ملفات الاضطهاد: أيوب عادل أحمد

كان أيوب عادل أحمد مواطنًا بحرينيًا يبلغ من العمر 23 عامًا عندما اعتقلته السلطات البحرينية تعسفيًا للمرة الأخيرة  في 14 مايو 2015. تعرض أيوب خلال فترة اعتقاله للعديد من الانتهاكات منها التعذيب الشديد والاختفاء القسري والتحرش الجنسي وغير ذلك. أما أكثر الانتهاكات وطأة فكان الإهمال الطبي الذي حوله من شاب سليم يتمتع بصحة جسدية إلى سجين يعاني من إعاقة مستديمة. وهو يقضي حاليًا حُكمين بالسجن المؤبد، بالإضافة إلى ما مجموعه 98 عامًا من السجن في سجن جو بتهم ذات دوافع سياسية.

قُبضَ على أيوب للمرة الأولى في 15 يونيو 2013 من منزل جدته عندما داهم ضباط ملثمون بملابس مدنية المنزل واعتقلوه من دون تقديم أي مذكرة اعتقال أو تفتيش. ثم نُقلَ إلى مركز شرطة سماهيج. وفي طريقه إلى مركز الشرطة، تعرض للضرب في جميع أنحاء جسده، وخاصة على ساقه المكسورة، وللتحرش الجنسي من قبل الملازم يوسف ملا بخيت. خلال استجوابه في مركز شرطة سماهيج، قام ضباط الشرطة بتعذيب أيوب، واستمر هذا التعذيب حتى وصوله إلى سجن جو. وكان أيوب قبل اعتقاله ملاحقًا من قبل السلطات على خلفية حكم غيابي صدر بحقه لمشاركته في مسيرة مؤيدة للديمقراطية بتاريخ 26 نوفمبر 2012 في منطقة المحرق. وقد قوبلت هذه المسيرة بالقمع من قبل قوات مكافحة الشغب، مما أدى إلى إصابة ساقه اليسرى بقنبلة غاز مسيل للدموع وكسرها على الفور.

خلال قضائه عقوبة السجن لمدة ستة أشهر الصادرة غيابيًا بتهمة التجمهر غير القانوني، اكتشف أيوب أنه أدين غيابيًا وظلمًا بتهم إضافية، مما أدى إلى 12 عامًا إضافية في السجن. علاوة على ذلك، رفضت إدارة سجن جو تزويد أيوب بالعلاج الطبي اللازم، بما في ذلك صور الأشعة لمراقبة ساقه المكسورة، على الرغم من خضوعه لعملية جراحية في الساق قبل ما يزيد قليلًا عن شهر من اعتقاله. وعلى الرغم من الألم الشديد وطلبات العلاج المتكررة، تأخرت إدارة السجن في معالجة حالته. وبعد إضرابه عن الطعام، وافقت إدارة السجن على إجراء أيوب لعملية جراحية لإزالة القضبان الحديدية من ساقه ووضعها خارجًا. ومع ذلك، استمرت المضاعفات، حيث ظلت ساقه مصفّدة بالحديد لمدة ثلاثة أشهر بسبب تلف الأعصاب الناتج عن تأخر العلاج. وبعد معاناة طويلة من الألم والأرق، خضع أيوب لعملية جراحية أخرى لإزالة سيخ الحديد الخارجي وإجراء عملية تثبيت داخلي. وبعد أربعة أسابيع من الألم الشديد داخل المستشفى، والذي لم يتم معالجته إلا من خلال المهدئات التي أصبحت غير فعالة، هرب أيوب من المستشفى.

فجر 14 مايو 2015، داهمت قوات جهاز الأمن الوطني منزلًا في منطقة المالكية كان أيوب وصديقه نائمين فيه، واعتقلتهما بشكل تعسفي من دون إبراز أي مذكرة بعد ذلك، نقل الضباط أيوب إلى مبنى مديرية التحقيقات الجنائية، حيث تم استجوابه لمدة أسبوعين بدون حضور محاميه. في أثناء الاستجواب، اختفى أيوب قسريًا، وأخضعه ضباط المديرية للتعذيب الجسدي والنفسي. وقاموا بضربه على أجزاء مختلفة من جسده، وخاصة على ساقه المكسورة، وحرموه من النوم والتواصل مع عائلته، وهددوه بالاغتصاب. ونتيجة للتعذيب، تدهورت صحة أيوب بشكل كبير، مما أدى إلى ظهور أعراض مثل وجود دم في البول وخطر الإصابة بالفشل الكلوي. وتحت الإكراه، اعترف بالتهم الملفقة الموجهة إليه. في 17 مايو 2015، مثل أيوب أمام النيابة العامة بدون حضور محاميه، حيث اتهمته النيابة بـ 1) إحداث تفجير و 2) حيازة واستخدام متفجرات وتعريض حياة الناس وأموالهم للخطر لغرض إرهابي، وأمرت النيابة باحتجازه على ذمة التحقيق. في 27 مايو 2015، تم نقل أيوب إلى سجن جو، حيث أخضعه الضباط لمزيد من التعذيب والشتائم والتهديدات، بما في ذلك الضرب بالخراطيم والركل والصفع، وتم ضربه على ساقه المصابة عمدًا. وبعد أسبوع من نقله إلى سجن جو، انتهى اختفاء أيوب القسري، حيث علمت عائلته أنه محتجز في سجن جو.

في يوليو 2015، نُقلَ أيوب مع مجموعة من النزلاء بحافلة إلى مبنى إدارة سجن جو. وفي داخل الحافلة، تعمّد أحد رجال الشرطة إغلاق الحافلة والنوافذ لفترة طويلة عليهم بقصد قتلهم حسب قول أيوب، مما أدى إلى إصابة أحد المعتقلين بالتشنجات والآخر أغمي عليه. وعلى إثر ذلك قام ضابط الشرطة محمد سليمان بضرب أيوب داخل مبنى إدارة السجن بحضور الملازم أول محمد عبد الحميد معروف.

لم يمثل أيوب أمام القاضي في غضون 48 ساعة بعد اعتقاله، ولم يُمنح الوقت والتسهيلات الكافية للتحضير لمحاكماته، كما مُنع من الاتصال بمحاميه قبل وفي أثناء جلسات المحكمة، واستخدمت المحكمة الاعترافات المنتزعة منه تحت التعذيب كأدلة ضده في محاكماته. وبالتالي، أدانت المحكمة أيوب بين يونيو 2013 وفبراير 2019 بتهم عديدة، بما في ذلك 1) التجمهر غير القانوني، 2) زرع قنبلة وهمية على جسر المحرق، 3) الحرق الجنائي، 4) إحداث تفجير، 5) حيازة واستخدام متفجرات وأسلحة  تعرض حياة الناس وأموالهم للخطر لأغراض إرهابية، 6) محاولة القتل، و7) الهروب من السجن. وحُكم عليه بالسجن المؤبد إضافة إلى أحكام وصل مجموعها إلى السجن ل98 سنة. ومن الجدير بالذكر أن الجرائم الثلاث الأولى التي أدين بها زُعم أنها ارتكبت بينما كان يعاني حديثًا من كسر في ساقه ويستخدم عكازين في التنقل، مما يجعل إدانته موضع شك.

خلال قضاء عقوبته في سجن جو، واجه أيوب إساءات لفظية متكررة وشتائم على أساس معتقداته الدينية، كما حُرم من الاتصال بعائلته والزيارات. بالإضافة إلى ذلك، وبسبب قيود الزيارة التي تمنع الزيارات دون حواجز، فقد اختار الامتناع عن الزيارات. والأهم من ذلك أنه يعاني إهمالًا طبيًا شديدًا أدى إلى تدهور كبير في حالته الصحية. ويعاني حاليًا آلامًا شديدة في الظهر وتلفًا في الفقرات وساق يسرى أقصر من اليمنى ودمًا في البول، مما يعرضه لخطر الفشل الكلوي. كما أن القضبان الحديدية التي كان من المفترض أن يتم إزالتها من داخل قدمه في يناير 2017 لم يتم بعد استخراجها، مما يسبب له صعوبة في المشي ومضاعفات وآلامًا مبرحة. وقد أصيب أخيرًا بمرض نادر لا يتوافر له علاج في البحرين، ولم يتلق أي رعاية طبية. وعلى الرغم من هذه المشاكل الصحية، يُحرم أيوب من المواعيد الطبية وصور الأشعة والجراحة والأدوية المناسبة. ونتيجة لذلك، قام بالعديد من الإضرابات عن الطعام للمطالبة بالعلاج الطبي العاجل.

قدم أيوب وعائلته شكاوى إلى مختلف المؤسسات الحكومية والحقوقية، بما في ذلك المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان والأمانة العامة للتظلمات. ومع ذلك، لم تتلق هذه الشكاوى أي رد أو إجراء يذكر من قبل السلطات، مما أدى إلى تفاقم وضعه المتردي أساسًا.

وفي العام 2023، عانى أيوب أعراضًا حادة، بما في ذلك وجود دم في البول وآلام في البطن، إلا أنه لم يُنقَل إلى العناية المركزة إلا بعد ثلاثة أيام من ظهور هذه الأعراض، وبعد طلبات مستمرة للعناية الطبية. علاوة على ذلك، ظلت عائلة أيوب غير مطلعة على حالته في أثناء وجوده في العناية المركزة، حيث رفضت إدارة السجن منحهم معلومات عن حالته الصحية. بالإضافة إلى ذلك، حرمه مسؤولو السجن من فرصة تقديم شكوى بشأن التأخير الذي واجهه في تلقي العلاج والرعاية الصحية.

في 20 فبراير 2024، توجه أيوب  من خلال تسجيل صوتي يتحدث فيه عن حرمانه المستمر من العلاج الطبي مؤكدًا أن  إدارة السجن تعمدت حجب الأدوية اللازمة، فضلًا عن التأخير في إزالة القضبان الحديدية من ساقه ومعالجة ظهره المتضرر، مما أدى لجعله معاقًا وغير قادر على المشي بشكل صحيح، وتفاقم حالة ساقه وظهره. وحذر أيوب من أن هذا الإهمال يرقى إلى مستوى سياسة الموت البطيء، الأمر الذي لا يحرمه من القدرة على الحركة فحسب، بل ينتهك أيضًا حقه الأساسي في الرعاية الصحية المناسبة.

إن اعتقال أيوب التعسفي وتعرضه للاختفاء القسري والتعذيب والاعتداء الجنسي وحرمانه من الوصول إلى مستشار قانوني خلال الاستجواب والمحاكمات والمحاكمات غير العادلة والتمييز على أساس انتمائه إلى الطائفة الشيعية وحرمانه من الاتصال بعائلته والزيارات، إضافة إلى الإهمال الطبي، تمثل انتهاكات واضحة لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة المهينة واللا إنسانية والاتفاقية الدولية للقضاء على كل أشكال التمييز العنصري والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتي تعد البحرين طرفًا فيها.

على هذا النحو، تدعو منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) السلطات البحرينية إلى إطلاق سراح أيوب فورًا ودون قيد أو شرط. كما تحث المنظمة الحكومة البحرينية على التحقيق في مزاعم الاعتقال التعسفي لأيوب وتعرضه للإخفاء القسري والتعذيب والحرمان من الوصول إلى المحامي خلال الاستجواب والمحاكمة والتمييز على أساس انتمائه للطائفة الشيعية والحرمان من تلقي الاتصالات والزيارات العائلية والإهمال الطبي، ومحاسبة الجناة. علاوة على ذلك، تدق ADHRB ناقوس الخطر بشأن تدهور الحالة أيوب الصحية، وتحثّ إدارة سجن جو على تزويده بالرعاية الصحية المناسبة على الفور، محملة إياها المسؤولية عن أي تدهور إضافي في صحته. وأخيرًا، تدعو المنظمة إدارة سجن جو إلى منح أيوب حقه على الفور في التواصل بانتظام مع عائلته وتلقي المساعدة في تلبية احتياجاته الأساسية.