الأمم المتحدة: الفريق العامل المعني بالإحتجاز التعسفي يقرّ بانتهاك البحرين للإجراءات القانونية والقانون الدولي في قضية 4 ضحايا حُكم عليهم في قضية سرايا الأشتر

أصدر الفريق العامل المعنيّ بالاحتجاز التّعسفي رأيه خلال جلسته الـ 94 بشأن أربعة بحرينيّين تمّ اعتقالهم بشكل تعسّفي في محاكمة جماعيّة غير عادلة لثمانية متّهمين. اتُّهم كلٌّ من الشّبّان الأربعة، سيد مجتبى سعيد علوي علي الخباز، الّذي كان قاصرًا عند اعتقاله، وحسن حميد عبدالنبي علي ناصر مشيمع، وسيد أحمد هادي علوي أمين حسن، وسيد محمود علي موسى جعفر العلوي بالانتماء إلى منظّمة الإرهابيّة عُرفت باسم “سرايا الأشتر”، والمشاركة في نشاطاتها. وقد اتُّهمت هذه المنظّمة باستهداف المصالح الأمريكيّة، وخاصة بزرع العبوات النّاسفة. وبعد اعتقالهم وتعذيبهم لانتزاع اعترافاتهم بالإكراه، حُكم عليهم بالسّجن، حيث يمكثون حاليًّا. وبسبب الانتهاكات التي تعرّضوا لها، حدّد الفريق العامل أنّهم تعرّضوا للاحتجاز التّعسفي تحت مواد مختلفة بما ينتهك القانون الدّوليّ. كما أصدرت توصيات للحكومة تضمّنت الإفراج الفوريّ عن جميع الأفراد الأربعة.

من النّاحية العمليّة، تتلقّى منظّمة أمريكيّون من أجل الدّيمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين ADHRB بانتظام معلومات من أفراد بحرينيّين عبر برنامجها الخاص بتقديم الشكاوى إلى الأمم المتحدة وعلى هذا النحو. كما وترحّب ADHRB بهذا الرّأي الصّادر عن الأمم المتّحدة وتحثّ السّلطات البحرينيّة على اتّباع هذه التّوصيات دون تأخير.

إنّ الفريق العامل المعنيّ بالاحتجاز التّعسفي هو أحد مكاتب الإجراءات الخاصّة لمجلس حقوق الإنسان التّابع للأمم المتّحدة، وكجزء من إجراءاته المعتادة، يُرسل الفريق العامل رسائل ادّعاء إلى الحكومات بشأن حالات ذات مصداقية للاحتجاز التّعسّفي. ويجوز أيضًا لالفريق العامل إبداء آراء بشأن ما إذا كان احتجاز فرد أو مجموعة تعسّفيًّا وينتهك القانون الدّولي. يراجع الفريق العامل الحالات الّتي تندرج تحت خمس مواد من الاحتجاز التّعسّفي: عندما يكون من الواضح أنّه من المستحيل التّذرّع بأساس قانوني يبرر الحرمان من الحرّيّة (المادة الأولى)؛ عندما يكون الحرمان من الحرية ناتجًا عن ممارسة الحقوق في الحماية المتساوية أمام القانون، وحرية الفكر، وحرية الرّأي والتّعبير، وحرّيّة التّجمّع، من بين أمور أخرى (المادة الثانية)؛ عندما تكون انتهاكات الحقّ في محاكمة عادلة شديدة لدرجة أن الاحتجاز يصبح تعسّفيًا (المادة الثالثة)؛ الاحتجاز الإداريّ المطوّل للّاجئين وطالبي اللّجوء (المادة الرابعة)؛ وعندما يكون الاحتجاز تمييزيًّا على أساس المولد أو الأصل القوميّ أو العرقيّ أو الاجتماعيّ أو اللّغة أو الدّين أو الوضع الاقتصاديّ أو الرّأي السّياسيّ أو غيره أو الجنس أو الإعاقة أو أي وضع آخر (المادة الخامسة).

تمّ القبض على سيد محمود العلوي في 30 سبتمبر، بينما تمّ القبض على الباقين في 1 أكتوبر 2020. وحين اعتقالهم، لم يتمّ تقديم مذكّرة توقيف لأيّ من الأشخاص الأربعة ولم يتمّ إبلاغهم عن سبب اعتقالهم. وتجاهلت الحكومة البحرينيّة هذه المسألة في ردها الأوّليّ على الفريق العامل، لكنّها تناولتها في ردٍّ لاحق. وتزعم الحكومة أنّ مذكّرات التوقيف صدرت في الواقع لكنّها لا تذكر ما إذا كان قد تمّ إظهارها وقت الاعتقال. ويذكر الفريق العامل أنّه لا يكفي أن يكون للاعتقال أساس قانونيّ فحسب، بل يجب إظهاره لحظة الاعتقال. ويؤكد الفريق أن هذا لم يحدث في تلك القضيّة، كما أن السّلطات لم تبلغ هؤلاء الأفراد الأربعة عن سبب اعتقالهم، وبالتّالي يعدّ ذلك انتهاكاً للمادّة 9 من العهد الدّولي الخاصّ بالحقوق المدنيّة والسياسيّة، كذلك وجد الفريق أنّ حكومة البحرين انتهكت تلك المادة أيضاً من العهد بعدم تقديم الأفراد الأربعة أمام قاضٍ خلال 48 ساعة، وهي المدّة المثلى الّتي حددها مجلس حقوق الإنسان. كما أخفقت الحكومة في معالجة هذه المسألة في ردودها. بالإضافة إلى ذلك، يسلّط الفريق العامل الضّوء على أنّ سيد مجتبى الخباز، الّذي كان قاصرًا في ذلك الوقت، لم يمثل أمام قاضٍ خلال 24 ساعة، وذلك ينتهك المادّتين 37 و 40 من اتّفاقية حقوق الطّفل.

وأشار الفريق العامل إلى انتهاك آخر، هو عندما أمر المدّعي العام بسجن الأفراد الأربعة، ثمّ أحال القضيّة إلى محكمة الجنايات، ولكن هيئة الادّعاء لا يمكن أن تعمل كسلطة قضائيّة كما فعل المدّعي العام في هذه الحالة.

ويبيّن الفريق العامل أنّ الحكومة لم تنكر احتجاز الأفراد الأربعة بمعزل عن العالم الخارجيّ لفترات متفاوتة من خمسة إلى عشرة أيام، ومنعهم من الاتّصال بأسرهم أو محاميهم.

وبعد فشل هروب العلوي من قسم الأمراض النّفسيّة، تمّ عزله مجدّدًا، ولم يُسمح له بالاتّصال بأسرته إلّا مرّة واحدة وحسب بعد القبض عليه. علاوة على ذلك، يذكر الفريق العامل أنّ هؤلاء الأفراد الأربعة لم يتمكّنوا من الطّعن في احتجازهم، وهو انتهاك للمادّة 8 من الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان والمادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أمّا عدم قدرتهم على الاتّصال بالعالم الخارجيّ هو انتهاك لقواعد نيلسون مانديلا.

لجميع الأسباب المذكورة أعلاه، وجد الفريق العامل أنّ الأفراد الأربعة محتجزين بشكل تعسّفي بموجب المادة الأولى لأنّ الأساس القانونيّ لاعتقالهم لم يكن موجودًا.

بحسب الفريق العامل، فإنّ جميع الأفراد الأربعة لم يحصلوا على محاكمة عادلة، وحُرموا من الاتّصال بمستشار قانونيّ أثناء استجوابهم. وفي ردٍّ متأخّرٍ مقدّم من الحكومة ذكرت فيه أنّه تمّ السّماح لمشيمع والعلوي بمقابلة محام دون ذكر أي شيء عن الخبّاز وحسن، لكن مع ذلك، وجد الفريق العامل أن الوصول القانونيّ الممنوح لمشيمع والعلوي غير كافٍ. وعلاوة على ذلك، ذكر الفريق أن جميع الأفراد الأربعة لم يُمنحوا الحقّ في الوقت والتّسهيلات الكافية لإعداد دفاعهم والتّواصل مع محامٍ بموجب المادّة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وذلك ينتهك المادّتين 37 و 40 من اتّفاقية حقوق الطّفل في حالة الخباز، الذي لم يتمكّن من الوصول إلى محامٍ رغم كونه قاصرًا.

ذكر الفريق العامل أيضًا أنّه غير مقتنع بنفي الحكومة استخدام التّعذيب ضدّ الأفراد الأربعة، وعلى وجه الخصوص، اعتبر أنّ الشّكوى المقدّمة من قبل ADHRB هي ذات مصداقية مفادها أنّ الأفراد قد تعرّضوا للتّعذيب في الواقع، ما يُعتبر انتهاكاً للإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، والعهد الدّولي الخاصّ بالحقوق المدنيّة والسّياسيّة، وكذلك اتّفاقية مناهضة التّعذيب، وفي حالة الخباز، فإنّ استخدام التّعذيب ضدّ قاصر ينتهك اتّفاقية حقوق الطّفل. كما انتهكت الحكومة هذه الاتّفاقيات عندما سمحت بالاعترافات بالإكراه المنتزعة تحت التّعذيب في إجراءات المحاكمة لجميع الأفراد الأربعة. كما مُنع الأفراد من تقديم أدلّة خاصّة بهم للدّفاع عنهم.

في قضيّة العلوي، ذكر الفريق العامل أنّ الحكومة لا تدحض الاتّهامات بأنّها اختلقت أدلّة ضدّه لتدينه زوراً. كما أعربوا عن قلقهم بشأن دور وحدة التّحقيق الخاصّة في التّحقيق في استخدام التّعذيب ضدّ المعتقلين. على هذا النّحو، وجد الفريق العامل أنّ انتهاكات المحاكمة العادلة للأفراد وحقوق الإجراءات القانونيّة الواجبة في هذه القضيّة قويّة بما يكفي لجعل احتجازهم تعسّفيًّا بموجب المادة الثّالثة.

قدّم الفريق توصيات شاملة للحكومة، ويعرب عن قلقه فيما يتعلّق بصحّة الخباز والعلوي اللّذين يعانيان من أمراض صحية خطيرة. على هذا النّحو، وجد الفريق أنّ انتهاكات المعايير والقوانين الدّولية الّتي ارتكبتها حكومة البحرين ضدّ هؤلاء الأفراد الأربعة تجعل احتجازهم تعسّفيًّا بموجب المادتين الأولى والثالثة. لذا يدعو الفريق العامل حكومة البحرين إلى:

  • الإفراج الفوريّ عن جميع الأفراد الأربعة
  • التّعويض للأفراد عن الضّرر الّذي لحق بهم

 وأخيراً، أحال الفريق القضيّة أيضاً إلى المقرّر الخاصّ المعني بالتّعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللّاإنسانية أو المهينة والمقررّ الخاصّ المعنيّ باستقلال القضاة والمحامين، لاتّخاذ الإجراء المناسب.

تدعم ADHRB بشدّة رأي الفريق العامل وتؤيّده، وتدعو الحكومة إلى إطلاق سراح جميع الأفراد الأربعة على الفور. بالإضافة إلى ذلك، تردّد ADHRB مطالب الفريق العامل بإجراء تحقيق كامل ومستقل في الظّروف المحيطة بالحرمان التّعسّفيّ من الحرّيّة للضّحايا الخمسة من أجل اتّخاذ التّدابير المناسبة ضدّ المسؤولين عن انتهاك حقوقهم.