المركز الأوروبي للديمقراطية وحقوق الإنسان يحيي الذكرى 11 للحراك الديمقراطي في البحرين

في الذكرى الحادية عشر للحراك الديمقراطي في البحرين نظم المركز الأوروبي للديمقراطية وحقوق الإنسان بالتعاون مع جامعة وستمنستر البريطانية ندوة إفتراضية تحت عنوان: الربيع العربي..الحراك الديمقراطي المنسي، وذلك بمشاركة النائب في البرلمان البريطاني بامبوس شارالامبوس وأكاديميين ونشطاء.

افتتح الندوة النائب في البرلمان البريطاني بامبوس شارالامبوس الذي قال إنّ الحكومة البريطانية لا تكترث إلا لمصلحتها وبالتالي هي لا تتدخل في شؤون البحرين ولا تحرك ساكناً لأنها راضية عما يحدث، معرباً عن أسفه لما تشهده البحرين من تعتيم كامل على كل المشاكل التي تمر بها وكل الصراعات التي تحدث داخلها. وشدد على أن حقوق الإنسان هي عالمية ويجب تطبيقها في جميع البلدان.

أفصح شارالامبوس عن رغبته الشديدة بمقابلة السفير البحريني قائلاً إنّ العلاقات متوترة قليلاً في الوقت الحالي. وختاماً طالب بالإفراج عن جميع السجناء السياسيين بدون استثناء حتى لو أن البحرين ما زالت لا تستجيب لتلك المطالبات، لأنه لا يمكن الإتجار بحقوق الإنسان تحت أي ظرف كان.

الدكتور ايدان هيرير الأكاديمي والمؤلف من جامعة وستمينستر قال:نحن كنا نتوقع أن تحاول السلطات مقاومة التغيير وهذا ما حدث بالفعل، ولكن ما لم نكن نتوقعه هو ردة فعل منظمات حقوق الإنسان وركودها تجاه ما يحدث”.

وأكد هيرير أن هذه الحكومات تستمد قوتها من بلاد الغرب التي تدعمها باستمرار وتدعم أنظمتها التعسفية التي تلجأ إلى التعذيب، فبلاد الغرب هذه مسؤولة نوعاً ما عما يحدث في هذه الدول، كالولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا التي بتفضيل مصالحها على حقوق الإنسان.

وعن الثورة السعودية رفض هيرير ما يصفه البعض على أن تلك الثورة قام بها مجموعة من الشيعة المدعومين من قبل إيران والذين يحاولون قتل أفراد من الطائفة السنية.

وحول البحرين أسف هيرير لما يعانيه الشعب من الإنتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان، ولما تفعله بعض منظمات حقوق الإنسان بتصنيف نفسها بالـ “محايدة” واختارت ألا تسلط الضوء على ما يحدث من انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين، وبالطبع، منظمة العفو الدولية ليست واحدة منها. مؤكداً أنّ بريطانيا تحاول عدم انتقاد السلطات البحرينية لأنها لا تريد أن تؤثر على علاقاتها معها، لذلك يجب على بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية أن تدعم حقوق الإنسان في البحرين، ويجب على حقوق الإنسان أن تكون عالمية ولكن للأسف هي ليست كذلك.

الأكاديمية والعضو المؤسس لحزب التجمع الوطني السعودي مضاوي الرشيد ركزت خلال الندوة على ما حدث ولا يزال يحدث في السعودية قائلةً:

“حدثت موجة كبيرة من الإحتجاجات في المنطقة الشرقية حيث تتواجد النسبة الأكبر من الطائفة الشيعية، وبالرغم من صغر حجم هذه الإحتجاجات والقمع الذي شهدته، استطاعت أن تمتد إلى القسيم والرياض، ونتج عن هذه الإحتجاجات عدد كبير من القتلى. لكن الحكومة السعودية حاولت قمع هذه الإحتجاجات وحرفت الغاية الأساسية منها، فأظهرت وسائل الإعلام أن المطلب الأساسي لهذه المظاهرات هو الغاية في تحسين البنى التحتية والوضع الإقتصادي عامة، ولكن هذا غير صحيح!”

أكدت الرشيد أن تلك الإحتجاجات لطالما هدفت إلى المطالبة بالحصول على الديمقراطية والعدالة واحترام حقوق الإنسان، وحاولت السلطات استخدام المال لإسكاتها وألقت القبض على المتظاهرين وعرّضتهم إلى أسوء أنواع التعذيب داخل السجون.

بيّنت الرشيد أنّ الوضع أصبح أسوء بكثير سنة 2015 بعد أن وصل الأمير سلمان إلى الحكم ثم خلفه ابنه. فتم احتجاز النساء اللواتي طالبن بحقوقهن في الحضانة ولا تزال العديد منهن محتجزات حتى الآن.

وقالت الرشيد: “ما يمكننا تعلمه من هذه التجربة هو أنّ الدول العربية تربطها صلة وثيقة وهي تتأثر ببعضها البعض إذ أن الثورة التونسية أدت إلى اندلاع ثورات عديدة أخرى في العالم العربي، وبالرغم من اختلاف الثروات بين دول الخليج، فهي تتفق على الحقوق التي يجب تطبيقها والغايات الأساسية التي يجب تحقيقها”.

لفتت الرشيد إلى أنّ المال الخليجي يؤثر على قمع الثورات لأنه يؤمن العديد من الموارد وهو قادر على تحويل الإحتجاجات السلمية إلى أخرى دموية وأكبر مثال على ذلك هو ما حدث في سوريا، ويمكن لهذه الأموال أن تسلّح المظاهرات مما يتسبب باندلاع حروب طائفية.

ورأت الرشيد أنه ليس من مصلحة بريطانيا أن تدعم السلطات التي تعمل ضد شعوبها، بل يجب على بريطانيا أن تدعم السعودية بشرط واحد: “يجب على هذه الأخيرة أن تحترم حقوق الإنسان”، وتعتبر بريطانيا أنه لا يمكن لها أن تضع نهاية لعلاقاتها مع الدول الديكتاتورية لأنه إن قامت بذلك، لن يتبقى لها أي علاقات مع دول الخليج وإذا لم تبعها الأسلحة، فستقوم فرنسا بذلك.

كبير المستشارين في منظمة حقوق الإنسان أولاً (Human Rights First) براين دوللي وصف الثورة البحرينية بأنها “منسية” وأثنى على الجهود التي تم بذلها لإبقاء البحرين ضمن الأخبار العالمية كالجهود التي بذلتها كل من الناشطتين زينب ومريم الخواجة.

وأكد دوللي أنّ الولايات المتحدة الأميركية لا تكترث لما يحدث داخل البحرين ولن تهتم بمن سيستلم الحكم إذا سقطت الحكومة الحالية طالما بقيت مصالحها محميّة، فالولايات المتحدة الأميركية ليست إلا عبارة عن جمهور يشاهد ما يحدث في البحرين بصمت، ولا تهتم بما يعانيه الشعب البحريني من تعذيب وقتل، ولا تزال هي وبريطانيا تشكلان صداقات مع دول تمارس القتل بحق شعوبها.

الناشط البحريني والمدوّن علي عبد الإمام استذكر في الندوة حادثة اعتقاله أثناء مشاركته في الإحتجاجات ومغادرته البلاد سنة 2011 وتقدمه بطلب اللجوء إلى بريطانيا.

قال عبد الإمام: “إنّ البحرين مرت بفترة مظلمة لم يسمح أثناءها لأحد بالتعبير عن رأيه أو التظاهر ضد النظام. فأنشأت موقع “البحرين أونلاين” لكي أسلط الضوء على ما يحدث في البحرين من انتهاكات، ولعب هذا الموقع دوراً مهماً لأنه عرّف الشعب على حقوقه، وبالأخص منذ نهاية التسعينات حتى سنة 2010، وحاولت السلطات عندئذٍ إيقاف الموقع واعتقالي وتعرضت للتعذيب الشديد لأنني أعارض النظام، بدأ بعد ذلك الربيع العربي لأن العديد من الأشخاص كانوا على دراية بحقوقهم وعرفوا أنه هناك خطب ما في البلاد.”.

وكشف عبد الإمام أنّ السلطات حاولت قرصنة العديد من المواقع والصفحات الخاصة بنشطاء حقوق الإنسان من أجل ابتزازهم لاحقاً.

وفي الختام أكد عبد الإمام أنّ هذا الجيل الجديد لا يزال مصمماً على تحقيق التغيير اللازم لأنه يعرف حقوقه حق المعرفة وهو يختلف عن الأجيال السابقة.

العضو المؤسس لمنظمة “منّا لحقوق الإنسان” ومسؤولة المناصرة في منظمة “القسط لحقوق الإنسان” جوليا ليغنر قالت إنّ الربيع العربي اتخذ أشكالاً مختلفة في مختلف البلدان، حيث قامت دول الخليج بممارسة شتى أنواع التعذيب، التجسس، التحكم، المراقبة وغيرها من الأساليب بحق المتظاهرين، وهذه البلدان تمارس إصلاحات سطحية فقط.

رفضت ليغنر تسمية ما حدث سنة 2011 بالـ “ثورة ناجحة” لأنها لا تزال مستمرة حتى اليوم ولا تزال السلطة تمارس الإنتهاكات ذاتها، مع ملاحظة موجة أكبر من التحركات الشعبية المطالبة بالديمقراطية لأن الجميع من مختلف الإنتماءات والأديان والآراء، يتوحدون للمطالبة بتأمين حقوقهم الإنسانية في السعودية بما أنهم يتشاركون المأساة ذاتها، كذلك تجلى دور جمعيات المجتمع المدني والمغتربين بخلق أفكار جديدة لتتحدى تلك السلطات القمعية.