مشاركة البحرين في سباق فرنسا للدراجات يشكل تبييضاً لانتهاكات حقوق الإنسان عبر الرياضة

في نهاية هذا الأسبوع الواقع فيه 29 أغسطس 2020، سوف ينطلق من مدينة نيس سباق فرنسا للدراجات على مدى 22 يومًا وسوف يُبثّ عبر 190 دولة، ومن المتوقع أن يحصد مليار مشاهدة. وينضم إلى السباق فريق البحرين – مكلارين وهو فريق يملكه الأمير ناصر بن حمد آل خليفة، فردٌ من العائلة الحاكمة في البحرين، ويعدّ هذا الفريق مثالًا على الجهود التي تبذلها دولة البحرين لإخفاء انتهاكات حقوق الإنسان تحت غطاء الفرق الرياضية المؤثرة.

برز مؤخرًا اتجاه جديد نحو شراء أسهم فرق رياضية مؤثرة في الخارج لدى المستثمرين في القطاع الخاص في الخليج، غالبًا ما يكونوا أفراد أثرياء من العائلات الحاكمة. وتعدّ هذه الاستثمارات مثالًا على “غسل العار عبر الرياضة” وهي تقنية يحاول من خلالها رؤساء الدول أو مدراء الأعمال بتغطية سمعتهم الدولية السلبية من خلال ربط أنفسهم برياضات يُنظر إليها بشكل إيجابي للغاية. فمن خلال مشاركة البحرين في سباق فرنسا للدراجات، تنضمّ هذه الأخيرة إلى سلسلة طويلة من البلدان ذات سجلات حقوق الإنسان المتضائلة في محاولة لصرف الانتباه عن الانتهاكات المستمرة بالأحداث المبهرجة مثل الألعاب الأولمبية أو كأس العالم أو الفورمولا 1، حيث يعيدون ترويج أنفسهم من خلال ربط أسمائهم بأسماء الفرق المحبوبة.

تتمثّل الاستراتيجية الرسمية للبحرين في “تعزيز صورتها وحضورها وتعزيز اكتشاف هذا البلد الصغير وتعزيز السياحة”. في الواقع، فإنّ هدف العائلة الحاكمة في البحرين هو ضمان ارتباط اسم “البحرين” عالميًا بالرياضات الشعبية مثل ركوب الدراجات بدلًا من الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان والعديد من حالات التعذيب الموثقة لدى المسؤولين الحكوميين والقمع العنيف للمعارضين السياسيين وللمدافعين عن حقوق الإنسان.

والهدف الرئيس لحكومة البحرين عبر شراء الفرق الرياضية الدولية هو إخفاء سجلات حقوق الإنسان المثيرة للقلق الخاصة بها. فإن قضية محمد رمضان، المواطن البحريني الذي حكم عليه بالإعدام والذي تعرّض للتعذيب على أيدي السلطات البحرينية هي مثالٌ واضح على انتهاكات حقوق الإنسان التي تحاول حكومة البحرين إخفاءها.

اعتقل محمد رمضان في فبراير من العام 2014 بسبب ارتباطه المزعوم في انفجار قنبلة أسفرت عن مقتل شرطي. وقد اعتقلته قوات الأمن البحرينية من دون إبراز مذكرة ونقلته إلى مبنى الإدارة العامة للمباحث الجنائية (CID) من دون إبلاغ عائلته باعتقاله. وقد تم احتجازه وتعذيبه على مدى أربعة أيام.

أوضح محمد رمضان في مقال كتبه لاحقًا في السجن أنه تعرّض للضرب المبرح بواسطة قضبان حديدية وأجبر على الوقوف “حتى انهار” وتعرّض للرّكل على خاصيتيه بشدة و”جرّد من ملابسه وهو عاجز عن مقاومة الاعتداءات الجنسية المهينة”. وهدّده الضباط “باغتصاب زوجته وأخواته أمام عيناه”. واستمرّ هذا الاعتداء الجسدي والنفسي والجنسي اللاإنساني حتى وقّع محمد رمضان أخيرًا على اعتراف كاذب.

ويوضح السيد رمضان أن معذّبيه كانوا يعرفون أنه لم يكن متورطًا في انفجار القنبلة ولكن “مشاركته في الاحتجاجات والأنشطة السياسية الأخرى جعلته خائنًا وبالتالي فهو يستحق أن يُحكم عليه بجرائمه”. ويضيف أن ضباط الحكومة الذين عذبوه أخبروه أنهم “كانوا ينتظرون قضية كبرى للإيقاع به”. في خلال الأشهر التي سبقت محاكمته، لم يُسمح له بالتحدث مع محام وفي النهاية أدين بالكامل تقريبًا على أساس اعترافه المنتزع تحت التعذيب.

حُكم عليه بالإعدام في ديسمبر 2014. في مارس 2018، وبسبب وجود أدلة دامغة على التعذيب، طلبت وحدة التحقيق الخاصة التابعة لمكتب النيابة العامة الحق في مواصلة التحقيق في قضيته. وبعد بضعة أشهر، ألغت محكمة التمييز البحرينية حكم الإعدام الصادر بحقه. مع ذلك، استمرت المحاكمة وحُكم على محمد رمضان بالإعدام مرة أخرى باستخدام نفس الأدلة الخاطئة التي استخدمت في محاكمته الأولى.

في ديسمبر 2019، أرسل أعضاء البرلمان الأوروبي رسالة إلى حكومة البحرين يعربون من خلالها عن مخاوفهم بشأن محاكمة رمضان ويطلبون من السلطات في البحرين ضمان أن يكون لمحمد رمضان “محاكمة تمتثل تمامًا للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة التي تستبعد الأدلة تحت التعذيب ومن دون اللجوء إلى عقوبة الإعدام”. كما طلبوا من حكومة البحرين “إجراء تحقيقات ذات مصداقية ومستقلة على الفور في جميع مزاعم التعذيب ولا سيما تلك التي تمت في قضية محمد رمضان (…) واتخاذ التدابير المناسبة لمحاسبة الجناة”.

في يوليو الماضي، بعد صدور الحكم النهائي لمحكمة التمييز الذي أعاد التأكيد على حكم الإعدام بحق محمد رمضان، وقع 39 برلمانيًا فرنسيًا على رسالة مماثلة أفادوا فيها أنّ محمد رمضان وآخرين “تعرّضوا للتعذيب للاعتراف بجرائم لم يرتكبوها” وانضموا إلى أعضاء البرلمان الأوروبي في الدعوى إلى “الوقف الفوري لإعدام السيد رمضان”.

إنّ محمد رمضان محكوم عليه بالإعدام ومع استنفاذ أي سبيل قانوني له فإنه يواجه خطر الإعدام الوشيك. قال محمد رمضان قبل محاكمته الجديدة في ديسمبر 2019 :

“في العام 2017، شاهدنا ثلاثة من زملائنا السجناء يتم اقتيادهم إلى فرقة الإعدام، وهي أول إعدامات سياسية في البحرين منذ 20 عامًا. (…) لا أستطيع أن أصف شعوري بمعرفة أني قد أكون التالي.”

سباق فرنسا للدراجات 2020 هو أحدث سباق دراجات لها. إنه بمثابة مصدر فخر تقليدي للفرنسيين ومحبي الرياضة على حد سواء ولا ينبغي استخدامه كغطاء سياسي للانتهاكات المستمرة والمنهجية لحقوق الإنسان التي يعتبر محمد رمضان مثالاً عليها. مثلما لا ينبغي السماح للعائلة الحاكمة في البحرين بتغطية سمعتها بشعبية أحد أرقى أحداث الدراجات في العالم بل يجب على منظمي السباق ألا يشوهوا سمعته بإشراكه في استخدام التعذيب والمحاكمة غير العادلة وفرض عقوبة الإعدام. لا يمكن لأي رياضة إخفاء الانتهاكات التي ارتكبتها حكومة البحرين.