ملفات الاضطهاد: علي حسين الطريفي

محدّث: كان علي طالبًا في المرحلة الثانوية في مدرسة جدحفص الصناعية الثانوية للبنين يبلغ من العمر 18 عامًا عندما اعتُقل في 13 نوفمبر 2019. وهو لاعب سابق في نادي بني جمرة لكرة الطائرة. تعرض للاعتقال بشكل متكرر، وأحيانًا عدة مرات في اليوم الواحد عندما كان قاصرًا. أثناء احتجازه الأخير، تعرّض علي للتعذيب، الإخفاء القسري، السجن الانفرادي، الإهانة على أساس المذهب، الحرمان من ممارسة شعائره الدينية، الانتقام، الابتزاز، والحرمان من الاتصال بعائلته. حُكم عليه غيابيًا بالسجن عشر سنوات، في محاكمة جماعية غير عادلة، بتهمٍ ذات خلفياتٍ سياسيةٍ. وهو يقضي حكمه حاليًا في سجن جو.

في 13 نوفمبر 2019، عند الساعة 9:10 مساءً، كان ملعب حديقة الدراز محاطًا بضباط مقنّعين يرتدون ملابس مدنية، وبسيارات دفع رباعية مع ضباط من شرطة مكافحة الشغب. عمد هؤلاء إلى إغلاق الشارع وخلقوا جوًا من الذعر بين المتواجدين في الحديقة. اعتقل الضباط مجموعة من الشبان أثناء لعبهم كرة القدم دون تقديم أي مذكرة اعتقال، وكان علي من بينهم، إذ قاموا بضربه باستخدام الهراوات الخشبية والمعدنية والكابلات وركله  في الفناء الخلفي لأسواق الحلّي في الدراز. ثم اقتيد علي مجددًا إلى حديقة الدراز وهو يتعرض للضرب. وطلبت منه القوات تمثيل هجوم على سيارة دفع رباعية وحافلة، لكن علي رفض ذلك، الأمر الذي عرضه لمزيد من الضرب والركل. ثم اقتيد علي إلى مركز شرطة الخيالة في البديع (وزارة الداخلية، وحدة الخيالة)، حيث قامت مجموعة من القوات العسكرية وقوات بلباس مدني بضربه وركله مجددًا. بعدها اقتيد مرة أخرى إلى الفناء الخلفي لمركز شرطة الخيالة حيث أطلقت مجموعة من الكلاب عليه وعلى معتقلين آخرين. وأخيرًا، اقتيد إلى مركز شرطة البديع. في 14 نوفمبر 2019، عند الساعة التاسعة صباحًا، نُقل علي إلى مستشفى القلعة للفحص الطبي ثم إلى مبنى 15 الخاص بالتحقيقات في سجن جو.

علمت الأسرة بالاعتقال من خلال مكالمة تلقتها من شخص شاهد الاعتقال ونقل علي إلى مركز شرطة البديع. بعد هذه المعلومات، ذهبت عائلة علي إلى مركز الشرطة على أمل اكتشاف سبب اعتقاله. قيل لهم إن علي لم يكن هناك. لكن العائلة رفضت المغادرة وأصرت على الانتظار أمام المحطة، وقد أخبر والد علي الضباط أنهم سبق  وكذبوا عليهم فيما مضى بشأن اعتقال سابق لابنهم. بعد طول انتظار، حوالي الساعة 1:30 فجر يوم 14 نوفمبر 2019، أخبرهم الملازم أن علي متهم بالاعتداء على سيارة جيب وعرقلة سير حافلة تستخدم لوسائل النقل العام. لكنه أصر مواصلة النفي بأن يكون علي متواجدًا في مركز الشرطة.

في 14 و15 نوفمبر 2019، أجرى علي مكالمتين هاتفيتين مع عائلته من رقمين مختلفين لمدة لم تزد عن الثانية في الاتصال. بدا متعبًا وقال إنه بخير وفي مديرية التحقيقات الجنائية. لكن عائلة علي تعتقد أنه كان متواجد في مبنى التحقيقات في سجن جو (المبنى 15) وليس في إدارة التحقيقات الجنائية. ومع ذلك، لم تتلق الأسرة أي تصريح رسمي يؤكد ذلك.

في البداية، لم يعلم علي بالتهم الموجهة إليه. ومع ذلك، تعرض للتعذيب أثناء الاستجواب من أجل الاعتراف بارتكاب أعمال إرهابية. قام ضباط من مركز شرطة الخيالة ومن سجن جو بتعذيب علي لمدة 9 أيام، واستجوبوه طوال هذه الأيام لمدة 18 ساعة تقريبًا في اليوم الواحد، حيث لم يستطع النوم لأكثر من بضع ساعات، ولم يُسمح له بالجلوس إلا لبضع دقائق وأجبر على الوقوف مكبل اليدين من الخلف بسلاسل معدنية. تعرض علي للصدمات الكهربائية والضرب والركل والتهديد بالقتل. بالإضافة إلى ذلك، قام الضباط بتهديد عائلته وتعريضه للإهانات اللفظية على أساس انتمائه للطائفة الشيعية؛ كما أهانوا شخصيات دينية بارزة. وحرم الضباط علي  من حقه في أداء شعائره الدينية بحرية. بعدها، تمكن علي من الاتصال بأسرته في 26 نوفمبر لمدة نصف ساعة. وسأل الضباط علي عن علاقته ببعض الأشخاص واتهموه بالاعتداء على سيارة رباعية الدفع وحافلة، بالإضافة إلى تهم أخرى. رفض علي الاعتراف بالتهم المنسوبة إليه، لكنه أُرغم على التوقيع على ورقة من النيابة العامة دون معرفة محتوياتها. كما مُنع علي من الاتصال بمحاميه أو مقابلته أثناء الاستجواب.

عانى علي من علامات الضرب على خصره وعلامات أخرى ناجمة عن الصعق بالكهرباء وكان غير قادر على التبول. بدأ علي إضرابًا عن الطعام ليتم نقله إلى العيادة الطبية وتمت تلبية طلبه بعد بضعة أيام. في 29 نوفمبر و 1 ديسمبر 2019، نُقل إلى مستشفى السلمانية للقيام بصورة الأشعة السينية بسبب علامات الضرب وعدم قدرته على التبول. بدأ علي إضرابًا آخر عن الطعام في 8 أبريل 2020 احتجاجًا على التهم الموجهة إليه وعلى التعذيب الذي تعرض له. بعد أسبوع، أوقف علي إضرابه عن الطعام مع غياب الرد من السلطات.

كان قد اعتقل علي عدة مرات سابقًا وهو قاصر. في 13 فبراير 2014، عندما كان في الثانية عشر من عمره فقط، اعتُقل وتعرض للضرب المبرح على أيدي الشرطة. وفي 14 أبريل 2018، في منتصف فترة امتحاناته النهائية، اعتُقل لمدة ستة أشهر، وأُطلق سراحه دون أن يُحاكم. عقب الاعتقال، قام أشخاص مجهولون بتهديده عدة مرات. اعتادت بعض السيارات المدنية التجول خارج منزل علي وفي الطرقات التي يرتادها والتحدث معه عبر الهاتف أيضًا، حيث هددوه بالاعتقال وتلفيق تهمة كبيرة له في حال رفض العمل معهم كمخبر، لكن علي رفض. اعتقلوا أيضًا والد علي، وهددوه باعتقال ابنه بدعوى أنه يمكنهم اختلاق التهم ضده إذا لم يعترف، وهو ما حدث لاحقا في 13 نوفمبر 2019.

في 21 نوفمبر 2019، مثل علي أمام مكتب النيابة العامة، ولم يُسمح لمحاميه بالحضور. قررت النيابة العامة احتجاز علي لمدة 60 يومًا في الحبس الاحتياطي في مركز احتجاز الحوض الجاف. في 16 يناير 2020، قرر مكتب النيابة العامة بحضور علي ومحاميه تجديد احتجازه السابق لمدة 60 يومًا أخرى. في 18 مارس 2020، تم تجديد فترة ما قبل المحاكمة مرة أخرى، دون حضور علي أو محاميه. وفي صباح يوم 21 نوفمبر 2019، كان علي في مكتب النيابة العامة، ثم نُقل إلى إدارة التحقيقات الجنائية وإلى مستشفى القلعة. وأخيرًا تم نقله إلى مركز احتجاز الحوض الجاف ليلًا. كان محاميه حاضراً مرة واحدة فقط، في مكتب النيابة العامة خلال جلسة الاستماع الثانية في 16 يناير 2020. وقد تمكن علي من الاتصال بمحاميه بعد حوالي شهر من نقله إلى مركز احتجاز الحوض الجاف.

وجّه القاضي إلى علي تهم عدّة بما فيها : الانضمام إلى خلية إرهابية تابعة للحرس الثوري الإسلامي في إيران؛ التدريب والتسلح والتجمع غير القانوني؛ وغيرها من التهم الأخرى. عندما أوضح علي للقاضي أنه تعرض للتعذيب وأُرغم على التوقيع على أوراق دون معرفة محتواها، وطلب الإفراج عنه ومحاكمته وفقًا لمبادئ المحاكمة العادلة، مدد القاضي فترة احتجازه السابق للمحاكمة لمدة 30 يومًا.

في 3 نوفمبر 2020، أدانت المحكمة الكبرى الجنائية الأولى غيابيًا – في محاكمة جماعية ضمت 52 متهمًا وافتقرت إلى أدنى شروط المحاكمة العادلة – علي بتهمة: 1) الانضمام مع آخرين إلى جماعة إرهابية أطلق عليها اسم حزب الله البحرين، 2) إشعال حريق متعمد في حافلة وتكسير نوافذها، و3) حيازته وآخرون عبوات قابلة للاشتعال (مولوتوف)، وحُكم عليه بالسجن عشر سنوات. تجدر الإشارة إلى أن علي لم يكن على علم بانعقاد المحاكمة، وقد تفاجأ بها وبالحكم الصادر بحقه بعد أن أخبرته عائلته ذلك في اتصال هاتفي. استأنف علي الحكم الصادر بحقه، إلا أن محكمة الاستئناف رفضت الطعن وأيّدت الحكم  في 11 أبريل 2021، وكذلك فعلت محكمة التمييز في 12 يوليو 2021.

في 25 سبتمبر 2021، وقبيل يوم واحد من عرض تقرير تلفزيوني حول الانتهاكات بحق الأطفال المعتقلين في مركز احتجاز الحوض الجاف، قام أحد الضباط، بالتعاون مع طاقم من الإعلام الأمني، بابتزاز المساجين في قسم صغار السن من مركز احتجاز الحوض الجاف، ومن ضمنهم علي، حيث وعدوهم بالإفراج عنهم شرط ادعاء السجناء أنهم يعيشون في ظروف سجن جدًا طبيعية. ورغم رفض عدد كبير من السجناء ذلك، صوّر الطاقم الإعلامي السجناء وهم يلعبون كرة القدم، وأخذوا تصريحات من بعضهم، في محاولة لتبييض صورة السجن وادعاء عدم صحة المعلومات الواردة في التقرير حول الانتهاكات فيه.

في 15 يونيو 2022، اشتكى علي مع ثلاثة من زملاءه صغار المحكومين من الحر الشديد داخل زنزانتهم بسبب إطفاء التكييف عنهم، فقاموا بالطرق على باب الزنزانة مطالبين بتشغيله. على إثر ذلك، قام ضباط مركز احتجاز الحوض الجاف بالاعتداء عليهم ورشهم برذاذ الفلفل على وجوههم، ومن ثم نقلتهم إدارة السجن إلى السجن الانفرادي، حيث منعتهم من حق الاتصال بعائلاتهم لأكثر من أسبوع.

خلال عام 2023، تعرّض علي للتفتيش المهين والمعاملة السيئة من بعض ضباط سجن جو، ومنهم الضابط هشام الزياني. ودخل علي إلى مستشفى السلمانية، حيث اختفى قسرًا عن عائلته التي لم تعلم بنقله إلى مستشفى السلمانية إلا بعد يومين من حصول ذلك. كما حُرم من الاتصال خلال هذا العام كعقاب جماعي مورس بحقه وبحق عدد من السجناء.

في نوفمبر 2023، طلبت عائلة علي من النيابة العامة توكيل محام له، وذلك بهدف إعادة محاكمته أمام محكمة العدالة الإصلاحية للطفل بموجب قانون العدالة الإصلاحية للأطفال الصادر عام 2021، إلا أن النيابة العامة لم تستجب لطلبها رغم أن أكثر التهم التي أدين فيها يُزعم أنه ارتكبها عندما كان قاصراً.

إن اعتقال علي وإخفاءه قسريًا وتعريضه للتعذيب والمحاكمة غير العادلة والسجن الانفرادي  والإهانة على أساس المذهب والحرمان من ممارسة شعائره الدينية والانتقام والابتزاز والتفتيش المهين وحرمانه من الاتصال بعائلته ومن حقه في إعادة محاكمة عادلة ينتهك الدستور البحريني وكذلك الالتزامات الدولية التي تعدّ البحرين طرفًا فيها. ومنها اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. كما أن اعتقال علي تعسفيًا لمرات عدة سابقًا عندما كان قاصرًا، وتعرضه للتعذيب والابتزاز والتهديد والإهانات وحرمانه من حقه في إعادة محاكمة عادلة أمام محكمة العدالة الإصلاحية للطفل – نظرًا إلى أن أغلب الجرائم التي أدين بها يزعم حصولها عندما كان طفلًا – يعتبر انتهاكًا صريحًا لاتفاقية حقوق الطفل، التي تعدّ البحرين طرفًا فيها. نظرًا لعدم تقديم مذكرة توقيف، وبالنظر إلى أن علي تمت إدانته غيابيًا في محاكمة جماعية افتقرت إلى أدنى معايير المحاكمة العادلة واستندت على اعترافات كاذبة انتزعت تحت التعذيب، يمكننا أن نستنتج أن اعتقاله تم بشكل تعسفي من قبل السلطات البحرينية.

وعليه، تدعو منظمة أميركيون من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان في البحرين السلطات البحرينية إلى الوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان من خلال الإفراج الفوري وغير المشروط عن علي والتحقيق في جميع مزاعم الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والحبس الانفرادي والتعذيب والإهانة على أساس المذهب والحرمان من ممارسة الشعائر الدينية والانتقام والابتزاز والتفتيش المهين والحرمان من الاتصال بالأهل، لضمان المساءلة. علاوة على ذلك، تدعو المنظمة البحرين إلى تعويض علي عن جميع الانتهاكات التي تعرض لها في السجن، بما في ذلك المشاكل الصحية الناتجة عن التعذيب الذي تعرّض له في السجن، أو على أقل تقدير، إجراء إعادة محاكمة عادلة له بموجب قانون العدالة الإصلاحية للأطفال، وصولًا  إلى إطلاق سراحه.