كيف فشلت البحرين في تطبيق كافة بنود اتفاقية حقوق ذوي الإحتياجات الخاصة؟

تقرير مقدّم إلى لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة فيما يتعلق بالتزام دولة البحرين باتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

1- نطرة عامة

في هذا التقرير، تقيم المنظمة مدى تطبيق البحرين لواجباتها الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وذلك تنفيذاً لاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة بهدف خلق مجتمع متسامح يتقبل الجميع مع أخذ حقوق وحريات الأشخاص ذوي الإعاقة بعين الاعتبار. إن تقريرنا يقيم آثار سياسة البحرين على الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في المجالات التالية:

  • إعادة توزيع الميزانية المخصصة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة إلى نفقات اجتماعية أخرى من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية
  • دعم غير كافٍ من قبل الحكومة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة لكي يتمكنوا من المحافظة على مستوى وظروف معيشية جيدة
  • توافر محدود لنوعية تعليم جيدة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وتدريب ضعيف وطرق تعيين سيئة لمدرسي وموظفي المدارس
  • قمع من قبل الحكومة لعمل المجتمع المدني الحر والمستقل وبذلك قطع الدعم الأساسي والخدمات الاجتماعية المهمة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في البحرين

اننا نرى أن البحرين لم تلتزم بواجباتها الدولية المتعلقة بتلك الاتفاقية.

 

للإطلاع على التقرير الكامل باللغة الإنكليزية إضغط هنا

2– المقدمة

تدّعي حكومة البحرين بأنها تؤمن للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة حقوقهم بشكل كامل ومتساوٍ مع باقي الأشخاص وأنها تؤمن لهم طرق اندماج شامل وإنهم يحصلون على أفضل أنواع الرعاية.

بالفعل، لقد اقرت الحكومة عدداً من القوانين والأحكام القانونية التي تهدف إلى دعم الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وتؤمن لهم حقوق متساوية. ولكن، إن هذه القوانين والأحكام القانونية ليست إلا أحكام مكتوبة على ورق ولا تطبق بالفعل. ولهذا السبب وعلى الرغم من الحماية الرمزية للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، لقد فشلت الحكومة بالعمل فعلياً لدعم وحماية حقوق هذه الأشخاص الذين مازالوا يواجهون صعوبات كثيرة في تأمين عمل ورعاية صحية وإسكان.

3– توصيات الاستعراض الدوري الشامل المتعلقة بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة:

خلال الاستعراض الدوري الشامل الثالث للبحرين عام 2017، تلقت البحرين 5 توصيات متعلقة بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة:

  • إتخاذ قرارات فعالة بهدف تحقيق هدف إتفاقية حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة التي أبرمت عام 2011 (الإمارات العربية المتحدة)
  • تطوير برامج صحية في مراكز الرعاية الصحية، الإصلاحية والتأهيلية للتمكن من استيعاب جميع الفئات العمرية والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة (عمان)
  • المتابعة في تحسين نظام الضمان الاجتماعي واتخاذ خطوات لتأمين حقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والفئات المستضعفة الأخرى (الصين)
  • المتابعة بدعم اندماج الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع البحريني وذلك عبر تعزيز النظام التعليمي والتدريب المهني (سنغافورة)
  • تعزيز مشاركة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة بالعمل على ضمهم إلى المجتمع البحريني (السودان)

لقد قبلت البحرين هذه التوصيات وأقرت عدداً من القوانين المتعلقة بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة ولكن الحكومة فشلت في اتخاذ الخطوات اللازمة لتنفيذ هذه التوصيات.

4– الاستراتيجية الوطنية البحرينية المتعلقة بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وحالات فشلها:

لقد أقرت البحرين استراتيجيتها الوطنية المتعلقة بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في 3 أكتوبر 2011. ولقد أقرت الحكومة تلك الاستراتيجية بالتنسيق مع اللجنة العليا لرعاية شؤون ذوي الإعاقة، وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وقفاً لتقرير صادر عن البحرين، الاستراتيجية الوطنية المتعلقة بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة تستند على: دراسات وبحوث ميدانية، اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة التي انضمت إليها البحرين عام 2011 وتسعى هذه الاستراتيجية إلى تأمين حقوق متساوية وكاملة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، تحقيق اندماجهم الشامل في المجتمع وأفضل رعاية صحية.

الاستراتيجية الوطنية البحرينية المتعلقة بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة تشمل:

  • هيكل جديد لوسائل الإعلام يتجه من النموذج الطبي إلى نموذج اجتماعي وحقوقي متعلق بالاحتياجات الخاصة
  • إنشاء لجنة فرعية تهتم بشؤون الاحتياجات الخاصة، بالإشراف على المعلومات، بالتوعية وببرنامج الخدمات الاجتماعية،
  • صندوق مخصص لدعم مشاركة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة بالاقتصاد الوطني،
  • تعزيز دور وزارة العمل في تأمين فرص عمل للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.

بعد مضي 8 أعوام، فشلت الحكومة البحرينية في تطبيق هذه الأولويات. أفيد بأن الموظفين لم يستشيروا المسؤولين في المجتمع المدني، حين تم وضع الاستراتيجية وذلك على الرغم من الدور الهام الذي تلعبه مؤسسات المجتمع المدني في دعم ومعالجة المسائل المتعلقة بتأمين الحقوق المتساوية للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة الموجودين في البحرين ولم يتم تمويل اللجنة الفرعية التي أًنشِئت لمعالجة المسائل المتعلقة بالاحتياجات الخاصة بشكل كاف. بل فشلت هذه اللجنة مراراً بتنسيق وحضور اجتماعات مع الفرقاء المعنيين.

ولقد فشلت الإحصاءات الحكومية المتعلقة بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة عندما أبدت عدم قدرتها على المتابعة بشكل دقيق لهؤلاء الأشخاص وفشلها باستيعاب أولئك الأشخاص.  على الرغم من ادعاءات وزارة الشؤون الاجتماعية بأنها قادرة على متابعة حالات ذوي الاحتياجات الخاصة وظروفهم المعيشية، فإن الأرقام الحكومية لا تتطابق مع الأرقام التي اقترحتها منظمات المجتمع المدني، التي حددت عدداً أكبر بكثير. تفيد المادة 22 من التقرير المعد من قبل السلطات البحرينية بوجود 4600 شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة في البحرين في عام 2001. يرتفع هذا العدد إلى 8000 شخص في عام 2012. تدعي منظمات المجتمع المدني بأن العدد أكبر من المصرح عنه من قبل السلطات. يدل ذلك على انعدام التواصل والتنسيق بين الوكالات الوطنية والمنظمات التابعة للمجتمع المدني التي تتفاعل بشكل أوسع مع الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.

5– فيما يتعلق بالتمويل والدعم البحريني للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة:

أفادت المنظمات المستقلة التابعة للمجتمع المدني بأن السلطات تسيء في صرف التمويل المخصص للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل روتيني. عندما يحاول الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة الحصول على الإعانات، يدعي المسؤولون بأنه تم نقل التمويل إلى قضايا أكثر أولوية.

إنّ التسجيل للحصول على الإعانات عبر وزارة الشؤون الاجتماعية لا يزال معقداً والإجراءات البيروقراطية طويلة جداً. تفيد المادة 7 من القانون رقم 74 بأنه يحق للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في البحرين بإعانات كبيرة ولكن التقارير تفيد بأن الأشخاص المسجلين لا يستفيدون من هذه الإعانات بسبب نقل التمويل داخل وزارة الشؤون إلى مسائل أخرى ذات أولوية. إنه يحق للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة المسجلون بالحصول على الإعانات التي تم الموافقة عليها ولكنهم لا يحصلون عليها بسبب عدم حماية الحكومة لهذا التمويل.

6- قيود على المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني في البحرين وآثار ذلك على الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة:

 نظراً لسوء التنسيق والتواصل ما بين الوكالات الوطنية التي تفتقد الشبكات والموارد الضرورية، إن المساعدة وجمع التبرعات من قبل المنظمات الحكومية أمر ضروري جدا. ولكن إن هذه المساعدات غير المستقرة غير كافية بحيث أنها تشكل مصدر الدخل الوحيد لبعض العائلات. إضافة إلى ذلك، تعمد وزارة الشؤون إلى عرقلة عمل المنظمات غير الحكومية بفرضها ضرورة التسجيل والحصول على إذن من الحكومة للعمل. إن هذه الإجراءات طويلة، معقدة وبيروقراطية وتحرم العديد من الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة من الحصول على معدات ضرورية. إن عرقلة عمل المنظمات مستمر بحيث أن حرية التعبير والرأي تم حدها بشكل ملحوظ منذ الحراك الديموقراطي عام 2011. ردّت السلطات على تلك المظاهرات بحل العديد من المؤسسات الخيرية المحلية باعتقادهم أنها كانت وجهاً من وجوه التحركات الديموقراطية التي حصلت. ولكن القمع والحل للمؤسسات الخيرية المحلية الذي حصل أثر سلباً على الأشخاص ذوي الإعاقة بحيث أنهم فقدوا الدعم اليومي والخدمات الاجتماعية التي كانت مؤمنة لهم.

عندما تقدم منظمات المجتمع المدني تقريراً عن إلغاء الحكومة البحرينية لمسؤولياتها تجاه الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، يزعم المسؤولون أنهم مسيسون وينتقدون الحكومة بشكل غير عادل. ويعوق التعديل رقم 4 من القانون رقم 74 قدرة المنظمات المستقلة على العمل كمدافعين عن المعوقين. وبموجب هذا القانون، فإن وزارة الشؤون الاجتماعية مسؤولة عن إنشاء مؤسسات مختلفة لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة. وكجزء من ولايتها، يمكنها أيضاً منح تصاريح تشغيلية لمنظمات المجتمع المدني، بما في ذلك المنظمات التي تسعى إلى مساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة. ومع ذلك، فشلت الوزارة في منح تصاريح تشغيلية لمنظمات المجتمع المدني، وهناك العديد من الطلبات المعلقة التي لم تتم الموافقة عليها بعد. ونتيجة لذلك، لا يستطيع الأشخاص ذوو الإعاقة التماس دعم المنظمات للحصول على المساعدة.

7- القلق الشديد فيما يخص حصول الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة على عمل في البحرين

بموجب القانون البحريني، يجب أن يحصل الأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة على معاملة متساوية في العمل وإن وعدم القيام بذلك يعد جريمة يعاقب عليها بالغرامة. ومع ذلك، بسبب نقص التمويل، فإن وزارة الشؤون الاجتماعية غير قادرة على التحقيق بشكل كاف في حالات المعاملة السيئة ضد الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. نتيجة لذلك، تمت معاقبة بعض المعتدين أو مساءلتهم.

وفي محاولة لضمان عدم استبعاد الأشخاص ذوي الإعاقة من القوى العاملة، أتاح المسؤولون تسهيلات للمعوقين وإمكانية وصولهم إلى ما لا يقل عن 2 في المائة من العاملين في شركة تضم أكثر من 100 عامل من ذوي الاحتياجات الخاصة. ومع ذلك، فإن الحكومة لا تقوم بضبط أو تنفيذ هذه السياسة بشكل فعال.

تدعي حكومة البحرين أن القانون رقم 74 لعام 2006 يعيد تنظيم أوضاع التوظيف والظروف الاجتماعية للمعوقين بشكل فعال. كما تدعي السلطات أن القانون رقم 74 يوفر حافزاً محسناً للشركات البحرينية لتوظيف عمال من ذوي الاحتياجات الخاصة، لكن هذه الالتزامات فشلت حتى الآن في زيادة معدلات توظيف الأفراد المعاقين.

علاوة على ذلك، ترفض الحكومة ضمان التغطية الكاملة للإعاقات الناجمة عن الإصابات المرتبطة بالعمل، حيث يمكن لأصحاب العمل في كثير من الأحيان التلاعب بحالات العمال المصابين عن طريق تقديم مدفوعات تعويضية صغيرة في إساءة استخدام القوانين القائمة. وينص التعديل رقم 13 على أنه يحق لذوي الاحتياجات الخاصة في البحرين التمتع بالحماية المتساوية بموجب القانون الوطني فيما يتعلق بممارسات العمل، ولكن بعض الأفراد يبلغون عن فقدان وظائفهم بسبب إعاقتهم الواضحة او بسبب ان أصحاب العمل الذين يدعون وجود تباين في “نوعية العمل” المقدمة. يمكن للذين تم فصلهم من وظائفهم تقديم شكاوى إلى وزارة الشؤون الاجتماعية أو وزارة العمل. معظم القرارات المتعلقة بالشكاوى هي تسويات، ولكن طالما أن النزاع مستمر، فلا يمكن لذوي الاحتياجات الخاصة الحصول على أي مزايا أخرى من الحكومة. بالإضافة إلى ذلك، نادراً ما يحصل الأفراد المعوقون بسبب الإصابات المرتبطة بالعمل على تعويضات وغالباً ما تتعرض الشكاوى المقدمة للتعطيل بسبب التأخير البيروقراطي وتخفيضات الميزانية. على نطاق أوسع، لا توجد شبكة أمان لاستحقاقات العجز، نادراً ما يقوم أصحاب العمل بتعويض الموظفين المعوقين، فإنهم يقدمون أموالاً ضئيلة. بدون التكامل التام لسوق العمل، يعد الافتقار إلى شبكة أمان شاملة لذوي الاحتياجات الخاصة في البحرين أمراً مثيراً للقلق.

8- المخاوف المتعلقة بفرص الحصول على التعليم للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في البحرين:

توضح المادة رقم 8 من القانون رقم 74 أن النفقات التعليمية للمعوقين يجب أن تكون معفاة من الضرائب، ولكن حكومة البحرين لا تقدم أي مساعدات أو منحاً كافية للمدارس المتخصصة. يتلقى المعلمون تدريباً ضعيفاً في الممارسات التعليمية الخاصة بالإعاقة، كما أن إساءة معاملة التلاميذ أمر شائع هناك. حتى إذا كانت مدارس ذوي الاحتياجات الخاصة مجانية، فإن قلة من العائلات يمكنها إرسال أطفالها بانتظام بسبب الصعوبة في تأمين وسائل النقل التي يمكن الوصول إليها.

تقدم حكومة البحرين والوزارات المعنية من حين لآخر وسائل نقل موثوقة في بداية العام الدراسي، ولكن عندما يتم إعادة توزيع تمويل للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في وقت لاحق، يجب على الطلاب والعائلات إيجاد وسائل النقل الخاصة بهم. إذا كان يجب على مقدم الخدمة الأساسي للعائلة أيضاُ السفر إلى مكان عمله، فإن وسائل النقل البديلة ليست متاحة دائماً بسهولة، لذلك يتم إقصاء الطلاب المعاقين بشكل روتيني من قوائم المدارس ويتخلفون عن التحصيل العلمي.

9- المخاوف المتعلقة بفرص الوصول إلى النظام القضائي للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في البحرين:

يواجه المعوقون في البحرين عرقلة في الوصول إلى النظام القضائي، إلى جانب التعدي المتكرر على الحقوق والحريات المرتبطة بذلك. بالإضافة إلى الضعف والفقر المادي داخل البلاد، حيث تمنع القيود المالية العديد من البحرينيين المعوقين من تعيين محامي دفاع شخصي. في حين أن الحكومة تعرض توفير محامٍ لهؤلاء المواطنين مجاناً، لكن تلقت منظمة اميركيون من اجل الديمقراطية وحقوق الانسان في البحرين تقارير عن فشل المحامين المعينين من قبل المحكمة بالظهور والوفاء بواجباتهم خلال مواعيد المحاكمات المجدولة – وتزعم أن السبب هي قيود الميزانية و / أو إعادة تخصيص الموارد.

تسيء السلطات البحرينية معاملة الأشخاص المعوقين المحتجزين في سجون البلاد المختلفة، كما تمثل منظمة اميركيون من أجل الديمقراطية وحقوق الانسان في البحرين العديد من قضاياهم وترفعها الى الإجراءات الخاصة التابعة للأمم المتحدة في شكاوى رسمية. على سبيل المثال، تم إطلاق سراح السيد كاظم عباس هاشم علي بشكل مؤقت من السجن لأسباب إنسانية بعد تشخيص ورم في الدماغ وجراحات متعددة. قبل هذه العمليات، ورد أن السلطات حرمت علي من العلاج الطبي الأساسي في عدة مناسبات وساهم هذا التأخير بشكل مباشر في التدهور الشديد لحالة علي الصحية. كما أنه يعاني من ضعف شديد في الرؤية، وغير قادر على التعرف على الوجوه أو رؤية الضوء، ولا تزال العمليات الجراحية غير ناجحة.

يواجه الدكتور عبد الجليل السنكيس، وهو مواطن بحريني آخر، سوء المعاملة بشكل مستمر في السجن وهو مدافع بارز عن حقوق الإنسان حكم عليه بالسجن المؤبد في سجن جو المركزي بسبب موقفه السياسي كما يعاني السنكيس من مضاعفات صحية ناتجة عن متلازمة ما بعد شلل الأطفال وفقر الدم المنجلي، الى جانب أنه مشلول جزئيًا فهو ملزم باستخدام العكازات أو الكرسي المتحرك. تستمر السلطات البحرينية في حرمانه من الحصول بانتظام على الأدوية اللازمة، وحُرم من زيارة الطبيب وعلاجات المتابعة إلا إذا وافق على تقييده بالسلاسل – وتعتبر هذه الممارسة مهينة. كما أن سلطات السجن ترفض استبدال السدادات المطاطية لعكازات السنكيس.

وبالمثل، أساءت قوات الشرطة في البحرين إلى الأخوة الثلاث خليل وجعفر ومهدي كويد، مستغلة إعاقتهم وضعهم الصحي والنفسي لزيادة أساليب التعذيب والإكراه على الاعترافات الجنائية. مثل هذا السلوك غير مقبول، نظراً إلى التزامات ومسؤوليات الدولة بموجب اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبموجب آليات حقوق الإنسان الأخرى.

10- تحليل قانوني لالتزام البحرين باتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

على الرغم من انضمام البحرين إلى اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة عام 2011، والتي تضع الأساس القانوني الدولي لحقوق المعوقين، فقد انتهكت المملكة العديد من موادها:

المادة 9 – إمكانية الوصول

تنص المادة 9 من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على أنه “لتمكين الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة من العيش بشكل مستقل والمشاركة الكاملة في جميع جوانب الحياة، تتخذ الدول الأطراف التدابير المناسبة لضمان وصول الأشخاص ذوي الإعاقة إلى البيئة المادية، والنقل، والمعلومات والاتصال، بما في ذلك تكنولوجيا ونظم المعلومات والاتصالات، وإلى المرافق والخدمات الأخرى المفتوحة أو المقدمة للجمهور “

إن استهداف الحكومة البحرينية للمنظمات غير الحكومية والجمعيات الخيرية، بما في ذلك أولئك الذين يقدمون مساعدة مادية للمعوقين، يزيل الشبكات المحلية الحيوية الضرورية لتوفير الوصول إلى الخدمات الاجتماعية، وبالتالي ينبغي النظر إليه في سياق الحرمان من الوصول. علاوة على ذلك، تؤكد تلك المراجعة كيف يؤثر انعدام إمكانية الوصول، وخاصة فيما يتعلق بالنقل والبنية التحتية، على حق الأطفال المعوقين في التعليم.

يعد التزام الدول بتوفير إمكانية الوصول جزءاً أساسياً من واجب احترام حقوق المساواة وحمايتها وإعمالها في القانون الدولي. بما أن إمكانية الوصول تعد شرطاً أساسياً للأشخاص ذوي الإعاقة للعيش بشكل مستقل، على النحو المنصوص عليه في المادة 19 من الاتفاقية، والمشاركة بشكل كامل وعلى قدم المساواة في المجتمع، والحرمان من الوصول إلى البيئة المادية والنقل وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والمرافق يجب النظر إلى الخدمات المفتوحة للجمهور في سياق التمييز.

أكد التقرير العالمي عن ملخص الإعاقة، الذي نشرته منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي في عام 2011، أنه عندما يتعذر على الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة للوصول إلى البيئة المبنية وأنظمة النقل والمعلومات والاتصالات، يمنعهم هذا الشيء من التمتع ببعض حقوقهم الأساسية، مثل الحق في البحث عن عمل أو الحق في الرعاية الصحية. كما يبقى مستوى تنفيذ قوانين إمكانية الوصول منخفضاً في العديد من البلدان، وكثيراً ما يُحرم الأشخاص ذوو الإعاقة من حقهم في حرية التعبير بسبب عدم إمكانية الوصول إلى المعلومات والاتصال.

المادتان 12 و 13 – المساواة في الاعتراف أمام القانون والوصول إلى العدالة:

يحق للسجناء ذوي الإعاقة التمتع بحقوقهم الإنسانية على قدم المساواة مع السجناء الآخرين، من دون التمييز على أساس الإعاقة أو أي أسباب أخرى، كما هو منصوص عليه في القانون الدولي.

تنص المادة 12 على أن “تقر الدول الأطراف بتمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بأهلية قانونية على قدم المساواة مع آخرين في جميع جوانب الحياة” بالإضافة إلى أن “تكفل الدول الأطراف أن توفر جميع التدابير المرتبطة بممارسة الأهلية القانونية الضمانات المناسبة والفعالة لمنع إساءة استخدام هذه التدابير وفقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان.”

إن صياغة المادة 13 من إتفاقية CPRD تتناول إمكانية اللجوء إلى القضاء لذوي الإحتياجات الخاصة بطريقة تحفظ الكرامة المتأصلة للأشخاص. تكفل الدول الأطراف اللجوء الفعال للأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة إلى القضاء على قدم المساواة مع الآخرين، بما في ذلك من خلال توفير التسهيلات الإجرائية التي تتناسب مع أعمارهم، وذلك من أجل تسهيل دورهم الفعال في جميع الإجراءات القانونية بما في ذلك بصفتهم شهودا. كما على الدول الأطراف أن تشجع على التدريب المناسب للعاملين في مجال القضاء مثل الشرطة وموظفي السجون.

تظهر الكثير من القضايا الموثقة في تلك المراجعة حول منع البحرين وصول ذوي الإحتياجات الخاصة إلى القضاء وحرمانهم من حق التعامل على قدم المساواة والكرامة أمام القانون وفي نظام السجون.

المادة 15 – عدم التعرض للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة 

تنص المادة 15 من إتفاقية CPRD على أنه “لا يُعَّرض أي شخص للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة وتتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والقضائية وغيرها من التدابير الفعالة لمنع إخضاع الأشخاص ذوي الإعاقة، على قدم المساواة مع الآخرين، للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.”

قضيتا سيد كاظم عباس هاشم علي والدكتور عبد الجليل السنكيس تشكلان مثالين بارزين لإهمال الحكومة البحرينية للسجناء من ذوي الإحتياجات الخاصة. فقد عانى كلاهما من التعذيب الشديد وسوء المعاملة، بالإضافة إلى الحرمان من العلاج الطبي الضروري.

المادة 24 – التعليم     

تلحظ المادة 24 من الإتفاقية حق ذوي الإحتياجات الخاصة في التعليم دون تمييز وعلى أساس تكافؤ الفرص. في تحقيق هذا، على الدول الأطراف أن تكفل “(أ) عدم استبعاد الأشخاص ذوي الإعاقة من النظام التعليمي العام على أساس الإعاقة، وعدم استبعاد الأطفال ذوي الإعاقة من التعليم الابتدائي أو الثانوي المجاني والإلزامي […]؛ (د) حصول الأشخاص ذوي الإعاقة على الدعم اللازم في نطاق نظام التعليم العام لتيسير حصولهم على تعليم فعال؛ (ه) توفير تدابير دعم فردية فعالة في بيئات تسمح بتحقيق أقصى قدر من النمو الأكاديمي والاجتماعي، وتتفق مع هدف الإدماج الكامل.”

شددت اللجنة على أنه “تشمل التدابير اللازمة للتصدي لجميع أشكال التمييز تحديد وإزالة الحواجز القانونية، والمادية واللغوية، وحواجز التواصل، والحواجز الإجتماعية والمالية والموقفية الموجودة ضمن المؤسسات التعليمية والمجتمع”.

تبين إعادة توزيع البحرين للتمويل المخصص لرعاية ذوي الإحتياجات الخاصة، التي أدت إلى النقص في توفير وسائل نقل مناسبة ومتاحة لذوي الإحتياجات الخاصة من الطلاب للذهاب إلى المدرسة، كيفية إخلال الحكومة البحرينية بالإلتزامات المتوجبة عليها بمقتضى المادة 24 وتقييد حق ذوي الإحتياجات الخاصة بالتعليم.

المادة 27 – العمل والعمالة 

تنص المادة 27 من الإتفاقية على أنه “تعترف الدول الأطراف بحق الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل، على قدم المساواة مع الآخرين؛ ويشمل هذا الحق إتاحة الفرصة لهم لكسب الرزق في عمل يختارونه أو يقبلونه بحرية في سوق عمل وبيئة عمل منفتحتين ويسهل انخراطهم فيها. وتحمي الدول الأطراف إعمال الحق في العمل وتعزيز فرص العمل فضلاً عن تقديم المساعدة على إيجاد العمل والحصول عليه والمداومة عليه والعودة إليه.”

على الدول أن تحرص على وصول ذوي الإحتياجات الخاصة والأشخاص المعرضين للتمييز على أساس إعاقتهم للآليات التي يمكن من خلالها تحدي هذه الحالات. يقترح التحالف الدولي للمعوقين (IDA) خلق هيئات داخلة في النظام الوطني مكلفة بتعزيز عدم التمييز وفرض واجبات وتستطيع التحقيق في الشكاوى وإتخاذ إجراءات بحق الأطراف المعنية. تستطيع خدمات الوساطة الفعالة بين رب العمل وذوي الإحتياجات الخاصة المدعين بتعرضهم للتمييز أن تلعب دوراً أساسياً في الحرص على حماية حق ذوي الإحتياجات الخاصة في تكافؤ الفرص. ومن المهم أيضاً أن يكون مستوى ونوع العقوبات المفروضة على الأفعال والممارسات التمييزية ذا صلة كافية للحد من التمييز.

تظهر الحالات المبلغ عنها من الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم في البحرين بسبب اعاقتهم، كما النقص في نظام فعال وموثوق لتقديم الشكاوى، بعض المراكز فقط التي لا تزال موجودة في البحرين والتي تتعلق بتكافؤ الفرص لذوي الإحتياجات الخاصة.

11- التوصيات للبحرين

  • تعديل المادة رقم 4 من القانون رقم 74 للسماح بتشغيل المجتمع المدني المستقل وغيره من الجمعيات الخيرية في البحرين دون عائق والتي لا غنى عنها لتوفير وتوزيع الخدمات الإجتماعية لذوي الإحتياجات الخاصة
  • تعديل المادة رقم 15 من القانون رقم 74 لفرض عقوبات واضحة على التمييز في سوق العمل ضد العمال ذوي الإحتياجات الخاصة وإلزام دفع التعويض الواجب على رب العمل للذين تمنعهم اصابات العمل التي تعرضوا لها من القيام بالنشاط الإضافي، بالإضافة إلى مبلغ معاش تقاعدي يساوي راتب الضحية قبل الإصابة بالعاهة
  • تزويد المحتجزين والسجناء في البحرين بالرعاية الصحية الملائمة بما فيها الوصفات العلاجية، الأدوات الطبية، والزيارات عند الطبيب
  • التحقيق في ادعاءات التعذيب ومحاكمة سلطات السجن وضباط الشرطة الذين يستغلون حالات ذوي الإحتياجات الخاصة ضدهم أثناء التحقيق وإجراءات الإحتجاز.
  • متابعة التعديلات القائمة والإصلاحات الأخيرة المتعلقة بمستويات التعليم لذوي الإحتياجات الخاصة، الإستثمار بتعليم ذوي الإحتياجات الخاصة وإجراءات التدقيق المحسنة للأساتذة وموظفي المدرسة
  • التصديق على البروتوكول الإختياري للإتفاقية الذي يعترف بإختصاص اللجنة في تلقي الشكاوى من أشخاص أو مجموعات من الأشخاص