من باريس منظمة ADHRB تحيي الذكرى العاشرة للحراك الديمقراطي في البحرين

ضمن سلسلة فعالياتها في الذكرى العاشرة للحراك الديمقراطي في البحرين نظمت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) ندوة إلكترونية من باريس شهدت حضوراً فاعلاً وتخللت عرضاً لمقطع فيديو ظهرت خلاله معتقلة الرأي السابقة نجاح يوسف وتحدثت عن الانتهاكات التي تعرضت لها في السجن والتهم التي وُجهت إليها.

كانت الكلمة الأولى للناشط البحريني علي مشيمع الذي قال إن موضوع انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين أخذ أصداء واسعة في المنظمات الدولية وبين البرلمان الأوروبي والبريطاني أيضاً، كما أنه موضوع حي في الاجتماعات الدورية لمجلس حقوق الإنسان في جنيف. وربما لا يحتاج الباحث لاستغراق أكثر من 5 دقائق في البحث ليعرف أن سجل آل خليفة في الانتهاكات هو سجل أسود، وأن قمعهم طال الأطفال والنساء، والصحافة والمؤسسات الأهلية وأرزاق الناس. وأكد مشيمع أنّ هذا النظام فشل من خلال شركات العلاقات العامة في تغطية صورته القبيحة، ويكفي معرفة أنه وبعد 10 سنوات ما يزال يرفض زيارة المقرر الخاص المعني بالتعذيب إلى البحرين للتستر على جرائم التعذيب، رغم أن الكثير منها ظهر وأصبح معروفا للناس.

وحول شهادة الضحية المعتقلة السابقة نجاح يوسف قال مشيمع أنها تكفي لإدانة نظام آل خليفة وسياسة الإفلات من العقاب، وشهادة ابتسام الصائغ كذلك، واعتقال والد الشهيد علي مشيمع في الذكرى العاشرة لمقتل ابنه بدل محاسبة القاتل دليل آخر والأمثل كثيرة ولا حصر لها.

وانتقل مشيمع للحديث عن تجربته الخاصة فقد تم اعتقاله وتعريضه للتعذيب عندما كان حينها في سن الـ 15 سنة، واعتقل والده في التسعينات 6 سنوات من غير محاكمة لمجرد تعبيره عن رأيه، واعتقل خلال الربيع العربي في العام 2011 وحكم بالسجن المؤبد والآن يكمل 10 سنوات في السجن أيضاً لمطالبته بالتغيير السياسي. وركز على الجانب السياسي مشيراً إلى دور الحكومات الغربية عموماً وخصوصا الأوربية منها لوجود نواب من البرلمان الأوربي في هذه الندوة.

وتابع قائلاً: “كما هو معروف فإن نظام آل خليفة يحتمي بالغطاء السياسي الذي تساهم فيه الدول الديمقراطية الأوربية، وبينما تتباهى دول مثل فرنسا بالديمقراطية العريقة والعميقة، فإنها تتناقض مع هذه الديمقراطية في صمتها على أقل تقدير عن الديكتاتورية في البحرين. لذا تستخدم الدول الأوروبية أسلوب ذر الرماد في العيون باستخدام لغة دبلوماسية ناعمة في التعبير عن القلق باستحياء، والحث على احترام حقوق الإنسان بأنعم العبارات وأقلها تأثير.  وهم يعلمون أن تلك التصريحات القليلة والخجولة مجرد كلام عابر لرفع العتب! وطالب مشيمع هذه الدول باحترام المبادىء الديمقراطية واتخاذ مواقف جادة وصريحة ضد النظام الديكتاتوري في البحرين.

وقال: “في البحرين نناضل من أجل أن نكون أحرار، ونعيش في أمان، ونتنقل بحرية، لكن العالم يتطور ونحن نتراجع أكثر، حيث أن الجرائم التي ارتكبت بعد الثورة في 2011 أفظع من الجرائم التي ارتكبت في الانتفاضات السابقة وما زال آل خليفة يحكموننا بينما العالم يتقدم، طالما بقيت الحكومات الديمقراطية تسمح لنفسها ببيع السلاح للأنظمة الديكتاتورية، وتتجنب توجيه الانتقادات الصريحة، وتمتنع من استخدام الأدوات الضاغطة الحقيقية، فإنها شريكة في القمع والإضطهاد السياسي، والنفاق”.

ولفت مشيمع في الختام أنّه يوجد في البرلمانات شخصيات حرة ونزيهة ومحترمة، نوجه لها التحية ونطالبها بالمزيد في الضغط على حكوماتها، وأنه واحد من مئات البحرينيين الذين اضطروا للعيش خارج وطنهم بسبب الإضطهاد السياسي، وغيره آلاف من الناس من مختلف الدول الديكتاتورية. إذا لم تتخذ الحكومات الغربية مواقف جدية في قضية البحرين فإنها لن تستطيع القيام بشيء إيجابي في الدول الأخرى التي تعيش الحروب والمجاعة.

الكلمة الثانية كانت للكاتب والباحث برنارد درينو الذي أوضح بدايةً أنّ قصة البحرين مع الديمقراطية وحقوق الانسان لم تبدأ منذ عشر سنوات بل منذ فترة طويلة، حيث كان هناك حراك يساري قوي في كل المنطقة في السبعينات، وكان هناك تحركات في بدء العام 2000 لكن تم سحقها أيضاً. وتابع قائلاً: “في كل مرة، تقف القوات العظمى إلى جانب الأنظمة الرجعية. لماذا؟ لأن النفط سبب أساسي بالإضافة إلى صفقات الأسلحة،

ولفت درينو إلى أنّ هناك الآن محور معادي لإيران تأسس من تحالف إسرائيل والخليج والولايات المتحدة وفرنسا، وهؤلاء الحلفاء سيقفون في وجه أي شيء يضع هذا المحور في خطر، حتى الشعب ومطالبه.

أما بالنسبة للموضوع المالي، أكد درينو أنّ هذه المنطقة هي الأولى في العالم من ناحية تبييض الأموال، وأنّ البحرين والامارات تستخدمان القوة الناعمة لتبييض صورتهما وذلك من خلال الفعاليات الرياضية، كتنظيم سباق الفورمولا 1 أو شراء فرق كرة قدم لصرف الانتباه عن انتهاكات حقوق الانسان.

وختم درينو قائلاً “إنّ من واجبنا تسليط الضوء على ما يحدث في البحرين لأن تلك الأزمة لا تحصل على الكثير من الاهتمام في الصحف الغربية.”

الكلمة الثالثة كانت للمخرجة ستيفاني لاموري، بعد عرض مقطعين من فيلمها الوثائقي الذي صورت مشاهده أثناء الحراك في البحرين. وقالت لاموري: “ذهبت إلى البحرين لأنني أردت تصوير ما كان يحدث بعد بدء المظاهرات في عام 2011. تم اعتقالي في المطار لكن بعد إحتجازي لإثنى عشر ساعة ومصادرة معدات التصوير سمحوا لي بالبقاء في البحرين لمدة ثلاثة أيام فقط. استطعتُ البقاء هناك لخمسة أسابيع وتصوير الوثائقي بمساعدة بعض الأشخاص الذين زودني بمعدات تصوير، وساعدوني في الاختباء، فكنت أنام في مكان مختلف كل يوم”.

وأكدت لاموري على أهمية وجود أشخاص تصور ما كان يحصل، فكل يوم كان هناك مظاهرة، وكل يوم قمع عنيف، وكل ثلاثة أيام جنازة يحصل فيها قمع أيضاً. وعبّرت عن دهشتها بقوة الشعب البحريني وخاصةً النساء اللواتي كنّ ناشطات في المظاهرات ويتسّمن بالشجاعة، وتمكنت لاموري من نسخ اللقطات كل يوم وتهريبهم إلى فرنسا حيث قامت بالتحرير

وختمت لاموري بالقول أنّ الناس الذين شاهدو الوثائقي كانوا في حالة صدمة لأنهم لا يعلموا شيئاً حول ما حدث في البحرين، معبرةً عن شعورها بخيبة الأمل لأنه لم يحصل أي تحرك سياسي من قبل السلطات الفرنسية، بل استمرت بدعم النظام البحريني.

كانت الكلمة الأخيرة لمسؤولة قسم الشرق الأوسط في منظمة مراسلون بلا حدود صابرين بنوي التي استذكرت أنه منذ 2011، وحقوق الانسان وحرية الصحافة مقيدتان ويتم ملاحقة الصحافيين لمجرد قيامهم بعملهم. وأوضحت أنّ 11 صحفياً ومدوناً لا يزالون مسجونين في البحرين ونظراً لحجم الدولة، هذا رقم عالي جداً. جميعهم تم إدانتهم بالمشاركة في المظاهرات، تدمير الملكية العامة، وتهم ارهابية غير صحيحة، وحكم عليهم بأحكام طويلة أو حتى بالسجن المؤبد والكثير منهم تم سحب جنسيتهم.

وأشارت بنوي إلى أنّ الوضع لم يتحسن بل تم حجب كل جميع الصحف المستقلة والحرة. ففي قضية نبيل رجب، تم الحكم عليه 5 سنوات وأفرج عنه. لكن هو ممنوع من التحدث عن الوضع في البحرين حتى انتهاء مدة محكوميته أو حتى إلى الأبد، والصحافيين الذين يعملون مع مؤسسات دولية يعانون أيضاً.

وذكرت بنوي أنّ الصحافية نزيهة سعيد، كانت تصور أحداث المظاهرات على هاتفها مثل الجميع. لكن تم استدعاؤها للتحقيق وتعذيبها، تم ضربها وتعصيب عينيها وأرغمت على شرب البول، تم الافراج عنها لكنها تعرضت لاستهداف السلطات لسنوات عديدة. لم تعطَ ترخيصاً للعمل وفرض عليها غرامة عندما علمت السلطات أنها لا تزال تعمل. وعندما لم تدفع الغرامة، صدرت مذكرات إعتقال بحقها، وعندما حاولت السفر علمت أنها ممنوعة من السفر. نزيهة اليوم في مكان آمن وتسكن خارج البحرين.

وختمت بنوي بالقول” كيف يمكننا تحقيق تغيير؟ البحرين من أصعب الحالات في العالم من ناحية حقوق الانسان وحرية الصحافة ومثال عن ذلك منع زيارة بعثة الأمم المتحدة ومنع الصحافيين الأجانب من دخول الدولة. الوضع الحالي ليس مطمئناً كونهم أغلقوا الصحف المستقلة. علينا أن نكون صوتهم على المستوى الدولي. فمحمود الجزيري معتقل حالي، تكلم عن وضع فيروس كورونا في السجن، فتم عزله. لذا علينا أن نكون وسيلة ضغط في وجه النظام للإفراج عن جميع الصحافيين والمدونين والمدافعين عن حقوق الانسان، من خلال نشر المقالات والتوثيق والتوعية. وكذلك فإنّ البحرينيين في المنفى أيضاً لهم دور فعّال جداً، لكننا نواجه مشكلة وهي أن مناصري الأنظمة الحاكمة يبلّغن عن حسابات النشطاء على التواصل الإجتماعي حتى يتم اغلاقها”.