ملفات الإضطهاد : أحمد عبدالله العجيمي

محدّث: كان أحمد عبدالله العجيمي شابًا بحرينيًا يبلغ من العمر 21 عامًا من مدينة كرانة، وطالبًا في السنة الأولى في الجامعة الأهلية، عندما قُبض عليه في عام 2017 تعسفًا. تعرض أحمد للتعذيب والاختفاء القسري والإهانة على أساس الدين، وهو يقبع حاليًا في سجن جو بعد الحكم عليه عام 2018 بالسجن سبع سنوات في محاكمة غير عادلة. تتدهور  صحة أحمد بشكل خطير ومتسارع، وسط إهمال طبي متعمّد ومريب يتعرّض له من قبل إدارة السجن.

تعرض أحمد عندما كان قاصرًا للاعتقال أكثر من مرة انتقامًا لمشاركته في الاحتجاجات السلمية والارتباط بالمعارضة السياسية. أما آخر عملية اعتقال له كانت في 1 نوفمبر 2017، إذ ألقي القبض عليه من جسر الملك فهد بمشاركة من الضباط الذين كانوا يرتدون ملابس مدنية، وشرطة مكافحة الشغب، وضباط إدارة التحقيقات الجنائية، بالإضافة إلى ضباط من جهاز الأمن الوطني – وهي وكالة استخبارات منفصلة عن وزارة الداخلية.

 تعرض أحمد للإخفاء قسرًا حتى 13 نوفمبر 2017. خلال هذه المدّة، عمد المسؤولون من التحقيقات الجنائية إلى تعذيبه واستجوابه بشكل متواصل، فقاموا بتقييد يديه وتعصيب عينيه، وركله الضباط، وصفعوه، وأبرحوه ضربًا. كما ضربوه بقبضاتهم وبأنبوب بلاستيكي يعرف باسم “طوق”، وأجبروه على الوقوف في غرف مظلمة أو باردة لفترات طويلة من الزمن. كما  أهانوا مذهبه الشيعي وهددوا باستخدام الصدم الكهربائي ضده لإجباره على التوقيع على اعتراف كاذب. بالإضافة إلى ذلك، قاموا بتهديده بإنذار نهائي إما للعمل كمخبر لهم أو الخضوع لمزيد من الاعتداء، ومنعوه من التواصل مع عائلته

استجوب الضباط أحمد تحت تهديد السلاح دون وجود مستشار قانوني، من أجل إكراهه على اعتراف كاذب. تم استنزافه جسديًا ونفسيًا، وفي المحاولة الثالثة لاستخراج اعتراف زائف، وافق أحمد خوفا من تكرار التعذيب.

اتهم أحمد بثلاث جرائم: (1) الانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون؛ (2) التدريب على استعمال أسلحة لارتكاب جرائم إرهابية؛ و (3) التجمع غير القانوني والشغب.

لم يتلق أحمد الوقت الكافي للتحضير للمحاكمة، وبينما كان في الحجز، استمر حرمانه من الحصول على استشارة قانونية أو الوصول الى محام. وفي 24 مايو 2018، حُكم عليه بالسجن سبع سنوات وإسقاط الجنسية، ولم يتمكن من تقديم أدلة ذات صلة أو الطعن في أيٍ من التهم الموجهة إليه. وفي 27 نوفمبر 2018، أيّدت محكمة الإستئاف الحكم. طعن أحمد بقرار محكمة الاستئناف في 24 ديسمبر 2018 أمام محكمة التمييز، التي اكتفت في 7 أكتوبر 2019 بإلغاء عقوبة إسقاط الجنسية، رافضة الطعن فيما عدا ذلك، وبالتالي  أيدت الحكم الأوّل.

في ديسمبر 2018، أعربت عائلة أحمد عن قلقها البالغ على صحته وسلامته، بعد أن اشتكى لها من معاناته جوعًا، مع عدد من السجناء، بعد تكرار سرقة طعامهم من قبل عمّال السجن رغم قلّته ورداءته.

في مارس 2021، أخفت إدارة سجن جو أحمد عبر وضعه بالحجر الصحي، إثر ادعاءها مخالطته أسرى مصابين بفيروس كورونا بالسجن المركزي، إلا أنه سرعان ما تبيّن استعمال هذا الادعاء لأغراض انتقامية، إذ إن إدارة السجن استمرّت بإخفائه وحرمته من الاتصال بعائلته ومن التشمس ومن استخدام دورات المياه بشكل اعتيادي لأربعة أشهر.

في أكتوبر 2021، اضطر أحمد إلى قلع أحد أسنانه بنفسه بعد معاناة دامت 4 سنوات مع الألم بسبب حرمانه من قبل إدارة السجن من الرعاية الصحية اللازمة طوال تلك الفترة. وبينما كان ينتظر معالجة الألم في سن آخر، اضطر أيضًا إلى قلعه بنفسه بعد اشتداد الألم لاحقاً بسبب حرمانه من تلقّي العلاج.

في نوفمبر 2021، نشرت الناشطة ابتسام الصائغ مقطعًا صوتيًا لأحمد ينقل فيه معاناته من الإهمال الطبي، حيث أنه كان يعاني من أعراض الإنفلونزا، وأبرزها معاناته من الارتفاع في درجات الحرارة ونزيف حاد من الأنف لمدة ثلاثة أيام، مع رفض إدارة السجن نقله للمستشفى.

أخفت السلطات أحمد لأسبوع كامل بين 28 سبتمبر و5 أكتوبر 2022، وتكرّر هذا الأمر بين مارس وأبريل 2023، حيث انقطعت أخباره وحُرم من حق الاتصال بعائلته ابتداءً من 23 مارس 2023 ولأكثر من أسبوع. في 18 أغسطس 2023، أشار أحمد، في تسجيل صوتي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى فقدانه لوعيه في 17 أغسطس بسبب حرمانه من علاج التشنج العصبي (الصرع) – الذي أصيب به بعد اعتقاله-  لأكثر من سبعة أيام، نتيجة إهمال عيادة وإدارة السجن لمطالباته المستمرة بتلقي العلاج رغم خطورة وضعه الصحي. حينها، قام  زملاؤه المعتقلون في الزنزانة بطرق الباب، طالبين من الشرطة فتحه بغية نقله إلى العيادة للعلاج، إلا أن عناصر الشرطة تجاهلوا ذلك واستمر حرمانه من العلاج، لا بل عاقبت إدارة السجن أحمد عبر نقله إلى السجن الإنفرادي بدلاً من نقله إلى المستشفى ومعاقبة العناصر، معتبرةً أنه تسبب بإزعاج عناصر الشرطة.

وفي 22 أغسطس 2023، ظهرت رسالة صوتية من أحد المعتقلين في سجن جو، يتحدث فيها عن استمرار حرمان أحمد من أدوية الصرع، ما أدى إلى سقوطه مجددًا في 21 أغسطس بسبب نوبة تشنج أصابته عند الساعة الثانية والنصف فجرًا. علمًا أن حالات التشنج الذي يتعرض لها أحمد قد تصل لمرحلة الموت في حال استمرارها وعدم تحرك  المناوبين بسرعة لنقله إلى العيادة، ورفض صرف أدويته والالتزام بتقديمها له في وقتها المحدد من قِبَل الطبيب.

ومؤخرًا، في 18 أكتوبر، نُقل أحمد بشكل عاجل إلى المستشفى بعد تدهور خطير في صحته، عقب تكرار معاناته من التشنجات العصبية، وتكرار تعرضه للإغماء بسبب إهمال إدارة السجن لوضعه الصحي، مع تأكيد والدته أنه لم يكن يعاني من أي أمراض قبل دخوله السجن، إلا أن بعد اعتقاله أصبح مريضًا بعدة أمراض وبعضها مزمن وخطير، محملة وزارة الداخلية وإدارة السجن مسؤولية الانتكاسة الصحية التي يتعرض لها ابنها. ولم تسمح إدارة السجن لأحمد بتلقّي العلاج المناسب، إذ أخرجته من المستشفى في اليوم التالي بعد دخوله، رغم حاجته للبقاء وقتًا أطول لتلقّي العلاج المناسب وللراحة. وكان قد تكرر هذا الأمر عدّة مرات سابقًا، إذ كان يُجبر على الخروج من المستشفى في اليوم التالي من دخوله، رغم تعرّضه لنوبات خلال انتظاره في طوارئ مستشفى السلمانية، حتى أنه كان يتعرّض لنوبات خلال إعادته من المستشفى إلى السجن دون اكتراث العناصر لذلك، ما جعله يصارع هذه النوبات وحيدًا دون تلقّي الرعاية الطبية. وفي مرّات أخرى، طلب أحمد إرجاعه إلى السجن خلال نقله إلى المستشفى العسكري بسبب تعذيبه وإهانته من قبل عناصر الشرطة المتولّين نقله إلى المستشفى.

تستمر حالة أحمد الصحية في الازدياد سوءًا والأخطر من ذلك وصول هذا الإهمال لمستويات غير مسبوقة، إذ إنّ الدواء الذي يُعطى له بعد خروجه من مستشفى السلمانية يختلف تمامًا عن ذلك الذي يُعطى له بعد خروجه من المستشفى العسكري، ما يشكل خطراً جديّاً على صحته.

إن اعتقال أحمد السياسي والتعسفي والتعذيب وإهانة مذهبه الشيعي والإخفاء القسري والمحاكمة الجائرة والإهمال الطبي الخطير لصحته المتدهورة تتعارض مع اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من أشكال العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والعهد الدُّوَليّ الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، التي تعد البحرين طرفًا فيهم. بالإضافة لذلك، انتهكت حكومة البحرين اتفاقية حقوق الطفل – التي هي عضو فيها- من خلال الاعتقالات المتكررة التي تعرض لها أحمد عندما كان قاصرًا.

وعليه، تدعو منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الانسان في البحرين (ADHRB) السلطات البحرينية إلى الوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان من خلال الإفراج الفوري وغير المشروط عن  أحمد، والتحقيق في ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة وإهانة مذهبه الشيعي والإخفاء القسري والمحاكمة غير العادلة والإهمال الطبي، ومعاقبة المسؤولين عن هذه الإنتهاكات والتعويض للضحية. كما تدق المنظمة ناقوس الخطر بشأن استمرار حرمان حكومة البحرين أحمد من الرعاية الطبية الضرورية رغم التدهور الخطير في وضعه الصحي، مطالبة الحكومة بتأمين الرعاية الطبية اللازمة لأحمد بشكل طارئ، ومحذرة من سياسة الموت البطيء المتبعة للانتقام من السجناء السياسيين. وتحذّر المنظمة من إمكانية ازدياد حالته الصحية سوءا، ما قد يؤدّي إلى وفاته كما حصل مع معتقلين سابقين توفوا بعد فترة وجيزة من الإفراج عنهم بسبب الإهمال الطبي الذي تعرضوا له في السجن.