وزارة الداخلية البحرينية تواصل تبييض الانتهاكات الناتجة عن جائحة كورونا في سجن جو 

143 سجيناً في مبنى 12 في سجن جو حتى اللحظة أصيبوا بفيروس كورونا، قد تكون تلك النسبة قابلة للإرتفاع مع وصول البحرين الى مرتبة ثاني دولة من حيث الإرتفاع بعدد الوفايات نسبة لعدد السكان على الرغم من أنّ 55% من السكان تلقوا الجرعة الأولى من اللقاح.

إنّ السجناء المصابين وغيرهم هم ضحية فشل وزارة الداخلية في إدارة تلك الجائحة وكبحها عن التفشي بين السجناء، من خلال غياب أدنى الإجراءات الصحية المتعارف عليها عالمياً عدا عن أنّ السجناء قبل الجائحة يعانون من البيئة الصحية المتردية وغياب أبسط شروط النظافة التي تسببت بتفشي أمراض بينهم، ومع ذلك تأتي وزارة الداخلية في تصريح لها في 26 مايو لتبيّض الحقائق وتقول إنّ الإجراءات الإحترازية المطبقة في مركز الإصلاح والتأهيل مطابقة للمعايير الطبية ويتم الاشراف على  تنفيذها من قبل وزارة الصحة وإنها أثبتت فعاليتها في التعامل مع اي حالات مستجدة وفق سيناريو معد مسبقا، الأمر الذي جعل معدل الحالات القائمة في أدنى مستوياته. ولكن دائماً يغيب إحصاء عدد الإصابات في كل مبنى من مباني السجن عن تصريحات الوزارة وأسماء السجناء المصابين وكيفية انتقال العدوى إليهم. كذلك يتزايد قلق الأهالي يوماً بعد يوم على مصير أبنائهم المجهول منذ 21 مايو ومحاولتهم بشتى السُبل التأكد من إصابة أبنائهم بالفيروس من عدمها عبر تطبيق “مجتمع واعي” التابع لوزارة الصحة، بيد أنّ ADHRB علمت أن عدداً كبيراً من السجناء تم إجراء إختبار سريع لهم أو ما يدعى بالفحص المنزلي من قِبل إدارة السجن وعند التأكد من إصابتهم يتم عزلهم مع عدم إدراج أسمائهم على الصفحة الرسمية لوزارة الصحة وتحرمهم من اي اتصال أو تواصل بالعالم الخارجي، وهنا تقع المسؤولية الكاملة على وزارة الداخلية إذ يبدو أنها تتعمد إجراء الفحص السريع للسجناء لتحجب عدد الإصابات الحقيقي داخل السجن.

وحول اللقاح غالباً ما تؤكد الوزارة على تطعيم كافة السجناء الذين تقدموا للحصول على اللقاح المضاد لفيروس كورونا، وتدّعي أن صحة وسلامة النزلاء والعاملين، أولوية رئيسية وفق قانون مؤسسة الإصلاح والتأهيل ولائحته التنفيذية، إلّا أنه لم يتم الإعلان في المقابل عن عدد السجناء الذين تلقوا اللقاح مقارنةً بالذين تقدموا بطلب للحصول على اللقاح ولم يتم تلقيحهم بعد، كذلك لم يتم الإفصاح عن نوع اللقاح الذي يحصل عليه السجناء. وتأتي تصريحات وزارة الداخلية رداً على ما ورد من معلومات تداولها الأهالي والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي لدق ناقوس الخطر حول تزايد أعداد الإصابات داخل مبنى 12 وانقطاع التواصل مع السجناء ما يجعل مصيرهم مجهول.

وبحسب ما ورد لمنظمة ADHRB أنه منذ اليوم الأول لبداية تزايد الحالات في 20 مايو والحديث عن ظهور أعراض على بعض السجناء أجبر ضباط السجن سجينين يعانيان من أعراض الفيروس على دخول إحدى الزنازين مما تسبب بانتشار الفيروس بشكل متعمد وتعريض حياة السجناء للمزيد من الخطر في كافة مباني السجن وهذا الخطر يهدد أيضاً صحة السجناء السياسيين الذين يعانون من أمراض مزمنة وهم كبار في السجن وتتكرر دعوات المجتمع الدولي لإطلاق سراحهم فوراً دون قيد أو شرط ومن بينهم قائد المعارضة السياسية المحكوم بالمؤبد حسن مشيمع، حيث أعلن نجله الناشط علي مشيمع عن ظهور أعراض خطيرة تظهر على والده نتيجة مضاعفات في السكري انتفاخ غير طبيعي في القدمين مع ظهور بقع سوداء  بالاضافة إلى آلام حادة في الركبة، كما أنه يواجه صعوبة بالغة في الحركة تصاحبها آلام ولم يحصل على العلاج اللازم.

مصير مجهول وخطر متزايد على صحة السجناء

في 18 مايو، أفاد سجناء في المبنى 13 أنهم كانوا يعانون من الأعراض ولكن لم يتم اختبارهم؛ نقلت الإدارة واحدًا منهم فقط إلى العزل بعد أن تدهورت حالته ، كما تم نقل 3 سجناء في وقت لاحق. في 24 مايو تلقت ADHRB معلومات عن انتشار فيروس كورونا في المبنى 12 و 13 ، مع تأكيد حوالي 20 حالة إيجابية في المبنى 12 وحده. ونتيجة لذلك، انقطع الاتصال بالسجناء في المبنى 12 منذ يوم الجمعة 21 مايو. في حين يشكو الأهالي من عدم تمكنهم من الوصول إلى نتائج أبنائهم المعتقلين بسبب عدم قبول الموقع لعدد من الوثائق منتهية الصلاحية، كما أن العديد من السجناء المعتقلين منذ سنوات لم يتمكنوا من تجديد بطاقتهم أو جواز سفرهم بسبب العديد من العواقب. لهذا السبب، لا يستطيع الأهالي التحقق من إصابة أبنائهم من عدمها. ومن بين السجناء الذي انقطع التواصل معهم منذ 21 مايو، السجين السياسي المتواجد في مبنى 12  سيد أحمد علي محمد علي، الذي حاولت عائلته تكرارا ومرارا الاتصال بسجن جو للسؤال عن السيد احمد  و البحث عن معلومة تؤكد إصابته بفيروس كورونا او تنفيها ولكن دون جدوى، كما تقدمت العائلة بشكوى إلى الأمانة العامة للتظلمات والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان عن انقطاع الاتصال ولكن حتى الآن  لم تتلق أي رد . كذلك الحال بالنسبة للسجين السياسي حسن عبد النبي حسن المتواجد أيضاً في مبنى 12، إذ إنّ عائلته تشعر عائلته بالقلق المتزايد ولم تستطع الحصول على أي معلومة تؤكد إصابة إبنها بكورونا من عدمها، لاسيما أنها علمت أنه لم يذهب إلى موعده الطبي في قسم الجراحة الذي كان مقرراً في 26 مايو وحاولت الاتصال بإدارة السجن مراراً للحصول على معلومات ولكن دون جدوى.

في 26 مايو تلقت ADHRB تحديثات تتعلق بكيفية انتشار الفيروس داخل المبنى 12 من سجن جو تفيد بأنه في 21 مايو نقل سجينان ظهرت عليهما أعراض كورونا الواضحة في المبنى رقم 12 وأجبروا على دخول زنزانة هناك رغم رفضهم دخول الزنزانة وتعريض السجناء الآخرين للإصابة. وكان السجينان المعنيان في حالة يرثى لها لذلك طالب السجناء الآخرون بنقلهم وتلقيهم العلاج اللازم. قررت السلطات نقلهم مرة أخرى إلى مبنى آخر. يتضح من خلال ذلك كما لو أن إدارة السجن أرادت عمداً نقل العدوى للسجناء الآخرين، مع العلم أن المبنى 12 كان خاليًا من الإصابات قبل تلك الحادثة. والجدير ذكره أن معظم سجناء المبنى 12 يعانون من أمراض مزمنة ويواجهون خطرًا متزايدًا على حياتهم في حالة الإصابة بالفيروس، فعلى سبيل المثال تأكدت إصابة السجين أحمد عيسى علي في مبنى 12 وكانت ADHRB قد وثقت قضيته سابقاً وهو يعاني من أمراض مزمنة كنقص الخميرة وتلاسيميا الدم وأمراض باطنية أخرى، لذا يساور عائلته القلق الشديد من أن يتسبب الفيروس بمضاعفات خطيرة على صحته.

في 2 يونيو ورد للمنظمة أنه تم عزل عدد من السجناء لمدة 13 يوماً في الزنزانة دون أن يسمح لهم بالخروج ولم يقدم لهم الرعاية الصحية المناسبة رغم ارتفاع حرارتهم وفقدانهم حاستي التذوق والشم مع أوجاع شديدة في الجسم، كما لم يخضع السجناء لفحص كورونا المعتمد للتأكد من إصابتهم بل خضعوا فقط لفحص كورونا السريع ولهذا السبب لم يظهر اسمهم على موقع وزارة الصحة وينقطع الإتصال مع أهاليهم.

هذا التفشي المستمر في سجن جو، والذي لم يتم الإبلاغ عنه رسميًا من قبل السلطات التي أكدت أنه لم يعد هناك أي حالات نشطة في السجن، يحدث بينما تعاني البحرين من أكبر نسبة من الحالات الإيجابية حيث وصل عدد الإصابات إلى 3177 إصابة في يوم وهذا يعدّ الأعلى يوميًا منذ بداية الوباء.

في 4 يونيو وثقت منظمة ADHRB ما ورد خلال اتصال مرئي بين المعتقل محمد سرحان وعائلته وذلك بعد أسبوعين من إصابته بفيروس كورونا. أفاد سرحان خلال الاتصال أنّ عدد الإصابات في مبنى 12 هو حوالي 143 إصابة تراوحت أعراضها بين المتوسطة والشديدة وتم حرمان المعتقلين من الخروج للتشمس خلال فترة إصابتهم، ولم يتم معرفة إصابته إلا من خلال الفحص السريع، ولم يتم توفير أي نوع من العلاج له خلال فترة الإصابة. كما أفاد عائلته أنه تم إعطاء الكمام والقفازات لزوجها فقط أثناء الإتصال ولاحظت أنه لم يكن بحوزته أي نوع من المحارم الورقية لدى لدرجة أنه كان يستخدم أكمام القميص لمسح آثار الرشح الذي كان باديًا عليه .

غموض على صعيد منح اللقاح للسجناء

تصرّ التصريحات الرسمية على أن السجناء الذين طلبوا اللقاح قد تم تطعيمهم، وقالت وزارة الداخلية في تغريدة لها في 26 مايو إنه تم تطعيم كافة النزلاء الذين تقدموا للحصول على اللقاح المضاد لفيروس كورونا، باعتبار أن صحة وسلامة النزلاء والعاملين، أولوية رئيسية وفق قانون مؤسسة الإصلاح والتأهيل ولائحته التنفيذية على حد تعبيرها. ولكن منذ بداية تفشي الفيروس في السجن وحتى الآن لم تنشر الوزارة أي إحصاءات رسمية تبيّن عدد السجناء الذين تلقوا اللقاح مقارنةً بعدد السجناء الإجمالي، وأيضاً عدد السجناء الذين تقدموا للحصول على اللقاح ولم يتلقوه بعد، ويتضح أيضاً غياب التحديثات لإحصاءات متعلقة بتطعيم ضباط السجن الذين يخالطون السجناء، لأن عناصر الشرطة والضباط يشكلون أحد العوامل الرئيسية في السجن لنقل العدوى بين السجناء.

وكانت الإدارة العامة للإصلاح والتأهيل قد ادّعت في 25 مارس إتمام عملية تطعيم كافة النزلاء الذين بادروا بالتسجيل، وتحديد نوع التطعيم وفق اختيارهم بنسبة بلغت 100%، موضحة أن كافة أنواع التطعيمات، متاحة ومتوفرة لجميع النزلاء.

وبين 25 مارس و26 مايو فترة زمنية كافية لتطبيق كافة الإجراءات الصحية المانعة لانتشار الفيروس إلّا أنّ إصابة 72 سجيناً في مبنى واحد في السجن خلال أيام لا يعكس أبداً ما تدعيه وزارة الداخلية من تطبيق لكافة الإجراءات الصحية وتطعيم جميع النزلاء، فقد  أكد السجين السياسي علي الحاجي في 15 مايو أنه لم يتلق اللقاح رغم أنه تقدم بطلب للحصول عليه في اليوم الأول لإطلاق حملة التطعيم.

وجوب إطلاق سراح السجناء دون قيد أو شرط

في ظل التطورات المتصاعدة في سجن جو والخطر الذي يهدد حياة السجناء مع استمرار تفشي فيروس كورونا تتزايد الدعوات الدولية لحكومة البحرين لإطلاق سراح السجناء السياسيين دون قيد أو شرط في إزاء تلك الجائحة وسوء إدارة تلك الأزمة. فمؤخراً تم مناقشة أوضاع السجناء في سجن جو بعد تفشي جائحة كورونا في جلسة للبرلمان الإيطالي بحضور وكيل وزارة الخارجية، كذلك أرسل عدد من أعضاء البرلمان الإيطالي رسالة إلى ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة. عبر أعضاء مجلس النواب خلال الرسالة عن قلقهم العميق بشأن مصير سجناء الضمير والمدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين حاليًا في سجون مملكة البحرين.

ذكر النواب في الرسالة العقوبات الظالمة وسوء المعاملة التي يتعرض لها سجناء الرأي، بالإضافة إلى ارتفاع خطر الإصابة بفيروس كورونا بشكل مفرط بسبب الحرمان من الرعاية الطبية والأدوات الوقائية الشخصية اللازمة للحماية من فيروس كورونا

وأخيراً، وجه النواب عدة مناشدات إلى ملك البحرين، وطالبوه بالإفراج غير المشروط عن جميع المعتقلين السياسيين ومنهم حسن مشيمع وعبد الهادي الخواجة والدكتور عبد الجليل السنكيس وناجي فتيل وعبد الوهاب حسين وعلي حاجي والشيخ علي سلمان، بالإضافة إلى رفع القيود التي يفرضها قانون الأحكام البديلة على نبيل رجب وجميع الأفراد الآخرين الخاضعين لهذه القيود؛ وبوقف استخدام قانون العقوبات البديلة على سجناء الرأي، والموافقة بدلاً من ذلك على إطلاق سراحهم غير المشروط؛

كذلك ارتفع عدد النواب في مجلس العموم البريطاني الموقعين على عريضة تدين الإخفاء القسري ضد السجناء السياسيين بالبحرين إلى 20 نائب وجاء في العريضة التي أطلقها أحد النواب، أن مجلس العموم البريطاني ينظر بقلق بالغ إلى هجوم الشرطة البحرينية على السجناء السياسيين في سجن جو المركزي في المنامة بتاريخ 17 أبريل الماضي.

إزاء الخطر المتزايد الذي يهدد صحة السجناء يوماً بعد يوم وانقطاع الاتصال معهم مع إصرار وزارة الداخلية على تجاهل الأزمة والتعتيم على أعداد الاصابات ندعو المجتمع الدولي إلى ممارسة المزيد من الضغوط لإطلاق سراح السجناء دون قيد أو شرط وعدم تعريض حياتهم للخطر وتطالب منظمة ADHRB  وزارة الداخلية البحرينية إلى الكف عن التعتيم عن الحقائق المتعلقة بأعداد السجناء المصابين والكشف عن الإحصاءات الحقيقية المتعلقة بتلقيح السجناء، وعدم استخدام أساليب التبييض لتحسين صورة البحرين أمام المجتمع الدولي من حيث منح السجناء الرعاية الصحية اللازمة والإدارة الفعالة لأزمة كورونا. كما ونجدد الدعوة إلى إطلاق سراح السجناء السياسيين دون قيد أو شرط.