتم نقل الذكور الى سجون مستقلة عن تلك التي يتم نقل فيها النساء. وبالفعل، بحسب الأرقام التي قدمتها الأمم المتحدة، نجد أن البحرين تحظى بأعلى نسبة سجناء في الشرق الاوسط. وتشير التقديرات إلى أن ما بين 3000 و 4000 من المعتقلين الحاليين في البحرين هم سجناء سياسيون محتجزين بتهم ملفقة من شهادات بالإكراه أو نابعة فقط من نشاط سياسي مجرم أو نشاط في مجال حقوق الإنسان.

كان لمنظمة ADHRB دور كبير بتوثيق حالات الانتهاكات الفردية والفعالة لحقوق الانسان التي ارتكبتها هذه الإدارة، وتبين أنّ موظفي هذه الادارة تورطوا بشكل مباشر، حوالي 62% من الإنتهاكات التابعة  لوزارة الداخلية وهي أعلى معدل للمخالفات التابعة لوزارة الداخلية. علاوة على ذلك، سجلت المنظمة حوادث متواصلة من التمييز الديني والتعذيب، بما في ذلك العقوبات الجماعية للسجناء، مثل محاولات الهرب أو الاحتجاجات أو الإضرابات عن الطعام.

  • قيادة قوات الامن الخاصة (SSFC): وهي تلك التابعة لوزارة الداخلية ووكالة مكافحة الإرهاب الرئيسية التابعة لها، والمتورطة بأعمال القتل خارج نطاق قانون البحرين. تتألف قوات الامن الخاصة من مكاتب مزودة بالسلاح، ونظراً لاسلحتهم ومظهرهم يشار إليهم باسم قوات مكافحة الشغب. كان تأسيسها في البداية يهدف الى حماية البنية التحتية النفطية في البحرين، وكان تطويره هو الهدف الأساسي لوزارة الداخلية. انتقل عملها في البداية الى التعامل مع الاضطرابات المدنية من ثم التجنيد الإجباري، أمّا بعد دخول قوات الحرس الوطني السعودي وضباط الشرطة الامارتية، أصبح تركيز جهودها على قمع المظاهرات والنشاطات، وسحق المعارضة في البحرين. ونظراً للتدريبات المكثفة التي خضعوا لها، فإنهم يستخدمون بشكل روتيني القوة المفرطة والقاتلة لتفريق المتاظهرين واقتحام المنازل والقيام بالاعتقالات. والفيديوهات والصور التي وثقتها منظمة ADHRB تثبت ذلك.
  • مديريات شرطة المحافظات في البحرين: هي أربعة تعمل على تطبيق القانون المحلي للمملكة. وهي مكلفة بمعالجة قضايا الجرائم والسلامة العامة مع وحدات الشرطة غير المسلحة التابعة لها. والجدير بالذكر، أن كل محافظة من المحافظات تشكل أيضاً البنية التحتية الأساسية لدولة الشرطة البحرينية ففيها من مراكز الأمن ونقاط التفتيش التي توفر من الدرجة الأولى قدرات المراقبة والاحتجاز. أوّل محافظة هي مديرية الشرطة الشمالية، وأهم ما يميز هذه المحافظة أنها تنسق مع مديرية أخرى تقع داخل المحافظة على حدود المملكة العربية السعودية. كما أنها تضم أعلى نسبة من الاساءات بين المحافظات الاربع. مديرية شرطة العاصمة وهي التي تضم أكبر عدد من السكان من بين المحافظات الاربعة، ويوجد فيها ثاني أعلى معدلات سوء المعاملة حيث انها سجلت 132 حادثة في المنطقة و34 حادثة أخرى تنطوي على أقسام فرعية من مديرية الشرطة. مديرية شرطة المحرق وعلى الرغم من أنها أكبر محافظة في البحرين، الّا أنّ مركزها يشتهر بالتعذيب التابع لجهاز الأمن الوطني بحيث تم توثيق 51 حالة من الانتهاكات التي ارتكبت في مرافق شرطة المحرق. وأخيراً مديرية الشرطة الجنوبية، وفيها توجد أدنى معدلات اساءة في المعاملة بين المحافظات الاربعة نظراً لانها الأقل سكاناً في البحرين. الّا أنه تم توثيق 12 حالة انتهاك خطير وقعت فيها من قبل منظمة ADHRB.

بالاضافة الى كل ما تم ذكره، فإن وزارة الداخلية، تضم أقساماً فرعية أخرى تعرف  بجهاز الدعم والادارات وأهمها المديرية العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي لشؤون الجنسية والجوازات والاقامة (NPRA) .

المديرية العامة لمكافحة الفساد  والأمن الاقتصادي هي إحدى الادارات الفرعية التابعة لـ  GDCIFS تم تأسيسها للتحقيق في الجرائم المالية والالكترونية وتقوم بإرسال تقارير خاصة بالجرائم الالكترونية والمالية الى وزارة الداخلية. إن أهم الامور التي لا بد من معرفتها عن هذه المديرية أن ادارتها أصبحت السلطة التنفيذية الرئيسية لقانون الجرائم الالكترونية في البحرين، وتتضمن أحكاماً غامضة تنتهك الحق في الخصوصية وتجرم أعمال حرية التعبير عبر الانترنت. كما أنها تلعب دوراً رئيسياً في دعم GDCIFS والاتصالات في البحرين ووزارات الإعلام، ومساعدتهم على استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين والسياسيين المعارضين وغيرهم من الأفراد المتهمين بانتهاك الحظر الشامل الذي تفرضه المملكة على انتقادات الإنترنت. كما ان هذه الإدارة متورطة بحالات عديدة من الاحتجاز التعسفي والتعذيب، وتشارك بشكل خاص في عمليات انتقامية ضد الصحافيين والناشطين عبر الإنترنت بسبب جرائم ناشئة عن حرية التعبير. وهي تقوم بانتظام باحتجاز واستجواب الأفراد بسبب انتقادهم للحكومة على وسائل التواصل الاجتماعي أو الترويج للمظاهرات أو الإبلاغ عن قضايا حساسة. وفي حال لم يتمكن موظفوها من التحقق من هوية المستخدمين، يحتجز المستخدم ويقومون بتعذيبه أو استخدام أي وسيلة أخرى حتى يعترف. مثل ما حصل مع حسين حبيل المصور المستقل الذي يعتبر ضحية وقع بأيدي وزارة الداخلية بتهمة التحريض على كراهية النظام السياسي عند استخدامه مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك ابراهيم شريف وغيرهم من المتهمين.

لا بل أكثر من ذلك، إن وزارة الداخلية في البحرين أصدرت قراراً عام 2018 أنها منحت لهذه المديرية ترخيصاً أوسع لاستهداف الجهات الفاعلة المستقلة في المجتمع المدني. في 25 مارس، صرح وزير الداخلية البحريني بأن الشرطة ستتخذ تدابير جديدة “لتعقب” الناشطين لانتقادهم للحكومة على وسائل التواصل الاجتماعي حتى وصل عدد حالات التوقيف في هذا اليوم الى 1283 حالة على الاقل منذ صدور هذا القرار. ومع الإستمرار فإن وزارة الداخلية تطمح الى التوسع أكثر في اتخاذ تدابير صارمة أكثر ضد مستخدمي تواصل الاجتماعي.

وبالاتنقال الى القسم الآخر من وزارة الداخلية، أو ما يعرف شؤون الوطنية لجوازات السفر والاقامة، يرأسها وكيل مخصص الذي يقدم تقاريره إلى وزير الداخلية. تعمل هذه الاولى على تنفيذ قوانين الجنسية في البحرين، مما يجعلها مسؤولة عن تنفيذ أوامر وزارية لانتزاع جنسية الأفراد  بشكل تعسفي وترحيل الناس من المملكة. عام 2014، عدلت الحكومة قانون الجنسية الذي ينص على أنه يجوز إلغاء الجنسية البحرينية، بناءً على طلب من وزير الداخلية، بالاضافة الى العديد من القوانين المجحفة بحق المواطنين. فإن هذه الأحكام الغامضة تمنح وزارة الداخلية سلطة تقديرية واسعة لإصدار أوامر الإلغاء التعسفي ضد الناشطين والحكومة. وغالباً ما تكون قرارات الإلغاء غير مؤهلة للطعن العادي.

 وبناءً على هذا القرار حرمت الحكومة البحرينية أكثر من 700 بحريني منذ عام 2012 غالبية المتضررين هم من المجتمع الشيعي المهمش في المملكة، وكثير منهم أصبحوا عديمي الجنسية. وأثناء تواجدهم في البحرين، فهم غير قادرين على امتلاك العقارات أو فتح حسابات مصرفية أو الوصول إلى الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية أو التسجيل في التعليم. بالاضافة من منع النساء من اعطاء الجنسية لاولادهم. أمّا عديمو الجنسية يقدمون طلباً للحصول على الاقامة واذا حرموا من الاقامة أجبروا على الرحيل من البحرين وقبل الترحيل يقومون بحجزه. استمرت هذه المعاملة حتى على الاجانب ومنظمات حقوق الإنسان، كعملية الطرد التي حصلت مع مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية للديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل بالاضافة الى العديد من الصحافيين أو المراقبين الدوليين المستقلين الذين يحاولون زيارة البحرين.  وأخيراً من الاعمال التي قامت بها أيضاً، هو منع السكان المحليين من السفر من بينهم الناشطين والصحافيين من دون أي أمر قضائي او أي سبب مبرر.

سياسة القمع: انتهاكات واسعة النطاق

هذا الأمر ليس ببعيد، إن مختلف الاجهزة التابعة لوزارة الداخلية، تقوم بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق، تم توثيقها من قبل المنظمة عبر الزمن  بما في ذلك الاحتجاز التعسفي والمداهمات المنزلية بدون إذن قضائي والاختفاء القسري وتعذيب وتدخل العملية الواجبة وظروف الاحتجاز دون المستوى المطلوب والحرمان من الرعاية الصحية والقوة المفرطة ووحشية الشرطة والتمييز الديني. وهذه الانتهاكات تعتبر الهدف الأساسي لوزارة الداخلية.

أوّلا: الاحتجاز التعسفي والمداهمات المنزلية

ويعد من أكثر الانتهاكات لحقوق الانسان المتواجدة في البحرين من دون اي اذن قضائي، بحيث تقوم باعتقال كل شخص يقوم بممارسة حقوقه الأساسية من دون أي مبرر قانوني ولذلك تم توثيق العديد من الحالات من ضمنها الاحتجاز التعسفي للمتظاهرين السلميين والناشطين السياسيين والصحافيين والزعماء الدينيين والمدافعين عن حقوق الإنسان. بحيث يحتجز المئات منهم من قبل وزارة الداخلية من دون أي أسباب أو مستندات. يرتبط الاحتجاز التعسفي ارتباطاً وثيقاً بالتعذيب في البحرين، والمحتجزون بشكل تعسفي معرضون بدرجة كبيرة لخطر الانتهاكات الأخرى لحقوق الإنسان مثل الاختفاء القسري والمحاكمة غير العادلة.

ومن الأمثلة التي تم توثيقها من قبل المنظمة 517 حالة  من اعتقالات التعسفية التي حصلت و257 من المداهمات المنزلية. إن هذه المداهمات الاعتقالات التعسفية تحدث في كثير من الأحيان عند نقاط التفتيش ومراكز السفر والمحاكم والمستشفيات والأماكن العامة الأخرى حيث يحتفظ موظفو وزارة الداخلية بوجودهم. مع العلم أن هذه الاعتقالات التعسفية الناتجة عن مداهمات المنازل تكون بشكل عام أكثر استهدافاً من أنواع الاحتجاز التعسفي الأخرى، مثل الاعتقالات في الشوارع. وتواصل من بعدها الأجهزة التابعة لوازرة الداخلية تنفيذ خطتها كشن المداهمات وغيرها من المعاملات السيئة والتخويف والمضايقة والاعتقالات التي تكون أثناء الليل، تكسير الأبواب، والإهانات الطائفية وسوء المعاملة اللفظية. وواصلت وزارة الداخلية هذه الخطط في السنوات السبع الأخيرة ولكن مع المزيد من الانحراف. كما أنها تقوم أيضاً بعمليات الاقتحام الجماعية، عندما يكون الشخص المطلوب مجهول الهوية فيعاقبون بشكل جماعي حتى يتبين لهم هذا الشخص المطلوب. وعليه، شرعت وزارة الداخلية فعلياً سياسة العقوبة الجماعية وأضافت على الشرطة سلطات اضافية لانتهاك حقوق الانسان أثناء عمليات مكافحة الارهاب. وعليه، ساهمت حملة الاعتقالات التعسفية التي قامت بها وزارة الداخلية الى التفكيك الفعلي للمجتمع المدني المستقل في البحرين، حيث تم سجن العشرات من أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين والزعماء الدينيين وشخصيات المعارضة.

ثانيّاً: الاختفاء القسري

وهو يتم على أيدي وزارة الداخلية بالطبع، وبمعنى آخر هو الحرمان الفعلي للفرد من حريته قبل السلطات الحكومية. سجلت المنظمة حتى الآن 145 حالة اختفاء قسري في البحرين من بين عام 2010 حتى عام 2018. وتقوم هذه السلطات إبالاخفاء دون وجود أمر رسمي، مما يجعل من الصعب تحديد الجهاز الذي يقوم بالاحتجاز. أمّا عن حالة هؤلاء المحتجزين فهم ممنوعون من التواصل مع العالم الخارجي، وكثير من الاحيان يتم نقلهم الى أجهزة أخرى تابعة لوزارة الداخلية. وعلى الرغم من أن المدة التي يحتجز فيها الأفراد هي غير محددة فالأجهزة لا تفصح أي معلومة عنهم. ومن أشهر القضايا عن الاحتجاز هي تلك التابعة لشخص يدعى سيد حسن علوي والثاني هو فاضل السيد عباس حسن راضي اللذان تمت محاكمتهما من قبل المحكمة العسكرية وكانت قضية ارهابية مغلقة، وحكمت عليهما بالإعدام.

ثالثاً: التعذيب

انه أكثر الإنتهاكات شيوعاً في المملكة ويستخدم كثيراً الشهادات الكاذبة والإدانة ومعاقبة أعداء الدولة. وعليه، سجلت المنظمة 570 حالة تعذيب منفصلة  قامت بها وزارة الداخلية وأهمها إدارة البحث الجنائي. إنّ موظفي وزارة الداخلية يستخدمون جميع أنواع التعذيب أمّا الطريقة الاكثر شيوعاً هي من خلال الضرب بقبضات اليد والأسلحة وغيرها. تشتمل الطرق الأخرى على وضع الوقوف القسري أو التعليق أو الضغط والصدمة الكهربائية والاعتداء الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب.

وعليه سجلت المنظمة أكثر من 200 حالة من بين مسؤولي وزارة الداخلية يحرمون المحتجزين من الماء والغذاء والنوم والوصول إلى دورات المياه. كما منعوا من الصلاة وتعرضوا للاهانات الطائفية وخطابات الكراهية وكل أنواع التمييز الديني.

كما قام محققو وزارة الداخلية بنزع أظافر المعتقلين بالقوة وإجبارهم على شرب البول، طعنهم، ورش الفلفل عليهم. أو عن طريق حقنهم قسراً بعقار أو مادة غير معروفة. بالإضافة إلى الإساءة المباشرة، يعاني هؤلاء من جلسات تعذيب والتي يؤدي بعضها إلى إصابة دائمة أو وفاة. ومن أشهر القضايا في حالات التعذيب هي تلك التي حصلت مع حسام مهدي سررور الذي كان دائماً يشارك في الاحتجاجات حتى أوقفته الشرطة وعرضته للضرب المبرح واستمرت بالتعذيب دون أي تهمة قانونية قبل اطلاق سراحه. حتى من بعدها قاموا بمداهمة منزل شقيقه الفنان، وخلال فترة حجزه تم تعذيبه من دون توجيه له أي تهمة. وغيرهم من الاشخاص والقضايا المشهورة التي تبين حالة التعذيب القاسية التي يتعرض لها أقارب الناشطين أيضاً أو المدافعين عن حقوق الانسان أو أي شخصية معارضة  بدون أي مبررات جدية.

رابعاً: الإجراءات القانونية:

إضافة الى الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب، حجم القمع الذي تتبعه سياسة هذه الدولة كان كبيراً بحيث أن شرطة وزارة الداخلية تتدخل بشكل روتيني في استقلال القضاة والمحامين، أو تقوض معايير المحاكمة العادلة أو تعمل على انتهاك الإجراءات القانونية. بالاضافة الى الاعتقالات التي تكون من دون أي دليل بحيث لا يجوز إطلاق سراحهم الا اذا تمكنوا من إثبات أي شيئ ضدهم. كما، لا يمكن الإتصال بمحامٍ الا بعد الاستجواب واستخراج الشهادة وهذا بالطبع لا يتوافق مع القانون. لذلك وثقت منظمة ADHRB 383 حالة من حالات انتهاك الاجراءات القانونية التي ارتكبتها وزارة الداخلية.

وعلى الرغم من أن الدستور فصل وظيفة النيابة عن وزارة الداخلية عام 2002،  إن مكتب النيابة العامة ظل تحت اشراف وزارة الداخلية مما يؤدي الى الاستمرار في تقويض قدرة النظام القضائي عن العمل بنزاهة. إن عدم الفصل هذا، كان نتيجته الإستغلال للتلاعب بالأدلة وتلفيق القضايا وانتهاك الحق في البراءة.  كما أن المدعون العامون يهددون بإعادة المعتقلين الى إدارة البحث الجنائي أو الى أي جهاز آخر تابع لوزارة الداخلية لاستمرار تعرضهم للاساءة إذا لم يفصلوا في شهادات الاكراه فيقومون كثيراً بالاعتداء الجسدي.

سجلت ADHRB حوادث لكن عملت وزارة الداخلية مع النيابة العامة على تقديم أدلة زائفة، أكثر شيوعاً عن طريق نقل المحتجزين إلى أماكن خارجية وإجبارهم على ارتكاب جريمة تحت تهديد استمرار التعذيب. غالباً ما يتم تقديم هذه التصريحات الخاطئة إلى النيابة أو البث على التلفزيون أيضاً. كما ينسق موظفو وزارة الداخلية مع مكتب النيابة العامة على منع عمل المحامي عن طريق الإخفاق في الكشف عن مكان وجود المدعى عليه او تقديم معلومات خاطئة فيما يتعلق بموقعه. توضع عقبات كبيرة في طريق الوصول إلى مراكز الاحتجاز وقاعات المحكمة، أو عن طريق منعهم تماماً من الوصول. علاوة على ذلك، تتدخل الشرطة بشكل روتيني في عمل المحامي بحيث ترفض أحياناً إحضار المدعى عليه الى المحكمة لحضور جلساته وهذا طبعاً يؤدي الى إصدار أحكام غيابية بحق المعتقل أو يتم إحضاره الى القاعة ولكن يتم وضعه في زنزانة زجاجية تعمل كحاجز صوتي. وعليه،  إن المحامي غير قادر على التواصل مع المدعى عليهم ولا التشاور معهم في نهاية الجلسة، لذلك يقوم أحياناً موظفو وزارة الداخلية على ضرب المدعى عليهم في السيارة قبل الوصول الى قاعة المحكمة.

خامساً: معايير الاحتجاز والحرمان من الرعاية الطبية

لا بد من الانتقال إلى الشق الآخر من القمع والانتهاكات التي تحصل بشكل مستمر في المملكة، نظراً لمعايير الاحتجاز السيئة التي تنتهجها وزارة الداخلية إضافة الى حرمان الافراد المحتجزين من الرعاية الصحية.

إضافةً الى الحالات العديدة التي تم تسجيلها، فإن المركز الرئيسي للإقامة الطويلة والمعروف بسجن جو، يشتهر بظروفه المعيشية غير الإنسانية. حتى بعد أن تمت توسعته، فهو مزدحم باستمرار وتتعرض أقسامه للخطر. بحيث يجبرون على النوم على الأرض وفي الممرات المليئة بالنفايات وخاصة المحكوم عليهم بالإعدام بحيث يعيشون في ظروف غير صحية  وفي غرف ضيقة مما يكفي لنوم سجين واحد فقط بجانبه. كما يجبرون البعض على تناول الطعام داخل زنزانتهم وبجانب النمل والصراصير. تلقت ADHRB تقارير متزايدة تفيد بأن إدارة سجن جو لا توفر المياه الكافية والمنعدمة الجودة. نتيجة لهذه الظروف غير الصحية، تنتشر الأمراض المعدية مثل الجرب بسرعة بين نزلاء السجن، في حين أن المرافق الرعاية الصحية غير كافية وغير مجهزة للتعامل مع حالات الطوارئ.

فرضت سياسات جديدة وشديدة عند حصول آخر حادثة للفرار في سجن جو، بحيث منعت الزيارات العائلية مع تجاهل شكاوى المحتجزين وإلغاء مواعيد المستشفى ومنعهم من الحصول على الرعاية الطبية واغلاق الأبواب لمنعهم من دخول الحمامات وغيرها من الأعمال الوحشية والقمعية التي لا يمكن أن يتصورها المرء. إن هذه الوحشية فرضت على مجموعة محددة بالذات حيث منعوا من الحصول على الملابس الداخلية والصابون والحلاقة وغيرها من مستلزمات النظافة أو الكتب التي تحمل نصوص دينية. بل لا بد من دفع ثمن الصابون وفرشاة الأسنان من متجر السجن، مما يجعل المنتجات الصحية الأساسية غير متاحة لمن لا يستطيعون الحصول عليها. بالإضافة إلى ذلك، تزيد الخلايا المزدحمة من انتقال الأمراض المعدية، بما في ذلك الالتهاب الكبدي. ولقد تبين أن مسؤولي مدينة عيسى منعوا السجناء السياسيين على وجه التحديد من الوصول إلى الكتب، بما في ذلك القرآن. ويتعرضون باستمرار لمضايقات لفظية يومية وإساءات جسدية وتهديدات بالاعتداء الجنسي من جانب حراس السجن. ومن السجناء البارزين الذين تعرضوا لمثل هذه الانتهاكات هم مجموعة من المدافعين عن حقوق الانسان والناشطين السياسيين من بينهم نبيل رجب وحسن مشيمع.

أمّا بالنسبة الى للرعاية الصحية والتي تعتبر غير كافية بالنسبة للمعتقلين، هي دون المستوى المطلوب. بحيث ينتشر في مراكز الاحتجاز وخاصة سجن جو الأمراض وغالباً ما تُترك الحالات الشديدة من دون أي علاج. اضافة الى القيود غير المعقولة والمهينة التي دفعت السلطات إلى منع السجناء من الحضور الى المواعيد الطبية إلا عند ارتدائهم زي السجن. كما قاموا بتقييد توزيع الأدوية على هؤلاء المعتقلين كوسيلة لإجبارهم للحضور الى العيادة في الأصفاد لتلقي الوصفات الطبية بدلاً من تلقيها في زنازينهم. نتيجة لذلك، تم إجبار السجناء على التقنين وتبادل جرعات الدواء بين المصابين بنفس الظروف ويمتنعون دائماً في فحص المحتجزين المصابين عند تكليفهم بالتحقيق في مزاعم العنف الجسدي. وللأسف، ان حرمان السجناء من الرعاية الصحيحة أدى بشكل أو بآخر الى وفاة أحد السجناء كحالة حسن جاسم حسن وكذلك محمد سهوان.

نقلت الحكومة البحرينية السيطرة على نظام الرعاية الصحية من إدارة مدنية الى الجيش والقوات التابعة لوزارة الداخلية. حيث كانوا يراقبون علامات الاصابة التي تسببت بها الشرطة ويمنعون عنهم الرعاية الصحية.  كما يصدرون قرارات تمنع المستشفى من استقبال مصابي الاحتجاجات حتى تتمكن الشرطة من الوصول والقيام باستجوابهم. فيخشى الجرحى طلب العلاج خوفاً من الاعتقال والتعذيب والمقاضاة. والجدير بالذكر أن الحلفاء الأجانب مع البحرين لعبوا دوراً مهماً في إنشاء هذه الأنظمة بحيث وقعت البحرين مذكرة تفاهم مع الحكومة الفرنسية عام 2015 للمساعدة في التدريب، وصياغة دليل إجراءات العمل والتشاور.

سادساً: وحشية الشرطة والقتل خارج نطاق القانون

تستخدم قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية ، القوة غير اللازمة أو المفرطة بانتظام،  للقبض على الأهداف وتفريق الاحتجاجات. في كثير من الحالات، يبدو أن استخدام القوة يتم عن قصد لإلحاق الأذى أو القتل بالمعتقلين والمتظاهرين، مما يصل إلى حد التعذيب أو القتل خارج نطاق القضاء.

لذا سجلت المنظمة 306 حادثة استُخدمت فيها القوّة المفرطة أو وحشية الشرطة التي ارتكبتها وزارة الداخلية، بالإضافة إلى 86 عملية قتل خارج نطاق القضاء. أوّلها القوة المفرطة، خاصة عند التجمعات السلمية التي يحظر القيام بها في المملكة. وعلى الرغم من ان المرسوم الذي صدر عام 2014 يسعى الى تعزيز قواعد سلوك الشرطة وبالتالي تنظيم استخدام القوة إلا في الحالات القصوى كالدفاع عن النفس. فهم يعمدوا إلى نشر الذخائر الهجومية في تلك التجمعات كالغازات المسيلة للدموع وغيرها من المعدات الفتاكة، لمعاقبتهم. ويظل استخدام القوة في الحالات الأخرى عائداً للضباط الذين لهم السلطة التقديرية الواسعة في ذلك.

غير القوة المفرطة، إن الاجهزة التابعة لوزارة الداخلية تستخدم أيضاً القوة المميتة، بحيث قُتلَ أكثر من 100 شخص فيما يتعلق بالحملة الأمنية للحكومة ضدّ حركة الاحتجاج المؤيدة للديمقراطية، بالمعدات والوسائل المتعددة التابعة لوزارة الداخلية مثل SSFC مما أدى الى زيادة القتل خارج نطاق القانون في السنوات الاخيرة.  كالحالات العديدة التي لا تعد كالذي حصل في منطقة الدراز على أثر انتزاع  جنسية الشيخ عيسى قاسم الزعيم الديني البارز للمجتمع الشيعي.

 

سابعاً: التمييز المذهبي

لا بد التذكير أوّلاً بأن وزارة الداخلية هي مؤسسة متعصبة وطائفية، نظراً لسوء معاملتها وأعمالها القمعية التي تستخدمها بحق المجتمع الشيعي المهمش.  وبمعنى آخر، يُظهر موظفو وزارة الداخلية عادةً تحيزاً صريحًا ضد الشيعة وينتهكون بشكل ممنهج حقوقهم الدينية. بدءاً من ممارسة التوظيف، تعمل جميع المؤسسات الأمنية في البحرين بممارسات التجنيد أي تدريبات راديكالية مناهضة للشيعة مع الخدمات المسلحة التي تعتمد بشكل غير متناسب على المجندين السنة والأجانب. تشير التقديرات إلى أن الشيعة لا يمثلون سوى 10 في المائة من وزارة الداخلية، وأنهم في الغالب ينزلون إلى أدوار إدارية بحتة أو أدوار منخفضة المستوى. وهناك أدلة على أن وزارة الداخلية تشارك في “التنميط الطائفي”، حيث تطلب الوزارة من المرشحين للوظائف تقديم مستندات تشير إلى الطائفة، ثم مطالبة المرشحين الشيعة بإنتاج “شهادة حسن السيرة والسلوك”. ومن المزيد من الوعود والتعهدات، فليس هناك أي عمل يصحح الخلل في ادوار إنفاذ القانون والمناصب العليا. وعليه،  لا يوجد أي دليل يشير إلى أن الحكومة اتخذت خطوات إضافية لإدماج الشيعة في وزارة الداخلية أو غيرها من قوات الأمن. بدلاً من ذلك، فاقمت الحكومة عن قصد هذا التباين من خلال الحفاظ على سياستها القديمة المتمثلة في توظيف موظفين سنة مولودون في الخارج.

وصولاً الى خطاب الكراهية، التوظيف، وانتهاكات الحقوق الدينية، فهناك أيضا ًدليل على أن قوات الأمن البحرينية تنشر المواد المتطرفة وخطاب الكراهية بشكل مباشر، وقد ترك بعض الأفراد الخدمات للانضمام إلى الجماعات المتطرفة. نشر الجيش منشورات دينية تدعو إلى العنف والتمييز ضد المسلمين الشيعة. بحيث وثقت المنظمة 300 حالة استخدم فيها موظفو وزارة الداخلية خطاب كراهية طائفية متشابه أو شاركوا في التمييز الديني أثناء عملياتهم، لا سيما أثناء عمليات الاعتقال التعسفي والتعذيب. وتشمل هذه الانتهاكات منعاً ممنهجاً للصلاة أثناء الاحتجاز.

تلقت المنظمة تقارير تفيد بأن المحتجزين في سجن جو أعلنوا عن إضرابهم عن الطعام بعد أن هاجم الحراس السجناء لمشاركتهم في صلاة جماعية. وأشارت التقارير إلى أن الحراس قاموا على وجه التحديد بضرب الشيخ محمد المنسي لقيادته الصلاة. في سجن مدينة عيسى، عاقب الحراس النساء على إحياء الشعائر الدينية وتعرّضن للمضايقات والفصل بين السجينات السنة والشيعة اللواتي يحاولن الصلاة معاً. بالاضافة الى كل ذلك إن موظفي وزارة الداخلية، قاموا بتدمير ما لا يقل عن 53 من المساجد والمؤسسات الدينية الشيعية. وبالقاء القبض على رجال الدين الشيعة نظراً لأن موظفي وزارة الداخلية يكرهون الشعائر الدينية  خاصة خلال شهر محرم الاسلامي. حتى انه تم استجواب رجال دين متعددين ومجموعة من الشباب بسبب خطبهم وصلاة الجماعة، هذا كله يدل على ما توصل اليه أحد الناشطين البارزين علاء الشهابي، والذي أكد أن هناك صلة مباشرة بين داعش والاجهزة الامنية في البحرين.

الفشل في الإصلاح: ديمومة أساليب الإنتهاكات

عندما تكون الدولة هي المستفيدة من الانتهاكات ومن جميع أعمال القمع والاساءة، فلن تقبل أي بأصلاح يؤدي الي التغيير. وبالفعل هذا ما حصل، فإن الحكومة البحرينية قبلت اقتراحين يشملان اصلاحين رئيسيين والتي تهدف الى وقف موجة سوء المعاملة التي ترتكبها وزارة الداخلية لتحويل مؤسساتها إلى تطبيق القانون بشكل محترف بحسب توصيات لجنة تقصي الحقائق الدولية وتوصيات المؤتمر العالمي الثاني للأمم المتحدة والإستعراض الدوري الشامل (UPR). وبالطبع رفضت التنفيذ الكامل لأي من هذه التوصيات بل استمرت في ارتكاب انتهاكات حقوق الانسان المذكورة في مقترحات التوصيات بمختلف أنواعها. والأهم من ذلك، أن وزارة الداخلية فشلت صراحة في التنفيذ الكامل لتوصيات لجنة تقصي الحقائق والاستعراض الدوري الشامل لإنهاء الإفلات من العقاب على انتهاكات من خلال إنشاء مكتب الأمانة العامة للتظلمات الداخلي:

الإفلات من العقاب

أُنشئ مكتب الأمانة العامة للتظلمات عام 2012 للتحقيق في تقارير الإساءات التي ارتكبها موظفو وزارة الداخلية، وكلف الأمين العام للمكتب بتلقي الشكاوى من الضحايا أو عائلتهم أو ممثلين عنهم. وهكذا تكون وزارة الداخلية قد نفذت جزء من من توصيات اللجنة. ولكن تلك لا تتمتع بسلطة توجيه الاتهام الى الضباط المشتبه في ارتكابهم مخالفات أو مقاضاتهم.

إضافة الى إنشاء جهاز آخر، تابع لوزارة الداخلية أيضاً ويرأسه الأمين العام للتظلمات ويركز بشكل خاص على ظروف الاحتجاز ولكنه يدعي أنه يلتزم بعدد من المعايير الدولية في حين أن مؤسساته الرقابية لا تزال تنتهك هذه المعايير. وعليه، إن عدد التوصيات التي تلقتها الحكومة البحرينية يدل على فشلها المستمر في معالجة المشاكل.

وتجدر الاشارة الى أن لجنة الامم المتحدة المناهضة للتعذيب ترى بأن نظام المساءلة لا يزال معيباً نظراً لارتباطه بوزارة الداخلية. وتشعر اللجنة بالقلق أيضاً إزاء الثغرات الموجودة في آليات الشكاوى القائمة حيث يتعين على نزلاء السجن تقديم شكاوى بشأن التعذيب أو سوء المعاملة من خلال حراس السجن أو مدير السجن أو نائب المدير، والتي لا تضمن نتائج إحالة هذه الشكاوى إلى السلطات المختصة.

كما لاحظت أن السياسات التي تستخدمها تتعارض بشكل مباشر مع مبادئ باريس، والتي تنص على أن عمليات التعيين لمكتب الأمانة العامة للتظلمات يجب ألا يتأثر بأي شكل من الأشكال بالسلطات العامة المكلفة بالتحقيق بحيث أن في البحرين، يمارس كادر قيادة وزارة الداخلية أكثر من مجرد دور استشاري يتمتع بنفوذ رسمي وغير رسمي على تعيين وتشغيل أمين التظلمات وموظفي المكتب، مما يتعارض مع استقلالهم عن موظفي الوزارة الذين يُقصد بهم التحقيق. ونتيجة لذلك يعاني مكتب الأمانة العامة للتظلمات من العديد من المشاكل ذاتها التي واجهها المفتش العام، ولم يتمكن أو لم يرغب في القضاء على ثقافة الإفلات من العقاب داخل وزارة الداخلية.

 وفقاً لأحدث تقرير سنوي للمكتب، الذي يغطي الفترة من 1 مايو 2016 إلى 30 أبريل 2017، تلقت المنظمة 1،156 شكوى لهذا العام، منها 465 كانت مزاعم عن سوء معاملة شديدة بدلاً من طلبات للمساعدة. تم إحالة 16 فقط من إجمالي 1،156 شكوى لمقاضاة محتملة، أو حوالي واحد بالمائة. أدت إخفاقات الأمانة العامة للتظلمات إلى جانب الغياب الأساسي للإرادة السياسية اللازمة داخل الحكومة البحرينية إلى تهرب الغالبية العظمى من الجناة من العقاب على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

أمّا عن الانتهاكات المباشرة والتي وثقت فيها المنظمة حوادث متكررة لمكتب الأمانة العامة للتظلمات، التي تنتهك المعايير الدولية، بما في ذلك عن طريق تعيين موظفين متهمين بارتكاب مخالفات لمعالجة الشكاوى واستغلال سلطتها في استجواب أصحاب الشكوى وعائلاتهم وتأييد السياسات المسيئة والإخفاق في حماية المشتكين أو تعريضهم للانتقام من قبل موظفي وزارة الداخلية بمن فيهم موظفو الأمانة العامة للتظلمات.

بعد أن قام موظفو وزارة الداخلية باحتجاز وتعذيب حسين علي السهلاوي على سبيل المثال، تم إرسال مسؤول من المكتب للتحقيق في مزاعم السهلاوي بأنه حُرم من العلاج الطبي بسبب إصابته خلال سجنه اللاحق في سجن جو. قام الضابط في وقت لاحق بتشويه أقوال السهلاوي بشكل صريح، حيث أبلغ عن عدم صحة تلقيه للرعاية طبية. وفي وقت لاحق، قام موظف آخر من مكتب الأمانة العامة للتظلمات بإكراه السهلاوي على توقيع المستندات التي لم يتمكن من قراءتها. هدد الضابط بقتل السهلاوي أو إخضاعه للمزيد من الأعمال الانتقامية إذا لم يتوقف هو وأسرته عن تقديم الشكاوى. أخبره الضابط أن الشكوى إلى المكتب عديمة الفائدة وأنه سيموت في زنزانته في السجن.

الى جانب الإفلات من العقاب، نشير أيضاً الى الترقيات التي يقدمها  الملك أو رئيس الوزاراء أو وزير الداخلية، الى الاجهزة المختلفة المسيئة لوازرة الداخلية مثل  GDCIFS و GDRR و SSFC وغيرها مما يشكل تأييداً مباشراً لاعمال الشرطة القمعية من أعلى مستويات القيادة البحرنية.

بدءاً من GDCIFS  وثقت المنظمة، أنه تم ترقية ما يقارب كل ضابط تم تحديده كجزء من قيادتهم. رغم تورطهم 60 حالة من الإساءات الشديدة المرتبطة فيهم من بينهم وفاة المشتبه به غير المسلح عبد الله العجوز. حتى جهاز GDRR  الذي تلقى ضباطه ترقيات قبل إزالتهم على الرغم من الإشراف على سوء المعاملة المتفشي والظروف المعيشية غير الإنسانية في نظام السجون في البحرين. وأيضاً SSFC المتورط في الغالبية العظمى من عمليات القتل خارج نطاق القضاء التي ترتكبها قوات الأمن البحرينية وهي أكثر الاجهزة الحائزة على الصفة العسكرية.

بالاضافة الى المحافظات الاربع، تقدم العديد من ضباط الشرطة الأكثر سوءاً في المحافظات إلى مناصب قيادية إقليمية ووطنية، كتولي خليفة بن أحمد آل خليفة منصب مدير عام الشرطة لمحافظة الجنوب الذي وصل الى رتبة عميد، والذي قام بالعديد من العمليات الانتقامية ضد المدافعين عن حقوق الانسان أثناء توليه هذا المنصب. وأيضاً عند تنصيب الملك منصب مدير عام لشرطة لمحافظة الشمال، لعبد الله خليفة الجيران، وترقى إلى رتبة عميد على الرغم من حقيقة أن المحافظة الشمالية لديها نسبة أعلى معدلات سوء المعاملة في البحرين. بالمثل، فإن المدير العام الحالي لشرطة محافظة العاصمة، خالد محمد الذوادي، قد ارتفع بثبات عبر الرتب خلال العقد الماضي، حتى عندما كانت الشرطة تحت قيادته تتورط باستمرار في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان مثل التعذيب والاختفاء القسري، والانتقام من المدافعين عن حقوق الانسان. بالاضافة الى، المدير العام الحالي لشرطة محافظة المحرق فواز حسن الحسن، الذي تلقى ترقيات مستمرة على الرغم من تورطه في العديد من الانتهاكات. وثقت المنظمة العديد من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبها أفراد شرطة المحرق داخل منشأة المحرق تحت قيادة العقيد الحسن. على سبيل المثال، داهم عناصر بالزي المدني وضباط يرتدون الزي الرسمي لوزارة الداخلية منزل أحمد دون مذكرة ونقلوهم إلى محطة المحرق. هناك قام الأفراد بتعذيبه بما في ذلك بالصدمات الكهربائية والضرب بالأسلاك. لقد حرموه من الطعام والنوم والماء واجبروه على الوقوف وفي النهاية، أجبروه على تقديم اعترافات مع السلطات بما فيه  انتهاك للمعايير الدولية.

وأخيراً، الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والالكتروني  GDAEES وهي من أكثر الاجهزة المستفيدة من نظام الحوافز. بحيث أن المدير العام للـ GDAEES  بنى الجهاز لتصبح الأداة الرئيسية للمراقبة غير القانونية لوزارة الداخلية. وكان المدير عام من بين كبار ممارسي التعذيب في إدارة البحث الجنائي، وأن الحكومة لم تتخذ أي إجراء لمعالجة الشكاوى المتعلقة بسلوكهم التعسفي. بالإضافة إلى ذلك وثقت ADHRB ثلاث حوادث أخرى من سوء المعاملة التي تورط بها المرشد التابع لفريق المعراج الملازم فواز الصميم، والتي كانت جميعها هجمات انتقامية ضد الناشطين بسبب تعبيرهم عن انتقادهم السلمي للحكومة.

المساعدات الاجنبية: الدعم الأمريكي والدولي

من الوسائل الاخرى التي يتم من خلالها تسهيل انتهاكات حقوق الانسان هي المنهجية التي تتبعها وزارة الداخلية أي نقل الاسلحة والبرامج التدريبية وغيرها من أشكال المساعدات الدولية مثل الولايات المتحدة والدول الأعضاء في الاتحاد الاوروبي والدول المجاورة. في أفضل حالاته، يشجع هذا الدعم الحكومة البحرينية على تكثيف القمع لتبييض الانتهاكات وترويج الإصلاحات السطحية. في أسوأ الأحوال، لا يساهم هذا الدعم مباشرة في جرائم وزارة الداخلية فحسب، بل يعزز فعاليتها كأداة لإرهاب الدولة.

لا بد لنا أولاًّ التكلم عن الدور الاساسي الذي تلعبه الولايات المتحدة، نظراً لشراكة طويلة الأمد بينها وبين البحرين، من خلال الاتفاقيات السابقة بينهما والقرارات المتخذة من قبل الرئيس. حيث قدمت ما يقارب 159 مليون دولار كمساعدات أمنية وأصدرت اتفاقيات لأكثر من 5 مليارات دولار من مبيعات الأسلحة منذ عام 2009. وعليه فإن تقارير السنة المالية، تشير إلى أن موقف المساعدات الخارجية للولايات المتحدة تجاه البحرين يهدف إلى تعزيز الإلتزام بشراكة أمنية قوية مع الضغط على البحرين للشروع في إصلاح حقيقي لا سيما في القطاع الأمني ​. ومع حلول عام 2015 رفعت إدارة أوباما القيود العامة عن قوات دفاع البحرين والحرس الوطني واستأنفت المزيد من مكافحة الإرهاب بالتنسيق مع وزارة الداخلية. واستمرت الولايات المتحدة في فرض قيود على عمليات نقل الأسلحة إلى وزارة الداخلية بسبب دورها المباشر في قمع المعارضة كما استمرت بفرض قيود على عمليات نقل الأسلحة إلى وزارة الداخلية بسبب دورها المباشر في قمع المعارضة.

لذلك، تم شراء الغالبية العظمى من المعدات العسكرية والأمنية في البحرين من الولايات المتحدة، وتستمر وزارة الداخلية في استخدام الأسلحة الأمريكية والتدريب في ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان. وهي، كميات كبيرة من معدات المراقبة والأسلحة إلى البحرين التي كانت وزارة الداخلية وما زالت تستخدمها ضد المحتجين والمعارضين. ويشمل ذلك: الغاز المسيل للدموع والمواد الكيميائية الأخرى التي تنتجها الشركات المصنعة الأمريكية.

إن الاجهزة جميعها اشتركت بمثل هذه العمليات،  ومن بينها SSFC التي اشتركت بعمليات عنيفة وهناك فيديوهات تثبت ذلك. وعلى الرغم من نظام القيود الموجود، كانت الولايات المتحدة محددة لمبيعات الأسلحة والدعم ذي الصلة لوزارة الداخلية، باستثناء قوات خفر السواحل. وهو المتلقي الرئيسي لوزارة الداخلية للتمويل العسكري الخارجي الأمريكي للبحرين، والذي يمول مشاريع شراء محددة للقوات الشريكة. ونتيجة لذلك، فإن خفر السواحل هو المستفيد الأساسي من وزارة الداخلية في البحرين، والتي تمنح المملكة مجموعة متنوعة من المزايا العسكرية الفريدة بما في ذلك زيادة التعاون الدفاعي، والوصول إلى أبحاث وزارة الدفاع  والتفويض لشراء ذخائر اليورانيوم المنضب والموافقة على الشركات في البلاد لتقديم عطاءات على عقود وزارة الدفاع والأولوية في شراء مواد الدفاع الزائد. تشير خدمة الأبحاث بالكونجرس إلى أن الولايات المتحدة قد خصصت أموالًا للبحرين من خلال قانون تفويض الدفاع الوطني، والتي تصل إلى خمسة برامج تديرها وزارة الدفاع. ويبلغ مجموعها حوالي 65 مليون دولار، تم استخدام ما لا يقل عن اثنين من هذه البرامج لتزويد خفر السواحل التابعة لوزارة الداخلية بمراكب دورية إضافية وتجهيز مواقع مراقبة ساحلية جديدة.

كما أشرنا سابقاً، ان الولايات المتحدة الامريكية، تواصل تدريب وتنسيق مع أجهزة وزارة الداخلية، لمناقشة الاحتياجات التشغيلية والتنظيمية في تقييم أداء وزارة الداخلية في مهامها المتعلقة بإنفاذ القانون والأمن  ووفقًا لكل من الحكومتين الأمريكية والبحرينية ، تظل الولايات المتحدة شريكاً رئيسياً لوزارة الداخلية بشأن قضايا مكافحة الإرهاب والأمن، وهي تدعم الاجهزة مثل SSFC و GDCIFS و GDAEES. وبعد توقيع مذكرة تفاهم في عام 2007 تم التأكيد عليها مجددًا بين الدولتين، لا توجد معلومات متاحة للجمهور حول الاتفاقية وفشلت وزارة الأمن الداخلي في الاستجابة لطلبات ADHRB ذات الصلة رغم وجود قانون حرية المعلومات.

ومن بين الوعود السطحية التي حاولت الولايات المتحدة العمل بها، هي البرامج القادرة على مكافحة الارهاب التابعة لوزارة الداخلية، والتركيز على الالتزام للمعايير الدولية مثل NADRAT (عدم الانتشار ومكافحة الإرهاب وإزالة الألغام والبرامج ذات الصلة). لكن مجدداً لقد فشلت هذه البرامج في تحقيق هدفها تاركين بدلاً من ذلك تواطؤاً أمريكيا قديما على مدى عقود في تصعيد وحشية الشرطة والقمع. ورغم المزيد من المقترحات التي قدمتها ادارة ترامب، الاّ أنها ستدعم بشكل مباشر أجهزة وزارة الداخلية الأكثر سوءاً المتورطة في انتهاكات حقوق الإنسان.

إن المستفيد الاول من هذه البرامج هو SSFC والتي تعتمد بشكل حصري على مساعدة مكافحة الارهاب التي تقدمها الحكومة الامريكية للتدريب المتخصص. بحيث أنها تتلقى تتدريبات وتمويل طوال الفترة التي وثقتها المنظمة. أفاد عدة سجناء بأن SSFC كانوا حاضرين في السجن منذ فبراير 2015 وأنهم دفعوا الكلاب داخل المرفق لمهاجمة السجناء. كما أفاد القاصرون والمراهقون من السجناء في سجن جو أن الوحدة استهدفتهم على وجه التحديد.

 كذلك أيضاً بالنسبة إلى GDCIFS فاستمر الدعم الخارجي المقدم من الولايات المتحدة  في تمويل وتدريب هيئات التحقيق التابعة لوزارة الداخلية  أي على الرغم من فشلها الكامل في كبح هذه الانتهاكات. في الواقع ، تفتخر وثائق ميزانية السنة المالية 2015 بأن التدريب الذي ترعاه NADR  في كيفية جمع الأدلة وضمان سلسلة الاحتجاز المناسبة قد أدى إلى ارتفاع معدلات القبض على من يرتكبون أعمال عنف من المحتمل جداً أن يتوافق مع معدلات الاحتجاز التعسفي والتعذيب. وثقت المنظمة أكثر من 100 حادثة من الانتهاكات الشديدة في التعذيب والاحتجاز التعسفي والاعترافات القسرية  التي تورطت بها إدارة البحث الجنائي.

اضافة الى كل من الاجهزة GDCIFS وGDAEES التابعة لوزارة الداخلية، والتي ظهرت فيها أشكال أخرى من الدعم المباشر الخارجي. بحيث شارك موظفوها في العديد من التدريبات خلال ورشات العمل، وادّت الى الاستمرار في الانتهاكات من مراقبة واعتقالات ناشطين سلميين كحالة نبيل رجب. وعليه، حاولت المنظمة بشكل متكرر الحصول على المعلومات حول البرامج التي تقوم بها من دورات تدريبية والتي استفادت منها كل من GDCIFS و GDAEES . ولكن فشلت في الإستجابة الى طلبها مما يؤكد أن الولايات المتحدة تعمق دعمها لهذه الوكالات المسيئة عبر عدة إدارات و برامج تحت إدارة ترامب. وبالحديث عن هذه المساعدات نعرض الدول الاجنبية الأخرى التي قدمت مساعدات لمملكة البحرين:

 المملكة المتحدة

لم يكن لأي بلد أجنبي تأثير أكبر على التطوير الأولي لقوة الشرطة البحرينية كالمملكة المتحدة. البريطانيون مسؤولون إلى حد كبير عن تنامي حراس عائلة آل خليفة من الرقيق والميليشيات الإقطاعية المعروفة باسم الفداوية إلى قوة شرطة حديثة والعديد من السياسات التعسفية لوزارة الداخلية. دعمت المملكة المتحدة بشكل مباشر وزارة الداخلية الحالية أكثر من أي حليف غربي آخر، باستثناء الولايات المتحدة. باعت المملكة المتحدة عددًا من الأسلحة لقوات الأمن البحرينية أقل من الولايات المتحدة، حيث اقتصرت عمليات النقل إلى حد كبير على الغاز المسيل للدموع والذخيرة ذات الأصل البريطاني أو البريطاني الأمريكي المشترك، لكن الحكومة البريطانية ساهمت بمبالغ كبيرة من المساعدات المالية والتدريبية لوزارة الداخلية، كان الهدف الأكبر من هذا الدعم هو تحسين انضباط الشرطة، وجعل سياسات وزارة الداخلية تتماشى مع القانون الدولي ومكافحة الإفلات من العقاب. لكن لم يكن له أي تأثير ملحوظ على معدلات إساءة استخدام الوزارة أو فعالية آليات المساءلة في البحرين.

منحت وزارة الخارجية البريطانية أكثر من 900،000 جنيه إسترليني لشركة مملوكة للدولة قامت بتدريب موظفي وزارة الداخلية المتورطين مباشرة في التعذيب، من المفترض ضباط مع GDCIFS و GDRR كذلك مكتب الأمانة العامة للتظلمات. وعليه، يمكن أن تتعرض الضحية للإيذاء على أيدي الشرطة المدربة من مديريات شرطة المحافظة و GDCIFS ، وتعرض للتعذيب في السجن على أيدي حراس مدربين وثم يتم التحقيق في ادعاءات التعذيب الخاصة بهم ورفضها من قبل مكتب أمين التظلمات. كما تفيد بعض المعلومات المسربة إن شركة التكنولوجيا البريطانية، كانت تبيع برامج تجسس للأشخاص الذين يستخدمون برامجهم لمهاجمة الناشطين البحرينيين.

 كندا

حين لا يوجد ما يشير إلى أن الحكومة الكندية تسلح مباشرة وتدرب قوات شرطة وزارة الداخلية، فقد وافقت على بيع تكنولوجيا المراقبة إلى البحرين التي يستخدمها أفراد وزارة الداخلية أو تعزز قدرتها على استهداف نشاط المنشقين عبر الإنترنت بالتنسيق مع الاتصالات الحكومية المنظمين. وعلى الرغم من أن كندا هي ليست أكبر مورد أسلحة لوزارة الداخلية، باعت مركبات مصفحة الى المملكة العربية السعودية التي نشرتها في البحرين. وما زالت تبيع الأسلحة للقوات المسلحة لدول مجلس التعاون الخليجي التي تقاتل في اليمن، بما في ذلك قوات دفاع البحرين مما يؤدي الى زيادة خطر استخدام الأسلحة الكندية ضد المدنيين في كل من اليمن والبحرين. وعلى الرغم من أنها تدعي من أنها توفر الرعاية الصحية لوزارة الداخلية من أجل حماية المعتقلين الاّ أن خدماتها تعتبر اهمالاً غير دقيق الاّ أنها تحرم بشكل روتيني من العلاج المناسب للأفراد المحتجزين لدى الحكومة وغالباً ما تكون موقع التعذيب. وثقت المنظمة  حالة 129 انتهاك للحياد الطبي أو الحق في الصحة المنسوب إلى وزارة الداخلية ، بما في ذلك الحرمان من الرعاية أو التدخل فيها دقيق. وقد أدى حرمان وزارة الداخلية من الرعاية الطبية المناسبة للسجناء في بعض الحالات إلى الوفاة كوفاة حسن الحايكي.

الإتحاد الأوروبي

لم تكتفِ البحرين من المساعدات الخارجية المقدمة من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا بل امتدت هذه المساعدات أيضأ الى الإتحاد الاروبي بمن فيه باريس إيطاليا وألمانيا التي قدمت كل الدعم لمملكة البحرين.

وعلى الرغم أن فرنسا أوقفت رسمياً حميع عمليات تصدير المنتجات وفقاً للقانون، الاّ أنه كشفت معلومات عديدة حول إنفاق  الحكومة الفرنسية بشكل مستمر، ملايين من اليورو من أجل الاسلحة والمعدات التي كانت تستخدمها الوزارة في الاحتجاجات السلمية.  وعليه، فإن هذا الدعم الذي تقدمه فرنسا، والذي يمكن ان تسهل انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان يتعارضان بوضوح مع المبادئ والتزامات الأمم المتحدة. ومن المزيد من الخدمات التي أدت الى زيادة العلاج الطبي المحايد أو انتهاك الحق في الصحة كما تزودها بدعم من مكافحة الإرهاب.ومن المزيد من الوعود والاتفاقيات المزيفة، قام أفراد من وزارة الداخلية بمحاكمة عمليات إرهابية بالتنسيق مع قوات دفاع البحرين والحرس الوطني. التدريبات التي قادها اثنان من أبناء الملك ، قائد الحرس الملكي العميد الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة والرائد الشيخ خالد بن حمد آل خليفة وكلاهما متورطان إما في التعذيب في البحرين أو في جرائم حرب محتملة في اليمن.

أمّا بالنسبة لإيطاليا والتي سمحت حكومتها ببيع برامج التجسس الى البحرين لاستخدامها من قبل وزارة الداخلية وهي اشترتها من وسيط اماراتي. بحيث تستخدم هذه البرامج للمراقبة أو الوصول الى الاجهزة الالكترونية من أجل سرقة الملفات وقراءة رسائل البريد الإلكتروني والتقاط الصور وتسجيل المحادثات. وبالطبع لم تخلُ من بيع الاسلحة والذخائر الى وزارة الداخلية لإصابة المتظاهرين السلميين وردع الاحتجاجات.

بالاضافة الى العلاقات القائمة بين البحرين والحكومة الألمانية، فعلى الرغم من وجود بيع وشراء أيضاً أسلحة وذخائر، هناك مذكرة تفاهم موقعة بين معهد البحرين الوطني للتدريب الصناعي ومركز تعليم المركبات الحربية في ألمانيا. الذي يتضمن أيضًا تخطيط مركز تدريب وتدريب في البحرين، وتنفيذ ورش العمل والندوات المشتركة لمشروع التدريب المهني، والمشاركة في المعارض والمؤتمرات.

ليس فقط هذه الدول،  هناك دول أخرى عملت على تقديم مثل هذه المساعدات على الرغم من أنها صغيرة مثل قبرص وجمهورية التشيك.

الاستنتاجات والتوصيات:

وباختصار شديد، ان وزارة الداخلية التابعة للحكومة البحرينية تعتبر من أكثر الوزارات التي ترتكب انتهاكات فظيعة لحقوق الانسان من خلال فرض قيود صارمة على الحريات الاساسية تتعارض مع القانون الدولي. بل يتم بالمقابل بتنفيذ اصلاحات صغيرة تقنياً وحلها ومن ثم تجاهلها. كما أن المساعدات الأمنية الدولية، في الوقت ذاته، تعمل فقط على تحسين مجموعة مهارات وزارة الداخلية الضارة وتعزز كفاءة سياساتها القمعية.

لذلك تدعو المنظمة المجتمع الدولي: أوّلاً فرض العقوبات على مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان أو أي مخالفة ذات صلة، أن تتوافق العقوبات مع الآليات القانونية المحددة. تعليق جميع المساعدات المقدمة الى وزارة الداخلية حتى تتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الانسان والتأكد من أي مساعدة مقدمة اليها والى أجهزتها كما يجب أن تخضع للمراقبة. والاهم من كل ذلك، دعوة البحرين الى التصديق على جميع المعاهدات والبروتوكولات. السماح للمقررين من  الأمم المتحدة بعد الضغط على البحرين  للوصول الى المملكة لتنفيذ توصيات الخبراء المستقلين بشافية. بالاضافة الى اجراء مشاورات سنوية رفيعة المستوى بشأن حقوق الإنسان مع البحرين، حيث أنه على البحرين إصلاح الهيئات التأديبية لوزارة الداخلية وآليات المساءلة الوطنية لديها ودفع قطاع الأمن إلى إزالة الطائفية وبناء كادر جديد لإنفاذ القانون والكوادر العسكرية ومطالبة الحكومة البحرينية والهيئة التشريعية بإصلاح الأطر القانونية التي تقيد بشكل ممنهج حقوق الإنسان والحريات الأساسية.

للإطلاع على التقرير الأصلي باللغة الإنكليزية إضغط هنا

للإطلاع على المقال المختصر الخاص بهذا التقرير باللغة العربية إضغط هنا