هل اكتفت حكومة البحرين بحصيلة الهجوم الدموي على الدراز ؟!

لم تنتهِ فصول الهجوم الدموي الذي شنته قوات الأمن البحرينية في صباح الثلاثاء 23 مايو 2017 ، على المعتصمين السلميين أمام منزل زعيم الشيعة الروحي في البحرين الشيخ عيسى قاسم في منطقة الدراز. فالهجوم الذي  أسفر عن مقتل  خمسة مواطنين هم :  محمد كاظم زين الدين، محمد الساري، محمد العكري ، أحمد العصفور ومحمد حمدان، قد أدى أيضا إلى اعتقال 286 شابا بينهم حالات حرجة وجرح 200 . كما استخدمت الشرطة البحرينية الغاز المسيل للدموع وبنادق الخرطوش، وأسلحة الشوزن لقمع الاعتصام السلمي القائم منذ 11 شهرا  حول منزل الشيخ قاسم . ولا تزال السلطات البحرينية تحيط بمنزله كما بالبلدة بأكملها  بعد محاكمته بتهم لا أساس لها. هذا الحصار  يحرم عشرات الجرحى من الوصول إلى المستشفيات والرعاية الطبية. وقد أدانت المنظمات الموقعة أدناه  بأقوى العبارات الممكنة الهجوم الدموي للحكومة على المظاهرة السلمية في الدراز ودعت إلى سحب الوجود المفرط للشرطة .

وكانت المحكمة الكبرى الجنائية قد حكمت على الشيخ قاسم، غيابيا يوم الأحد 21 مايو بالسجن لمدة سنة مع وقف التنفيذ لمدة 3 سنوات ،  بعد أن اتهمته الحكومة بغسل الأموال . كما قامت حكومة البحرين بتجريده من جنسيته تعسفا في يونيو 2016، مما جعله عديم الجنسية وهو أحد كتاب دستور الاستقلال عام 1973 . وأثناء الهجوم ، دخلت السلطات منزل الشيخ قاسم، ومازال منزله حتى الآن محاصرا بقوات مدنية وعسكرية  ولم يتضح بعد إذا تم استهدافه شخصيا ولا أنباء عن وضعه الصحي .

وقد نظم المتظاهرون منذ شهر يونيو 2016 اعتصاما سلميا احتجاجا على اتهام الحكومة التعسفي للشيخ قاسم، حاصرت السلطات قرية الدراز بشكل كامل . وأوقفت الشرطة جميع المداخل تقريبا للقرية وأقامت نقاط تفتيش في الباقين، مما أدى إلى تقييد مفرط للحق في حرية تنقل سكان البلدة  وأصحاب الأعمال والزوار. كما تعرضت الدراز أيضا  لإيقاف شبكات  الإنترنت.

وعلاوة على ذلك، وبعد إلغاء جنسية الشيخ قاسم، أطلقت الحكومة البحرينية حملة استهدفت فيها رجال دين  شيعة آخرين. ومنذ شهر يونيو الماضي ، قامت السلطات بمضايقات قضائية لأكثر من 75 من رجال الدين الشيعة بسبب مشاركتهم في الاعتصام أو بسبب خُطبهم ، حتى أن بعضهم  منع من الوصول إلى المساجد وإقامة صلاة الجماعة فيها . وفي شهر يوليو، حلت الحكومة أيضا جمعية الوفاق ، وألقت القبض على رئيس العلاقات العامة السابق للجمعية  من منزله في هجوم الدراز.

وكان الاتحاد الاوروبي حذر في العام الماضي من ان “الغاء جنسية شخصيات بارزة مثل الشيخ عيسى قاسم سيؤدي الى زيادة الانقسامات والاختلافات الطائفية” في البحرين. وقد أصدر الاتحاد الأوروبي عقب الهجوم على الدراز بيانا نهارالجمعة 26 مايو ، عبر فيه عن “قلقه البالغ إزاء التطورات والأحداث في بلدة الدراز، مطالبًا جميع الأطراف في البحرين إلى استئناف الحوار، والعمل من أجل تحقيق المصالحة الوطنية بطريقة سلمية وبنّاءة لصالح جميع المواطنين” . واستنكر الاتحاد لجوء قوات الأمن في البحرين للقوة المفرطة بحق المعتصمين في الدراز، موضحًا أنه إذا كان للحكومة البحرينية الحق السيادي والمسؤولية في القيام بعمليات أمنية، فيجب عليها تطبيق مبدأ التناسب عند استخدام القوة، وأن تضع في اعتبارها تداعيات تصاعد العنف على هدف المملكة لتحقيق المصالحة الوطنية».

وكان الملك حمد بن عيسى آل خليفة قد التقى يوم الأحد في نفس اليوم الذي حكم فيه على الشيخ عيسى قاسم، مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في قمة الرياض بالمملكة العربية السعودية.  وخلال الاجتماع وقع ترامب صفقة أسلحة بقيمة 110 مليار دولار مع المملكة العربية السعودية وطمأن كل من الملك  السعودي والبحريني إلى أنه “لن يكون هناك  أي توترفي علاقاتهم مع هذه الإدارة “. وفي مارس  2017 ، قررت إدارة ترامب تضع جانباً  جميع شروط حقوق الإنسان على بيع الطائرات المقاتلة من طراز F-16 وغيرها من الأسلحة إلى البحرين بقيمة مليارات الدولارات.

وقال سيد أحمد الوادعي، مدير التحشيد  في معهد البحرين للحقوق والديمقراطية (BIRD) ، “إن الموت المأساوي للمتظاهرين السلميين خلال الحملة الأمنية في الدراز وقع بعد اجتماع ترامب مع الملك السلطوي في البحرين في نهاية الأسبوع الماضي في الرياض. خلال هذا الاجتماع أعطى ترامب على نحو فعال شيكا على بياض للملك لمواصلة قمع شعبه. الإدارة الأمريكية لطخت يديها بالدماء لتوفير الأسلحة للنظام البحريني من دون قيد أو شرط ، في الوقت الذي تشن فيه حملة قمعية مكثفة على المجتمع المدني في البحرين “.

وكانت الشرطة قد شنّت هجومًا في شهر يناير على اعتصام الدراز ، وقد أطلق ضباط ملثمين يرتدون ملابس مدنية، النار على الشاب مصطفى حمدان البالغ من العمر 18 عاما في الجزء الخلفي من رأسه ، مما تسبب في بقائه في غيبوبة ، وتوفي في مارس 2017.  ولم يعلن أي قسم من قوات الأمن مسؤوليته عن الحادثة .

وقال حسين عبد الله ، المدير التنفيذي لمنظمة  أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) : “إن الحكومة البحرينية، من خلال الهجوم العنيف على منزل أعلى مرجعية شيعية في البلاد، إنما تثير وتأجج التوترات الدينية عن قصد وتظهر عزمها على سحق أي شكل من أشكال المعارضة السلمية وأضاف عبدالله  :” ومع مباركة إدارة ترامب الجديدة ، تقوم السلطات البحرينية بالقضاء بشكل وحشي على أي شكل من مظاهر المعارضة، وفي الواقع، جعل حرية التعبير والتجمع و والمعتقد من الجرائم  .  ومن المؤكد أن المجتمع الدولي سوف يدين بشدة هذا المسار المزعزع للاستقرار للغاية “.

كما وأعربت المنظمات  التي أدانت الحملة الأمنية  ، في بيانها أنها  نشعر بقلق بالغ إزاء تزايد استخدام الحكومة البحرينية للقوة المفرطة والقاتلة لاستهداف الاحتجاجات السلمية وقمع المعارضة. وأدانت الهجوم الدموي على الدراز، فضلا عن المضايقة القضائية للشيخ عيسى قاسم، وحثت حكومة البحرين على أن تنهي فورا هجومها العنيف على المجتمع المدني البحريني.

المنظمات الموقعة هي :

أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB)

معهد البحرين للحقوق والديمقراطية (BIRD)

 المركز الأوروبي للديمقراطية وحقوق الإنسان (ECDHR)