خبراء لدى الأمم المتحدة يثيرون قلقهم الشديد حيال تعذيب قاصر بحريني  للحصول على اعترافات

نشر خبراء لدى الأمم المتحدة وهم الفريق العامل المعني بحالات الاحتجاز التعسفي والمقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب بيان ادعاء أرسل إلى الحكومة البحرينية حول قضية طالب بحريني يبلغ من العمر 16 عاماً، اتهم بالاعتداء على رجل أمن، تصنيع قنبلة وهمية، حرق إطارات  في الشارع وعرقلة حركة مرور السيارات.

وقد عبّر الخبراء عن قلقهم الشديد حيال عدة انتهاكات لحقوق الإنسان بحق القاصر الذي يبلغ 16 عاماً، و بالتحديد حيال استخدام وسائل التعذيب والإعترافات القسرية التي تؤدي إلى محاكمات غير عادلة. إنّ منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين قد قدمت المعلومات لموجودة في البيان عبر برنامج الشكوى  للأمم المتحدة. تشارك منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية و حقوق الإنسان في البحرين مخاوف خبراء الأمم المتحدة بشأن التعذيب والاحتجاز التعسفي الذي تعرض له القاصر وتطالب حكومة البحرين بتحميل مرتكبي أعمال التعذيب والانتهاكات الأخرى مسؤولية أفعالهم غير القانونية ومحاسبتهم.

إنّ الفريق العامل المعني بحالات الاحتجاز التعسفي هو أحد مكاتب الإجراءات الخاصة في مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة. تقوم ولايته بالتحديد على البحث في الشكاوى الفردية لمعرفة ما إذا كان الإعتقال تعسفي أم لا.

من جهة أخرى، إنّ المقرر الخاص المعني بالتعذيب يتلقى ويعاين معلومات تخصّ أعمال التعذيب لاتخاذ إجراءات بشأنها. يقوم المقرر بزيارات للدول، يعطي توصياته وملاحظاته حول التدابير المتخذة لمنع أعمال التعذيب.

ذكر الفريق العامل والمقرر الخاص في بيانهما إستنتاجات منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية و حقوق الإنسان في البحرين.

استنتج الفريق العامل والمقرر الخاص أنّه لدى التأكد من صحة الإتهامات الموجهة للمسؤولين البحرينيين بارتكاب أعمال التعذيب، تكون الحكومة البحرينية قد خرقت التزاماتها المتعلقة بحقوق الإنسان المحمية في عدة معاهدات دولية.

بالإستناد إلى المعلومات المقدمة من قبل منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين، اعتقل أفراد من قوات الأمن البحرينية بلباس مدني، بالإضافة إلى شرطة مكافحة الشغب، الفتى القاصر البالغ من العمر16 عاماً من دون مذكرة توقيف ومن دون الإدلاء بأسباب الإعتقال. بعد مرور اثني عشر يوماً على إختفائه القسري، اكتشفت العائلة أن نجلهم موجود في مديرية التحقيقات الجنائية. هذا الأمر هو مخالف لما تنص عليه المادتان 2 و 7 من الإعلان المتعلق بحماية أي شخص من الإختفاء القسري اللتان تحرّمان وقوع هذا الفعل في كل الظروف ودون أية إستثناءات. أكّد الفريق العامل والمقرر الخاص على أنه حتى ولو كان الإخفاء قصير الأمد، يبقى بمثابة إخفاء قسري.

خلال التحقيق الذي استمر عشرون يوماً، قام مسؤولون بتعصيب عيني القاصر، وضربوه وقاموا بصعقه بالكهرباء . بالإضافة إلى ذلك، تم منع القاصر من التواصل مع عائلته والإستعانة بمحام. في 24 فبراير 2019،  تم الإفراج عن القاصر من قبل مكتب النائب العام لتعذر معرفة من قام بارتكاب الفعل الجرمي. في 30 أبريل 2019، تم استدعاء القاصر إلى مكتب النائب العام، وتم اعتقاله دون مذكرة ودون الإدلاء بأسباب الإعتقال.

تبلغ القاصر هذه المرة أنه يواجه تهم تصنيع قنابل وهمية، إحراق إطارات وإعتداء على شرطي. لقد قام المسؤول عن الإستجواب بتعذيب القاصر وتعريضه لسوء المعاملة عبر ضربه، صعقه بالكهرباء وإهانته وذلك على أساس انتمائه للطائفة الشيعية. اعترف القاصر بارتكاب الأفعال المتهم بها تحت وطأة التعذيب. عانى القاصر أيضا من كدمات وجروح دون تلقي علاج، وقد منع من التواصل مع عائلته والوصول الى المحامي.

في 30 أكتوبر 2019، حكمت المحكمة الجنائية العليا الرابعة على القاصر بالسجن لمدة عامين،  بالرغم من إدلاء والده أن ابنه كان موجوداً في المنزل عند وقوع الحادثة. أيدت محكمة الإستئناف الحكم لاحقا.

بناء على ذلك، فقد عبّر خبراء الأمم المتحدة في الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي و المقرر الخاص المعني بالتعذيب عن قلقهما الشديد حيال ممارسة مديرية التحقيقات الجنائية لأساليب التعذيب وإساءة المعاملة لهدف الإستحصال على الإعترافات القسرية واستخدامها كأداة للإدانة الجزائية، خاصة كون المعني هو قاصر. إن تعذيب فتى قاصر هو إجراء غير قانوني ويخرق الإلتزامات المنصوص عليها في المادتين 2 و 16 من إتفاقية مناهضة التعذيب، بالإضافة إلى الإلتزامات المنصوص عليها في المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. إن هذه المواد تؤكد على حظر التعذيب في كل الظروف وتناشد الدول لاتخاذ كافة التدابير لتفادي وقوع هذا الفعل. إن المادة 15 أيضا من إتفاقية مناهضة التعذيب تؤكد على أن كل اعتراف تحت وطأة التعذيب لا يمكن استخدامه كدليل في أي من الإجراءات القضائية، الأمر الذي لم تلتزم به المحكمة البحرينية. إن تعذيب القاصر أدى إلى إدلائه باعترافات خاطئة بارتكاب الأفعال التي اتهم بها.

علاوة على ذلك، إن حرمان القاصر من وسائل الدفاع الأساسية، مثل الحق بمعرفة سبب الإعتقال، حق الإحتجاز في مكان رسمي ومعلن، حق التواصل مع أفراد العائلة، حق تلقي المساعدة من قبل محام بما في ذلك خلال الإستجواب، وحق المثول أمام القاضي بسرعة، كل هذه الحقوق تم انتهاكها. بالإضافة إلى ذلك، إن الحبس الإنفرادي يكون بمثابة الحرمان القسري من الحرية، مما يشكل انتهاكا للمادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. إن اعتقال قاصر دون مذكرة والقيام بتعذيبه وإساءة معاملته، وحرمانه من الإستعانة بمحام وعدم احترام إجراءات المحاكمة أدّى إلى وقوع محاكمة غير عادلة، وبالنتيجة إلى الحرمان من الحرية من الفئة الثالثة.

في هذه القضية بالذات، يجب التشديد على حظر التعذيب والحرص على حماية حرية وأمن الشخص بسبب صغر سنه. إن الشخص الذي تعرض للإخفاء القسري والتعذيب و سوء المعاملة، بالإضافة إلى الحرمان من إجراءات المحاكمة، هو كما ذكرأعلاه، قاصر. إن اتفاقية حقوق الطفل، الموقعة من دولة البحرين، تنص على أن المصلحة الفضلى للطفل هي اعتبار في غاية الأهمية. لذا يجب على الدولة البحرينية عدم إلحاق ضرر جسدي أو معنوي بالطفل، وحماية حقه بالإجراءات القانونية الواجبة خلال الإحتجاز والمحاكمة.

في هذا الإطار، تضم منظمة أمريكيون من أجل الديموقراطية وحقوق الانسان في البحرين، صوتها الى مطالب خبراء الأمم المتحدة التي وردت في رسالة الادعاء الى الحكومة البحرينية، والتي تدعو الى  توفير المعلومات حول أي تحقيق جرى من قبل مسؤولين من مديرية التحقيقات الجنائية تحت التعذيب وسوء المعاملة التي تعرض لها القاصر للحصول على اعترافات، إضافة الى تقديم توضيح حول التدابير الجزائية لملاحقة مرتكبي أعمال التعذيب، كما تدعو لتوفير التعويض للضحايا ولعائلاتهم مع المعالجة والتأهيل المناسبين.

أخيراً، دعا خبراء الأمم المتحدة حكومة البحرين اتخاذ كافة التدابير اللازمة لوقف إنتهاكات  حقوق الانسان ومنع تكررها. وفي حال ثبوت صحة الإدعاءات، يجب عليها ضمان محاسبة المسؤولين عن هذه الإنتهاكات.

إنّ منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين تطالب بالإفراج الفوري عن القاصر بسبب إحتجازه غير القانوني ومحاكمته غير العادلة. وتطالب أيضا بالملاحقة الجزائية للمسؤولين الذين ارتكبوا الأفعال المنتهكة لحقوق الإنسان، بالتحديد أفعال التعذيب، وتدعو إلى مباشرة التحقيقات حول هذه الإتهامات. علاوة على ذلك، يجب التعويض على الضحية وعائلته بشكل عادل ومناسب نتيجة للإنتهاكات التي حصلت. أخيراً، نحث الحكومة البحرينية على قبول زيارة الفريق العامل المعني بحالات الاحتجاز التعسفي و المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب.