المملكة العربية السعودية: آخر المستجدات بعد “عام العار”

الاعتقال والاحتجاز المتواصل للمدافعات عن حقوق الإنسان

في شهر مايو 2019، وفي ذكرى مرور عام على اعتقال العديد من النساء البارزات المدافعات عن حقوق الإنسان، أطلقت منظمة العفو الدولية تسمية”عام العار” المخزي على المملكة العربية السعودية. وقد أعلنت المنظمة أنه “قبل عام، بدأت السلطات باعتقال عدد من الناشطات في المملكة العربية السعودية بدلاً من احتفالهم جنباً الى جنب بالخطوات التي كان ينبغي أن تساعد على النهوض بحقوق المرأة في البلاد”.

على الرغم من الاصلاحات التي تبدو أنها ترمي الى التقدم والحداثة، كرفع الحظر الذي طال أمده عن السائقات في يونيو 2018 وقيود سفرهن في أغسطس 2019، إلا أن السلطات السعودية  قد قامت بحملة ضد النساء المدافعات عن حقوق الانسانمن خلال استخدامها لوسائل الاعلام من أجل  تشويه سمعة الناشطات الاناث بشكل أكبر وتصويرهن كخائنات للمملكة. كما استمرت السلطات السعودية بقمع الناشطين والمعارضين بسبب أنشطتهم السلمية، فمنذ عام 2011، أدانت المحاكم ما يقارب 30 شخصاً بارزاً وحكم على عدد كبير منهم بأحكام تتراوح ما بين 10 و15 سنة بموجب تشريع يهدف الى تجريم المعارضة.

يتجلى تدهور وضع المرأة السعودية وحقوقها الانسانية الدائم في قضية الناشطة في مجال حقوق المرأة  السعودية وشخصية وسائل التواصل الاجتماعي والسجينة السياسية، لجين الهذول. اشتهرت الهذول بحملتها ضد منع النساء من القيادة واعتقلت في مايو 2018 الى جانب العديد من الناشطات الأخريات في مجال حقوق المرأة. وشملت التهم الموجهة ضدهن تهمة تعزيز حقوق المرأة والدعوة الى وضع حد لنظام الوصاية الذكورية، فضلاً عن التواصل مع المنظمات الدولية ووسائل الاعلام الاجنبية والناشطين الآخرين.

وفي نوفمبر 2018، ذكرت منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش أن “العديد من الناشطات السعوديات في مجال حقوق الإنسان، تعرضن للتحرش الجنسي والتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة أثناء الاستجواب منذ القبض عليهن تعسفياً في مايو 2018  (بمن فيهن ذلك الهذلول). ووفقاً لشهادات ثلاث منفصلة، فقد قام المسؤولون في سجن ذهبان بشكل متكرر بتعذيب الناشطات المحتجزات بالكهرباء والجلد؛ البعض أصبحن غير قادرات على المشي أو الوقوف بشكل صحيح مع اهتزاز اليدين وعلامات في الجسم دون أي رقابة.

دعت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين والخدمة الدولية لحقوق الإنسان ومركز الخليج لحقوق الإنسان و“Women march global” إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن المدافعات السعوديات عن حقوق الإنسان الذين احتُجزوا لمجرد دعمهم لحقوق النساء. كما تواصل المنظمات المذكورة أعلاه، بالإضافة إلى العديد من المنظمات غير الحكومية الأخرى في جميع أنحاء العالم، دعوة هؤلاء النساء إلى الوصول إلى أسرهن ومحاميهن المختارين، وأن تجري السعودية تحقيقات جنائية ذات صلة بطريقة شفافة وأن تشجع المملكة على الالتزام بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.

الهجوم على حرية التعبير والمعارضة

يعد تقييد المملكة العربية السعودية على حرية التعبير والمعارضة على الصعيدين الوطني والدولي مصدر قلق. ويقوم تقرير منظمة أميركيون من أجل الديموقراطية وحقوق الانسان في  البحرين لعام 2017 “صوت الذين لا صوت لهم” – تمييز ديني وثقافي في المملكة العربية السعودية” بكشف الرقابة الإعلامية داخل البلاد. وكما لوحظ، فإن الصحف في المملكة تابعة لملكية خاصة، ولكن مدعومة من القطاع العام ومراقبة عن كثب من قبل الحكومة. وبسبب قانون المطبوعات والنشر لعام 2003 وقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية لعام 2007، اللذان يعملان على تنظيم محتوى وسائل الإعلام، فإن العديد من وسائل الإعلام تمارس الرقابة الذاتية. في أوائل عام 2014، نشرت الحكومة السعودية قانونها الخاص بالإرهاب وتمويله  والذي تم إدانته باعتباره واسع النطاق ومقيِّد للغاية. باستخدام صيغتها الغامضة، فاستخدمت الحكومة تنفيذه للقبض على النقاد والمعارضين.

وقد تم تسليط الضوء على حملة المملكة العربية السعودية ضد جميع أشكال المعارضة في تقرير صدر في أكتوبر 2018 من قبل ADHRB منظمة أميركيون من أجل الديموقراطية وحقوق الانسان في البحرين، بعنوان جمال خاشقجي وعصام الزامل: ضحايا القمع المتزايد في المملكة العربية السعودية.

عصام الزامل، هو مواطن سعودي وخبير اقتصادي معروف ورجل أعمال يتمتع بحضور شعبي على وسائل التواصل الاجتماعي، استُهدف فيما يسمى “موجة الاعتقالات” في سبتمبر 2017. وقد جاء ذلك بعد انتقاده لخطة رؤية 2030 لولي العهد الأمير محمد بن سلمان لصالح شركة النفط الحكومية أرامكو. سمح تشريع الإرهاب السعودي الواسع للحكومة بتوجيه الاتهام إلى الزامل بتهم منها “الانتماء المزعوم إلى جماعة الإخوان المسلمين، والتواصل مع قطر، وإعطاء معلومات حساسة للدبلوماسيين الأجانب دون إذن”. وتعتبر هذه الأخيرة جميعها أعمال إرهابية وفقًا لقوانين البلاد في مكافحة الإرهاب. ووفقًا لـ ADHRB، فإن اعتقال الزامل يوازي “الاعتقالات الأخرى التي تزايدت خلال السنوات القليلة الماضية”.

وفي السنوات الأخيرة، شرعت السعودية بحملة لسحق المعارضة. حيث تم تعزيز هذا الأمر بشكل مضاعف،  أولاً من خلال إصدار تنقيح نوفمبر 2017 لـ قانون الإرهاب وتمويله، وثانياً بـ إنشاء رئاسة أمن الدولة (PSS) عندما جُردت وزارة الداخلية من وظيفة الأمن الداخلي. ووفقاً لـ ADHRB، “فإن جهاز الأمن الوقائي هو المسؤول عن مسح واعتقال العشرات من المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين ورجال الدين والأكاديميين والمعارضين”.

وبعد أن اشتهرت قضية  جمال خاشقجي المشهورة، أصبح نظام المراقبة الوطنية هذا معروفاً دولياً.

في 2 أكتوبر 2018، “قام المسؤولون السعوديون في قنصلية المملكة في اسطنبول بالاعتقال التعسفي والاختفاء القسري وقتلوا الصحافي المعارض البارز جمال خاشقجي“. قبل فراره من السعودية، كان خاشقجي المستشار السابق لتركي بن فيصل، الأمير السعودي والمدير السابق لجهاز المخابرات في البلاد. وقبل فراره من السعودية، كان خاشقجي معروفاً بكتاباته في جريدة الحياة،  فتم حظر الكتابات في عام 2017 بعد أن بدأ منعطفًا ضد محمد بن سلمان. خوفًا من الاعتقال، فر خاشقجي من السعودية في يونيو 2017 وكان يعيش منذ ذلك الحين في الولايات المتحدة.

كتب خاشقجي أيضاً لصحيفة واشنطن بوست، حيث ظل ينتقد محمد بن سلمان حتى وفاته. وقد صرح في مقالته الأخيرة من سبتمبر 2018 قائلاً: “يستحق السعوديون أفضل”. وبعد وفاته، رفضت الحكومة السعودية الاعتراف بذنبها. ومع ذلك، ظهر منذ ذلك الحين مقتل خاشقجي بطريقة متعمدة. .وحُكم على خمسة أشخاص بالإعدام، بينما حكمت المحكمة الجنائية السعودية في الرياض على ثلاثة آخرين بالسجن. وقد صرحت لين معلوف، مديرة أبحاث الشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية ، بأن “حكمه هو مجرد تبييض لا يحقق العدالة ولا الحقيقة لجمال خاشقجي وأحبائه. تم إغلاق المحاكمة أمام الجمهور والمراقبين المستقلين، مع عدم توفر معلومات عن كيفية إجراء التحقيق”.

هذه علامة واضحة على أن الحكومة السعودية تتجه نحو أسلوب أكثر استبدادية للرقابة  على الصعيدين الوطني والدولي.

الفشل في الالتزام بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة

إن الحق في محاكمة عادلة منصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهو حجر الأساس في نظام حقوق الإنسان الدولي. في عام 1948، تم التصديق على هذه المادة في جميع أنحاء العالم ولكن ليس من قبل السعودية. وعلى الرغم من إعادة تأكيده في معاهدات ملزمة قانونًا مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فقد فشل السعوديون في الاعتراف بالمعاهدات بتطبيق القانون الدولي العرفي، وكذلك في  المعايير الأخرى التي اعتمدتها الأمم المتحدة والهيئات الحكومية الدولية الإقليمية.

وينص “الحق في محاكمة عادلة” على النحو المعترف به في المعاهدات الدولية، على الحد الأدنى من الضمانات التي يجب أن تضمنها جميع الأنظمة للعدالة الحقيقية واحترام سيادة القانون، واحترام الحق في إجراءات جنائية عادلة. تنطبق هذه المعايير على التحقيقات، والاعتقالات والاحتجاز، وكذلك طوال إجراءات ما قبل المحاكمة وما بعدها،  بما في ذلك عملية الاستئناف وإصدار الأحكام  والعقاب. علاوة على ذلك، فهي تشكل اتفاقًا جماعيًا من جانب المجتمع الدولي بشأن معايير تقييم كيفية تعامل الحكومات مع المواطنين المشتبه بهم والمتهمين والمدانين بارتكاب جرائم ، وتمتد من القضايا البسيطة إلى الحالات الأكثر فظاعة.

وكما ذكرت منظمة العفو الدولية، “يكمن أساس الطبيعة غير العادلة للمحاكمات في المملكة العربية السعودية في حقيقة أن نظام العدالة الجنائية الخاص بها مصمم لتلبية احتياجات الدولة بالدرجة الأولى على حساب حقوق الفرد.” إن الطبيعة غير العادلة للمحاكمات هي منهجية وتبدأ بالخطوات الأولى لإجراءات قضائية. هذا الخلل يظهر في جميع إجراءات العدالة الجنائية، من الاعتقال إلى الاحتجاز. وابتداء من القبض على المشتبه به دون أمر قضائي، يبلغ المحتجزون أسرهم أنهم بالحبس الانفرادي وبعزل عن العالم الخارجي، ولفترات طويلة دون مثولهم أمام المحكمة، وحرمانهم من الوصول إلى محام قبل توجيه الاتهام إليهم.

            وينص الفصل الأول من القانون القضائي السعودي على أن القضاة يعملون بشكل مستقل ولا يخضعون لأي حكم أو لأي سلطة بخلاف أحكام الشريعة والقوانين المعمول بها. ومع ذلك، فإن السلطة القضائية وغيرها من الهيئات الحكومية متشابكة بشدة، كما يتضح في متطلباتهم واشتراطهم في تنسيق ممارساتهم وفقا للأيديولوجيات التي يعتنقها الملك وولي العهد. وهذا هو الدليل على أن القضاة السعوديين تلقوا ضمنيا تعليمات بإصدار أحكام قاسية ضد نشطاء حقوق الإنسان والإصلاحيين والصحافيين والمعارضين. كما أفاد الناشطون بأن السلطات القضائية والنيابية تتجاهل معالجة الشكاوى ذات الصلة، بما في ذلك افتقار اتصال العميل بمحام في المراحل الحرجة في العملية القضائية، وخاصة خلال مرحلة ما قبل المحاكمة / التحقيق.

استمرار حالات عقوبة الإعدام والأشخاص الذين ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام

 في يوليو 2019، كان من المعروف أن السلطات السعودية نفذت 134 عملية إعدام على الأقل. ووفقا لمنظمة العفو الدولية، كان 37 من هؤلاء نشطاء سياسيين أُعدموا جماعياً في 23 أبريل 2019 بعد فترات طويلة من الاحتجاز في الحبس الانفرادي، الخضوع للتعذيب والمحاكمات غير العادلة. وكان 33 من أصل 37 عضواً في الأقلية الشيعية في السعودية، الذين تم اعتقالهم وتم إعدامهم في النهاية لمشاركتهم في الاحتجاجات في المقاطعة الشرقية للبلاد.

الممارسات السعودية الحالية تنتهك المعايير الدولية، بما في ذلك الميثاق العربي لحقوق الإنسان، الذي صادقت عليه السعودية. والذي يشتمل على الدول التي تستخدم عقوبة الإعدام فقط من أجل “أخطر الجرائم” في ظروف استثنائية، وبعد صدور حكم من محكمة مختصة. السعودية لديها واحدة من الدول التي لديها أعلى معدلات لتنفيذ الاعدام في العالم ويطبق عقوبة الإعدام على مجموعة من الجرائم التي لا تفي بهذا الشرط مثل الجرائم المتعلقة بالمخدرات. على الرغم من حَثّ من المجتمع الدولي، مثل دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 2018 لفرض حظر على استخدام عقوبة الإعدام، والحد من الجرائم التي قد تُفرض بقصد الإلغاء في نهاية المطاف، تواصل السعودية استخدام عقوبة الإعدام.

يشكل عام 2019 نمطًا مزعجاً للأفراد الذين تم تحديدهم على أنهم معارضون سياسيون. اتُهم كثيرون بارتكاب جرائم غير محددة مثل “الشعوذة” و “التجسس” و “الإرهاب” ، كلها مصطلحات غامضة تسمح بتفسيرات شاملة. صرح مايكل بيج، نائب مدير هيومن رايتس ووتش في الشرق الأوسط بأن “السلطات السعودية ستصف من أعدموا بأنهم إرهابيون ومجرمون خطرون، لكن الواقع هو أن المحاكم السعودية إلى حد كبير خالية من أي إجراءات واجبة، والعديد من الذين تم إعدامهم أدينوا فقط استناداً إلى اعترافات قسرية… مثلاً، إن عقوبة الإعدام وخاصةً إعدام السجناء جماعياً ليست الحل على الإطلاق للجرائم مما يبين لنا أن القيادة السعودية الحالية لا تهتم كثيراً بتحسين سجل حقوق الإنسان الكئيب في البلاد.”

وكانت لين معلوف، مديرة البحوث في الشرق الأوسط لدى منظمة العفو الدولية، قد عملت وصرحت بأن السلطات السعودية لديها سجل مخيف فيما يتصل باستخدام عقوبة الإعدام كسلاح لسحق المعارضة السياسية ومعاقبة المتظاهرين المناهضين للحكومة – بما في ذلك الأطفال”. على سبيل المثال، مرتجى قريريص، عضو سعودي في الأقلية الشيعية، اتهمته الحكومة السعودية بـ “الانضمام إلى جماعة إرهابية” و”زرع الفتنة” وتم اعتقاله في سبتمبر 2014 عندما كان عمره 13عامًا فقط.

وعلى نحو مماثل، علي النمر يواجه الإعدام في السعودية الذي في 20 ديسمبر 2019 احتفل بعيد ميلاده الخامس والعشرين في جناح الإعدام، وقد قضى ثمانية أعياد ميلاد سابقة في السجن بعد اعتقاله في فبراير 2012 لمشاركته في مسيرة ديمقراطية في المقاطعة الشرقية السعودية. وفقاً لتقارير من منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الانسان في البحرين وغيرها من المنظمات الدولية لحقوق الانسان، بعد اعتقال النمر، تم استجوابه وتعذيبه من قبل ضباط مديرية الاستخبارات العامة في المملكة العربية السعودية وقد وقع أثناء ذلك اعتراف رغم حرمانه من الاتصال بمحام. ولقد اتهم بارتكاب اثني عشر جريمة، بما في ذلك الخيانة والعضوية في خلية إرهابية، وبالتالي حُكم عليه بالإعدام من المحكمة الجنائية المتخصصة، وهي نظام محاكم الأمن الوطني في المملكة المسؤولة عن محاكمة قضايا الإرهاب. ومثله كمثل قريريص، كان النمر طفلاً عندما ألقي القبض عليه. وعلى هذا النحو، كان احتجازه وإصدار الحكم عليه موضوع تواصل بطرق متعددة من مكتب الإجراءات الخاصة التابع للأمم المتحدة، بما في ذلك حالات في مايو 2015، وسبتمبر 2015، ومارس 2016، وأغسطس 2016، ويوليو 2017، وأكتوبر 2018. كما أفادت

منظمة ADHRB، تم إعلان أنّ اعتقاله كان تعسّفياً وغير قانوني من قِبل مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة المعنية بالاحتجاز التعسّفي.

سيطرة الأسرة الملكية السياسية وقمع المعارضة الشيعية باسم الدين

تحتفظ الأسرة الملكية السعودية بالسيطرة المطلقة على العمليات السياسية للدولة، وتسيطر بعمق بحسب التداخل التاريخي بين الدولة والدين. تحافظ عائلة آل سعود على علاقة تكافلية مع المؤسسة الدينية الوهابية، مما يعطي الشرعية الدينية للحكم السياسي للعائلة ويضمن تدوين التفسير الوهابي للإسلام في بيروقراطية الدولة السعودية. والواقع أن الشرعية الدينية للأسرة السعودية في مواجهة علاقتها والوهابية السُنّية فالمؤسسة الحاكمة تمنح النظام سلطة كبرى على سكانه، الذين يتجاوز عددهم 80% من السُنّة. إن القسم الأعظم من المعارضة السياسية في البلاد ينبع من الأقلية الشيعية، الأمر الذي يجعل القمع الديني الطائفي في النظام سياسياً بطبيعته.

إن التمييز ضد الشيعة في المجالات الدينية والثقافية “يتجلى في تدمير مواقع دينية وثقافية شيعية كبيرة، وإغلاق المساجد الشيعية، واعتقال واحتجاز الزعماء الدينيين الشيعة والمتعبدين، وتعطيل الممارسات والمهرجانات الدينية الشيعية برعاية الحكومة. ان هذا التمييز يتخذ أيضا شكلاً اقل واقعية في استخدام اللغة الطائفية ومناهضة للشيعة في الخطَب والكتب المدرسية والتي تحط من شأن الشيعة وتضعف من ممارساتهم وتراثهم” وهذه الجهود تؤدي الى نبذ الشيعة كأعضاء غير متساوين وغير شرعيين في المجتمع السعودي. وقد دفع ذلك أسرة آل سعود إلى اتخاذ إجراءات أكثر تطرفاً بشأن المعارضة السياسية في الداخل.

إن انتخابات 2005 و2011 في المملكة العربية السعودية تجسد تديّن المعارضة السياسية في البلاد. فقد تبين أن مليون وثمانين ألف سعودي قد أدلوا بأصواتهم في عام 2005، وهو رقم منخفض بشكل كبير في سياق إجمالي الناخبين المؤهلين البالغ عددهم 18 مليون ناخب. ومع ذلك، شهدت المحافظات الشيعية الشرقية إقبالاً متزايداً من الناخبين. ولقد وجد تقرير المجلس أن نصف المقاعد فقط كانت متنافسة على التصويت، مثل انتخابات عام 2005، في انتخابات عام 2011: “كان ارتفاع معدلات إقبال الناخبين بين الشيعة في المنطقة الشرقية مدفوعا بشعور مفاده أن المواطنين الشيعة، بعد سنوات من التهميش والإهمال، كان بوسعهم أن يُسمع أصواتهم”. وقد عين الملك النصف الآخر من المقاعد. ولقد فاز المرشحون الشيعة بأغلبية المقاعد في القطيف، وعيّن الملك أربعة من السُنّة وشيعي واحد في مجلس القطيف، ويكشف ذلك عن شكل متعمّد من أشكال المناقصات من جانب أسرة آل سعود للحفاظ على امتلاكها للسلطة.

حملة العار في تغطية العلاقات العامة تحت قيادة الرؤية 2030 والأحداث الرياضية والموسيقيّة في المملكة العربيّة السّعوديّة

إن رؤية المملكة العربية السعودية لعام 2030 تتطلع إلى تحديث وتنويع اقتصاد البلاد بعيداً عن اعتمادها على النفط. بيد أن القيام بذلك يصرف الانتباه عن انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان. وكما تم استكشافه في أقسام سابقة، فإن نظام آل سعود يحتفظ بسيطرة محكمة على جميع جوانب المجتمع، ويقاطع أي علامات على المقاومة في سكانه، ويتجه إلى التطرف مثل قتل جمال خاشقجي على الأراضي التركية، وبحسب لمنظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش فإن السعودية تحاول تحسين سمعتها من خلال توظيف “التبييض” و”التعتيم من خلال الرياضة” في محاولة لإسقاط وجه منفتح للمملكة على المستوى الدولي.

يمكن أن يكون هذا النمط من العلامة التجارية العالمية مفيداً بشكل لا يصدق، حيث يميل الكثيرون إلى تصنيف البلد بحسب المراسم التي يستضيفها وليس الحقوق التي يسيء إليها. في يناير 2020، شاركت أكثر من عشرات السائقات في رالي داكار.

 ومع ذلك، تسيء المملكة إلى العديد من الناشطات في مجال حقوق المرأة اللواتي كنّ يناضلن من أجل الدفاع عن حقهنّ في قيادة السيارات في السعودية بمن في ذلك الهذلول التي أتينا على ذكرها أعلاه، ومن عجيب المفارقات هنا أن رالي دكار يسلط الضوء على “الناشطات في مجال حقوق المرأة السعودية اللواتي حاربن وربحن من أجل الحق في القيادة في المملكة العربية السعودية مُنعن من السفر أو يقبعون وراء القضبان.

إن استخدام “التضليل من خلال المشاهير” يشكل أهمية كبيرة، وهو استخدام المشاهير الأجانب وقد حضر المشاهير إلى المملكة لمناسبات مثل الموسيقى والموضة. ثم يتم تشجيعهم على نشر تجربته الإيجابية في حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي. ولقد قوبل هذا بانتقادات واسعة النطاق من قِبَل الجماهير التي أعربت عن قلقها إزاء عدم اطلاع “المشاهير” على الأحداث الجارية داخل البلدان التي تروج لها.