معرض “إكسبو دبي 2020” وسيلة ممنهجة لتبييض انتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات

وقع الإختيار هذا العام على دولة الإمارات لتنظم على أرضها معرض إكسبو الدولي 2020 والذي سيفتح أبوابه في دبي في شهر أكتوبر، بالتزامن مع ذلك استنكرت جهات حقوقية دولية استضافة الإمارات لهذا المعرض مؤكدةً أن الإمارات تحاول من بوابة استضافة معرض إكسبو 2020 وأحداث دولية مشابهة التغطية على انتهاكاتها الواسعة لحقوق الإنسان في الداخل لا سيما انتهاكها باستمرار لحرية الرأي والتعبير وتكوين الجمعيات منذ عام 2011 وما تتورط به من ارتكاب جرائم حرب في اليمن وغيرها من الدول.

تقام معارض إكسبو الدولية كل خمس سنوات، وتستمر لفترة أقصاها 6 أشهر. هذا العام قوبل اختيار الإمارات لاستضافة المعرض بانتقادات حقوقية واسعة ودعوات شعبية متصاعدة لضرورة مقاطعته نظراً لما يشكله من حملة جديدة لتبييض انتهاكات حقوق الإنسان على مختلف الأصعدة، وبدورنا سنسلط الضوء على أبرز الإنتهاكات التي تستمر دولة الإمارات في التعتيم عليها:

تجنيد المرتزقة في الحرب على اليمن

تفيد التقارير بتوظيف الإمارات العربية المتحدة للمرتزقة، من أجل اغتيال شخصيات يمنية بارزة. هذا النظام الذي يتضمن الجهود التي تبذلها القوات المدعومة من الإمارات في الجنوب، للمحاربة ضد الحكومة؛ اتضح أنه جزء من الجهود الرامية لتفكيك دولة اليمن.  كما أن هذه الجهود تخالف حق اليمنيين بتقرير مصيرهم وتشكل تهديداً بزيادة بعد إضافي على النزاع المعقد أصلاً.

كما أن استخدام المرتزقة والمقاتلين الأجانب يشوه الخطوط الفاصلة بين الإجراءات الحكومية وغير الحكومية، مما يعقّد جهود المجتمع الدولي والأمم المتحدة الرامية إلى إبرام إتفاق للسلام، والجهود الرامية لإبقاء منتهكي حقوق الإنسان تحت المساءلة عن انتهاكاتهم.  وفي حين تخضع القوات النظامية لرقابة مباشرة وواضحة من الدولة كما أنهم خاضعين لقوانين الدولة وبالتالي لقوانين الحرب، فإن المرتزقة يعملون في منطقة غير خاضعة للدولة، مما يزيد من صعوبة ضمان المساءلة.

في الحقيقة، عندما قالت الإمارات العربية المتحدة بأنها تسحب قواتها من اليمن وتسلم الرقابة الأمنية للميليشيا التي دربتها، فإن هذه الأجهزة – المرتزقة – واصلت إرتكابها للإنتهاكات. وقبل سحب قوات الإمارات العربية المتحدة، كانت هذه القوات تسيطر على شبكة من السجون في جميع أنحاء جنوب اليمن حيث تورطوا في التعذيب الممنهج والاعتداء، بما في ذلك التعذيب الجنسي.

واقع سجون الإمارات السرية في اليمن

قال تقرير لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إن ضباطاً إماراتيين اغتصبوا العديد من المعتقلين في اليمن، وارتكبوا أعمال عنف جنسي بأدوات مختلفة.

وأوضح تقرير المفوضية أن ظروف المعتقلين في مراكز الاحتجاز كانت مرعة، وأن حالات الاغتصاب كانت تحدث أيضا من قبل قوات الحزام الأمني على مرأى من معتقلين آخرين، بمن فيهم أفراد من عائلة المعتقل والحرس.

وذكر تقرير المفوضية الأممية أنه كان يُطلب من النساء الرضوخ للاغتصاب أو الانتحار، واللواتي يرفضن ذلك يتعرضن للضرب أو الرمي بالرصاص أو القتل، إضافة إلى تهديدهن بأمن عائلاتهن ومحيطهن الاجتماعي.

وبحسب إحصاءات عسكرية هناك 27  سجناً قديما وجديداً تتوزع في عدن وحضرموت وجزيرتي سقطرى وميون، إضافة إلى سجن يقع في إريتريا حيث تمتلك الإمارات قاعدة عسكرية هناك. وقيل حول أنواع التعذيب الجسدي والنفسي في السجون التي يديرها الإماراتيون بشكل مباشر، أنّ أسوأها الاغتصاب بأجهزة أو بعِصِي أو مباشرة عبر الأفراد، والصعق بالكهرباء في مناطق الصدر والإبطين والعضو التناسلي، إضافة إلى الجلد بالعصي والأسياخ والكابلات.

تتزايد الأساليب المروعة التي ترتكبها الإمارات بحق النشطاء دون رادع في الداخل مع تعمد طمس واخفاء الحقائق، والأفظع من ذلك تعدي تلك الأساليب بقعة الإمارات الجغرافية لتصل الى اليمن عبر سجونها السرية المنتشرة خلافاً للقوانين الدولية، فتلك دعوة صريحة الى جميع الجهات الدولية للتحقيق في ما يحدث داخل السجون السرية في اليمن ومحاسبة الإمارات وردعها عن استخدام تلك الأساليب المروعة، كذلك إطلاق سراح جميع النشطاء ومعتقلي الرأي وتعديل القوانين القمعية في ما يخص رية الرأي والتعبير.

إسكات حرية التعبير

تستخدم الإمارات قوانين مكافحة الإرهاب لقمع المعارضة وإسكات وتقييد حرية التعبير. إذ تعتبر حرية التعبير جريمة إرهابية، حيث أن القوانين تستهدف بوضوح أي شخص ينتقد السلطات ويواجه خطر التعرض للسجن. في هذا الصدد، يتم تضمين الانتقادات للحكومة في التعريف الواسع للتهديدات الإرهابية. كذلك تستخدم الإمارات الاحتجاز الإداري منذ 2014 لاعتقال ومحاكمة كل من يمثل تهديداً إرهابياً. وتتم مراجعة الحالة كل ثلاثة أشهر بموجب نظام الاحتجاز الإداري لتقرير ما إذا كانت تؤكد الاحتجاز أو تفرج عن الشخص المسؤول، لكن القانون يسمح للسلطات بتمديد شروط الاحتجاز لأجل غير مسمى.

هناك ثماني حالات على الأقل تم الإبلاغ عنها في ظل هذا الاحتجاز الإداري. وقد حُكم على أحد هؤلاء الأفراد المدعو أسامة النجار بالسجن لمدة ثلاث سنوات لتعاونه مع الأمم المتحدة وخاصة الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة. وتم تمديد فترة اعتقاله بشكل ممنهج.

إن قانون الجرائم الإلكترونية يحاكم مستخدمي تكنولوجيا المعلومات مثل المدونات ومنصات التواصل الاجتماعي لتنظيم المظاهرات، ويفرض قيوداً على الحق في حرية التعبير والتجمع. ويشمل عقوبة السجن مدى الحياة لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الذين يعارضون الحكومة او ينتقدونها.

وفي العاشر من من أغسطس 2019 أفرجت دولة الإمارات العربية المتحدة عن ثلاثة من معتقلي الرأي رغم تأخر الخطوة لاثنين منهم عامين كاملين وهم “أسامة النجار” و “عثمان الشحي” و “بدر البحري” من سجن الرزين، ولكن لا يزال العشرات من النشطاء معتقلين في السجون الإماراتية بسبب نشاطهم الحقوقي ومطالبهم بالحريات والإصلاح السياسي.

الثلاثة المفرج عنهم تم اتهامهم بوجود صلات لهم بجماعة الإصلاح الإسلامية التي حظرتها السلطات الإماراتية في 2014. والنجار تم اعتقاله عام 2013 بسبب نشاطه ضمن حملة للمطالبة بالإفراج عن والده ومعتقلين سياسيين آخرين في الإمارات، أما الشحي فصدر بحقه حكماً بالسجن عام 2014 لمدة خمس سنوات بسبب تعليقات له على تويتر ساند فيها معارضين سياسيين بينما حُكم على البحري في 2016 بالسجن ثلاث سنوات لاتهامه بالانضمام لمنظمة سرية.

وقضى النجار حكماً بالسجن ثلاث سنوات كاملة، وبقي بعدها بالسجن عامان دون محاكمة، كما قضى البحري محكوميته بالسجن ثلاث سنوات كاملة عام 2017 ، وبقي في السجن وكذلك الشحي الذي قضى محكوميته بالسجن خمس سنوات كاملة نهاية عام 2018.

ذكرت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان لها أن “دولة الإمارات سبق لها وفي معرض ردها على الإجراءات الخاصة أن فندت كافة الادعاءات والمزاعم المتعلقة بقضية المدافع عن حقوق الإنسان أحمد منصور”. وادعت أن “تلك المزاعم لا أساس لها من الصحة، وأن بعض المنظمات الحقوقية دأبت على نشرها في تقاريرها بهدف تشويه وتزوير الحقائق”. زاعمةً أن أن كافة الإجراءات التي اتخذتها الأجهزة القضائية في الدولة بحق أحمد منصور بدءا من مرحلة التحقيق والاتهام، وانتهاء بمرحلة الحكم تمت جميعها ضمن الأطر القانونية المنصوص عليها في التشريعات الوطنية ذات الصلة.

إلّا أنّ الناشط الحقوقي أحمد منصور لا زال يعاني من انتهاكات متزايدة داخل السجن بعد أن حُكم عليه عام 2018 بالسجن لمدة عشر سنوات بسبب تغريدات على تويتر تتضامن مع المعتقلين. وأضرب عن الطعام مراراً بسبب تعرضه للضرب بعد رفض إدارة السجن إخراجه من جناح العزل في سجن الصدر في أبو ظبي، حيث يُحتجز في زنزانة صغيرة بلا سرير أو مياه، وتعرض للضرب مراراً وتكراراً خلال 2019 وأدت الانتهاكات والإضراب عن الطعام إلى تدهور حالته الصحية ومنها انخفاض الوزن وضعف النظر وصعوبة الوقوف بمفرده.

في 4 مايو 2019، توفيت المعتقلة الإماراتية علياء عبد النور في السجن بعد صراع مرير مع سرطان الثدي. أثناء احتجازها، حُرمت عبد النور من العلاج المناسب ورُفض طلب أسرتها بالإفراج عنها. دعا مكتب مفوضية الأمم المتحدة UN لحقوق الإنسان (OHCHR) في بيان له الإمارات العربية المتحدة للتحقيق في ظروف وفاتها، فضلاً عن الادعاءات الموثوقة بالتعذيب وسوء المعاملة، واحتجاز المسؤولين.

في 31 من أكتوبر 2019، نشر فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي والمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، المقرر الخاص المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، المقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو الا إنسانية أو المهينة رسالة إدعاء موجهة إلى حكومة الإمارات العربية المتحدة تشير إلى القلق اتجاه الإحتجاز المستمر وسوء المعاملة للمحامي محمد عبد الله الركن.

السيد الركن هو محامي مختص بالدفاع عن حقوق الإنسان وهو الرئيس السابق لنقابة المحامين في الإمارات العربية المتحدة. إنه يقدم المساعدة القانونية لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات وذلك يشمل المدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء الرأي الذين تمت محاكمتهم بسبب أعمالهم السلمية في نطاق حقوق الإنسان.