شراء الأندية الرياضية الغربية.. أحدث أساليب ناصر بن حمد آل خليفة لتبييض تورطه بانتهاكات حقوق الإنسان

قبل عام 2011 كان للبحرين تاريخ طويل في استضافة السباقات والأحداث الرياضية على أرضها، وكان أبرزها سباق الجائزة الكبرى الفورمولا 1. ومع بداية الحراك الاحتجاجي المؤيد للديمقراطية عام 2011 فرضت البحرين القيود على المجتمع المدني وقمعت حرية التعبير وأغلقت العديد من الجمعيات ووسائل الإعلام وحلت الأحزاب وشنت حملات اعتقال واسعة طالت مختلف أطياف المجتمع البحريني كان من أهمها المجتمع الرياضي حيث اضطهدت ولاحقت واعتقلت وهددت أكثر من 150 من أعضائه الذين شاركوا في الاحتجاجات السلمية . ومن بين أساليب القمع التي اتخذتها أيضا هو أسلوب التبييض عبر الرياضة لغض الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان لا سيما ضد المعتقلين الرياضيين. لذلك قوبل سباق الجائزة الكبرى الفورمولا 1 باحتجاجات عدة، فصار نقطة محورية تدعو الى الإصلاح السياسي، وذريعة للسلطات لقمع حرية الرأي والتعبير وكذلك من ركوب الدراجات إلى فريق البحرين للتحمل 13 ، أظهرت الحكومة البحرينية نمطاً ثابتاً يوسع الأحداث الرياضية كوسيلة لجذب التدقيق الوطني والدولي وللتعتيم على سجلاتها المسيئة.

لكن في السنوات الأخيرة اتخذ أسلوب التبييض الرياضي منحًى جديداً ألا وهو شراء الأندية الرياضية لا سيما الأوروبية منها تحت إشراف ناصر بن حمد آل خليفة المعروف بــ “معذب الرياضيين”، ومن المترقب أن تعلن البحرين قريباً عن شراء نادي جديد.

لماذا لُقّب ناصر بن حمد بــ “معذب الرياضيين”؟

بات سجل ناصر بن حمد الحافل بالإنتهاكات الحقوقية لا يخفى على أحد وفيه ما يكفي لإدانته في المحافل الدولية واتخاذ الإجراءات اللازمة بحقه، فمنذ العام 2011 عُرف ناصر بن حمد على المستوى الدولي كمعذب للمعارضين الرياضيين في البحرين، فكان الفرد الأول من عائلة آل خليفة الذي سارع للانتقام من جميع المعارضين وخاصة الرياضيين منهم، معلناً أنّ جميع المشاركين في الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية سيُحاسَبون، وأنّ البحرين جزيرة صغيرة ولا مكان للهرب. حينها قامت السلطات بتنفيذ رغباته فأوقفت الأندية الرياضية واعتقلت الرياضيين المشاركين في الاحتجاجات وعرّضتهم للتعذيب وسوء المعاملة وحكمت عليهم بالسجن لسنوات.

ولم ينتهِ الأمر عند الرياضيين فحسب، بل أفاد معتقلون سياسيون ونشطاء معروفون من المعارضة عن تعرّضهم للتعذيب وسوء المعاملة أثناء الاحتجاز على يد الشيخ ناصر بن حمد، وكان من بينهم نشطاء المجوعة المعروفة بـ”البحرين13 “، الشيخ ميرزا المحروس والشيخ محمد حبيب المقداد. وفي عام 2014، رفع ضحية التعذيب البحريني “ف. ف.” الحاصل على لجوء في بريطانيا قضية ضد ناصر بن حمد في المحاكم البريطانية لتورطه في مزاعم التعذيب، قامت إثر ذلك المحكمة العليا في المملكة المتحدة برفع الحصانة عنه. لقد اتخذ هذا القرار من قبل اثنين من القضاة بموافقة النيابة العامة بعد أن قبلت تغيير قرار خاطئ لمنع الملاحقة القضائية. ولكونه ابن الملك، عيّن الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة مؤخراً أميناً عاماً لمجلس الدفاع الأعلى في 5 يوليو 2020، بعد أن تم تعيينه في 17 أكتوبر 2019 مستشاراً للأمن الوطني، وتمت ترقيته الى رتبة لواء في 5 أكتوبر 2018 إلى جانب أنه عُيّن عضواً في مجلس الدّفاع الأعلى في 28 سبتمبر عام 2017، بعد أن كان مستحوذاً على مناصب عديدة كقائد الحرس الملكي البحرين ورئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة ورئيس اللجنة الأولمبية البحرينية.

شراء أسهم في فريق باريس FC

في 27 يوليو 2020 اشترت البحرين 20% من أسهم نادي فرنسي “باريس FC” يلعب في بطولة الدرجة الثانية لكرة القدم، جاء ذلك وفقاً لِبيان رسمي نشرته إدارة النادي على موقعها الرسمي قائلةً  أن هذا القرار يهدف أيضا إلى تلميع صورة البحرين، وتنميتها اقتصادياً من خلال جذب المستثمرين والسيّاح. عِلما أن النسبة المُتبقية الكبرى من أسهم هذا الفريق، يملكها رجل السياسة والأعمال الفرنسي بيير فيراتشي. ولم يحدد البيان قيمة الصفقة التي تمت وحصل المستثمر البحريني بموجبها على خمس أسهم النادي.

ويتوقع أن البحرين اشترت خمس النادي الباريسي عبر شركة انفينتي كابيتال للاستثمار. الشركة ذاتها التي  اشترت في ديسمبر 2019، نادي قرطبة الأسباني. ومن المعروف أنّ المالك الحقيقي لشركة إنفينيتي هو ولي العهد سلمان بن حمد آل خليفة وأخيه الأصغر ناصر بن حمد.

 

 

الاستحواذ على نادي قرطبة الإسباني

في 22 ديسمبر 2019، تم الاستحواذ على نادي قرطبة الإسباني من قبل شركة إنفينيتي كابيتال البحرينية، وتم التأكد من أن الأشخاص المسؤولين عن الشركة هم الأسرة الحاكمة البحرينية.

أكد المدير التنفيذي لمنظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان (ADHRB)  حسين عبد الله بحسب ما نشرت صحيفة إلموندو الإسبانية في مقال لها،  أن ولي العهد هو صاحب إستثمار الشركة التي اشترت النادي وإن حكومة البحرين تقوم بتمويل مباشر للشركة فهي قضية فساد واضحة حيث تستخدم الأموال العامة لصالح العائلة الحاكمة.

 العضوان من عائلة آل خليفة الحاكمة المتورطين في هذه العملية هما ولي العهد سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة والأمير ناصر بن حمد آل خليفة. سلمان، الولد الأكبر للملك الحالي حمد، هو ولي العهد ونائب رئيس الوزراء ونائب قائد لقوات المسلحة البحرينية ويُعتبر “العقل الممول” لهذه الأنواع من الإستثمارات. ومن جهة أخرى، ناصر بن حمد هو قائد الحرس الملكي ورئيس وحدة النخبة التي شاركت في الحرب الدموية في اليمن وهو الذي بادر للإستثمار في النوادي الرياضية لتوسيع نفوذه التجاري وتحسين صورته الدولية. في الحقيقة، ناصر هو رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية والمجلس الأعلى للشباب والرياضة. وقال حسين عبد الله بأن هناك إتهامات قوية بالتعذيب ضد ناصر بن حمد، وأن المحكمة العليا في المملكة المتحدة قد ألغت حصانته الدبلوماسية في الماضي.

كذلك نشرت صحيفة دياريو 16 الإسبانية مقالاً أكدت خلاله أن العائلة المالكة البحرينية، المتهمة بتعذيب واضطهاد الناشطين، هي المساهم الرئيسي في الشركة التي اشترت فريق قرطبة. كذلك سلطت صحيفة قرطبة للرياضة (cordobadeporte) الضوء على ما كشفته منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين ADHRB حول أن ولي عهد البحرين سلمان بن حمد وهو المالك الحقيقي لشركة الإستثمار انفينيتي ومعاونه عبد الله الزين الرئيس الحالي لفريق قرطبة الإسباني، وأخيه الأصغر ناصر بن حمد المتهم بتعذيب الرياضيين في البحرين، أعلنوا شراء فريق قرطبة.

وكان كان الأخ الأصغر لولي العهد، ناصر بن حمد، مسؤولاً عن الإعلان عن شراء قرطبة من خلال حساب تويتر الرسمي لسفارة البحرين في المملكة المتحدة. كان ناصر بن حمد رئيساً للجنة الأولمبية البحرينية حتى العام الماضي، عندما تمت ترقيته إلى مستشار الأمن الوطني.

 

تأسيس فريق البحرين ماكلارين

يعدّ فريق ماكلارين الذي يملكه ناصر بن حمد مثالًا آخراً على الجهود التي تبذلها دولة البحرين لإخفاء انتهاكات حقوق الإنسان تحت غطاء الفرق الرياضية المؤثرة.

وهو مشروع مشترك بين فريق البحرين لسباق الدراجات العالمي وماكلارين وهي الشركة البريطانية الرائدة في صناعة السيارات، والسباقات والتكنولوجيا.

بدأت فكرة تشكيل فريق في أغسطس 2016 من قبل  ناصر بن حمد آل خليفة وتم تأسيسه عام 2017 و يتم تمويله الفريق من قبل حكومة البحرين.

جاء ذلك بعد ان أعلنت مجموعة ماكلارين عن شراكتها في فريق البحرين ميريدا للدراجات الهوائية بنسبة 50%، بهدف زيادة المنافسة في أقوى بطولات الدراجات الهوائية العالمية وقد أوضحت الشركة بأن الشراكة تأتي عن طريق مركز ماكلارين للتكنولوجيا ووحدة التسويق في المجموعة.

شارك فريق البحرين – ماكلارين في سباق فرنسا للدرجات الذي انطلق من مدينة نيس في 29 أغسطس 2020 ، ويعد هذا السباق بمثابة مصدر فخر تقليدي للفرنسيين ومحبي الرياضة على حد سواء ولا ينبغي استخدامه كغطاء سياسي للانتهاكات المستمرة والمنهجية لحقوق الإنسان.

تهدف حكومة البحرين بشكل رئيسي عبر شراء الفرق الرياضية الدولية بإشراف نجل الملك ناصر بن حمد توسيع الثروة بدلاً من حماية حياة مواطنيها، وإخفاء سجلات حقوق الإنسان المثيرة للقلق، وغض النظر على الانتهاكات المرتكبة بشكل خاص ضد المعتقلين الرياضيين، ومن جانب آخر هو تكتيك من قبل العائلة الحاكمة لإظهار فكرة التماهي مع الغرب والتستر على انتهاكات حقوق الإنسان.